أبحث عن موضوع

السبت، 2 مايو 2015

الشاعر محمد سعيد الحبوبي ............................بقلم د . فالح الحجية الكيلاني /// العراق




هو السيد أبو علي محمد سعيد بن السيّد محمود الحسني الشهير ب (الحبوبي ) .
ولد في مدينة النجف الاشرف في الرابع من جمادي الاخرة من سنة\ 1266هجرية الموافق للخامس عشر من ايار\ 1849 ميلادية .
يعد من أشهر مشاهير عصره تعلم في الكتاتيب والمساجد القراءة والكتابة في النجف الاشرف وكانت ولا تزال مركزا ثقافيا متميزا وتتلمذ على ايدي علماء كانت لهم المكانة العليا في الادب والثقافة والعلم ولما بلغ سن التعليم بدأ يتعلم القراءة والكتابة والخط ثم حفظ القرآن الكريم بعدها استمر بدراسة مبادئ الادب وعلوم اللغة العربية ثم هاجر مع ابيه وعمه الى الحجاز وقضى شطرا من حياته في الحجاز وبلاد نجد. ولما عاد الى النجف عكف على دراسة اللغة العربية وآدابها وقرض الشعر . وأخذ الأخلاق والرياضيات على الأخلاقي الكبير (ميرزا حسين قلي ) وأكثر من صحبته والحضور عنده مدة حياته، فاكتسب منه طريقته الأخلاقية التي جعلته وحيداً بفضيلتها بين كبار اصحابه من النجفيين، ودرس الفقه والأصول ردحاً من الزمن عند الأستاذ الكبير الشيخ محمد حسين الكاظمي ـ المتوفى\ 1308هـ ـ حيث كان هو المدرس العربي الوحيد في زمانه، وبعد وفاة استاذه درس عند الشيخ ( محمد طه نجف) المتوفي عام\ 1323 هجرية فكان من اشهرمن حضروا عنده ، وقد منحه وأيده الشيخ بكلمات كثيرة اعلت منزلته بين الفضلاء وجعلته في الطبقة الأولى منهم.
انقطع الحبوبي للتدريس والتأليف حتى أصبح معدودا من كبار العلماء المجتهدين ، يُرجَع إليه في المسائل الصعبة او الامور المشكلة .
اتجه صوب المجتمع فكان ولوعاً بتكوين الحلقات الأدبية التي تصقل المواهب وتثيرها. والتحق ببعض رجال أسرته الذين عرفوا باشتغالهم بالتجارة بين نجد والنجف. كان يصدح بألوان من الشعر لم يعهد النجف لها مثيلاً، فيغشي المحافل والأندية فيتحفها بقطع من قلبه الرقيق وروحه الكبيرة. واستطاع أن يتملك امور قول الشعر، ويترأس الحلقات الدراسية التي ضمت النوابغ والفحول من أرباب الأدب، فانضوى تحت رايته أكابر الشعراء، وانتسب إلى حضيرته معظم الأدباء في النجف .
ا لحبوبي شخصية ذات تأريخ واسع وحياة مليئة بالصور الحية والخواطر والبطولات، فقد كان إنساناً لم يفهم غير الحق هدفاً أسمى، ولا غير الاسلام ناموساً أعلى، ولا غير الفضيلة نهجاً صحيحاً، فشب على ذلك واستمر في ذلك في صباه وشبابه وشيخوخته حتى ارتحل إلى الفردوس الأعلى.
ان تاريخ الحرب العالمية الأولى خصص صفحة مشرقة لجهاد السيّد محمد سعيد الحبوبي وأفرد فصلاً لبطولته وعزمه الملتهب في حفظ كيان الإسلام والذ ود عن بلاده .
أعلن الجهاد ضد الاستعمار الإنكليزي في السادس عشر من المحرم من عام \ 1333 هجرية ـ فاعلن من النجف جهاده ضد الانكليز وما أن انتشر خبر خروجه حتّى لحقت به الجموع المحتشدة من الذين نذروا أنفسهم لصون كرامتهم ودينهم فقصد مدينة ( الناصرية )مع جماعته ثم التحق به معظم عشائر الجنوب في العراق وسار بهم إلى ( الشعيبة ) المنطقة التي د نستها أول قدم إنكليزية وخيم في منطقة ( النخيلة ) الا انه رجع الى (الناصرية ) اذ راى في من حوله روح الطمع والانخذال مع فريق من المخلصين وقد غمرته موجة شديدة من الألم على تصاعد نفوذ الا ستعمار الانكليزي في بلاده .و كان خلال سيره بالجموع ينفق عليهم من ماله الخاص.
وقد قدمت له الحكومة العثمانية خمسة آلاف ليرة ذهباً كمساعدة له على مواصلة جهاده فأبى ان ياخذها قائلاً:
(ما زلت أمتلك المال فلا حاجة لي بها، وإذا ما نفذ فشأني شأن الناس آكل مما يأكلون وأشرب مما يشربون).

اصيب بمرض خلال قيادته المجاهدين - بعد ان خرج بهم من النجف والتف حوله الاخرون من ابناء المناطق التي مرعليها في الجنوب - اقعده عن العمل وعن الحركة فعاد الى مدينة الناصرية وفيها وافاه الاجل .
مات الحبوبي عشية يوم الأربعاء الثاني من شعبان من عام \ 1333هـ الموافق \ 1915م في الناصرية ، ودُفن في النجف في مقبرة خاصة به في الايوان الكبير بالقرب من ضريح الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنهما .

رثاه كثير من الشعراء، وأرخ وفاته فريق من أعلام المؤرخين و كتب بعضهم على قبره هذا التأريخ:
فـقيـدُ المسلميـن غـداة أودى
حسيـب الدين بينهـم فقيدا

فـإن شهدتـه أعينهـم سعيـداً
فقـد حملتـه أرؤسهـم سعيدا

تـقـدّمَ للجهـاد أمـيـرَ ديـن
فسـاق المسلمين له جنودا

ومـذ لاقـى المـنيـة أرخـوه
(سعيدٌ في الجهاد مضى سعيدا)

رثاه الشيخ جواد الشبيبي بقصيدة مطلها\
عمّ الثغورَ الموحشاتِ ظلامُ
ودجت لأنك ثغرها البسّامُ

ورثاه الشيخ جواد البلاغي بقصيدة مطلعها:
شاقك الركب فأسرع سباقـا
وتركت الصب يلتاع اشتياقا

ورثاه الشاعر الشيخ علي الشرقي بقصيدة مطلعها:
حماة الحمى قد شيعوك إلى الثغرِ
فبالرغم أن يستقبلوك إلى القبـرِ

محمد سعيد الحبوبي شاعر مجيد يتميز شعره بالحداثة جمع بين القصيدة والموشح ونظم في اغلب الفنون الشعرية فقال في المدح والفخر الرثاء والغزل والخمرة وغيرها مما عرفه الشعر العربي وكان للشاعر الحبوبي فضلا على أنه نظمه في بيئة ترى أن الشعر يزري بالعلماء فكان عالما شاعرا مجاهدا
و اشتهر بموشحاته التي كانت تعد امتدادا للموشحات الاندلسية في جودتها وجمالها وأحيا ما اندثر منها تلك الموشحات التي تتسم بتنوع القافية وتنوع الموسيقى الشعرية. ومن موشحاته يقول:
هزها الدل فماست مرحا
كقناة في يدي مرتعش
________
وبدت شمساً لها الجعد بروج
وبخديها لمرتاد مروج
جادها ماء الصِّبا فهو يموج
وعليها لما طفحا
قلت : فكّ رقي يا ذا الحبش
______________

مزقت ثوب الدجى في ثغرها
ثم حاكته له من شعرها
وانجلت سافرة عن نحرها
ما رآها البدر ألا واستحى
واعترته دهشة المندهش
_________________
ومن جميل قصائده \
يا يوسف الحسن فيك الصب قد ليما
فأن رأوك هووا للأرض تعظيما

لُحْ كوكباً وإمشِ غُصناً والتفِتْ ريما
فأن عداكَ آسمها لم تعدك السيما

وجه اغرّ وجيدٌ زانه جِيدُ
وقامة ٌ تخجل الخطيّ تقويما

يامن تجلّ عن التمثيل صورته
أأنتَ مثَّلتَ روح الحسن تجسيما

نطقت بالشعر سحراً فيك حين بدا
هاروت طرفُكَ يُنشي السحر تعليما

فلو رأتك النصارى في كنائسها
مصوراً رّبعت فيكَ الأقانيما

إذا سفرتَ تولىَّ المتقيّ صنَماً
وإن نظرتَ توقى ٌ الضيغمُ الريما

مَن لي بألمي نعيمي بالعذاب به
والحبّ ان تجد التعذيب تنعيما

لو لم تكن جنة الفردوس وجنته
لم يسقني الريق سلسالا وتنسيما

ألقى الوشاحَ على خِصر ٍ توهمٌه
فكيف وشٌحَ بالمرئيُ موهوما

ورجَّ احقاف رمل ٍ في غلائلِهِ
يكاد ينقدّ عنها الكشح مهضوما

ان ألٌم َالحِجل ساقيه فلا عجبٌ
فقد شكى من دقيق الدرز تأليما

الردف والساق رداً مشَيِهِ بهرا
والدرع منقدّة والحجل مفصوما

في وجهه رُسمت آيات مصحفه
تُتلى ولم يخش قاريهن تأثيما

ذي نون حاجبه لو حاؤه آتصلت
في ميم مبسمه لم تعدُ حاميما

ولحن معبد يجري في تكلٌمِهِ
إنْ أدمجَ اللفظ ترقيقاً وتَرخيما

يانازلي الرمل من نجد احبكم
وان هجرتم ففيما هجركم فيما

ألستُمُ انتُمُ رَيحانَ أنفسُنا
دون َ الرياحينَ مَجنيٌاً ومَشموما

إن ينأ شخصكم فليدنو طيفكمُ
لو أن للعين إغفاءً وتَهويما

هل توردون ظمآءً عذب منهلِكُم
أمْ تصدرون الاماني حِوٌماً هِيما

لي بينكم لا أطال الله بينكمُ
غضيض طرفٍ يردّ الطرف مسجوما

انا رضيع هواه منذ نشأتِهِ
ونشأتي لم تردني عنه مفطوما

ما حلتُ عنه ولا عن عهد صبوته
وان أطال الجفا عزماً وتَصميما

حرمَّت وصلي كما حللتَ سفكَ دَمي
صدقتُ شرعك تحليلا وتَحريما

ياجائراً وعلى عَمْدٍ أحَكُمٌهُ
أعدِلْ وجرْ بالذي ولاّك تحكيما

لك الصبا والجوى لي والعُلى لعَلي
وقل (لهادي) الهدى طرداً وتقسيما

اميرالبيان العربي
د.فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق-ديالى - بلدروز

*******************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق