الخميس 08 يناير-كانون الثاني 2015
هناك علاقة جدلية بين المنجز الإبداعي وجماليات الحياة المتعدّدة كالحب والسلام والطبيعة، وكثير من المبدعين صوّروا لنا الحياة بجماليتها وعذوبتها من خلال أعمالهم الفنية في المسرح والرسم والأدب والشعر؛ ولكن الشعر كان أكثر حضوراً ومميزاً في المشهد على اعتباره أكثر التصاق بالناس، وأظهر الشعراء إبداعات من خلال تصويرهم عالماً افتراضياً أو رفضاً للواقع وخلق واقع مغاير، وهذا ما نجدْ في نصوص الشاعرة الكردية كه زال إبراهيم خدر..
أهديكَ ثلاثَ ورداتٍ منْ حدائقِ عشقي
الأولى كيْ ترقصَ على يديْكَ
والثانيةَ لشفتيْكَ كيْ تغنّيَ بها
والثالثةَ لعينيْكَ حتى تمسحَ بها دموعَكَ
كيْ تعرفَ أنَّ حديقتي
لا توجدُ فيها يدٌ لسفكِ الدّماءِ
لا توجدُ فيها شفةٌ للغضبِ
ولا توجدُ فيها عينٌ للبكاءِ
تظهر الصورة الفنية في هذا النص من خلال وصف الشاعرة لحياتها التي مثّلتها بالحديقة تعطي الزهور والدلالات في كلامها وهو أن الحب عندها مشروع بديل عن الشر وسفك الدم، وهذه المفاهيم الجمالية تنبع من الذات في داخل المبدعة، حيث تجد روعة الوجود بعيداً عن الخراب والقتل وقد اشتغلت على بنيوية موحّدة وحافظة على الإيقاع الداخلي للنص:
بغيمة حمراء أرسم حرية الحياة
بأعماق قلوبكم الشبقة
كدغدغة مطر
املأ وطني بالألوان
تحت ظلال قدّك
ألوّن شفاهك بزهر الرمان
بخط يدي أرسم ضاب جراحي
النجمة أحوّلها إلى ضوء
أصنع بها غابة خضراء
أجدل ضفائر الشمس
توظيف جيد للمفردات من خلال تعبير الشاعرة عن حبها وابتكارات شعرية جعلتها تصوّر عالماً مغايراً كغيمة حمراء ولون شفته كلون زهرة الرمان، وهذا الطرح خيال إبداعي، وكما يقول ايلمان كراسنو في كتاب الحداثة الجزء الثاني إن الانشغال التام بالخيال الإبداعي هو أحد السمات المميزة للأدب المحدث يرجع اهتمام الفلاسفة بالخيال الإبداعي إلى القرن الثامن عشر، وقد اهتم الكثيرون من المبدعين بصناعة الخيال ويكاد لا يخلو نص إبداعي، أياً كان من الخيال، بل أصبح الخيال أحد مقاييس الإبداع.
أنا قبل أن أعرفك
رأيتك في أحلامي الواعية
أنا قبل أن أعرفك
اشتقت لرقصات أصابعك الحانية
وعشقت عينيك
المليئتين بالحب
وقسمات وجهك الزاهية
أكثر ما في شعر الشاعرة الكردية كه زال إبراهيم خدر الشفافية والرومانسية؛ فهي تبحر بالمتلقي إلى أبعد ما يكون من خلال تمردها وهي تمارس طقوس الكتابة بحب كبير، إن الشعر عند كه زال أشبه ما يكون بثورة عاطفية أو عاصفة وجدانية تخرج منها على شكل نصوص وهناك جوانب إبداعية في منتجها حيث تعبّر عن عشقها الأزلي لشخص وكانت تشتاق لرقصة أصابعه؛ كل هذه الجماليات تجعلنا أمام مشهد شعري رائع وقدرة في الخيال:
عاهدت نفسي
ألا أشم أبداً وردة
لا تكون رائحتها كرائحة
أنفاسك
ولا أشرب من ماء
لا يكون حلواً كحلاوة دمائك
ولا أرتاح تحت ظل شجرة
لا تكون بقدر قامتك عالية
ولا أقبل ضوء شمس
لا يكون بقدر عيونك جميلة
ولا بقدر نضارة وجهك بهية
إن طابعاً جميلاً في كلماتها مع توحُّد الفكرة التي لا تفارق مخيلتها الحب والحبيب الذي تصفه كل مرة بشكل جديد لتعطي أسلوباً مغايراً وقد عرفنا عمق اشتغال الشاعر على موضوع واحد لكن بطرق عدّة وانتقالات متنوّعة مستخدمة كل قدرتها في الكتابة الشعرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق