أبحث عن موضوع

الخميس، 9 فبراير 2017

رحَّال.............. بقلم : عيد النسور / الاردن


 


عـيناكِ شُرودُهُـما غَـزَلُ
ولِحاظُـكِ فـزَّتُها مَـثــَـلُ
وَجَـديلُكِ رفّـة ُسَوْسَـنَـة ٍ
لِغَديرٍ يَحْرُسُهُ الحَـجَــــل
لـِغَـــديـرٍ سـادِرُه ُيَـرْنــو
قمراً في وَجْهِكِ يَخْـتَمِـل
فدَعيني أرْسُمْ لـلـذ ِّكْرى
شفـَتـَيْنِ كـَليمُهُما َثـمِـلُ
وألـُمُّ الـلـيلَ بأحْـضـانـي
لأذيبَ الشَّوقَ وأرْتـَحِـلُ
فأنا كـالـنّـَورَس ِسيِّدَتي
بَحَّارٌ زَوْرَقُـه ُ المُــــقَـلُ
رَحّــالٌ مَـوْطِـنُـهُ امْـرأة ٌ
فدَعيهِ بحِضْنِكِ يشْـتعِـلُ

من ديوان بحّة الفجر 2005م

رغبة (ق.ق.ج ).......... بقلم : فاضل حمود الحمراني // العراق



كلاهما كانَ الأحّوج للآخر ، ألغيا شعار التَستر، أرهقتهما لعبة طويلة ، انتَشيا بتَجاذب الأنفاس . مارسا تجارب مختلفة ، أطفأا ناراً كانت مستعرة ، كانا أكثر مجداً ، حين استفاقَ من ضجيجه . كان سعيداً بالحفاظ على عَوراته.

والتقينا ................ بقلم : نزار كاظم الاسدي / العراق



اااااه
كم انت ذكياً
أأنت هكذا أم هو الحب ذكي
كيف ارتضيت !!
بقيدك إياي
وانا الراهبة
كيف تكون !!
الحرية قيداً اذا ما عشقته
.. الراغبة
كان الانتظار قبيل لقائك
.. انتظاراً
وكأن ذاك الذي مرَّ لم يكُن
.. انتظار
ماكنت ادري ..
كيف مرَّ العمر دونك
كم يعذبني ..
ذاك الذي مرَّ دونك
ما كنت ادري ..
ان الليل جميل
وان العمر ..
بلا ليلك ثقيل
ما كنت ادري ..
ان السفر اليك طويل
ما كنت ادري ..
بالحب لا مستحيل
كم كنت ذكياً
حين تقزم الجميع
وتعملقنا
حينها قالوا
ان الجبال لا تلتقي
ولكننا التقينا
أتعلم ..
اني أحبك قبل وجودك ..
وقبل وجودي
قدر ان القطارين لا يلتقيان
على سكة واحدة
الا في المحطة الاخيرة
ولكننا التقينا
لم تكن ليالينا الثلاثة قصيرة
كانت كل عمر الذاكرة
وكافية لتحرير الأسيرة

كم كنت ذكياً
حين اهتديت ..!!
الى سر رغبتي
وجعلتني أزهر من جديد
حين أيقظت انوثتي
كم كنت مهوسة بالعطور
وهي ..
تقتل وسامتي
لم اكن اعلم
ان حياتي
انوثتي
وسامتي
كانت بعطرك..

كم كنت ذكياً
حين طوقت نحري بشالك
أكنت تخاف عليَّ البرد
أم لان الشال
صوتك
عطرك
ابتسامتك
خصامك
رضاك
والرحيل
أتعرف ما كان يفعل شالك
بالغياب
كان سلوتي والعذاب
ايها الذكي
لا تطل بالغياب
انا بحاجتك .
:
:
:


٥. شباط. ٢٠١٧

أسفار الحياة ................. بقلم : لميس سلمان الصالح / سوريا



في مجرى الحياة على كتف الزمن أعتلي........
أنا الكآبة
أنظر بعيني في أعماق الأيام
فأرى
الليل ظلاماً يومض نور السماء
والنهار نوراً يسفر ظلمة بشرية عمياء

لبحري مد وجزر
لقمري نقصان واكتمال
لزمني صيف وشتاء
أما الحق له وجه واحد فقط...

أيها الضاحكون الساخطون
أنا الكآبة
أبكي وأغتسل
بدموع الندى
وهي تتساقط من أجفان الليل
وبؤبؤ الصباح
عندما أراكم نعال النفوس
فأبقى طاهرة نقية..

أنا الكآبة
أجالس الشطآن
وأرى عمق أفراح الوجوه
وبداخلي صراخ عميق
لا يسمعه ضجيج الأيام السعيدة..
أسمع صوت ضحكاتكم
وأنتم في النور المظلم
بمسامع امتلأت بهمس الليالي
وأنا في زاوية الظلمة مبعث النور

أنا الكآبة
عندما أتنفس الزفير
يتصاعد همس الزهور
وحفيف أوراق الغصون
ممزوجاً بخرير الينبوع..
أما أنتم
قهقهات يسيل منها السمّ الزعاف
تُعلن عما تفعلون ..

أنا الكآبة
رأيت شقاء يذيب الصخور
في جسد الأرملة
في وجه اليتيم
في ثوب شتاء الفقير
في ألم صرخة المظلوم
أرسل الليل الحنون ليغمض أجفانهم
بيده الخفية فيرقدوا بسلام..
أما أنتم في خزائنكم سبائك تبرق
في يدكم أقداح تصدح رناتها فرحاً
لِمَ بنيتم من أهرامات الثراء
فوق جثث الشقاء
قدموا لكم القصور
فدثرتموهم في القبور
ويحكم أبدَ الدهور.....
بيني وبينكم هوة عميقة
مملوءة دمعاً دماً...
ألا تعلمون من أنا
يا أبناء الملذات والحانات ...

أنا الحق...
من خَلْقِ النور الأعلى..
أنا الوطن أيها الغافلون...



2017/2/2

ماذا بعد ؟............... بقلم : منيرة الغانمي // العراق

يا من أقنعتني بأن الحب أمان
وقلب عطوف ينبض
شوقا وحنان
يا من رسمت عهد الوفاء
على جبين الزمان
ماذا اليوم عن بعدك ؟
وقلبي الجريح ؟
ماذا عن أماني تبعثرت
وسكنها الخوف
فأقفرت
وما عاد يصلني منها
إلا عويل الريح
هل أحضنها أملا في
التلاقي أم أجهض
كل ما كان منك
غائبي طيفك
ما زال يملأ أحداقي
هل أنساك
و أتناساها وأقتل معها
اشتياقي
حيرتي تزداد كلما
طال غيابك
وكلما وقفت على أعتاب
أحلامي بك
منكسرة أرتدي الانتظار
وفي القلب ذكرى
ترفض الاحتضار
وتعلن الأمل في انكسار
 
   
تونس

نبض المرايا ............... بقلم : عبد السلام حسين المحمدي // العراق




لصمتــكَ خلـــفَ مرآتــي كتــــابُ
وبوحك في دجى الليل انســكابُ
.
شــرابُك لو أشــرتَ بــه إليــنــــا
ســكرنا قبل أن يصلَ الشـــرابُ
.
رقصـتَ علــى مزاميــــرٍ ووجـــدٍ
وذابــت فـي ربابـتـهــا الربــــابُ
.
وصغتَ لهم شعاعَ الشمس عِقداً
فصار لهم الى الشمس انتسابُ
.
نســجتَ مـن الهــواء لهــــم رداءً
يظـلــلهــم إذا حضـروا وغـابـــوا
.
جبينــك مجمــعُ البحريــن فيـــهِ
أيدركُ مجمــعَ البحــرِ الســرابُ
.
يـداك البـيــضُ أشـــرعةٌ ولــكـن
رياح الشـــوق يلهبهـــا اغتـرابُ
.
سـفينتـنـا قـد اضطربت وصـرنا
يقـلِّبنــا كمـــا شــاءَ اضطـــرابُ
.
تدحــرجَ من ربيـع الوقتِ فصـلٌ
وفصــلٌ آخـــرٌ هـــشٌّ يــبـــــابُ
.
وأســــئلتــي أبعثــرهـــا بليــــلٍ
ولا يبــدو لمســألــتـــي جــــوابُ

خطى الغرام ...................... بقلم : سهى النجار / الاردن


بيني وبينك خطوتان ..
سيد القلب الفنان،
كنت في الماضي حلما،
وفي حاضري أغلى إنسان ..
بيني وبينك خطوتان ..
سيد الفكر المغروم ..
جراح الماضي أنا لها شفاء
وغرام الحاضر المنشود ..
بيني وبينك خطوتان ..
لتتعانق الأنفاس،
و لترتوِ الشفاه بعذب الرضاب ..
نظراتي تصرخ في احتراق،
ولمساتي تذيب جليد الفراق ..
بيني وبينك عهود
وعشق بلا حدود ..
واهم من حاول تفريق روحينا،
وقتل الغرام ..
أحلام الهوى بين يديك
بيني وبينك شغف وحرير ونداء
مشاعري لن تستكين
إلا على شفتيك
حبيبي .


الْحَجَر.................. بقلم : محمد الزهراوي أبو نوفل / المغرب


الغضَب الوَحيد الذي
اسْتعْصى عَلى معاولهم
رغْم الحِراسَة والوقْتِ
المُكبّل بالحديد والرّصاص

إلى ..
(الوَحْدة الفلسطينية
وانتِفاضَةٍ آتِية..)

تَنْتابُني على
إيقاعِكَ دَنْدَنةٌ ..
ويَسْلكُني العَبيرُ.
إذْ أنْتَ الْحُضورُ
خُطايَ ..
رَفيقُ الشِّعْر.
النّورُ بَعْضُ
عرَباتِكَ عَلى
طريقِ الْمُنى..
لِذا حلَلْتَ دمي
وَوَعاكَ الْمَدى..
خريراً منحازاً للنّهر
طوالَ الْمتاهِ كنْتُ
أبْحَثُ عَن مفاتيحِ
الأبْوابِ التي
تُفْضي إليْك..
كنْتُ أُحاوِلُكَ في
سَفَرٍ إلى الآمالِ
وغاباتِ الْوَميضِ .
يا نَديمَ الرّيحِ
أيُّها الْمُلْتَحي
بِالرّنينِ والحُبِّ
عَوَّلْنا علَيك وارْتمى
عِنْد بابِكَ الحلْمُ
تَشَقّقتِ الْبَراري
ولوْلا ياسَمينُ
حُضورِكَ لَتِهْنا.
ورْدُكَ الآن في كُلِّ
الْمَعابِر إلى الآمالِ..
امْتَطِ يَفاعَتكَ الْحبْلى
بِالصّهيلِ كُن مطَراً
أيُّها الْغَبَشَ الْحَيُّ
ولَبِّ شبَقَ الأرْض.
كُنّا افْتَقَدْنا في غِيابكَ
بوْصَلَة الوُصول.
أنا صَدى النّهار
اَلنّدى انْسَلّ إليْكَ
مَع الْحبقِ الْباسِلِ
لِتَتَدارَكَنا! !..
حَتّى الْجُنْدُ إذا
ما اشْتَدّ الصّقيعُ
يَلوذونَ بأَعْتابِكَ
الدّافِئَة ..
وحتّى النّوارِسُ.
مُرِ البَحْرَ أنْ
ينْطَلِقَ ويُسَرِّحَ
جِيادَنا الحُمْر.
نرْجوكَ الْتِفاتةً أيُّها
الْخَبيرُ في
شُؤونِ الغِوايَة.
يدُكَ الآن على كتِفي
لُهاثُكَ الْمورِقُ في
الطُّرُقاتِ نَشيدي !
أيُّ طُيورٍ
تحطُّ السّاعةَ ..
عَلى أسْطُحي ؟ !
أيَّ مُؤَذِّنٍ أسْمعُ
في الْقُدْسِ..
أيّةُ أجْراسٍ تدُقّ
فوْقَ قِبابِ
نَقاوَتِكَ المُفْعَمةِ
بالسّطوع.
تبارَكْتَ يا كاتِدْرائِيةً
تشْمخُ في انْكِساراتِنا
لَكَ البَنادِقُ والسُّيوف.
وهُبوبُكَ في
هذي الجغْرافْيا..
رقْصَتي الوَثَنِيّةُ في
الْهَزيعِ الأخيِرِ
مِن هذا الّليل.
إنّا نتَنَفّسُ هَواءَكَ
ولإيقاعِكَ اللُّطْفُ
في هذا النُّحاس .
واصِلْنا سَيِّدي في
هذهِ الدّروب..
هاتِ زَفيرَكَ أيُّها
الغامِضُ الفاحِش .
نِعْم الظِّلّ أنْت ..
اَلْوَفاءُ / الحافِرُ
اَلكُحْل / الأصابعُ
أنْت اَلْكُلُّ الذي
ينُزُّ بِالْماءَ العاشِق
والحُب والنّبيذ!
روحي مَخْدوشَةٌ مِن
بُعْدِ حَريرِكَ الكَوْني.
جَبيني أسيُر مَناراتِكَ
الّتي تَميسُ تَحْتَ
أقْواسِ نَصْرٍ.
أنا في ذِمّة بلاغتِكَ
_كَأُمّتي حتّي
إشْعارٍ آخرَ.
إذْ سَوْف يَلْغو
القَطيعُ بِثُغائِكَ
حتّى التّشَفّي مِن
الذينَ يخْصُونَ التُّراب .
حُضورُكَ رَفيفُ
أجْنِحَةٍ تُسافِرُ
إلى نَهاراتٍ بيْضاءَ
لَطّخَها عَسَلٌ أبْيَض.
أنْتَ النّفيرُ لِتَتَقدّمَ
طُفولَتَنا العُذوبَةُ
خلْفَ بَجَعاتِ الْمِياه
شَجَرٌ يَمْشي
لأِحْلامهِ الْواعِدةِ
وزادُ الْقصيدَة .
اَلْجَوادُ الْوَحيدُ الّذي
أُحِبُّ أن أمْسَحَ عُنُقَهُ
بِمِنْديلِ حُزْني على
الطّريقِ إلى مدينَةٍ مّا.
لوْلاكَ ما كُنْتُ أسْمَعُ
هذه المَقاماتِ
الغَرْناطِيّةَ ما
كُنْتُ أرى الْمَباهِجَ
النّبيذِيّةَ معَ
فَواكِهِ البَحْرِ وما
كان يحْلو معكَ
السُّكْرُ والسّهَر.
مِنْكَ تَتَعَلّمُ النّوارِسُ
الْبَطْشَ العادِلَ
وَعلَيْكَ يَتَوكّأُ مَن
يصْعَدُ الأبْراج ! ؟
يا أنا ..
لَكَ شَفافِيّتي
في حَدائق الحُلْمِ.
تبْدو شَديدَ الإغْواءِ
فأنتَ الوِلاداتُ
وحْدكَ تعْرِفُ مدى
اشْتِياقي وأُوسِّدُكَ
كلَّ ليلَةٍ لنَنْتفِض
معاً ذاتَ فَجْر.
زُمُرُّدٌ نادِرٌ أنْتَ..
وما أجْمَلكَ قُرْطاً
لِلْحَبيبَةِ يا حَجَر.
كنْ صديقاً لي
في هذا البرْدِ ودِفءً
لِلجُرْحِ والعِشْق


لعبة حب................ بقلم : عماد عبد الملك الدليمي // العراق



أشرق الخافق
بسنا حبك
ولأنك فيض
حب
كم تغنى القلب
بلحن رائع
أسكر الروح
حين احتواني
قلبك ألحاني
لم أبخل عليك بالعطاء
ولم أدخر وسعا
لإسعاد شبابك
وشبابي
ولم أكن عندك
يوما إلا دمية
كم تسليت بها
وقت أفراحك
وأحزاني
لن ولن ابكي
عليك يوما
بعد الآن
ولن أذرف دمعا
فلقد طالما ضجت
دموعي في
رحابك ورحابي


 

اللصقة ( قصة قصيرة ).................. بقلم : مصطفى الحاج حسين / سوريا



كان زملاؤه في الجامعة ، يسمونه " اللصقة "
فما من مرّة رأوه مقبلاً نحوهم ، إلاّ وسارع أحدهم لتنبيههم ، قائلاً في حذر :
- جاء اللصقة .! .
فينسحب بعضهم قبل وصولهِ ، بطريقة ذكيّة قائلين :
- لنهرب .. قبل أن يحلّ بلاؤهُ علينا .
وسبب هذا يعود إلى ظروف " عبد الله " القادم من الريف ، ليتابع دراسته في كليّةِ الآداب.
جاء إلى حلب من قرية " عامودا " الواقعة على الحدود الشرقية ، محمّلاً بآمال عظيمة وطموحات عالية ، وأحلام غزيرة ، وموهبة متقدةٍ ، مخلّفاً وراءه أباً طاعناً في الشيخوخة ، لا يقدر على فعل شيء، سوى تحدّي " عزرائيل " ، فكثيراً ما شاهد والده ، يعارك ملك الموت ويرغمه على التقهقر ، في حين يبقى العجوز متمسكاً بروحه المهترئة .. ولولا عمل أمّه وشقيقاته في حقول الآخرين ، لما تمكنت العائلة من العيش .
كان " عبد الله " في كثير من الأحيان ، يندم
لأنّه لم يسمع كلام والدته ويترك الدّراسة ، فهو
بشكل دائم في حاجة وعوز ، ولو لم يكن ينزل إلى " باب أنطاكيا " حيث معرض العمال ، للبحث عن رزقه ، لما تمكن من اجتياز السّنوات الثلاثة الماضية بسلام .. وخاصة بعد أن حرم من القرض الجامعي ، بسبب رسوبه في السنة الماضية . في
كلّ عام وخلال فصل الشتاء ، كان يمرّ بمثل هذه الضائقة ، فالعمال المختصون لا يجدون عملاً في
هذه الأيام الباردة والماطرة ، لولا طموحاته وأحلامه القوية ، لترك الجامعة منذ أمدٍ بعيد . ومن حُسنِ حظّهِ أنّه يقيم في بيت زوج شقيقته
الذي يعملُ في الخليج ، كان يضطر إلى الاستدانة من أصدقائه ، ريثما يجد عملاً فيردّ إليهم دينهُم ،
وكانت ظروفه السيئة ترغمه على فرضِ نفسه ضيفاً مكسور الخاطر ليتناول الطعام في منازل أصدقائه ، جاهلاً أن أصدقاءه يطلقون عليه لقب
" اللصقة " ، ولكنّهم رغم كلّ سخرياتهم التي يطلقونها وراءه ، يعاملونه باحترام وودّ ، وذلك بسبب شاعريّتِهِ الكبيرة .. " فعبد الله " شاعر موهوب ، له حضوره في الملتقيات الأدبية التي
ترعاها الجامعة ، وكان معظم زملائه يشاركونه ذات الميول، لذلك هم يحسدونه لتفوقه عليهم في
الشّهرة ، وامتداح النقاد والتفاف المعجبات حوله..
ولمّا كانوا عاجزين عن النيل من شاعريته .. أخذوا
يسخرون من نقطة ضعفه الوحيدة ، ألا وهي سوء
حالته المالية ، وعوزه الدائم إليهم ، لذلك وصفوه
بال " لصقة " .
وفي هذا الصباح الممطر ، استيقظ " عبد الله" مهموماً مكروباً ...فهو في حالة إفلاسٍ لا مثيل لها،
مضى عليه أكثر من عشرين يوماً دون أن يتمكّن من العمل.. فالأمطار لا تنقطع ، والعمل في ورشات البناء معدوم ..و " عبد الله " يقتصد .. في كلّ شيء يقتصد ...في عدد وجباته القميئة ، في نوعية وكمية سكائره .. في حلاقة ذقنه .. وشرائه
لتذاكر باصات النقل الداخلي .. في الصحف والمجلات .. وتردده إلى المقصف المركزيّ ..
ومرافقة صديقاته اللواتي اضطر أخيراً أن يستدين منهنّ رغم شعوره بالخجل . وعاد أيضاً لبيع الكتب التي تمكن من جمعها خلال الصيف ..
فهو في كلّ شتاء ، يضطّر لبيعها من جديد ، حتّى
أنّه في الأونة الأخيرة ، اضطّر إلى بيع ساعة يده
التي هو بأمسّ الحاجة إليها . ومع هذا فقد وقع
يوم أمس بين فكّي الإفلاس ، ونام ليلته وأمعاؤه
نتضوّر من الجوع .
نهض من سريره المنحني والمزعج في صريره
، واتّجه نحو المطبخ النتن الرائحة، وراح يبحث عن لقمة يسدّ بها رمقه ، رغم علمه بأنّه يبحث عن
لا شيء .. عنده زيتوناً ولا يوجد خبز ، ولديه سكّر
ولا وجود للشاي .. ويملك قليلاً من البرغل في حين أن السّمن والزيت غير متوفرين ، فكيف له أن يتدبّر أمره ؟! .. فكرة أن يستدين من الجيران خبزاً ليست واردة ، لأنّه استدان منهم في مرات
سابقة وكثيرة وعجز عن ردّ ما استدان لدرجة أن
رفض جميع جواره أن يعطوه رغيفاً واحداً يوم أمس .وتساءل :
- (( ماذا أفعل ؟.. أمعائي تزقزق طوال الليل ، صرت أخجل من طلب الاستدانة ، أنا مدان للجميع ، مامن شخص أعرفه إلاّ واستدنت منه ، ديوني لسبعة وثلاثين شخصاً ، بمبلغ / 4645/ ليرة سورية .. فإلى متى سأظلّ معتمداً على الدين
؟!.. أخذ أصدقائي يتهربون منّي ، " يطنشون " إذا
ما شكوت لهم سوء حالتي المادية ، حتّى أنّ صديقاتي اللواتي كنتُ أخجل أن أظهر فقري أمامهنّ ، أصبحت مداناً لتسعٍ منهنّ ، بما فيهنّ " انتصار " التي تحوّل حبّها لي إلى دروسٍ في الاقتصاد ، والاعتماد على الذات .)) .
ولأنّ " عبد الله " جائع ولا يملك حلّاً لمشكلته
سوى اللجوء إلى أصدقائه ، فقد قرر أن يذهب إلى صديقه " بشير " ، الأكثر رفاهيةً من الجميع ،
سيداهمه في بيته قبل أن يغادره ، ويتناول معه
فطوره ، ويطلب منه بضع ليرات .
أسرع بارتداء بذّته الجامعية العتيقة ، وخرج
مسرعاً ، فكان المطر بانتظاره ، ولأنّه لا يملك نقوداً
ولأنّ باصات النقل الدّاخلي تتأخر في المجيء ، قرر أن يذهب سيراً على قدميه ، من منطقة " الأعظمية " إلى حيّ " الجميلية"
غير عابئ بسقوط المطر فوق رأسه الأصلع
بعض الشيء .
في تمام السابعة والنصف ضغط على زر
الجرس ، وهو يأمل ألاً يكون " بشير " قد تناول فطوره ، وانتظر برهة والحياء يلسعه ،
كم مرّةً يفرض نفسه .
مامن أسبوع إلاّ ويحلّ عليه ضيفاً ثقيلاً ، اللعنة على الجوع ، لو لم يكن " بشير " أفضل أصدقائه لما زاره هكذا .. عاود الرّنين
مرّةً ومرّتين ، وقلبه ينبض من شدّة توتره وخجله ، وسمع وقع أقدام تقف خلف الباب،
واختفى بصيص الضوء المنبعث من العين
السحرية ، فغضّ بصره حتى لا تلتقي عينيه
بعين الناظر ، وفجأة سمع صوتاً أنثوياً يسأل:
- مَن ؟؟ .
تنحنح " عبد الله " .. وقال :
- أنا صديق بشير ، هل هو موجود؟.
لم بأته الجواب .. بل أبصر الضوء ينبعث
من حدقة العين السّحرية ، فأدرك أنّها دخلت
لتنادي أخاها " بشير " .. مضت لحظات اعتقد أنها توقظه ، ولهذا عذرهم عن التأخر،
سمع وقع الخطا من جديد ، أبصر العين السّحرية تظلم ، وعاد صوت الأنثى يخاطبه:
- مَن حضرتُكَ ؟.
بادر يُجيبها على الفور ، والحرج بادٍ في نبرات صوته :
- أنا صديقه .. عبد الله الحجي .
وابتعدت عن الباب مرّة أخرى ، وانبعث
الشّعاع من العين السّحرية .. غابت في هذه المرّة مايزيد عن الدقائق الثلاث ، لدرجة أنّه
شعر بالضجر والندم على مجيئه في هذا الوقت المبكر ، فكّر أن ينسحب ولكن فات الأوان ، فها هو يسمع وقع الخطى ، ولابدّ أنّ
" بشيراً " استيقظ ، وتفاجأ من زيارته غير
المتوقعة .
لكنّ الباب لم يفتح ، كلّ ماحدث أنّه سمع ذات الصوت الأنثوي :
- بشير غير موجود ، لقد خرج في السّادسة
والنصف .
لعن نفسه لأنّه فكّر في هذه الزيارة ، وتيقّن أنّ صديقه موجود في الداخل ، أحسّ أنّه أهان كرامته ، ليس من المعقول أن
يبقى متطفلاً على أصدقائه ، لدرجة أنّهم باتوا يسدّون أبوابهم في وجههه ، داهمته موجة من الانفعال ، فامتزجت دمعته التي طفرت من عينيه بحبّات المطر ، المنسابة على وجهه الشّاحب .
سار في الطرقات حاملاً خيبته في صدره
، ومعدته تتقطّعُ من شدّة الجوع ، ولمّا كان
لا يملك سوى سيكارتين ، قرر أن يدخّن واحدة منهما .. وتساءل :
- (( أين أذهب ؟ .. هل أتوجّهُ إلى عبد الناصر ، الذي استدنت منه خمسين ليرة منذ
أكثر من شهرين ، ولم أردٌها إليه حتّى الآن .؟ )) .
ولأنّه لا يملك إلاّ هذا السبيل ، فقد عزم
على زيارته ، فمنزله قريب بعض الشيء ، يقع في " الحميديّة " .
لحسن حظّه لم يعتذر سكان البيت عن
عدم وجود صديقه ، فها هو " عبد الناصر"
أمامه بشحمه ولحمه يفتح الباب ، بينما يمضغ شيئاً ما .
استقبله " عبد الناصر " وأدخله غرفته الخاصّة ، وقبل أن يتّخذ مكانه على الأريكة،
بادره " عبد الناصر " قائلاً :
- أشعل مدفأة الكهرباء وتدفأ ، ريثما أكمل فطوري مع أهلي .
كم ودّ أن يسأله صديقه ، إن كان قد تناول
فطوره . وأخذ يقارن بين عادات المدينة والريف ، هناك ما إن يحلّ الضيف ، حتّى يهرع أصحاب البيت لإحضار الطعام .
وبعد أن أشعل المدفأة وأخذ يدفء جسده الهزيل ، تناهى إلى سمعه ، صوت " عبد الناصر " من الداخل .. قائلاً :
- أرجوك ياأمي دعيني أقدم له الفطور .
وجاءه صوت امرأة منفعلة تزعق :
- والله أنا ماعندي مطعم لك ولأصدقائك ، قلت لك افطر معنا ، وإلاّ ستبقى جائعاً .
انصعق " عبد الله " ، دارت به الغرفة ،
وكأنّ صفعة قوية باغتته فجأة على رقبته،
هل بلغ الأمر إلى هذه الدرجة ؟؟!!.. هل أصبح مزعجاً لأسر أصدقائه دون أن يدري
؟؟!!.. ينبغي عليه أن يخرج من هذا المنزل،
وبأقصى سرعة ، لقد بات يقرف من نفسه ،
كان يجب أن يسافر إلى أهله ، قبل أن ينفق
أجرة المواصلات ، فالامتحان لا يهم ، فليرسب هذه السّنة كما رسب في السّنة السّابقة ، كرامته أهمّ من دراسته .. اللعنة عليه يوم فكّر أن يتحدّى ظروفه ، ويتابع إقامته في حلب ، حتّى يتقدّم لامتحان الفصل الأول .. إنّه غبي عديم الإحساس ، كان على والده أن يوافق على بيع قطعة الأرض البور التي يملكها ، فهو رجل عجوز
لا يقدر على العمل بها ، و " عبد الله " يطمح
أن يكون أستاذاً كبيراً ، فمن سيعمل في الأرض ؟ وتمنّى أن يقصف الله عمر والده ، الذي طالت حياته أكثر ممّا ينبغي .وحيداً كان في الغرفة مع أفكاره ، في حين كانت
أمعاؤه تنهشه بعنف وجنون ، وشعر بالدوّار،
وأحسّ أنّه يوشك على التقيّئ .
وفتح عليه " عبد الناصر " حاملاً صينية
عليها كأسان من الشّاي السّاخن ..في حين
كان يبتسم ويردد :
- أهلاً وسهلاً .
وضغط على نفسه ، أجبر ذاته على الجلوس
، وتظاهر بعدم سماعه بما دار من حوار ، فهو
على كلّ حال ممتن من " عبد الناصر " .
ودّع صديقه فور انتهائه من احتساء الشاي ، كان عليه أن يمشي تحت وابل المطر الذي تضاعف انهماره .. بينما كانت النار في أعماقه تغلي من مرارة القهر والشعور بالذلّ والإهانة ، راح يحدّث نفسه:
- (( هل كان عليّ أن أشارك " حمود " في بيع
الدخان المهرّب ؟! .. حتّى أتمكّن من العيش
دون أن أحتاج الآخرين .)) .
سيتخذ قراره بعد أن يسدّ رمقه ، آلام الجوع تمنع عنه القدرة على التفكير ، سيذهب إلى " عماد " يطلب منه عدّة ليرات تكفيه للسفر إلى أهله ، لا حلّ أمامه إلاّ هذه الطريقة .. أصدقاؤه منقطعون عن الدّوام ، بسبب اقتراب موعد الامتحانات .
قبل أن يدخل باب العمارة ، برز " عماد"
أمامه حاملاً مظلّة سوداء .فرحّب به ودعاه أن يصل معه إلى الفرن ليشتريا خبزاً ويعودا
إلى البيت .
ساعة ونصف و " عبد الله وعماد " يقفان
تحت المطر وسط هذا الازدحام ، حتّى تمكّنا
أخيراً من الحصول على أربعة كيلو من الخبز
من شدّة تلهفه على قطعة من الخبز السّاخن ، أسرع ليتناول الخبز عن " عماد " ،
وقبل أن يصله ليلتقط قطعة ويلتهمها، وقف
أمامهم والد " عماد " وبعد السلام .. قال الأب :
- هات الخبز ، واذهب لتسديد فاتورة الكهرباء ، ثمّ عودا إلى البيت .
أحسّ بخيبة كبيرة ، فأخذ يردد في طيات نفسه الجائعة :
- (( كم كان حظي سيئاً ، لماذا لم يتأخر والد
" عماد " دقيقة عن الوصول إلينا ؟! .)) .
لقد خطر له أن يتناول رغيفاً ، لكنه في
النهاية خجل ، لو كان " عماد " بمفرده لكان
الأمر أسهل .
في الطريق راودته فكرة أن يستدين من " عماد " مبلغاً بسيطاً يكفيه لشراء " صندويشة " ، وتذكّر أنه مدان " لعماد " بأكثر
من ثلاثمئة ليرة ، فأحجم عن الكلام ، لأنّه خجول .
تابع طريقه مع " عماد " آملاً أن يتناول عنده وجبة الغداء، بعد أن يسددا فاتورة الكهرباء ، لم يكن يتصوّر أنّ تسديد الفاتورة،
سيحتاج لكلّ هذا الوقت .. الازدحام كان هائلاً .. ومن جديد كان عليهما أن ينتظرا الدّور ، ولم ينتهيا من أداء المهمة حتّى انتصف النّهار .
أخيراً سيعود مع " عماد " إلى بيته ليتناولا الغداء .. كان يمشي ولسان حاله يقول :
- (( ياالله .. متى سنصل ؟ .. ريقي فرط ، أمعائي تتمزّق ، أمّا أقدامي فلم تعد قادرة
على حملي .)) .
انتبه " عماد " إلى حالة صديقه ، تفحّص
وجهه ، ثمّ سأله :
- مابك يا " عبد الله " .. ولم وجهك مصفر؟!.
وكاد أن يصارحه بحقيقة جوعه ، فهو
يتوقّع أن يغمى عليه .. لكنّه فضّل الصمت:
-(( لماذا أفضح نفسي ، طالما أنا ذاهب معه ،
لأتناول الغداء .. هل من الضروري أن أطلعه
على حقيقة وضعي التعس ، لا لن أتكلم.)).
وعند المنعطف .. أي بالتحديد، عند تقاطع الطرق الأربعة الرئيسية ، أذهله " عماد " عندما مدّ له يده مودعاً ، وابتسامة
الحرج على شفتيه :
- أنا آسف يا " عبد الله " ، عندي موعد هام وضروري مع خطيبتي ، لن أستطيع أن أدعوك إلى زيارتي الآن .
امتقع لون وجهه أكثر ، واضطربت شفتاه
حينما رددّ :
- بسيطة .. أزورك في وقت آخر .
وبعد أن تصافحا ومضى كلّ في سبيله.
خطر له أن يتشجّع فينادي " عماداً " ليستدين منه بعض الليرات ، أسرع خلفه مهرولاً غير عابئ بأنظار المارة :
- عماد .. يا عماد .
استدار " عماد " ، توقف حينما شاهد
" عبد الله " يتبعه ، ويناديه .. واقترب " عبد
الله " والاضطراب والخجل يسيطران عليه:
- عماد .. أريد منك أن تقرضني بعض النقود.
ابتسم " عماد " ، أطلق زفرة قويّة خرجت
من أعماقه ، راح يتأمل أنامله في حيرة .. ثمّ قال :
- والله يا " عبد الله " لا أعرف ماذا أقول لك،
أنا جد آسف، وأقسم لك أنّي لا أحمل معي سوى بضعة ليرات ، لن تكفيني لو دعوت خطيبتي إلى فنجان قهوة .
أحسّ بندم شديد ، وبانفعال مرير ، وأخذ
يلوم نفسه لأنّه عرّض حاله لمثل هذا الموقف المهين ..
- (( غبيّ أنا ، كان عليّ أن أوافق " حموداً " وأشاركه في تهريب الدّخان .. " حمود " أصبح مهرباً كبيراً .. جيوبه امتلأت خلال فترة قصيرة .. أمي تقارن بيني وبينه بشكل
دائم ، تلومني بدون رحمة ، تقول :
- انظر إلى حمود .. يدرس ويصرف على نفسه وعلى أهله ، إنّه رجل .. أنت يافرحتي
عليك لحظة تريني صورتك منشورة في الجريدة ، وكأن الشعر سيمنع عنّا الجوع ؟!))
سار بمفرده ، واجهات المحلات تتحدى
فقره ، وتفقأ عينيه ببريقها الأخاذ ، ومرّ بالقرب من مطعم .. شاهد الفروج المشوي يتلوّى فوق النار ، فرددّ :
- (( أنا لا أطمع بتناول الفروج ، " صندوشة "
فلافل تكفيني .. اللعنة عليّ يوم أغضبت " حمود " ، لقد أخطأت يوم شبهته بالجرادة ،
كان أكثر ذكاء منّي . ولكن كيف لي أن أكون
شاعراً ، ومهرّب دخان في آن واحد ؟!.. كان
يجب أن أرفض عرضه المغري .. فأنا لا أقدر
أن أكتب قصيدة ، إن لم أكن راضياً عن نفسي . )) .
شعر بشيء يشبه الغصّة في أعماقه تقهقه وتسأل :
- وهل أنت راض عن نفسك الآن أيها الشاعر المبجّل ؟! .
- ليتني أعرف عنوان " حمود " ، سأبحث عنه لا شك . أمّا الآن عليّ أن أذهب إلى المدينة الجامعية ، سأطلب " انتصار " وأصارحها بحقيقة وضعي .. إنّ أحشائي تتقطع .. تتمزقُ .. تتعاركُ .. تقرقرُ .. تعوي..
تنهشني .)) .
وتوقف ، تحيّر .. وتساءل :
- (( هل أعاود الكَرّةَ من جديد ؟.. وأذهب إلى " انتصار " التي أحبّها أستجديها بذلٍ وانكسار ؟!.. وهل ستتكرر نفسُ المسألة .)).
توجّه إلى " المنشيّة " ، انتظر طويلاً ،
وهو يرتعش من شدّة البرد والجوع على السواء .. بعد زمن جاء باص المدينة الجامعيّة ، اكتظّ بالركاب ، ولأنّه لا يملك تذكرة في هذه المرّة ، حدث أن توقف الباص ، وصعد إليه المفتشون ، أخذوا يطلبون التذاكر من الركاب ، حاول أن يختفي ، أن يتملّص ، أن تنشق الأرض وتبتلعه ، أن يقذف بنفسه من النافذة المكسورة ، فلم يفلح . ها هو المفتّشُ ببذتهِ
الزّرقاء يقف أمامه ويطالبه بالتذكرة ..وحتّى
ينقذ نفسهُ من هذه الورطة السّخيفة ، بادر
على الفور وناول المفتش هويته الشّخصية ،
ليقوم بحجزها ريثما يذهب إلى الصندوق ويسددّ الغرامة .
ودمدم في سرّه :
- (( أنا لا أصدّقُ الذي يحصل معي ، هل هذا
اليومُ يومُ النّحس ؟؟!!.)) .
لم يجد " انتصار " في غرفتها ، أخبرته إحدى زميلاتها في الوحدة الرابعة ، أنّها خرجت منذ ساعتين ، ولا تدري إلى أين ؟.
تسمّر في مكانه ، واقفاً ينتظر مجيء صديقته " انتصار " ، مضت أكثر من نصف
ساعة ، فأدرك أنّها لن تأتي .. فجرّ قدميه
المنهكتين وابتعد .
رفع رأسه المبلل بكامل صلعته ، نحو شرفات الوحدة الرابعة ، فتلاقت عيناه الغائرتان بالفتاةالتي أبلغته بخروج " انتصار" ، تقف مع ثلاث فتيات في الطابق
الثالث يتغامزن ويضحكن بشدّة .
فانتفض قلبه كسمكة قذفها الصياد فوق
الرّمل ، وغصّت حَنجرتهُ بألمه فأراد أن يبصق ، وإذ به يجهش في بكاء مرّ .
عاد أدراجه من المدينة الجامعية ، سيراً
على الأقدام المنهكة والمتورمة ، والدنيا مظلمة في عينيه الزائغتين ، من شدّة الجوع
- (( الموت أهون من أن أصبح سخرية ، كان
يجب أن أسافر ، اللعنة على الجامعة ، كنت
أطمح بالشهرة والمجد ، وها أنا تحوّلت إلى سخرية .. بنبغي لي أن أجد " حمود" سأعمل
معه ، صدق " حمود " في قوله :
- معك قرش تساوي قرش . )) .
ولأنه لا خيار له إلاّ بالبحث عن صديق يطعمه وينقذه من جوع هذا اليوم ، قرر أن يعود إلى منزل صديقه " بشير " الذي ذهب إليه صباح هذا اليوم ..فما أدراه .. لعلّ " بشيراً " كان بالفعل غير موجود في البيت ،
أو ربما كان نائماً فلم يشأ أن يستيقظ باكراً.
على أي حال " بشير " أفضل من جميع أصدقائه .
استطاع أن يلتقي " ببشير " ، وما إن استقبله حتى ضحك ، وقال :
- أنا آسف لأني لم استقبلك صباحاً .. كنت نائماً حقاً .
ابتسم بينما كان الأمل ينبعث من أعماقه
في حصوله على الطعام :
- كنت واثقاً أنّك موجود في البيت .
دخل إلى غرفة الاستقبال الفخمة ، وإذ به يصطدم بعدّة أشخاص موجودين . فرمى
السّلام وجلس شاعراً بالحنق من حظه السيء . قال " بشير " :
- أعرّفك على شركائي في التجارة .
- ابتسم مندهشاً :
- هل أنت تعمل إلى جانب دراستك يابشير؟.
قهقه " بشير " وأجاب :
- بالطبع .. أتريدني أن أكون مدرساً في المستقبل ؟!.
اتّسعت دهشته .. وسأل :
- إذاً لماذا تتابع دراستك ؟!.
- حتّى أرضي غرور بابا وماما ،هم متمسكون
بالشكليات ، الشهادة الجامعية ضرورية في تقاليد عائلتنا .
واستطاع " عبد الله " أن يرسم على شفتيه ، ابتسامة المجاملة في حين كان يسأل :
- وبماذا تتاجر " يابشير " ، شغلني معك إن كنت أنفع .
وانفجر " بشير " بضحكة مجلجلة ، صارخاً في هياج :
- أنت لا تنفع ياصديقي في شيء ، سوى في
الشعر ، لأنّك رومانسي .
احتج " عبد الله " وأراد أن يقنع صديقه
بأنه ليس رومانسياً ويصلح للعمل :
- قل لي بماذا تتاجر ، لأبرهن لك أنّي إنسان عملي .
احمر وجه " بشير " وقطّب وجهه وأشار
بيده إلى الرجل البدين ، الجالس قرب التلفزيون الملون :
- اسأل " أبا درغام " عن نوع تجارتنا .
فما كان من " أبي درغام " إلاّ أن ابتسم،
وتكلم بصوته المتهدّج :
- نحن يأستاذ نتاجر بشراء البطاقات التموينية .. فما رأيك ؟ .
انصعق " عبد الله " وأراد أن يتكلم ، لكنّ صوت " بشير " أوقفه :
- مارأيك ياصديقي ؟ .. أنا مستعد أن أدفع لك خمسمئة ليرة ، على كلّ بطاقةٍ تشتريها لي .
وسأل " عبد الله " في حيرة :
- وكم تدفع ثمن بطاقة الشّخص الواحد ؟.
- بألفين وخمسمئة ليرة ، باستثناء ما ستتقاضاه أنت .
وجم " عبد الله " برهة ، ثمّ رددّ :
- هذا حرام .. أنا بالفعل لا أصلح لمثل هذا العمل .
وضجّ المجلس بالضحك ، في حين كان " بشير " يرددّ :
- ألم أقل لك ، أنت لا تصلح إلاّ لكتابة الشعر.
قدّم " بشير " لضيوفه الشّاي ثمّ القهوة،
وسكائر أجنبية فاخرة ، و " عبد الله " في حالة يرثى لها .. وكلّما همّ بالانصراف راودته
فكرة أن ينصرف شركاء صديقه قبله ، وبالتالي سيطلب الطعام من " بشير " حتى وإن تقاعس عن إحضاره .
من خلال الجلسة علم أن شركاء " بشير"
كانوا مدعويين على تناول الغداء ، ولقد تناولوا غداءهم قبل مجيئه بلحظات، وعرف
أيضاً أن "بشير " قدّم لضيوفه( لحم بعجين)
فقال حتى يحرّض " بشيراً " على إحضار بعض الأقراص له :
- والله ياأخي ( اللحم بعجين ) لذيذ ، أنا أفضله عن سائر المأكولات .
فابتسم الجميع دون أن يحرّك " بشير " ساكناً .
وبعد فترة شعر بالدوار .. وبالغثيان ..
وبلعابٍ شديدٍ ، يملأ فمه ، وازداد شحوب وجهه ، أخذ جسده النحيل برتجف .. وانتبه
الحضور إلى حالته، فأسرع" بشير " لإحضار
كأسِ الماءِ لهُ، وسألهُ شريكُ " بشير " الضخم
الجثة :
- لعلّكَ جائع ؟!.
أراد أن يغتنم الفرصة الذّهبية ، ويرغم
" بشيراً " على إحضار الطعام :
- والله أنا لم أفطر .. ولم أتناول الغداء .
وأخذ الجميع يلومونه .. حتّى " بشير "
دون أن يتحرّك :
- هذا لا يجوز .. الجوع كافر .. عليك أن تعتني بصحّتك .
ولم يبادر " بشير " لتقديم لقمة لصديقه.
حان وقت الغروب ، وأخذ القوم يتململون ،
وينظرون في ساعاتهم . قال شريك بشير:
- متى وعدتَ الجماعة بحضورنا إليهم ؟ .
رد " بشير " :
- في تمام السّادسة .
أدرك " عبد الله " أنّ القوم ، ينبهونه إلى
ضرورة الانصراف .. نهض مستأذناً .. وماإن
خرج حتّى صفعته الأمطار الهاطلة بغزارة لا
مثيل لها .. حاول أن يحمي صلعته بيديه ،
وانحنى راكضاً ومحتمياً بالشرفات .. وحين
دوى الرّعد بقوة هزّت الأرض ، كان على " عبد الله " أن يقرفص فوق الرصيف ليتقيأ
فوق جداول الماء المتدفقة .
الشوارع خالية ، مرعبة ، وعليه أن يجتاز
طريقه من " الجميلية " إلى" حيّ الأعظمية"
وهذه المسافة ستستغرق نصف ساعة معه
بالتأكيد .
- (( سأترك الجامعة ..وأرجع إلى أهلي .. أعمل في أرضنا .. إن فشلتُ في تحقيق حلمي ، فهذا لا يعني أن أشارك " حموداً " أو
" بشيراً " .. سأبقى إنساناً نظيفاً . )) .
وفور أن دخل بيته ، وجفّف نفسه بعض
الشيء .. هرع إلى المطبخ ليلتهم حبّات الزيتون . وبدرت في ذهنه فكرة .. جعلت الأمل يستيقظ في أعماقه الجائعة :
- (( نعم .. سأنزل وأبيع للسمّان كتبي الجامعية .. بالكيلو .)).
أحضر حقيبة جلديّة يستعملها عند سفره
لأهله ، ملأها بالكتب بسرعة جنونية .. لم يعد قادراً على الاحتمال، إنّه مهدّد بالسقوط.
وبينما كان يهبطُ الدرجَ المعتمَ ، فجأةً
توقفَ عن النّزول ، والدّهشةُ تقفزُ من عينيهِ
الغائرتينِ ، هذا غيرُ معقولٍ .. إنّه لا يصدّقُ
مايراه ، إنّه العجوزُ والده !!! .. يتوكّأُ على عكّازِهِ ، بينما يحملُ في يدِهِ الأخرى سلّةَ قَشٍ مليئةً لا شكّ بالأطعمة .
لا .. لا يقدر أن يصدّقَ أنّ هذا المقوسَ
الظهّرِ أبوه .. فوالدهُ مريضٌ لا يقدرُ على النّزولِ إلى المدينة .. تأمّلَهُ جيداً .. اقتربَ
منّهُ أكثرَ ، والدّمعُ ينفرُ من عينيهِ .. وانبعثَ
صوتُهُ المخنوقُ من أعماقِهِ :
- أبي ؟؟؟!!!.
كان الكهلُ رافعاً رأسَهُ الملفّعَ "بالجمدانة"
السّوداءِ ، نحو " عبد الله " وفوقَ وجهِهِ المكسوّ بالتّجاعيدِ ترتسمُ على فمهِ الذي خلا
من الأسنان منذ أمدٍ بعيدٍ ، ابتسامةً عذبةً ،
دافئة . في حين كان يَلهثُ بعنفٍ وصعوبة :
- منذ الصباح وأنا أبحث عنكَ ياولدي .
اندفَعَ نحوَ والدِهِ .. احتضنهُ بشدّةٍ ..
بعنفٍ .. بقوّةٍ .. بشوقٍ .. بحنانٍ .. برقّةٍ ..
بحُرقةٍ .. انحنى على يدِهِ التي تتمسّكُ بعكّازِها ، قبّلَها بحرارةٍ بالغةٍ ، أحسّ بدفئها،
بنبضها ، بخلجاتِها ، بحنانِها ، فلم يكن يدرُكُ
مدى حبّهِ وتعلقِهِ بأبيه ، قبل هذهِ اللحظة .
وفجأةً .. تحوّلت يدُ والدِهِ المعروقةُ ،
والراعشةُ ، والمتشققةُ ، أمام عينيهِ الدّامعتين إلى واحةٍ خضراءَ ، تشبه الرّيف
بخيراتِهِ وعطاءاتِهِ ، وعاداتِهِ .
في حين كان " عبد الله " يصرخ ، بصوت
شبيه بالنباح :
- آهٍ يا أبي .. لو تدري كم المدينة ابنة كلب ؟!.


 

لوحة................. بقلم : مؤيد بهنام // العراق



من جحيم الأوطان
تتشظى المقابر
وتخضر المنافي

في الروح
يجثم حطام نخلة
على سعفها المكلوم

في القلب الهرم
نهران
اخذان بالنضوب
اسماك تحتضر
وعلى ضفتيه طيور مهاجرة
واشنات وطحالب تتكاثر مثل خلايا السرطان

عاصمة متسخة
ومهترئة
ومباحة عفتها بالحروب
يفتض عذريتها الطغاة والمشعوذون القميئون بالتناوب
يغزوها التتار والمغول
بعد ان يستبدلوا جلودهم
كل مائة عام

صبية شاخت قبل ميلاد فرحها
قصيدة مات شاعرها قبل ان يعتق قوافيها
وام في مقبرة
تنعى وليدها المائة بعد المليون

وكذا المغنى
يصرخ حزينا بلا صوت
لانهم حزوا أوتار حنجرته
وحولوها
الى قنابل
يقتلون بها الاعداء

شيخ في ركن من منفاه
يوقد شمعة
يملأ كاسه خمرا
ويحدق في اللوحة الدامية الالوان

اترى ماذا ينقصها ؟
حزن
حرب
دم
موت
عويل !
حين عب من الكأس ثانية
نحى رأسه على الطاولة
ثم غار في عتمة اللوحة

اللوحة اكتملت للتو....

مــعــركــةُ الــوعــي ...!................. بقلم : محمــد عبــد المعــز / مصر



الإعلانُ والإعلامُ مُـتلازِمان، لكن تغوُّلَ الأولِ على الثاني، وتوغُّــلَه في أدقِ تفاصيلِه، أفْسَدَ الـمُنتَج، وجعلَ البضاعةَ مُزجاة، تَبْحَثُ عن سوقٍ للاستهلاك المحلي، مُحاوِلةً تَصْديرَ الوهم، داخلياً وخارجياً، في عالمٍ متغير، لأناسٍ يبحثون عمَّــا يَـسُــدُّ رمقَهم، في معاركِ البطونِ الخاوية...!
....................
ولأن الْغرَضَ كان ومازال، وأخشى أن يظل، الربح، فإن الإنسانَ في آخر اهتمامات الـمُعلنين، إن كان، وما في جيبه، بالنسبة إليهم، أهم مما في عقله، ويظنون، وبعض الظن إثم، أن ما يراهُ بعينيه يُــلهيه عمَّا في قلبه، بل يُحاوِلون تغييبَ كل ذلك، باستحضارِ عفاريتِ الإنسِ والجنِ لإقناعِه...!
....................
لذلك فلا عَجَبَ أن يدورَ الإعلامُ في حلقةٍ مُفرغة، يبدأُ من حيث انتهى، وينتهي إلى حيث بدأ، لأن الـمُعلنين حكموا وتحكَّموا، وأمروا ونهوا، وجمعوا وفرَّقوا، ولموا ولملموا، ولا فرقَ بالنسبةِ إليهم، في ما يُقدَّم للناس، بين القِيم واللمَم، ولا علاقةَ لجوارِحهم بالجُروحِ التي تَــنْــزِفُ ومازالت وستظل...!
....................
ولأن فَـضَّ الاشتباك، بين الإعلانِ والإعلام، أصبحَ مُستحيلاً، فإن وعيَ الناسِ هو الـمُنقِذ، وفهمهم ما يدورُ حولهم، ويُحاكُ لهم، هو الأهم، وتفهمهم لطبيعةِ الرسالة، ومتى تُرسَل، وكيف تُستقبَل، بتحكيمِ عقولِهم، هو طوقُ النجاة، مهما ضاقَ الخناق، واشتدَّ العِراك، وعلَت الأصواتُ النشاز....!
....................
لابد من فَهْمِ العلاقةِ التي لن تنفصِم، بين الإعلان والإعلام، كي يتعامَـلَ الناسُ معهما بمنطق، ويحتكِمون في اختلافاتهم، للكتاب والسُّنة، لا لشخصٍ مهما علا، ولا لرأيٍ مهما كان، لأن آفةَ الرأي الهوى، وقد أصبحَ الهوى واضِحاً كالشمسِ في رابعةِ النهار، بعدما هوى في هوةٍ سحيقة....!

فَرْحَةٌ عَذْراءٌ............... بقلم : هيام الشرع // العراق



رَضيعةٌ تِلْكَ الفرحةُ...
لَمْ تُفْطَمْ بَعْدُ
منْ نَهْدَيِّ الأماني..!
أسْرابٌ مِن الفَراشاتِ
يُهَدْهِدْنَها..
يَهْمِسْنَ شَوقاً وحُبّاً
وَيَجْمَعْنَ لَها
مِن الرَحيقِ عِشْقاً...
سَأُراهِنُ على عُذْرِيَّتِها
بِقُبْلَةِ الخُلودِ ..!

جَديلَةٌ منْ طُهْرِ أَمَلٍ
تَمَدَّدَتْ...
فَوْقَ جَبينِ التَضَرُّعاتِ
لا يُشَاكِسُها
سوى غُبارِ التَحَدِّياتِ
أيُّها الطائِرُ الغِرِّيدُ
الذي أَبى أنْ يُهاجِرَ
مَعَ سِرْبِهِ إلى مُدنِ الخيالِ؛
اِحْمِلْها في صَدْرِكَ
كَحَبَّةِ قَمْحٍ
سَقَطَتْ مِن الجَنَّةِ
وَاذْرَعْ بها
فَناراتِ الحُبِّ...
لا تَسْقِ ظَمَأَها
بِقَطَراتٍ منْ غُيومِ التائِهينَ
ولا تَمْرُرْ بها
على نُعوشِ سُوقِ النخّاسينَ
تَنَفَّسْ مَعَها طَريقَ العَوْدَةِ
ولا تَدَعِ الأقدارَ تَتَصادَمُ
واَجْعَلْ ضَوْءَ مَسارِكَ
شَجَرَ الحَنينِ ..


6/2/2017

سأغني الهوى بأقلامي.............. بقلم : عبد القادر زرنيخ / سوريا



(نص أدبي).....فئة النثر.......
.

.
سأغني الهوى بأقلامي

كما غنى الشعراء أحلامهم وآلامهم
سأغني قافية الإنطلاق....لعل آمالي تلد أحلاما متحققة
وأرى شموع السعادة تضيء صفحاتي
أيها الفرح إقترب مني فقد سحق الحزن دفاتري.
.
.
سأغني دروبي التائهة فقد أضعت مصيري

لعل عيني تقر بميراث الكبرياء
وأبلغ أمجاد الزعماء
لعل قافيتي تسمع
لعل حروفي تنقش
لعل كلماتي تكتب.
.
.
أغني يازماني مشاعري الدفينة وواقعي المهمش

لعل صفحاتي تبلغ مراتب العالمية
عندها سيعرف التاريخ تاريخي
وستعرف الحضارات لغتي
إنني من أرض الشام الأبية
ومن اللاذقية مهد الأبجدية
سأغني وأغني
لعل آهاتي تتوحد ولغتي
لعل مشاعري تتآزر وصفحاتي
لعل المجد يكتبني بين حضارات الأمم
وتتغنى الأبجديات بقافيتي......
.
.
سأغني

أنا رجل أثقلت الأيام كاهله
لايعي الغربة وظروفها القاسية
أنا من قاوم الصبر حتى ولدت كلماتي
من.هنا ولدت كلماتي وصاحت أقلامي
أيها الشاعر
سيصل الحب دارك
والسعادة واقعك
والتوفيق دربك
والجمال أحلامك.
.
 

