النص الشعري افق مغامر مؤطر بتشظيات الذات المكتظة باشارات رامزة ترتكز على انزياحات الصورة المتفتحة على فضاءات الوجود المؤثث لها بمشاهده الحركية المتصارعة في حيزها الذاتي والموضوعي,,التي حققتها نزعة الحداثة التي اخترقت عوالم الابداع الادبي فكرا ولغة وبناء..كونها حركة ترمي الى التجديد معتمدة التجريب ملمحا فكريا للحركة التحديثية مما اسهم في اظهار اجناس شعرية تحمل روح الشعر ورؤياه التي اظهرت تركيبة تتسم بالبساطة والقصر فضلا عن الصوره والايقاع فكانت الومضة الشعرية التي تعبر عن لحظة انفعالية مشحونة معنويا ومتدفقة عاطفيا مع التزامها التكثيف والايجاز مع اقتصاد لغوي وضربة ادهاشية مفاجئة منفتحة على التاويل..
و(التسول في حضرة الملك)المجموعة الشعرية التي نسجت عوالمها الومضية انامل مبدعها الشاعر عباس باني المالكي واسهمت دار الفارابي/بيروت/لبنان في نشرها وانتشارها/2008..كخطاب اتصالي يثير الانفعالات..كونها تحمل زخما تكثيفيا وايحائيا ومعنويا..
اذا نامت الشمس
على سرير القمر
يصير الليل
ضحكة زنجي
يفترش سرير سيده
حين تنمو غابات الغيم
في روحه..
فيمتهن صراخ
غرف المترفين
وقت الظهيرة /ص23
فالمتخيل الشعري يخلق لوحات نصية عبر حوار منولوجي ذاتي يفصح عن ثنائية الانا مع استحضار ذهني للاشياء المتآزرة والطبيعة المؤنسنة بتقنية فنية تنتج تشكيلا يمنح النص اكتنازا
ايحائيا مشعا عبر فضاء سردي متنام مع حبكة درامية تتكيء على حقول دلالية ابرزها الزمن والثنائيات الضدية المعتمدة على كثافة العبارة وعمق المعنى لتحقيق خط ايصالي يثير بانفعالاته المستهلك(المتلقي) بضربته الادهاشية المفاجئة..كونه وجود يتبلور في فضاء المخيلة الشعرية..
النوارس تتسلق
سلالم الطين..
لتبيض في شرفة
الغيم..
المطر غسل
دموع الانهار
بقذارات المدن المنفية
والسندباد
عاد منتحرا
الى البحر /ص68
فالشاعر يعتمد في بناء نصه الشعري طاقة الالفاظ الايحائية التي تجعل منه حمالا لاكثر من صورة منفتحة على التأويل..فضلا عن اعتماده نزعة بلاغية وتقنية انزياحية وايحائية مع تكثيف وتركيز واستنطاق لرموز الطبيعة وصورها التي فيها يتحول كل دال الى بؤرة من المعاني المكثفة..
في جرحي المعتق
منذ الف صرخة
فمن يعطيني
الآن
الآن
الـ
آ
ن
حبة ماء..
حبة ماء..
اريد النزول الى
الـ
و
ط
ن /57 ـ 58
فسيميائية النص صورة حاضرة في تجربة الشاعر الشعرية فصارت تمثل بؤرة شعرية مكتنزة بالشحنات المنفعلة التي تضفي على النص جماليات التشكيل الفني روحا متفاعلة.. محركة للخزانة الفكرية للمتلقي..باعتباره لقطة سيمية درامية تهدف الى احداث تاثير جمالي باعتمادها التقابل والتضاد المعبرة عن الحالة النفسية المأزومة زمانيا ومكانيا مع تعدد الظلال الرؤيوية.. فضلا عن اعتماد الشاعر تكنيكا فنيا لبناء نصه الومضي متمثلا في اللغة الشعرية والصورة والرمز والمفارقة التصويرية..اضافة الى توظيفه عددا من التقنيات الفنية كالتنقيط(النص الصامت)ودلالة الحذف الذي يستدعي المتلقي لملأ بياضاته..والتقطيع الكلمي المعبر عن الحالة النفسسية للمنتج..وتوظيف الاستفهام والنداء بغية زيادة فاعلية اللغة وتجاوز المألوف وتحقيق التواصل والتوصيل بين اطراف المعادلة الابداعية(المنتج (بكسر التاء)//المنتج (بفتح التاء)//المستهلك(المتلقي)..)..
النهار
شرفة متفرج..
على ليل قمره
يستر عورة نجوم
في مساء..
بلا خطيئة..
عندما ينتصر
النسيم..
على ارتجاف الريح
وقت وقوع العاصفة..
تكون الحياة
بلا دخان.. /ص142 ـ ص143
فالشاعر يشتغل في بناء نصه على العمق التصويري في صناعة صوره من خلال جمعه بين المعنيين الحسي والذهني..فيقدم نصا يتخذ من منزع التجديد الشكلي في بنائه بمسار يحتشد فيه الايقاع وتداخل القوافي مع تشكل بصري يتحرك وحركة الذات وتحولاتها الشعورية كي يحقق وظائف دلالية ونفسية متجاوزة..
وبذلك كانت نصوص المالكي الومضية تعبر عن(كتابة مختصرة لحياة مختصرة) باستنطاقه لرموز الطبيعة وصورها بايجاز وتكثيف مع اقتصاد في الالفاظ..فضلا عن مزجه بين فعل الشعر والاستدلال الذي يؤدي الى الانفعال الشعوري بلغة مقصدية تتميز بالتركيز والايماء مع ايحائية اضفت جمالية على شعرية النص..
إ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق