أبحث عن موضوع

السبت، 24 أبريل 2021

حبيب الأرض .............. بقلم : نصيف علي وهيب // العراق



علمني حبيب الأرض أبي، إن ال(لو) حرفان، لا تهملْ اِستحضارهما في الظلمةِ قمراً، أنِرْ بهما حُلكة ليلك، فالليلُ طويل، عائِقُ الفجرِ غيمةٌ، حبلى بالمطر، غيثُكَ حرفٌ، يروي هذا السطر حكاية، بين السطرين رؤى، دعِ العيون ترى المشاعر، فضيةٌ من انعكاس الشمس، لوحيد الأرض قمر.


202‪1/4/22

( تكامل ـ تناصي ) مع نص ( انتماء سومري ) للشاعر باسم عبد الكريم الفضلي




 اروع ( تكامل ـ تناصي ) مع نصي ( انتماء سومري ) ما ابدعته الاديبة السورية جوليا علي ، في نصها المذكور ادناه بعد نصي التالي :

( انتماء سومري )

ـ من انتِ ؟

ـ قدَر ..

ـ لمن انت ؟

ـ لبردية* اول ابتسامة على ثغر الزمن

ـ اين انت ؟

ـ في اعمق بقعة ضوء .. فيك

ـ من يفنى ؟

ـ من لايعرفني ..

ـ من يخلُد ؟

ـ من يلقاني ..

ـ أوَاذكرني ؟؟

ـ فأنت عرفتَني ..

ـ اوَ انساني ؟

ـ فأنت ملكتَني ..

ـ اوَالقاني ؟

ـ فأنت اوجدتَني ..

ـ لكنكِ امل 

ـ فانت رسمتني ..

ـ انا وحيد

ـ معك كلي

ـ مخذول

ـ دونك جناحي

ـ انتِ عرشي 

ـ وانت مملكتي

ـ لقد عرفتُني .....

ـــــــــــــــــــــ

*البردية : لها في الحضارة السومرية

اثر كبير في مجال البناء وتشييد البيوت وغيرها

.........................

نص الرائعة جوليا 

*************

اسمح لي، أستاذ باسم القدير بهذا التناص لشمولية الانتماء:

"انتماء سومري فينيقي"

- من أنتِ؟

- كونٌ..

- لمن أنتِ؟

- لأول أبجدية* على جبين الشمس

- أين أنتِ؟

- في معناكَ

- من يجهلني؟

- من لا يقرأ

- من يقرؤني؟

- لا إلاكَ..

- أوَ أمحوني؟

- أبَدَ مِدادي ...باقٍ

- أوَ أكتبُني؟

- فأنتَ حروفي

- أوَ أخلّدُني؟؟

- فأنتَ رقيمي

- لكننا محضُ ألفٍ..و ياء

- نحن أزَلُ البدايات..وأبدُ النهايات

- إذاًفلقد عرفتُنا..

- نحن أبجدية الشمس؛ نصوغ معنى الوجود بسمو الانتماء

* أول أبجدية: المقصود بها أبجدية أوغاريت/ رأس شمرا/ سورية..وهي أول أبجدية عرفها التاريخ.

عبثٌ.. خلفَ ستائر الروح ............ بقلم : علي سلمان الموسوي // العراق


يأتي اللاشيء 

صوبَ العزلةِ الخاليةِ

على هيئةِ أرضٍ جرداء..

وأنا الخائفُ من غيابِ السماء 

تأتي على أصابعي

حواراتُ البردِ والنار

وفي قلبي رحلةُ بحّار

للكشفِ عن شهودٍ..

لا شهادات

وعيناي بركةٌ سمراء

عشقت مصبَّ النهر

كانت ملتقى الروحِ والمطر..

وعلى سواحلي حرّياتُ العدم

تستوي بألغاز البحر

نتساقطُ عراةً راقصين

كالحرمل المشوي على مناقبِ الجمر ،

الحورياتُ المقصوراتُ

واللونُ البنيُّ المندهش

في أساطير الضباب

والنجومُ الغجيراتُ

أحلامٌ ضائعاتٌ على صولة القمر..

كلُّ البشر غرباء

وكلُّ الأشياءِ محاسنٌ..

وقبائحٌ..

وأشلاء..

لا ينتمون إلى خارطةٍ ولهى

ولا حتى وميضٍ أخرس 

بل...حكاياتٌ خلفَ ألسنٍ خرساء.



عش قلبي ............ بقلم : عماد عبد الملك الدليمي // العراق



لقد أقلعت 

عصافير روحي

من عش قلبي

لتحط على 

عش قلبك المطار

فأنا ذاك العقاب

الذي تاه في

غيم حبك

وصار جفنه 

رهن الضباب

أأطير في ظلمة

التيه وانت الذي

نشرت في سماء

 ذاتي الضوء

وكنت من ذاتي

أنت ..انت 

الضياء


سفير السلام والمحبة

لوحة الحیاة............. بقلم : دلشاد احمد // العراق




ٲنتظرُ الصباحَ الجمیلَ بلهفة،لاٲخافُ من عقبات الطریق ولا من العواصف الهوجاء،ٲسیرُ علی عتبة الٲمل للوصول الی الغایة الكبری،مها طالَ الطریقُ وغطّی اللیلُ بدجاه ٲسواره لكنني لا ٲستكین ولن ٲستسلم لمحن الحیاة،ستشرق الشمسُ وٲنا علی العتبة ٲمشي ولا ٲلتفتُ الی الٲشواك التي تحاصرُ الورود،لٲن الربیع سیٲتي والٲزهارُ تمنحني لوحة الجمال علی الرغم من كثرة الٲشواك،مهما كانت الصحراء قاسیة و ٲرادت برمالها الجافة ٲن تعرقل مساري فلن ٲرضخَ لها وسٲستمرّ في طریقي وٲبقی في الحلبة وٲقاوم كل لكمات الحیاة.حتی لو ذبحوا كلّ طیور الحب وقطعوا ٲنفاسَ الینابیع وزرعوا حبوب الحقد في دربي لكنني سٲنظرُ الی ضوء الشمس الذي یخرج من بین هذه السحب السوداء وٲستقي منه كٲس التفاؤل لكي یتحقق الوصال.

إلى قطتي .............. بقلم : هاشم شويش // العراق

                   

حتى لو جننتُ

فلن أشهرَ سيفي

على حسناوات الساحة

ولن اخيف صغار القطط

سيدتي كفاك خبثاً

وما شهرت امامك سيفي

الا لأروض وحشك المجنون بالنرجس

لتعودي قطتي الوديعة

ويعود سيفي  لغمده .....آه

أيتها القطة كفاك مشاغبة

لهررة الحي بموائك العذب

من خلف الجدران

فالهررة لا تفهم بالزهور يا نرجستي




على ذمة الأنتظار............ بقلم : سليم الزغل_ فلسطين

 لمْ أزلْ على ذمة الأنتظار

فمتى ستصل الى

مدينة الياسمين

أنا هنا.. في دروب الغرباء

أنتظر وصول القطار

سافرْ اليَّ...

باتجاه الشمس

واسرج لدربي

رياح آذار...

الحراس نائمون

وأنا هنا على ناصية

قوس قزح...

والسوانح والغبار

وان سألوك من أنا

فقل:دالية البيادر

وشوق الهواجر

وصبر الديار..

لم أزل على قيد الانتظار

أُداعب الليل همساً

وشجوناً في النهار

أختلي نجماً تعلّىٰ

ورآني فتدلّىٰ

وامتطيت الريح فجراً

قد غدا دربي ودار

*********

الضفة الغربية



يا رجل ............... بقلم : ضمد كاظم الوسمي // العراق





 

ماذا أَرادَتْ بِكَ الْأَيّامُ يا رَجُلُ

يَا بْنَ السَّبيلِ تَعامَتْ دونَكَ السُّبُلُ

*

هَبْ وَدَّعوكَ وَما بُغْضاً قَلَوكَ وَقَدْ

 وَدَّعْتَهُمْ كَالْمَراثي بَعْدَما رَحَلوا

*

كَيفَ الْجَوانِحُ في النَّجْوى تُباهِلُها

مَنْ ذا يُناجيكَ لا خِلٌّ وَلا أَهَلُ

*

أَجْلَوْكَ عَنْهُمْ إِلى أَصْقاعِ بادِيَةٍ

لا أَنْتَ تَنْسى وَلا أَخْبارُهُمْ تَصِلُ

*

وَلا السُّرى بَلَغْتْ واحاتِها سَحَراً

وَلا أُنِيْخَتْ عَلى وِدْيانِها الْإِبِلُ

*

أَراكَ تَنْأَى وَأَرْضُ الرَّبْعِ نائِحَةٌ

وَأَسْيُفُ الْغَدْرِ في الْأَحْشاءِ تَعْتَمِلُ

*

سِتّينَ حَوْلاً ذَرَفْتَ الْعُمْرَ مُجْتَرِحاً

مُضْناهُ يا لَيْتَ جُرْحَ الْعُمْرِ يَنْدَمِلُ

*

تِلْكَ الْسِنونَ مَضَتْ عَجْلى إِذا ذُكِرَتْ

كَأَنَّها بُلْغَةٌ يَقْتاتُها النَّمُلُ 

هَلْ ضَمَّدَتْكَ بِأَيْدِي الرَّأْمِ رِفْقَتُها

أَمْ طارَدَتْكَ وَعَنْكَ الْأَمْنُ مُرْتَحِلُ

*

هَلّا عَلِمْتَ بِأَنَّ الدَّهْرَ آتِيُها

تَظُنُّهُ ذاهِلاً بَلْ أَنْتَ مُنْذَهِلُ

*

 وَشِيْمَةُ الدَّهْرِ أَنْ تَبْلَى الْحَياةُ لِمَنْ

بِالْأَمْسِ كانَ لَهُ في قابِلٍ أَمَلُ

*

وَلَمْ يَدَعْ لَكَ إِلّا الذِّكْرَياتِ مَتى

أَطْفَأْتَ ‘ أُخْرى تَلَتْها وَهْيَ تَشْتَعِلُ

*

هذِي بَقاياكَ قَدْ دارَتْ بِها مِحَنٌ

في أَيِّ أَرْضٍ رَسَتْ ضاقَتْ بِكَ الْحِيَلُ

*

رُحْماكَ دَعْ هذِهِ الدُّنْيا وَبَهْرَجَها

 ما فازَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لِلهِ يَمْتَثِلُ

*


انصهار(ق.ق.ج) ............. بقلم : فاطمة الشيري _ المغرب



استيقظت رغبة الرسم من أعماقه أحضر عدته. تأمل بياضا ينوي تغييره   بفرشاته غاص بين ألوان اختارتها يمينه عبثت بها يساره. طفا على سطحها.. وجد نفسه غريقا.

رثاء صخر .............. بقلم : نزار جميل ابوراس _ سورية



أبكي  ديارا و  قد   شبت بها   النار

فيها   تنادى     صناديد      و أحرار


أبكي رجالا   على   بيدائها   صمدت

قلاع   مجد    علا   أسوارها   الغار 


هذي الديار   بها   أحلامنا    ولدت 

روض   المعالي   زغاريد   و أزهار


واليوم  تبكي على  صخر   مضاربنا 

حل` البلاء    و مر`  العيش    إفقار


تبكي الروابي على صخر وكم فجعت

مع   كل   آه  بها    عزم   و  إصرار


أين الرجولة ؟!و    الأحفاد    تقصدها

لا لن  تذوق   كؤوسا   ملؤها   العار


غيث الشجاعة قد    روى     ضمائرها 

أحيا    نفوسا   شذا    الأحلام    إكبار 


نبكيه دهرا   و  ما   جفت    مدامعنا

صخرا  ننادي   صدى  الآلام     هدار


دمع  الرجال   لكم   ناءت   به  مقل

كيف التجلد   هطل   الجفن   مدرار


صهيل   خيل   وفي   ميدان  مرمحها

فوق    الأصائل   مقدام    و   مغوار


قيد   النوائب   كم     بانت   نواجذها 

تدمي    ليوثا    وناب  القيد    غدار


  صخرا  بكينا  لعل  الدمع   يسعفنا

في   فقد   صخر بكى  طير  وأشجار


 الحزن  حل`  فلم    تذو   مباسمنا 

نحن    الحياة   بثغر  المجد   أشعار 


أسد البوادي   متى لانت   عزيمتكم؟!

والكل    فينا    لعتم      الليل   قهار 


حتى الزروع   ذوت   حزنا ومن   ألم  

طبع   الزمان   به   يسر   و   إعسار


صخر الرجولة قد   أمسى   لنا مثلا 

 عند     الشدائد    جواد    و  نحار


كيف نبيت     على    ظلم   ومكلمة 

فينا  الأباة    على  أحزانهم   ثاروا


لقد     بكينا      لمرات    فواعجبا؟!

إن المنون   لها    بوح   و   أسرار


لقد رضينا بدمع العين   مع   رمد 

مهوى  النفوس بجوف الليل إبصار


حتى عجبنا  لم'    أقدارنا    جبلت 

على الدموع  وقد ضاقت بنا الدار


نحن   الذين   إذا   هبت  بشائرنا 

نسعى إليها  فما   للسعي  أقدار   




دربُ الدُّموعِ ..............بقلم : مصطفى الحاج حسين _ سورية


                 

تحتَ لُحاءِ الدَّمعِ أنتظرُ الدَّربَ

سيأتي إليَّ على أكتافِ اللهفَةِ

حاملاً بيدَيهِ ينابيعَ الأشرعةِ

وأجنحةَ الفجرِ

في عينَيهِ نوافِذُ ندى

في قلبِهِ أسرابُ ضوءٍ

الضُّحكةُ مزروعةٌ على جانبيهِ

الوردُ يَغُصُّ في رملهِ

والفراشاتُ تتقافزُ فوقَ مسارِهِ

سأركضُ على سِعَةِ انتظاري

أقدامي سَتَدُوسُ الأوجاعَ

أثقالُها مثلُ السَّحابِ

ترفرفُ في قاعِ اختناقي

تبحثُ عن نسمةٍ تسرَّبتْ مِنَ الوَطَنِ

بلادي بِلا طُرقاتٍ

بلادي بلِا جِهَاتٍ

بلادي بِلا أبَوابٍ

وأنا أِّطرُقُ جمرَ اللوعةِ

أنادي على حلمٍ تَسَلَّقَ انكساري

على فضاءٍ أكلتهُ الشَّواهقُ

وصارَ الكونُ قبرَ حنيني

وصارَ الشَّوقُ مَحبَرَةَ نبضي

أكتبُ نحيبي

على أوراقِ احتضاري *


                    

                             إسطنبول



إنَّ القلوب لأجنادٌ مُجَنَّدةٌ......... بقلم : جهاد ابراهيم درويش _ فلسطين

 

معارضة شعرية لأبيات للشاعر أبو نواس

إِنَّ القُلوبَ لَأَجنادٌ مُجَنَّدَةٌ

لِلَّهِ في الأَرضِ بِالأَهواءِ تَختَلِفُ

فَما تَعارَفَ مِنها فَهوَ مُؤتَلِفٌ

وَما تَناكَرَ مِنها فَهوَ مُختَلِفُ

……………………

لله قلبٌ وفيه الوجد يعتصفُ **

ما باله في سراب الوهم يُخْتطف

..

الدين والخلق عنوانٌ وبوصلةٌ

يا من يروم نجوم الحسن يقتطف

..

كم ذا نُؤمل في الدنيا ونطلبها

والعمر عمرك ما تجري به الصحف

..

ما من خلودٍ ولن يبقى بها أحدٌ **

غير السراب وكم يُجنى به الأسف

..

كيف السبيل إلى العليا أتدركها

إن كنت بالجهل تسعى منه تغترف

..

يا للخليقة عِلْمُ الناس يرفعهم **

مشكاته في دُنا الألباب تنصرف

..

تهدي الأنام لدرب النور قبلتهم **

كالبدر يضوي ظلام الليل يأتلف

..

يا دهْرُ عفوكَ أرواحٌ غدتْ جندا

بالودِّ تصفو وبالشحناء تختلف

..

( إنَّ القلوب لأجنادٌ مُجَنَّدةٌ )

طوبى لمن فيه هذا القول يتصف

..



ومضة .............. بقلم : جلال ابن الشموس// العراق

 


عندما ينادي المؤذن ساعة السحر: ( أشرب الماء وعجل )


فإني أرتشف من ثغرك قبلة لا أَظْمَأَ بعدها أبدا.



اكذوبةٌ ........... بقلم : آمنة ناجي الموشكي _ اليمن


 حرية الإنسان


هذا الغريب بموطنه

بلد المحبة

 والسلام


ومحاصرٌ

 في أرضه 

تحسوه 

خيبات الظلام


الجوع ينهش جسمه

وهو الصبور 


في موطنه 

حائر يثور


تهاه الزمان 

من الزمان


وطغى الكبار 

على الصغار


في الأرض

 لن تجدوا الأمان


في الأرض

 تبكي الكائنات 

بلا أمل

وبلا مغيث


استبدلوا الأفراح 

بالحزن المقيت


وتسلقوا كل

 الصعاب

تعلقوا 

في كل باب


سجنوا الجمال 

بلا تهم


ذبحوا الطفولة

 كالغنم


سحقوا الحياة

 ومزقوا


كل الحبال 

بسوء ظن


حتى العصافير

 إختفت

والزهر والورد

 الجميل


حتى الطفولة

 اختفت

منها ملامحها 

الجميلة


ماعاد فيها بسمةٌ 

ماتت أمانيها 

الصغيرة


كل الوجوه

 تجهمت

كل النفوس

 تحطمت

كل القلوب

 تكسرت

كل العيون

 تشتت 

في كل أرض


أين السلام العالمي

أو من تُرى يحييه 

من؟ 


الأمهات 

بلاوطن


الغانيات 

بلاسكن


الماجدات جميعهن 

في كل أرض 

بلا وسن


لا تسخروا

من الزمن


أو تشتكوا 

من المحن


هيا

 أفيقوا واسمعوا

هذا الخبر


إكذوبةٌ إكذوبةٌ 

حرية الإنسان



اليمن 21 ابريل 2021م

هذا كلامي ياصديقي............. بقلم : المصطفى المحبوب _ المغرب

 هذا كلامي ياصديقي..

ستضيع عمرك وأنت تفكر في الجلوس على كرسي شاعر... ستضيع متعا أخرى كثيرة وغير مكلفة...


لا تقتطع أجزاء من قلبك لبناء جزء

ساقط من حائط أو قصيدة ..

ستتفاجأ ، ستصاب بالدوار ..

ستدرك معنى الخيانة حينما تجدهم ملتفين حول أجزاء قلبك في حفلة شواء ..

ستدرك من جديد أن كل ما عرفته عن الشعر

كان مجرد خدعة وخيال..


أخاف أن ألقاها بشفة ناقصة

فكرت البارحة في الأمر كثيرا 

شعرت برياح تهاجم فمي الذي أصبح يشبه فوهة 

أنا مجرد رجل بسيط

لا أخطط كثيرا حينما يتعلق الأمر بكتابة قصيدة

لا أمتعض حينما تخدعني آنية طبخ 

لا أقضم أصابعي حينما أطرد من حديقة ..

أنا رجل بسيط جدا

لم تعد وحدة الموضوع تشغل بالي 

لم يعد للوزن نصيب وسط وجباتي المتنوعة

لم يعد أنين الليل يعني لي شيئا ..


لا أحتاج شهادات تقدير لأن سني لا يسمح بذلك

لا أتوقع أن تنال مني لعنة الحياة والكتابة

لا أريد أن أمتهن حرفا لا تناسبني

لا أريد أن أملك أرقام هواتف كثيرة 

لأن ذاكرتي ضيقة وضعيفة..


أنا رجل أفكر في التقبيل فقط ، 

لا أفضل أن أكون شاعرا 

لأنني حينما أتحسس شفتي الناقصة

أصاب أنا الآخر بالظلم وأشعر أني لم أنجح 

في ترتيب حكايات الحب والغرام ..

أنا كائن بسيط

سأسلم أمري لنفسي 

وسأفعل بشفتي الناقصة ما أشاء...





أشعر أني حمامة ............. بقلم : قمر صابوني _ لبنان

 أشعر أني حمامة 

أحتاج الهروب إليك 

على هدب النهار  

أنى يهبط لليل عينيك جفن

 رتلت رسائل الشوق..

ما من مسافات بيننا لأطويها

 كيف لا 

وأنا أعرج سدرة روحك 

غدوت بلا

             جناح ..!


قمر بيروت *



الموت _ ومضة ........... بقلم : لطيف الشمسي // العراق





 الموت

يتسكع في الشوارع

والبيوت قبور

الانتخابات .. والاعلام المهني /مقال ........ بقلم : سامي التميمي // العراق




للاعلام دور مهم وحيوي في توضيح المغزى والهدف من الانتخابات واهميتها على مختلف الجوانب السياسيه والانسانيه والتربويه والاقتصاديه ..

 ويلعب الإعلام دورًا رئيسيًا في إطلاع المواطن على الأحداث الجارية وزيادة الوعي بالقضايا المختلفة الموجودة في أي مجتمع. كما أن له دورًا هامًا للغاية في التأثير على وجهات نظر الجمهور وأسلوب تفكيره  . الإعلام هو الوسيلة الرئيسية التي يتشكل من خلالها الرأي العام بل ويتم التلاعب به في بعض الأحيان.  إذا كان هذا هو دور الإعلام في المسار الطبيعي للأحداث، فإن دوره يصبح أكثر حيوية في الفترات الاستثنائية التي يصبح فيها الإعلام أحد اللاعبين الأساسيين  . وتمثل الانتخابات تحديًا أساسيًا للإعلام  . حيث تضع حيادته وموضوعيته على المحك. مهمة الإعلام وبخاصة منافذ الإعلام الوطني، ليست أن يصبح بوقًا لأي جهة حكومية أو مرشحٍ  أو حزب أوكتلة بعينها . ولا ينبغي له أن يكون كذلك. فدوره الرئيسي هو تنوير وتثقيف الجمهور والعمل كمنصة محايدة وموضوعية للمناقشة الحرة لجميع وجهات النظر.. 

وللاعلام المهني  ادوارا مهمه يستطيع القيام بها بكل شفافيه  منها  :

- تثقيف الناخبين حول كيفية ممارسة حقوقهم الديمقراطية .

- تغطية تطورات الحملات الانتخابية .

- توفير منبر للأحزاب والمرشحين لإيصال رسائلهم إلى الناخبين .

- توفير منبر للجمهور لإيصال مخاوفهم وآرائهم واحتياجاتهم إلى الأحزاب والمرشحين وهيئة إدارة الانتخابات والحكومة وغيرهم من الناخبين وللتفاعل بشأن هذه القضايا .

-السماح للأحزاب والمرشحين بمناقشة بعضهم البعض بكل شفافية وصراحة . 

- تغطية الأنتخابات ومراقبةالنتائج و فرز وعد الأصوات .

- تمحيص وتدقيق العملية الانتخابية ذاتها . بما فيها إدارة الانتخابات لتقييم مدى عدالة وفعالية واستقامة العملية.

- طرح وتوضيح  المعلومات للمساعدة على منع العنف المتعلق بالانتخابات.


وايضا يمكن للاعلام المهني دور في تعريف الناخب وتثقيفه بأهمية التغيير والتطوير في عملية الانتخابات نحو الافضل باعتباره السلطه الرابعه وصوت من لاصوت له . ويضع في اعتباراته  اهم واغلى القضايا . المواطن والوطن..


وريقات_النبض ............. بقلم : اميرة ابراهيم _ سورية



تحت شجرة الزيتون تتعرى حروفي من صمتها الطويل، وهذه الأغصان الدائمة الخضرة تحثني على الإقدام.


تلغي زمن البرد والصقيع، فتتدلى ملايين الهمسات داخلي.


كالنّدى على خد الزهر أحفر الآه على جذعها بخنجر الألم، فتثور أغصانها ويدمع زيتونها.


هاهي الحبات تتساقط الواحدة تلو الأخرى، تتسلل داخل حلمي فتوقظ الحطب الميت داخلي.


تتناغم مع نبضي المختنق داخل عروقي.


وتلك الرعشة المهاجرة بعيدًا عن محبرتي وقلمي.


تمزق قميص الصّمت فينفتح الكلام في الشعر.

في فضاءات لاتتناهى،ليبيت في صفحات بيضاء،فينبثق فجر القصيدة.


لطالما حلمت بالنور،ينبعث من فم حروفي، فتولد ألف روح عاشقة، ماضية في قوافيها.


يخضر قلبي ربيع اللفتات، تسكره دنان بهائها وفتونها.

ويأتي المساء لأواسي روحي وأقول :

ماأجمل السكون داخلي حيث تظمأ الكلمات،فتخلق حروفي وهج الحب !



زيارة في زمن الكورونا "إلى روح العزيز محمود درويش"......... بقلم : عبد الحق شنوفي _ المغرب



من شرفة بيتي المطلة على نهر سبو الصمت سلطان المكان والزمان ،أشعة الشمس الأولى تغازل صفحة الماء، تقبله  بحنو ناعم كما لوكانت جدة تطبع قبلا على خد حفيدها الأول. تثاءبت طويلا، أحسست أني بين النائم والصحيان ،

أغمضت عيني في حركة سريعة أراوغ موجة من الشمس فاجأتني، هممت بالرجوع إلى مقعدي بالخلف ،أحسست بظل يقف ورائي، يضع يده اليمنى على كتفي في صمت، كان هادئا بابتسامة خفيفة . بذلته الرمادية الإيطالية الأنيقة ونظارتاه السميكتان ،هو !  ، أردت أن أصافحه فتذكرت أننا في زمن الكورونا . 

       سألته : أنت ؟! ألم تمت ؟! فأجاب بهدوئه المعتاد :

    -ألم تقرأ ما كتبت " قتلتني لكن نسيت مثلك أن أموت".  

ثم أشار إلى جداريته  ،وضعها على الطاولة وجلس ،أخذت مقعدي فأصبحت وجها لوجه معه ،غمرتني نشوة أحسستها لأول مرة ، فكر ت أن أصيح بصوت طفولي " محمود درويش " في بيتي ،ثم تراجعت سريعا عن الفكرة "إنها فكرة ساذجة"،وانتظرت أن يبدأ هو بالحديث .

انتظرت طويلا أو هكذا بدا لي ،كانت عيناه الشاميتان ووجهه الكنعاني يخفيان أسرارا كثيرة ،كسرت الصمت وأنا أرفع عيني باتجاهه " أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي.." ،أعلم أنك تحب القهوة كثيرا ،وأنا أيضا أعشقها ،تفضلها دائما في الفنجان الأبيض ،رددت كثيرا في شعرك  هذا اللون  ،أليس كذلك ؟

_بلى.

رنا إلي باطمئنان واسع ،وهو يقول اشتقت إلى السواد والبياض .

  أحضرت فنجانين من القهوة و جلست إليه ثانية، اعتدل ورفع رأسه في شموخ ،ارتشف رشفة من فنجانه ، وهو يقول               - العالم تغير قليلا .

 فأجبته  ألم تقل أنت :  " عم تبحث يافتى في زورق الأوديسة  المحطم ؟

   أبحث عن خاتم لأسيج العالم."

نحن اليوم نعيش وضعا استثنائيا يا محمود ،فالخاتم الذي كنت تبحث عنه في مديح الظل العالي ،وجدناه  ،فالعالم اليوم مسيج في معتقل طوعي.

 ابتسم ،وقال : 

 _اكتب .

قلت : ماذا؟ ولماذا؟ 

-أنا من تقول له الحرف الغامضات 

اكتب تكن !

واقرأ تجد!

- اكتب ،وسترى أن العالم سيتغير قليلا ، اكتب عن التحولات الحضارية ،عن الرأسمالية الجشعة ،عن الحروب بالوكالة ، عن جرائم مواقع التواصل الاجتماعي ،عن الشعبوية والتسطيح ،عن الأدب الرذيء ،عن النقد النشاز في زمن النفاق والبشاعة..

كان يتكلم بحرقة ،وهويحتسي ثمالة الفنجان ،ويطالبني بمزيد من القهوة ،توجهت إلى المطبخ وعندما عدت لأقدم له  الفنجان ،لم أجد درويش ،ولم أجد فنجان قهوتي ،وجدت مكانهما زهرة نرجس ،وقصاصة صغيرة ،كتب عليها بخط الرقعة الجميل :

               المجد للعدم 

               لمن هزم الشعوب والأمم

               وأوقف عقارب الساعة

                فرق بين الأشقاء 

                وبين الاخوة في المصالح 

                والاخوة في الرضاعة

              وحرم الصادقين والمرائين 

                من الصلاة في الجماعة

              المجد للعدم

                 المجد لكورونا الشجاعة.