سلام لدم الشهداء.................. بقلم : رضا الموسوي / المغرب

سلام الشموخ لجبال الريف الراسيات .. سلام الوفاء لرجال الريف القابضين على جمر التراب .. سلام لنساء الريف و وجع المخاض ما غادر حشا العز لحظة .. سلام لك ايها الامير المغدور و كل الوطن عجز ان يحضن رفاتك بعد الف عام من رحيلك .. سلام لروحك الطاهرة سيدي و مولاي عبد الكريم الخطابي .. سلام لدم الشهداء ..... 

جميل انت
ايها التراب المنتفض في وجه الجلاد ..
جميلة انت
ايتها الارض التي انجبت عبد الكريم ..
جميل انت
ايها الوطن الساكن قلب الحشا
انت من يملأ عيون الاحلام ..
جميلون انتم فقراء وطني ..
دموعكم السلوى في زمن المحن
أقسمت بصهيل الوعد
الموشوم
في جبين الامهات
اقسمت بالدم
المصفوف
حمما
من نار الثأر
اقسمت بالحسين
بكربلاء
اقسمت بالخطابي
بانوال
اقسمت بالرعود
برفاق الطريق
اقسمت بحبيبتي
المتأهبة
في كبد الريف
هذه الارحام
ستنتفض
سنابل
من رصاص
من قذائف
من زهرات
من رقصات بلادي
هذا الليل آن له ان ينجلي
و آن للفرح
ان يخرج من اسر الجلاد
آن لزغرودتنا ان تصم الآفاق
جميل انت ايها الوطن
المرهون في اغلال الوطن
جميلون انتم رفاقي
وزناد القلب لا يعرف الصمت
أقسمت بكم
انكم البقاء
و انكم العهد
انتم الوطن
 

ليلي ................. بقلم : راسم إبراهيم // العراق


ليلي لم يلهث بعد
يفجر أشلائي
يوقدها وميضا
من الصمت
وأنت الغائب لا تبالي
وأسمك يحمل أسمي
فتعال....
نعانق الليل بالهمس
فمقام الجبال السكون
وأنت تشعل رمسي

ومضات...

مواقع التواصل ............. بقلم : احلام ملحم / سوريا


عروش فضاء
عالم يعيش حباً ماكر الأفراح
مدناً من الحب
مشيدة فوق الماء
ومن شرفة الهروب إلى القمر
أهرول إلى كوكب الحلم
أنادي الحب
أطرد الحبيب
أعزفه على أصابع الحروف
نتعارف بلا صوت
وبلا شفاه نقرأ
بلا أصابع نمسك الأيدي
نلتقي على ذاك الجسر الأبجدي
نرسم هالة من الحب مغمضة الألوان
لأن الحب تدفق ضوئي
من غير اتجاهات
نفهم نبض اللغات
نسافر مع عبق الكلمات
نتفاعل مع الٱ هات
أمنيتي أن نظل نغرد للحب
ونرتكب الصدق
في مملكة التقاليد العفنة
أعذب المعزوفات
التي ينتحبها ناي القلب
بعيداً عن قصب الرياء
أعبر سنين العمر
وأسمح لطفلتي المختبئة في قلبي
أن تخرج
بين الفينة والفينة
رغم أنها تشعل في قلبي
طابور وجع لاينتهي
على طفولة مشردة
وقلوب تائهة على رصيف ماء
يصيبني الإعياء
في كل مرة أخرج فيها
إلى رمل الشاطئ
خوفاً من أسماك القرش
والحيتان
فأعودإلى قوقعتي
لأغازل قوقعات أخرى
على متن حروفي.
لنكتب حكايا
الزمن الأسود
على أجنحة أرواح طائرة
تغرد خارج الجسد
هاربة من أفواه الموت
من تيه. لايجدنا
مع أسرار الأعماق
وجموح الأمواج
دون أن تضل الطريق إلى القمر

  5\ 2\ 2017

استراحة محارب (خاطرة ).................. بقلم : عبدالزهرة خالد // العراق


 


استراحةٌ خلف متاريس أكياسِ الرملِ وسلاحٌ مركونُ على غبارِ الرجوعِ ، القرفصاءُ هي عادةُ الجلوسِ فوق العشبِ اليابس ، أزيزُ الرصاصِ يدنو من اللحنِ الصافي في الأذهانِ ، أبداً لن تقتل الأصدقاءَ الطلقاتُ المندفعةُ بكلِ عنفوانٍ نحو القلوبِ والأبدان٠٠
ربما يعجبُ المساءُ لوناً آخراً قد يبدو غريباً بعض الشيء
في إصفرارِ قناديلِ الليلِ كشحوبِ الوجناتِ عندما أتعبها
السهرُ من آلامِ الضرسِ والركبةِ على حدٍ سواءٍ٠٠
تهبطُ النجومُ خلسةً خوفاً من أطفالِ المدينةِ النشطاءِ
تجوب حولَ أسيجةِ المعاملِ وآلات الثلج المباح بيعه على الأفرادِ ٠٠
يهون على الحوذي ضرب الجوادِ بسوطٍ من قشٍ مغشوشٍ لا يحمله الكفُ فقد باعه في سوقِ النخاسِ مع الجواري المعروضةِ للبيع على الأمراءِ فقط وتيجانِ الأجناسِ٠٠
ينتظرُ ساعةَ الصفرِ ليطلق عنانَ ملعقته البلاستيكيةِ
لتغرفَ لهُ أولَ غرفةِ رزٍ يدسها بلا أكتراثٍ من رملٍ متطايرٍ
أو أعوادِ صناديقِ العتادِ وأن وقودَ عجلاتِ التموينِ لا تبخلُ بتوزيعِ قطراتِ من الزيتِ أو بترولٍ راكدٍ في قعرِ الخزان ٠٠
يتركُ خوذتهُ جانباً غير بعيدٍ عن ركبتيهِ ٠٠ تذكرَ طفلتهُ الأولى وأبنه الأصغر وأمهُ المحمولة على أسرةِ الموتِ الخاملِ ، زوجته نالَ التعبُ منها أمتصَّ كثيراً من حواشي المقلتين وبعضاً من تضاريسِ الخدين ، لم يبق أثرُ قبلةٍ كان قد أودعها قبلَّ الالتحاقِ بفوجه المغادرِ مسرعاً الى حدودِ السلامِ المنفيةِ فوق خريطةِ الطريقِ قبل عودته للحياةِ مرة أخرى ٠٠


  ٧-٢-٢٠١٧

صدى الأوتار ................ بقلم : ضمد كاظم الوسمي // العراق



كوني لِشِعْري عَبْقرَ الْأسْرارِ
يأتيكِ مِنْ قلْبي صَدى الأوتارِ
أنْتِ الفرائِضُ والنّوافلُ والدُّعا
وصَحيفةُ النّاموسِ في الْأسْفارِ
ويَمامةٌ برّيّةٌ بينَ الربى
دارتْ على الخُلْجانِ والأنْهارِ

*******************
لوهِمْتِ في كلّ الْأراضي والسّما
وبَنيتِ أعْشاشاً فعشُّكِ داري
مَهْما زهَتْ وتضوّعتْ أورادُها
فالرّوضُ لي والعطْرُ مِنْ أزْهاري
أو تَدّعي نَظْمَ القوافي في السُّها
عجَباً لها أفما رأَتْ أقْماري
كيفَ النّجومُ قدِ انْطَوَتْ في شَمْسِها
واللّيلُ ليلي والنّهارُ نهاري

*******************
عيناكِ سهْمُهُما أصابَ حُشاشَتي
بلغَ الدِما وأتى على الأبْشارِ
في كلّ أشْعارِ الغرامِ وجَدْتِني
فتّشْتُ عنْكِ جوانِحَ الأقْدارِ
فعَزَفْتُها ترْنيمةً للمغْتدي
ووَصَفْتُها كتَميمةٍ للسّاري

هاك قلبي ( نص نثري )................... بقلم : أمال الخضراوي / تونس

 هاك قلبي وأزرعه حيث شئت بعيدا عن أضلعي فقد سئمت نبضه الشارد خلف خطى طيفك . هاك روحي فما عادت تتنفس إلا هواك ولا تشعر إلا بوجودك ،خذ روحي ودعني منك أتحرر ، يا ساكن الفؤاد وفي وصالنا لا ترغب لما لا تهجر الكيان ودعني من سجنك أتحرر ؟ أيها الساكن في دقائق عمري لملم ساعاتك من زماني وأرحل كفاك تجوالا بشوارع الذاكرة و تسللا لمدن أحلامي قد غيرت قوانين حياتي ومسار نبضي فكفى عبثا بإحساسي وعزفا على أوتار قلبي . يا أنت أيها السائر بروحي و بأوجاع روحي من جفاك لا تعبأ خذ خطاك الواهمة ودع أرضنا وأرحل خلف السراب إتبع هواك و إستنشق عطر الورود غادر خلف رقصات الفراشات وتناسى أوردتنا التي قطعتها بيديك . قف حيث أوصلك غرورك وأنظر خلفك ...لازلنا نحيا رغم جراحك ...صدقنا كان لنا دواء إرحل ~

عندما يُخطئني الموتُ.............. بقلم : أحمد بوحويطا أبو فيروز / المغرب




عندما يُخطئني الموتُ أُهنئني و أقولُ
ماتزالُ هناكَ قصيدةٌ أُخرى
فلي في عينيكِ ما يكفي منَ البراءةِ
لكي يبقى حنيني إليكِ على قيدِ الحياةْ ‍
مُعافى ، أرجوانيَّ الإشارةِ ، سماويَّ البشارةِ
أشمُّ فيهِ وشمَ يديكِ الخُزاعيتينِ
فهو أشدُّ غوايةً من رائحةِ البنِّ صباحاً
أطلُّ منهُ على ألمي ، رأيتُ شبحي يهرولُ خائفاً
رأيتُ صومعةً نامتْ على ظلها ... طارَ الحمامْ

عندما يُخطئني الموتُ أعاتبني وأقولْ
كانَ يمكنُ أن لا أغبطَ طيورَ البجعْ
و هي تغادرُ موطنَها
إذا لم يهبها غيرَ الوجعْ
كان يمكنُ أن لا تكونَ أيها الحبُّ مزمناً
و أن لا أكونَ مدمناً على وجعِكْ
كان يمكنُ أن نقتسمَ فائضَ فَيْءِ الصنوبرِ
و ابتسامةََ بائعةِ الجِعَةِ بالتقسيطِِ و نسألَها
هلِ الكمانُ أشدُّ كفراً و نفاقاً أمِ النايْ ...!
و نحن ذاهبانِ إلى ليلنا الخاصْ
سيعفيني وجهكِ من ضوءِ القمرْ
لأقولَ في عينيكِ قصيدةً بلغةٍ لا تقالُ بالكلامْ

عندما يُخطئني الموتُ أُهنئني و أقولُ
لي غرناطةُ الحلمُ المتألمُ المتكلمُ
بسبعِ مفرداتٍ منتقاةٍ بأمر اللهْ
و لي غصةٌ في علمٍ في شامةٍ
تربعتْ على خدِّ الشامْ
و زواجلُ لاستفسارها في رحلةِ الصيدِ
و لي حقوقُ تأليفِ المعلقاتِ وحَصانةُ الحصانْ
و قمرٌ فضيٌّ يحرسُ غيبتي في الخيامْ

عندما يُخطئني الموتُ يُخجلني
كلما وبختُ وجعي ذكرني بأندلسي
فأخجلُ منْ بكاءِ صفصافةِ حينا علينا
و يخجلُ الخجلُ منكِ و مني
حينما تخطئُ يداكِ في كتابة إسمي
فأنتِ من أعدَّ لجرحي متكأً و أوقدَ النرجيلةََ
و أعدتِ عقاربَ الحبِّ للبدايةِ
و صلبتِ حذاءَ حريتي
فكيف تنجو بجلدِها من شبحٍ يلاحقُها في المنامْ ...!

و مازالَ الموتُ يُخطئني و أنا أُهنئني
مادامَ لفرحتي وقتٌ لكي تجهشَ بالبكاءْ
و مادام لي أقولُ متسعٌ في القصيدةِ
لكي أبني ورشتينْ
ورشةً لمناقشةِ أسبابِ القيامةِ
و أخرى لتحسينِ نسلِ إناثِ الحمامْ

قبلَما يَجيئني الموتُ بأقلَّ من قصيدتينِ
أو أقلُّ قليلاَ
إذا رأيتَني قالَ في أقاصي حلْمكَ عابراً
فانتظِرني ريثما أُنهي خلافي معي
قلتُ و بعدْ ، قال حتماً سأعودْ
يا موتُ قلتُ لا تكنْ قاسياً
إنكَ تؤلمني و أنتَ تَحقنُ جسدي بالعدمْ
لا تكنْ أنانياً ، أعدني لأم الغرائزِ
قلبي نسي مهنتهُ ، سمعتهُ يهذي ...
أدخلوا زرقاءَ اليمامةِ كي تودعني
و بعدها خُذوا فرسي ، خُذوا كلَّ جهاتي
فقط أعيدوني إليَّ ، أعيدوني إلى زمني
قالَ هيتَ لكْ
- بعد صرخةِ الإقامةِ و زفَّةِ القيامةِ -
لقدْ هيأتُ لكْ ... متكأً من شرشفِ الغمامْ .


شكوى...و ذكرى ................ بقلم : سفيان آلسبوعي / تونس


و لعل ما نحسبه سوف يكون
ثمرة ظن....في تيه العقول
و لعل ما نأمله صعب تحقيقه
بين خطوب دهر سوف يطول...
و لعل ما آستصعبناه سوف يكون سهلا
و حسبك....كل سهل فيه تعقيد الأمور
فكن حذرا يا آبن آدم....و لا تنثني
فخطوب الدهر في تغير و مزاج كسير
و لا تأمن حلو الكلام...و لو كان
كشهد مذاقه في لحظة حبور...
و إن صادفتك مواقف كتقلب الدجى
فسوف تجيبك الأيام و لو بعد دهر عسير


ياوالدي.............. بقلم : رحيم الربيعي // العراق

  
يشكو اللَظى قلبي بفقدكَ إنهُ
لازال َ حتى يو منا يكويني
ياوالدي حل َ الفراق ُ وماضياً
كالسيف ِ بالأحشاءِ كم يدميني
تأبى المنيةُ أن تكونَ عدوها
وبصحبةِ الآلآم إذ ترديني
ياخيمة الله التي نأوي لها
أضحت خراباً والأسى يؤويني
فيكَ الأبوة بالشتاتِ تجمعت
سر الحياة وفيضها تعطيني
يبقى عطاُؤكَ ياأبي متورداً
يكسو الثرى بالياسِ والنسرينِ
كن في جوار الله خير مجاورٍ
وأهنأ هناك بروضة ومعين ِ

  ٢٠١٧ م

بلا أمتعة.............. بقلم : مجدولين سيريان / سوريا


توقفْ ...
أفرغْ جيوبَ نبْضِكَ
منْ لهْفَتي
و منْ دفءِ همساتي
أعدْ إليّ روحاً سَلبتَها ،
كيفَ أكونُ بلا روحي ؟!!
صدى ضَحِكاتي
صوري
على جُدرانِ ذاكِرتِكَ
إقْتَلِعْها
إنْ اسْتَطَعْتَ ...
و ارحَلْ ..... بلا أمتعة .

٨ / شباط / ٢٠١٧

أَمَانِي مُبَلَّلَةٌ ............ بقلم : بوشعيب العصبي / المغرب



💐
وَيَحْدُثُ أَنْ أَجْـــــــــنِي عَـــلـَيَّ نِكَايَـــةً
بِنَفْسٍ أَرَاهَا مِـثْــــلَ طـِــــــفْـلٍ مـُدَلَّـــلِ
💐
تُطَــــارِدُ أَمْوَاجَ السَّـــــــرابِ بِنَــظْـرَةٍ
تُـطِــلُّ كَــأَزْهَـــــارٍ بِشُرْفَـــةِ مَــنْـزِلِ
💐
أَقُــولُ لَهَا إِنِّي تَعـِبْـــــــتُ ألا كَــفَى
مِنَ الْمَشْيِ خَلْفَ الْآلِ كَالْمُتـَسَـــــــوِّلِ
💐
مَنِ اعْتَادَ أَنْ يَمْــشِي عَلَى قَدَمِ الْحَـــفَا
تَضِيـــقُ بِهِ حَـتْمًا رَحَابَــــةُ أَنْــــعُــلِ
💐
شَرِبْتُ مِنَ الْغَيْــــــمَــــاتِ حَتَّى تَبَلَّلَتْ
أَمَـــانِيَّ فِي هَذَا الشِّــــتَــــاءِ الْمُؤَجَّــلِ
💐
لَقَدْ عِشْت كَالْأَغْـــرَابِ دَاخِلَ مَوْطِـنِي
وَمِتُّ مِرَارًا مِنْ صَقِــــــيعِ التَّـــــحَمُّلِ
💐
أَكَلْتُ جَبِـــيزَ الْأَمْسِ فِي بَلَدِ القِـــــرَى
وَنِمْتُ عَلَى عُشْبِ الْوُعُودِ الْمُبَلَّـــــــلِ
💐
عَجِبْتُ مِنَ الدُّنْيــَا وَكَيْفَ تَحَمَّــــلـَـــتْ
ضَجِيجَ رَصَاصٍ فِي مَدينَةِ عُــــــزَّلِ
💐
عَجِبْـــــــتُ- بِحَقٍّ- مِنْ يَدَيـْــنِ لِحَاكِــمٍ
تَجُزَّانِ آمَـــالَ الضَّــــعِيفِ كَمـِقْصَـــلِ
💐
رَكِبْتَ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَــــــاةِ مَسَــــافَةً
وَلاَبــُدَّ مِنْ يَــوْمِ النُّـــــــــزُولِ لِأَسْفـَلِ
💐
فَمَا هَـــــذِهِ الْأَيَّــــــــــامُ غَيْرُ سُوَيْعَـةٍ
تَمُـرُّ مـُـرُورَ الْفَـرْحِ دُونَ تَـمَـهُّــــــلِ
💐