                      القنيطرة ، مارس ٢٠٢٠



رحيل.............. بقلم : خالدية ابو رومي.عويس _ فلسطين

أرواح تتعارك 

أيها يصل عنان

 السماء

أيها يسافر مع الريح

وأخرى قابعة 

تنتظر خبر 

ترحالها



المــــــــغـــادر................ بقلم : المفرجي الحسيني // العر اق



 لمح، ثبّت نظره في المرآة،  ابتسامة مجهدة على محياه 

  بحث عنها عبثا،  لم تخرج من فمه 

  يحادث امه،  دون أن يلتفت 

  كلمات خالية من معنى

 بدلا من عبارات رقيقة هادئة؟

 فكره ، هاجس غامض

 أشياء قدرية محتومة 

  يغادر غير رجعة 

 لا يمل من تأمله 

  ابتسامة غامضة، ممزوجة بفرح وحزن 

 تلمع ببطء وهدوء على صفحة وجهه 

 داخل يعبر عن ذاته، وكأنه جزء من عملية رفض 

 يتوارى داخل روحه،  نوع من الحمق

  مستحيل،   ايماء خال من  معنى 

منشغلا البحث،  داخل افكاره ، افكاره منهكة 

 لم يستطع أن يقول شيئا اخر

  تصطرع في داخله رغبات فوضوية،  امتزجت بمخاوف  

 راغب في مداعبة قدره

 يتحقق تحت تأثير كلمات حائرة 

  يجول في الغرفة،  اعتراه توتر عصبي 

 لم يتمكن  العثور،  كلمات هادئة 

 مرارة مغادرة المنزل، ولدت كل احلامه 

 رعب  يحمله في طياته 

 أي تغير في نمط الحياة ، يملأ الروح 

 لم تعد الحياة سهلة، اشياء رهيبة غامضة  بانتظاره 

المدينة غارقة في الهجيع، 

  نوافذ تفتح للتو، تظهر وجوه مجهدة عيون خاملة

 تحدق لحظة تولد شمس رائعة 

التفت نظرة محدقا للمدينة واستطاع أن يلاحظ منزله محددا نافذة غرفته 

دخان يتصاعد من اعلى السطوح 

يحبس العالم الصغير لطفولته 

 حفظت والدته كل شيء،  لحين عودته 

 يستطيع أن يبقى طفلا، حتى بعد غيابه الطويل 

  امه تستطيع خداع ، نفسها العيش على امل عودته

الحفاظ على سعادةٍ انقضت  للابد

قبض على زمن هارب لحين عودة الفتى الآيب 

هكذا تعود الاشياء لسابق عهدها 

 يتابع سيره، المدينة بدت ضئيلة خلفه

 عمق يدوي صوت تيار هادر، اكثر يقظة 

  ظلال اشجار وتلال تتصاعد

  وصلت له هذه الظلال المتحركة، بدأت تبطئ سيرها 

 راغبة في اخماد نار حماسه 

 طريقه وعرا بظلمة بنفسجية اللون،  عدا بعض ارتفاعات الهضاب

  تسطع بحدةٍ اشعة الشمس

  فتحة بين التلال،  واشجار غارقة في القمة

 خلف منعرج ملتوٍ، بُعد مسافة لا يمكن تخمينها

  غارق في احمرار شمس الغروب

  بناء منعزل ذو لون اصفر، عصي عليه بلوغه 

دهمه الليل،  جاهد مسيره 

طريقه ضيق لا توجد  انوار

  لا اصوات عصافير ليلية، صوت خرير ماء  

ولم يكن رؤية نهاية الطريق،  يفكر في حياة تنتظره 

 يحس بغرابة تجاه العالم ، غارق في صمت 

 يكابد شعورا طاغيا بالاضطهاد 

 اتسعت مساحة الافق

  مرمى بصره بدأت تظهر أشكال مثيرة للفضول 

 البناء مجرد بناء، تعوي فيه الريح

 أي عزاء يحمله هذا البناء العاري 

 أي عزاء يذكره ببعض نواحي حياة حلوة، مدينة فارقها 

أي شيء في هذا البناء 

بغتة شعر بنفسه وحيدا، تلاشت حماسته 

 لحظة غادر فيها مدينته،  بيت مريح اصدقاء مغامرات

 شعر بتزعزع كيانه، ثقته بنفسه اخذت تتلاشى 

. آه ....العودة نحو بيته،  فكرة اولى  خطرت بباله 

 لا يهم  ضعفا بالنسبة أليه 

 يأمل بكلمة أليفة لطيفة تخرج من فمه 

 ابتسامة غامضة ممتزجة بفرح وحزن

 تلمع ببطء وهدوء على صفحة وجهه 

.دار حول البناء دون أن يعرف المدخل

 كل شيء معتم،  لا نوافذ

  لمح بصيص ضوء عند حافة البناء 

 لاح له خفاش يتأرجح متدليا من الظل المكتوم 

 عند اقدام جدار البناء برز رجل فقير ذو لحية رمادية يحمل كيسا

  لم يميزه بين  الظلال فقط بياض عينيه 

 قال : أنت المغادر؟ بنبرة طيبة محببة 

 كل شيء مغلق لا يوجد احد 

: عد يا ولدي  الى مدينتك ؟

 اعتراه شعور غريب

 قشعريرة سرت في كل اوصال جسمه 

 جاهد أن يصرخ،  اصداء  تدفع الاصوات

 قعد في المكان مسندا ظهره الى الجدار

 ينتظر أن يذهب عنه الروع ويغفو 

يفكر في طريق أتٍ  عليه قطعه، ناس يلتقي بهم

 حيلة مستقبلية دون أن يجد سبب الفرح 

 كل شيء  الرجل الفقير يعّبر عن ذاته

  جزء من عملية رفض

  ضد من ؟ أي خير غامض سري ؟

  يسمع  وراء الجدران صدى بعيد

 ضحكة بدت له غير حقيقية اطلاقا 

 اصداء روحية موغلة في العمق، تسقط من جديد

 غير قادر على فهمها واستيضاحها 

احيان عاش وحيد، حتى في طفولته

 تائها في الريف  المدينة ليلا   الشوارع المكتظة

 هذه الليلة ، قضاها في مكان مسندا ظهره للجدار 

 يشعر بالوحدة ، لم يسبق أن حدث له ابدا في يوم من الايام 

 مكان يبعث الى السأم، لا يوجد شيء جميل،   ساعات هنا

  يبدو الامر أمس، زمان استهلك نفسه،  عبر رتابته ثابتة

  نفسه بالنسبة لكل الناس 

 ليس بطيئا بالنسبة لمن هو سعيد

  ليس سريعا بالنسبة لمن ابتلى به 

 ما حدث منذ مغادرته مدينته

 سوف ينتهي  ليبدو حدثا من الحوادث الغابرة 

 يجري في غفلة منه تيار الزمن 

 ريح تضرب الجدران، القمر يسير بطيئا ،  دون أن يتيه لحظة واحدة 

 نفذ صبره من بزوغ الفجر، قلبه يدق بين ضلوعه 

 نهر الزمان فوق بناء يشقق الجدران،  ينثر غبارا وفتاتا من الاحجار

  يشحذ صخوره، عبث، يمر فوقه 

 بزغ فجر استيقظ الامل من جديد ، بدا  يملأه لذة  

ريح مازالت ترسل شكواها عبر الصخور 

بضع دقائق يسمع صراخ، ريح مبحوح،  وتأوه ،حياة عنيدة 

 يتصاعد من جدران، بناء تقادم الزمن عليها 

فجأة قرر البقاء، مدفوعا برغبة غامضة،  المكان النائية 

سوف يتطلع بعد بضعة اشهر خلفه 

سوف يتعرف على الاشياء البائسة، التي زاوجت بينه وبين المكان 

.كل هذا المكان اصبح ملكا له

 تركه سوف يسبب له عذابا كبيرا

  لم يكن يعلم، لم يكن يشك 

 المغادرة تسبب تعبا

 ليست حياة المكان ، ا تزدرد الأيام الواحد تلو الاخر 

  تشبه بعضها بعضا ، بسرعة تثير الدوار 

 كم من الوقت امامه ؟  السنين الجميلة قد بدأت للتو

  يبدو  تشكل مسلسلا طويلا، صعب النفاذ الى عمقه 

 هناك من يقول له انتبه، الحياة لانهاية،  مجرد خداع ووهم

  اوراق الشباب وزهوره ، تبدأ شيئا فشيئا بالتساقط

  لم يكن على دراية كافية بالزمن ،يفكر، ران سكون عميق 

  تسبح شكوى كلمات واغاني ، من أين يأتي هذا الصوت ؟

 فهم، انتابت ظهره رعشة خفيفة

 الماء  قريب من المكان،  ينساب بين الصخور

 مع الريح يتأرجح انها لعبة الاصداء 

 يبدو كأنه صوت انساني يتحدث عن اشياء في الحياة 

 مرت سنتان في هذا المكان،  دون أن تحمل اليه الايام أي شيء جديد 

يتغذى على الامل، مخبئا اياه ، يتغذى عليه كل صباح 

فتنشأ بداخله ثقة جديدة ؟ يحتفظ  اياه في اعمق اعماقه ؟

  الحقيقة  في هذا المكان

 يمكن المرء ان يأمل بشيء افضل، قد لا يكون معقولا 

 نعم بكل اسف كلنا يصّر على الامل

 البعض يأمل قليلا البعض الآخر أكثر 

 أمل غير معقول، يكفي ،ن يفكر المرء فيه قليلا 

 مرت سنوات اخرى، جزء من الحياة 

 لا شيء اطلاقا، لم يحدث اي شيء 

يمكن ،ن يبرر بروز مثل هذه الآمال

  الايام تنزاح الواحد تلو الاخر 

 كم هي مثيرة للسأم هذه الحياة

  وقت يمضي، دقاته صامتة

 تطغي بشكل جد سريع على الحياة 

 لم يكن من الممكن التوقف

 لا لمجرد القاء نظرة الى الوراء 

 كل شيء يفر، الفصول ،الغيوم 

 يشعر،  يفتقد الى نقاط يتكئ عليها 

في حياته في هذا المكان، ذي الحياة الرتيبة 

 الساعات تجري، تفر، قبل ان يتمكن عن احصائها 

 ذلك الامل ،صار حسبما يرى

 يمثل الجانب الاحلى من الحياة 

 من اجل تغذية هذا الامل

  يضحي بهدوء الشهور التي لم تكن تكفي ابدا 

 خسر خمسة عشر سنة من عمره ، لم يحس بأنه قد تغير كثيرا، 

 مر الزمان بشكل سريع، الروح لم تكن قد تقدمت في العمر بعد

  النشوة الغامضة لساعات  تمر اخذت تكبر 

  مقتنع بوهم اشياء مهمة تكاد تبدأ للتو 

  ينتظر بصبر ساعته  لم تحن بعد

 يحضر بباله زمان انكمش،  بشكل مريع

  يوم ما مجرد رحلة طويلة، تمنى أن ينضب جدولها 

 أيمكن المغامرة بتبذيره، تنبه 

  لم يقيم منذ امد طويل برحلة ما وراء المكان

  تنبه الى وجود حالة من فقدان الرغبة بذلك

  يفضل أن يغفو قليلا تحت الشمس 

 بدل أن يدور هنا وهناك هذا هو المهم

 الشيء الوحيد الذي يشير الى تقدم الزمن،  بينما  يتأمل 

 مسندا ظهره الى البناء تحت ضوء الشمس 

سمع صوتا ينادي من بعيد، التفت الى الجانب الاخر 

 لاح شاب لم يتعرف عليه

 ميّز هندام انيق خطر بباله انه ـ مغادر ـ آخر مثله 

 انتصب واقفا رفع كفه على فمه ثم نادى بقوة 

 أجابه الاخر لا شيء كنت اريد تحيتك،  اجابة ساذجة

 اساءة،  جعلته يفكر، الامر مجرد مزاح 

سأله : من انت ؟ اجاب عابر سبيل ـ مغادر ـ.

  احس ، اصيب بصدمة، دوي مؤلم ،اصاب روحه 

 تذكر ذلك اليوم البعيد،  عاوده قلق  انتابه

  يتحدث الى  الشاب،  غدا صديقه،  يتم تبادل الادوار

  هو عجوز  يأوي المكان، الشاب شخص مجهول 

 جيلا نشأ هذه الفترة الطويلة، شعر أنه قادم من وراء،

 قمة الحياة قسم العجائز

  تجاوز الاربعين دون أن يقوم بفعل أي شيء ذي اهمية

 دون اطفال،  بحق وحيد في هذا العالم

 حدق حوله بجزع  يشعر  قدره قد أزف 

 شاهد الصخور النباتات القنوات الرطبة 

لاح له الجمود الذي يكتسي به 

ربما يعزيه وهم ما ؟  لم يفهم شيئا بعد

  غصة تضغط على قلبه، 

وداعا يا أحلام الزمان الغابر ؟

 وداعا يا أشياء الحياة الحلوة 

 الشمس تسطع بشفافية، تعطف على البشر

  نسمة هواء منعشة تتصاعد من أعماق الوادي

 المروج تبث روائح عطرة  يوم سعيد 

  مندهش من عدم وجود فرق

 الظواهر بين هذه وبعض صباحات صباه المذهلة 

 نصف ساعة  ينخرط في حوار مع الشاب 

 يشعر بألم غامض ، هروب الزمان  توقف 

  العالم يغرق في اللامبالاة

 عبثا، تركض الساعات ،انتهى طريقه 

 في هذا المكان في هذا البناء، حوله ،لا بيت لا شجر لا انسان

 زمان منسي ، موت في هواء طلق، اجمل 

 محزن ، اصعب الحالات  

 يأتينا بلد غريب مجهول عجائز 

ودون أن ترك المرء احدا في هذا العالم 

 نظر للأعلى نظرة مقتضبة

 نحو نجمته الاخيرة ، في قلب العتمة جعل يبتسم ؟



العراق/بغداد

19/4/2021

الحرية اكذوبة ............. بقلم : احمد خلف نشمي // العراق

 -------------



طيوري حبيسة اقفاصها 

صباحها أسى

 مساؤها حفنة اوهام

والحرية اكذوبة

علقت عليها اخفاقاتها 



تهدّي ............ بقلم : عبد المجيد كريم // العراق


قد طال وجدي ..

وقد رُسم محياك بخدي 

حتی بتُ لا اشك

أن خدك خدي .؟


وإن قسماته أبان الصبح

وقد لامسته ريح 

الشمال ..

لازالت تخامر خلدي ..!


تهدّي ..


فأنا نور دربك في 

ثنايا وطيات 

ضنك الحياة ..

التي شرعت تأخذ 

عاشقي النور ..

 وتمجد

من كان لاهثاً  يقتبس

النور خلفي 

وبعدي ..!


… 

للحرفِ صدى



أواه منك قلم .............. بقلم : هيام عبدو _ سورية



قف على قلب هناك 

في رحاب قفارك

أقرئه السلام 

النبض أعلن الحداد 

أوقف إطلاق رصاص 

من دماء 

بانتظار حكم....

لم يصدر بعد 

أمام قاضٍ يدّعون أنه 

كان للغرام 

خلع رداء الوجد

عن جسد السطور 

حنث بقسم أن 

لا فراق... لابعاد 

وقضاياه اليوم 

على حد نصل الهجر 

كيفما مرت على ضفاف الروح 

تجرح.. 

تسيل دمائي وداداً 

فأعيش جزائر من دموع 

تغيير خارطة الوجنتين 

تحفر أخاديد من ندم 

لرواية بدأت.... وما بدأت 

أواه منك قلم 

أوقعت بي دوامة 

من ندم 

تخوض غمار قوافٍ

والحبر بالحبر يحتدم 

وعند مقارعة القلوب 

ونزال الشوق بالشوق 

إما غالب... أو مغلوب 

تصطك أسنان الحبر 

جزعاً 

تلوك حروفك الصمت 

هلعاً 

يا لك من قلم 

لا تعرف في ضروسٍ الحب 

كيف تنتقم 

تبتلع أصفاد بعاد

إذا ما اشتدت زيم 

فإذا ما وافتك هزيمة

عدت...

تنتقم 

تقرع الأحبار احتفاء

تضفر السطور تحت أقدامك 

جدائل من ألم 

ثم...

تذروك السكينة

في بحار من ندم 

وغمار القوافي في غيابك 

تحتدم




قطارالزمن (قصة قصيرة)............... بقلم: فيصل سليم التلاوي _ فلسطين

 



      كعادته في يوم عطلته الأسبوعية، ينهض الأستاذ حمدان من نومه مبكرا كأنه في يوم عمل، إن ساعته البيولوجية لا تضيف له في أحسن الأحوال إلا مقدار ساعة واحدة، فإذا كان يستيقظ يوميا في السـاعــة السادسة صباحا فإنه قد يتراخى في يوم عطلته، ويتمدد في فراشه وهو نصف نائم ساعة إضافية، ثم يتسلل على رؤوس أصابعه مغادرا المنزل تاركا الجميع يغطون في نوم عميق .

    يتجول في الشوارع التي خلت من المارة ومن السيارات إلا ما ندر، يطالع واجهات المحلات التي أغلقت أبوابها، بعد أن سهرت إلى ساعة متأخرة من الليل. إن المدينة كلها هامدة ساكنة هذا الصباح. في نهارها هدوء الليل، بعد أن كان في ليلها الفائت صخـب النهار. هذه عادتها في أيام

  العطل والأعياد وشهر رمضان وسائر المواسم، ينقلب ليلها نهارا ونهارها ليلا .

      إن الأستاذ حمدان بخبرته الطويلة يعرف صاحب الدكان الوحيد في نهاية الشارع  الذي يفتح دكانه مبكرا في مثل هذا الوقت، إنه يمضي نحوه بحكم العادة بحركة لا إرادية، يشتري عدد الجمعة من جريدة " الشرق الأوسط " ثم يجلس على مقعد خشبي يتفيأ ظل شجرة في حديقة عامة صغيرة مقابلة للدكان، يقلب الصفحات سريعا باحثا عن المقال الأسبوعي لكاتبه الأثيرالأستاذ إميل حبيبي .

      بعد أن يفرغ منه يعود للجريدة من بدايتها، إن لديه متسعا من الوقت ساعتين أوثلاث يمضيها في تصفح الجريدة فلا يترك شاردة ولا واردة. إنه مرغم على فعل ذلك، فعودته للمنزل ينبغي أن تترافق مع موعد نهوض زوجته وأولاده من نومهم، ولا ضرورة لإزعاجهم وإيقاظهم قبل المـوعد المألوف وافتتاح نهار العطلة بالنكد من أوله. وحتى لو نهضوا فما الذي سيفعلونه بين جدران هذه الشقة؟ سيعاودون تسمرهم أمام التلفاز، ويتصارخون، أريد هذه القناة، وأريد تلك .           عجيبون أبناء هذا الجيل من الفتيان والفتيات والنساء، أيّ صبر وجلد لديهم على الثبات في جلوسهم الساعات الطوال أمام أجهزة التلفاز!

      ينام الأستاذ حمدان مبكرا، حتى في أيام العطلة ويستيقظ مبكرا، بينما يسهر أهل بيته إلى قبيل الفجر. عندما ينهض من نومه يكون بعضهم في بداية نومه، وبعضهم لم ينم بعد، إن كانت المناسـبة إجازة طويلة كعطلة الصيف أو رمضان. إنه يحس بانفصام تام بينه وبين أهل بيته. إن نهاره ليلهم وليلهم نهاره.

   عشرون عاما انقضت على زواجه، وصل أكبر أبنائه إلى الجامعة، وهذه الهوة التي تفصل بينه وبين أهل بيته في مواعيد النوم واليقظة، وفي تبادل الليل والنهارلا تضيق، بل تتسع عطلة بعد عطلة وعاما بعد عام. إنه يألف كثيرا أيام العمل، بل يحبها ويقبل عليها بشغف لأنها تُوحِّد أهل هذا البيت رغما عنهم.لا بد من النهوض الجماعي صباحا، ليذهب الأولاد إلى مدارسهم، ثم عودة بعد الظهيرة من يوم عمل شاق، تتبعها قيلولة تريح الجسد من عناء طويل، بينما ينصرف الأولاد لدروسهم ومذاكرتهم التي ترهقهم؛ فينامون مبكرين وقد أعياهم اليوم الدراسي والإعداد لليوم التالي . يتوحد جو هذا البيت و مزاج أهله في أيام الدوام. 

- ليت الأيام كلها دوام منتظم لا عطلة فيه . 

هكذا تمنى الأستاذ حمدان وهو يواصل تصفح جريدته .

   رفع رأسه عن الجريدة لحظة ليريح عينيه، ويسرّح بصره فيما حوله، وقع نظره على صندوق هاتف عمومي ثبت على عمود أمامه، خُيّل إليه أنه يراه للمرة الأولى مع أنه يُدمن الجلوس على هذا المقعد في صبيحـة كل يوم عطلة منذ أمد بعيد. كيف لم يُشاهد هذا الهاتف قبل اليوم؟ ولم يستخدمه ولو لمرة واحدة؟ إن هيئته لا توحي بأنه جديد، بل هو قديم، قديم جدا في مكانه، ربما قبل جلسته الأولى في هذا المكان .

     وما الذي يهمه من أمرالهاتف هذا اليوم؟ ولماذا يدقق فيه كل هذا التدقيق؟ ما الذي يدور برأسه؟ مع من سيتحدث هاتفيا في هذا الصباح وهو يعلم أن الناس نيام؟ ثم إنه لا يحمل مفكرته التي تحوي أرقام الهواتف، وهو لم  يعتد على حفظ الأرقام . لم تسعفه ذاكرته بتجميع أي رقم من 

 أرقام معارفه في المدينة، لكن رقما ارتسم أمام عينيه، قفز من أعماق الذاكرة، من بئر عميقة بعيدة الغور، تعود إلى أكثرمن عشرين عاما. إنه لم ينس هذا الرقم لحظة واحدة، لكنه كان يتناساه دائما، يصرف ذهنه عنه كلما وجد لسانه يتمتم به دون وعي. إنه ليس في مدينته، إنه بعيد في العاصمة، حيث أمضى سنوات دراسته الجامعية، ولم يعد إليها بعد ذلك إلا نادرا، إذا أرغمته الظروف، وإنه ليجهد نفسه إن اضطر للذهاب إلى العاصمة في أن يختصر وقت إقامته فيها إلى أدنى حد ممكن. ينجز عمله متسللا متلفتا ذات اليمين وذات الشمال، ثم يعود سريعا إلى بلدته كأنه

 يخشى أن يضبطه أحد .

    لا بد أنه قد فعل شيئا لا يزال يؤرقه، وضميره يؤنبه عليه كل هذه السنين، ويجعله يحدث نفسه :- هوّن عليك يا أستاذ  حمدان، حتى الجرائم تسقط عن أصحابها بعدعشرين سنة .

- الجرائم ضد الآخرين تسقط بمضي الزمن وتقادم العهد وتلغى عقوبتها، أما الجريمة ضد النفس فإنها لا تسقط، إنها تتضاعف مع مُضي الزمن لأن عقوبتها ذاتية، يدفعها مرتكبها من ذاته ونفسه ومشاعره، وتتحول إلى لعنة أبدية تطارده .

     نهض الأستاذ حمدان من مكانه، وتقدم بخطوات مترددة صوب الهاتف العمومي يغريه الهدوء والسكينة وعدم وجود متزاحمين أو فضوليين أمام الهاتف، ليسمعوا قوله، أو يطالعوا هيئته وتغير لونه على ضوء سير المحادثة .

      ارتعشت يده وهو يرفع سماعة الهاتف ويقربها من أذنه، يحاول أن يطلب الرقم الوحيد الساكن في ذاكرته منذ نيّف وعشرين عاما، لكن سبابته لا تطاوعه، إنها ترتجف، أصابعه كلها ترتعش. تختلط الأرقام ببعضها، يزوغ بصره، يعيد السماعة إلى مكانها ويقف ثابتا متسمرا إلى

 جانب الهاتف. يحمد الله أن المكان خالٍ من مستخدمي الهاتف ومن المارة وإلا افتضح أمره، وسخر الناس من هيئته المترددة، وحسبوه خائفا من صوت ينبعث له من سماعة الهاتف، ولكن الله سلم وستَر، فليس في الميدان سوى " حمدان " .

    استجمع قواه مرة ثانية وسجّل الرقم على ورقة أمامه هذه المرة حتى لا تخونه الذاكرة من فرط الارتباك والتردد مثلما حدث في المرة السابقة .

 رفع السماعة وضغط على الأرقام بثبات وتأنٍ هـذه المرة أكثرمن سابقتها. فرغ من مهمته الشاقة التي يراها الناس تنقضي في طرفة عين، لكنها بالنسبة له تعادل مسيرة عشرين عاما بالتمام والكمال .

   إن هذه اللمسات التي لمسها للهاتف ستعود به فعلا عشرين عاما إلى الوراء. لكن لماذا يفعلها؟ لماذا هذه العودة ؟ إنه لا يدري .

     يسمع رنين الهاتف في الجانب الآخر، طال الرنين حتى حسب أن أحدا لن يجيب. ربما كانوا نياما مثل أهل بيته، وربما كان لهم شخص مثله هارب من طول نومهم، ملتجئ إلى ظل شجرة يطالع على كرهٍ منه جريدة الصباح. وأخيرا انسابت إلى أذنيه وقلبه وسائر عروق بدنه كلمتان رقيقتان، انبعثتا من الطرف الآخر :

- ألو ، مين . .

    لم يقو على الكلام، لقد تيبست شفتاه، وجفّ حلقه، عبثا يحاول التقاط أنفاسه، أو يهدئ وجيب قلبه، يبحث عن كلمة ينطق بها فلا يستطيع. تمر بخياله حكايات من ارتج عليهم من مشاهير الرجال الذين ذكرهم الجاحظ، لكنهم كانوا ينتزعون ولو كلمة واحدة، حاول مثلهم، وبعد جهد جهيد، واستباقا لإقفال الهاتف من الطرف الآخر استجمع كل طاقته التعبيرية في كلمة واحدة :

- زهرة ؟

- نعم أنا زهرة ، فمن أنت ؟

       لم يصدق أذنيه. إنها هي، نفس الصوت المألوف الذي ظل يرن في أذنيه منذ عشرين عاما، لم يتغير شيء في نبراته، نفس النغمات الساكنة في أعماقه والتي تقطرعذوبة ورقة؟ ألم يؤثر الزمن في صوتها فيزيده خشونة أومرارة؟ نفس النبرات الحلوة التي نطقت بها عبارتها الأخيرة له قبل عشرين عاما. سأنتظرك، فلا تتأخر كثيرا، وماذا تفعل في بيت أبيها؟ هل لا زالت تنتظر؟

ألحّ الصوت ثانية :

- مين حضرتك؟ تكلم .

    لم يجد ما ينطق به، وخشي أن تسيء الظن به فتحسبه أحد هواة المعاكسة والغزل على الهاتف فتسمعه كلمة جارحة. أعاد سماعة الهاتف إلى مكانها، وما عاد إلى مكانه ولا إلى جريدته، لقد يمم وجهه صوب موقف السيارات المتجهة نحو العاصمة، واستقل أول سيارة مغادرة كأن قوة

 غامضة كانت تسوقه سوقا، ولا تتيح له فرصة التفكير والتروي فيما هو مقدم عليه .

   وصل العاصمة، استقل سيارة أجرة لتوصله إلى طرف الحي الذي كان قبل عشرين عاما مرتع صباه، ومولد هواه الأول يوم كان طالبا في الجامعة، يسكن هذا الحي، ويزور بيت صديقه حسن  الواقع في هذا الحي الوادع الجميل، حيث عرّفه على أهله الذين يُكنّ لهم مودة ومحبة لا تقل عن

 محبته لأهله، ومن بينهم جميعا ظفرت زهرة بحبه الخالص، حبه الأول الذي بدأ بنظرات الإعجاب المتبادلة، ثم تطورإلى لقاءات خاطفة وأحاديث عابرة، بحضرة أخيها حسن أحيانا، وبدونه أحيانا أخرى، فقد كانت طالبة تصغره بعامين. عندما أنهى سنته الرابعة وتخرج في الجامعة، ووعدها أن يعود لخطبتها، ووعدته أن تنتظره، كانت قد أكملت عامها العشرين وسنتها الجامعية الثانية، وها هو يعود إليها بعد عشرين عاما أخرى، وقد خلف وراءه جيشا من البنين والبنات الذين أنجبهم من زواجه من ابنة عمه التي أرغمه أهله على الزواج منها، والتي قالوا إنها معطاة له منذ الطفولة وأنها انتظرته كل هذا العمر، فلا يليق به ان يبدل بها زوجة أخرى، ولا أن

 يجرح شعور و كرامة عمه الذي أهداه ابنته منذ أن كانا طفلين رضيعين . 

    كل محاولاته وتوسلاته لأمه وأبيه ذهبت أدراج الرياح، ولم تُجدِ نفعا في الخلاص من هذا الزواج، أو حتى تأجيله. لقد خيّروه بين زواج يلم شمل العائلة ويقربها، وبين نبذه والتبرؤ منه إن خرج عن طوعهم ومشورتهم .

   سقط حمدان يومها في الامتحان الصعب، سقط في سؤال الاختيار، اختار الخطأ الشائع وجانب الصواب الذي يحتاج لإرادة وصمود عظيمين للدفاع عنه، انحنى سريعا للزوبعة، لكنها ظلت انحناءة أبدية ما استقام ظهره بعدها أبدا .

    إنه الآن يذرع الشارع الحبيب إلى قلبه ونفسه، الشارع الذي ما ألف مكانا في الدنيا مثل إلفه له. إن سنواته الجامعية الأربع التي أمضاها في هذا الشارع تعادل ما قبلها وما بعدها من سنوات عمره.

     في هذا الشارع تفتحت عيناه على الحياة الحقيقية، وامتلأت نفسه وعيا وثقافة، وامتلأ قلبه

حبا ودفئا. هنا كتب أولى قصائده التي نشرتها جريدة" صوت الطلبة " فأكسبته شهرة بين زملائه. في هذا الشارع تعرف على معظم أصدقاء عمره الذين يتبوأ كثير منهم الآن أرفع المناصب، والذين طبقت سمعة بعضهم الآفاق في ميادين الأدب والفن والسياسة، وأهم من ذلك كله زهرة التي تقطن في هذا الشارع، والتي لم يفارق طيفها خياله طيلة هذه السنوات الطوال، إنه يتخيلها وقد انتظرت عودته طويلا حتى يئست من الانتظار.

 كيف طاوعته نفسه فخيّب أملها؟ وكيف أخفى رسائلها ولم يجد في نفسه الجرأة للرد عليها، أولم يجد ردا يقوله، ورأى أن الصمت أبلغ من الكلام .

     تفرس في جانبي الشارع، في البنايات التي تغير القليل منها وبقي الكثير على حاله، تعرّف على كثير من المعالم، لكن أحدا لم يتعرف عليه. الوجوه وحدها تغيرت، أصحاب البقّالات والمطاعم والمكتبات كلهم وجوه جديدة غير مألوفة لديه، وإن كانت المحلات ذاتها لم يطَلها إلا تغيير طفيف .

    إنه الآن يقترب من المنزل الذي شهد ميلاد حبه القديم، حبه الأول والأخير، وهولا يدري لماذا جاء هذا اليوم إلى هنا، هل يريد حقا أن يقابل زهرة؟ ولماذا يقابلها؟ وماذا سيقول لها لو التقيا فجأة وجها لوجه؟ إنه لا يحلم بأكثر من رؤيتها، رؤيتها من بعيد دون أن تراه، و لا يطمع بأكثر من خيط رفيع من أخبارها، خيط يخبره أنها قد  تزوجت وأنجبت وأنها تعيش حياة سعيدة، فيطمئن إلى أنه لم يسبب لها تعاسة بالغة حين نكث بوعده معها، وأنها لم تنتظره طويلا، بل استبدلته بمن هو خير منه، من يستحقها  فعلا، من لم يهرب من التزامه معها عند أول امتحان . عندها سيزيح حملا ثقيلا عن ظهره، وعبئا هدّ منكبيه سنينا طويلة. سيخف قليلا إحساسه بالذنب ويهدأ ذلك الشعورالذي يطارده ويؤنبه ليل نهار، إحساسه بأنه قد خدع فتاة طيبة ما كانت تستحق الخداع، أوهمها ووعدها ثم فرّهاربا، وأخلف وعده وتركها تنتظر السراب .

     إن موقفه هذا قد أرغمه على الانقطاع بصورة غير مفهومة عن صديقه حسن الذي كان أعز أصدقائه، وعن السؤال والاتصال بأهل هذا البيت الطيبين الذين كانوا له أهلا عندما كان بعيدا عن أهله .

     إنه الآن مقابل بوابة هذا البيت الذي أحبه، وأحب كل ساكنيه. لم يتغير شيء في ملامح هذا البيت ولا في حديقته الأمامية الوارفة الظلال، وأشجارها المتشابكة .

       إن الأستاذ حمدان يكاد أن يتوقف عن المسير، رجلاه ترتجفان ولا تقويان على حمله، وعيناه تحملقان ناحية المنزل ونوافذه وشرفاته الواسعة،علّه يلمح على البعد طيف زهرة، ثم يمضي سريعا لا يلتفت وراءه ولا يتوقف لو سمع صوتها يناديه، فما عساه أن يقول لها لو نظرت إليه نظرةعتاب واحدة دون أن تفوه بكلمة .

      أفاق حمدان من ذهوله على مشهد أطار لبه، وأفقده وعيه واتزانه، كانت تغادرالبقالة التي وصل أمامها، وقد حملت في يدها بعض الأغراض التي اشترتها. إنها زهرة بذاتها وصفاتها، زهرة التي عرفها وأحبها، زهرة ابنة الثمانية عشرعاما التي عرفها. لا زالت كما هي يوم عرفها بجمالها ونضارتها وشبابها. كيف لم تتغير؟ هل توقف الزمن عندها؟

لماذا غزاه الشيب من كل جانب، وتغضن وجهه، ونفرت عروق بدنه، وبقيت زهرة على حالها؟

  تُرى هل عرف الناس في بلادنا سرالاستنساخ قبل أن يعرفه أهل الغرب فهذه نسخة فتية من وردة ؟

      رغم انبهاره وتحديقه الطويل فيها، وقد فغر فاه من الدهشة وهول المفاجأة، إلا أن الفتاة لم يبدر منها ما يشير إلى أنها عرفته أو رأته قبل هذا اليوم. لقد استغربت من إطالته النظرإليها، وتوردت وجنتاهـا خجلا وهمت بالانصراف مسرعة، لكنه لم يطق على الصمت صبرا وناداها:

- زهرة ؟

- نعم، أنا زهرة، هل تريد شيئا يا عمي ؟

  صعقته المفاجأة . . زهرة ، وتقول  عمي! كيف لم تعرفني؟ !

كيف وصلت ُ إلى سن عمها وبقيت في سنها لم تتغير؟! وكرر السؤال :

- هل أنت زهرة محمود ؟

تبسمت الفتاة وقالت :

- زهرة محمود، إنها أمي، لقد سماني والدي باسمها. لا أدري ألشدة شبهي بوالدتي أم لشدة حبه لها ؟ هل تعرف أمي يا عمي ؟

- أجل . . أجل . .

 أجاب الأستاذ حمدان متلعثما

- إنني أمتُّ لها بطرف قرابة، ولم أرها منذ زمن بعيد .

- إذن تفضل يا عمي وشرفنا بزيارة، هذا بيتنا أمامك .

- وهل والدك موجود في البيت؟

- لا إنه مسافر، يعمل في الخارج، وأسكن أنا وأمي وإخوتي الخمسة في بيت جدي. تفضل ، شرّف .

- لا ، ليس الآن، سأزوركم مساء إن شاء الله، سلمي على الوالدة .

- ممن أبلغها السلام يا عم؟

- قولي لها من قريب سيزوركم هذا المساء، اتركيها مفاجأة لها .

  حلّ المساء وانتظرت الزهرتان وسائر أفراد الأسرة زيارة القريب البعيد، وطال الانتظار وما عرفت الأم زهرة من هو الزائر الموعود، وإن كان لها أن تخمن من هو فربما عرفته من طبعه في إخلاف الوعود .

   كان الأستاذ حمدان قبل حلول المساء يركب الحافلة التي تغادر العاصمة متجهة إلى بلدته . وصل بيته متأخرا، اندفع نحوه أبناؤه يتصارخون .

قال أحدهم :

- أين كنت يا أبي؟ لقد افتقدناك، افتقدتك أمي عندما فرغت أسطوانة الغاز ولم نجد من يستبدلها لنا 

 وقال آخر :

- افقدناك يا أبي فاليوم جمعة ولم تحضر لنا مؤونة الأسبوع المعتادة من الخضار واللحم والفاكهة 

وقال ثالث :

- لقد افتقدتك يا والدي، فأنا لم أشتر لوازمي من الدفاتر والأقلام التي طلبها المدرس .

وقالت ابنته :

- وأنا افتقدتك يا والدي لتحل لي واجب القواعد، إنه صعب جدا..

 عندما فرغوا جميعا من طلباتهم أقبلت ابنته الصغيرة " أمل " وقالت :

- أنا افتقدتك يا أبي لأنام في حضنك فتدللني وتغني لي أغنياتك الشجية، وتهدهد على ظهري حتى أنام، فأين كنت يا أبي ؟

- كنت في رحلة نقاهة يا ابنتي .

- رحلة! إلى أي مكان ذهبت؟ لماذا لم تأخذني معك ؟

- إنها رحلة ليست إلى مكان بعينه، إنها رحلة في الزمان .

  لقد ركبت القطار السريع الذي يمضي براكبه إلى كل المحطات التي يريدها والتي لايريدها، إنه قطار الزمن .


فيصل سليم التلاوي