أبحث عن موضوع

السبت، 18 أبريل 2015

لقاء وحوار ثقافي واجتماعي مع الكاتبة والشاعرة الجزائرية سليمة مليزي

لقاء وحوار ثقافي واجتماعي
مع الكاتبة والشاعرة الجزائرية سليمة مليزي
لكاتب والباحث الفلسطيني الدكتور احمد القاسم

الجزائرية سليمة مليزي، كاتبة وشاعرة، تمتاز بتنوع كتاباتها شعراً ونثراً وقصصاً قصيرة للأطفال، كما أنها تكتب القصيدة النثرية، تمتاز بعمق ثقافتها وسعة اطلاعها، وفكرها التقدمي والنير، المساير لظروف الحياة العصرية وتطورها وتقدمها، ونيلها للعيد من الجوائز التقديرية ولأوسمة وخلافها، تتمتع بشخصية صريحة وجريئة، وهي منخرطة في عصرها، بأحداثه وسياساته، ومنشغلة بوضع المرأة في هذه الأحداث، وانعكاساته عليها، وهي مع كل ما يخدم الإنسان، من اجل التحرر والعيش الكريم، وخاصة حرية التعبير واحترام الرأ الآخر وحب الوطن/ سليمة مليزي تكتب بقلم ماسي ومداد ذهبي. كعادتي مع كل من التقيهن من الأديبات في حواراتي، كان سؤالي الأول لها هو:
@-من هي الكاتبة والشاعرة الجزائرية سليمة مليزي من حيث الحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي والعمل والهوايات، وهل شخصيتك صريحة وجريئة ومتفائلة وطموحة؟؟؟
سليمة مليزي زينب شاعرة وصحفيةK ابنة عائلة عريقة ومتعلمة، حيث كان جدي الثالث قاضي على مستوى الشرق الجزائري، وكان لجدي وأبي مدرسة قرآنية..ابنة شهيد وجدي شهيد . من مواليد قرية بني فودة سطيف، أحمل شهادة الدراسات العليا للغات الأجنبية..شهادة في الإعلام الآلي، تخصص برمجة وتصفيف…شهادة الكفاءة المهنية في الإدارة..عملت في الصحافة المكتوبة، كتبت المقالة الصحفية عن المجتمع والأسرة.. لدي قراءات في إصدارات جديدة من الكتب..أساهم في اعداد صفحة أدبية في جريدة الشعب الورقية، فزت بجوائز عدة، بين القصة والشعر على مستوى العالم العربي، ولدي الكثير من التكريمات والأوسمة . نعم أنا املك شخصية صريحة وجريئة ومتفائلة، لكنني حنونة جداً، قوية الشخصية عند الجد، املك بحراً من الطموح .
@-ما هي القيم والمباديء التي تؤمني بها وتدافعي عنها في كتاباتك بشكل عام؟؟؟ وهل للمرأة والسياسية اهتمام في كتاباتك؟؟؟
هناك نبرات تأخذني إلى طفولتي..إلى جذوري التي رضعت منها حليب القيم..القيم التي رسمها في ذهني انتمائي لابي وجدي وأعمامي وأخوالي ماتوا شهداء دفاعا عن حرية الوطن، والإنسان في الجزائر..هناك قيم الحركة الوطنية التي تربينا عليها في المدرسة والأسرة، ثم هناك ديننا الحنيف، حيث ربتني أمي على قصص الأنبياء والأبطال، وبعض تفاصيل الحضارة العربية الإسلامية، وقد بقي كل ذلك راسخاً في ذهني وقلبي، ووجدتني وأنا اكتب مستحضرة تلك العوالم، ليس كأفكار فحسب، وإنما كقيم، من هذا المنطلق، أنا منخرطة في عصري بأحداثه وسياساته ومنشغلة خاصة بوضع المرأة في هذه الأحداث وانعكاساته عليها.
@-هل أنت مع حرية المرأة الجزائرية، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسياً؟؟؟
هذا طبيعي، المرأة الجزائرية استطاعت أن تثبت وجودها بكل المجالات، وحريتها أخذتها بالقوة والإرادة، الكامنتين فيها منذ فجر الثورة التحريرية. الحرية كما تعلم، نضال طويل فيه النجاح والإخفاق، وفي اعتقادي أن المرأة الجزائرية حالياً في وضع جيد من ناحية الاستقلالية الاقتصادية والسياسية، ولكن اجتماعياً، لا تزال التقاليد والأفكار القديمة كالقيود تثقل معصميها. طبعاً الحرية لا تعطى على طبق من ذهب، والمرأة الجزائرية واعية بذلك، ولذلك لا تزال تناضل من اجل تعميق وتثبيت حريتها واستقلاليتها، بكل الطرق القانونية والاجتماعية، ولا ننسى هنا، أن المرأة الجزائرية حالياً، متواجدة بقوة في اغلب مجالات النشاطات والوظائف، وهي الشريان النابض للاقتصاد والتربية والعلوم والأدب، وتولت مناصب سياسية سامية، عن جدارة واستحقاق.
@-هل أنت مع الديمقراطية، وحرية التعبير، واحترام الرأي، والرأي الآخر، والتعددية السياسية، وحرية الأديان، وسياسة التسامح في المجتمع، ؟؟؟
أكيد، أنا مع كل ما يخدم الإنسان، من اجل التحرر والعيش الكريم، وخاصة حرية التعبير التي دفعنا من اجلها ثمناً غالياً جداً في الجزائر.. لو كنا نحترم الرأي والرأي الآخر في العالم العربي، وحرية الأديان، وسياسة التسامح، لتجاوزنا هذه الخلافة العرقية البدائية، التي أوقعت العالم العربي في ذهنيات متخلفة، أودت بالعقل العربي الى التخلف والتعصب، وعصر الانحطاط…حيث لم يشهد تاريخ العرب هذا الدمار الشامل للعقل، والبنية الثقافية للعرب، من تخلف وتطرف في الدين، مثلما يحدث في عصرنا هذا، واعتقد أن العرب ككل، مضطرون حالياً لوضع عقد اجتماعي بينهم، يقرون فيه حق كل الناس في الاحترام، والاعتقاد، والرأي، مهما كان دينهم، ولغة تفاهمهم، والسياسة التي يخضعون لها.
@-ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة؟ ولمن قرأت من الكتاب والأدباء، وهل لديك مؤلفات منشورة او مطبوعة ؟ كيف كانت بداياتك بالكتابة؟
كما قلت لك سابقاً، أنا ولدت ومعي قيم ومبادئ القراءة والكتابة، حيث انحدر من عائلة متعلمة جداً، كان جدي قاضياً، وجدي لأبي كان له مدرسة قرآنية لتعليم أصول اللغة والفقه، خاصة بعائلة مليزي الكبيرة..واسم عائلتي مدون في الموسوعة العالمية لاروس Larousse الفرنسية، في العدد الأول، ضمن عائلات النبلاء في الجزائر. وأمي رسَّخت فينا روح المطالعة كما ذكرت، وقد ربَّتني على قصص الأنبياء، وكانت أختي الكبيرة رحمها الله، هي من رسخت بي حب المطالعة، حيث قرأت عليَّ بعض الكتب القليلة جداً، التي كانت تصلنا من لبنان، وأنا في سن العاشرة، وكنت مولعة بجمال لغتها العربية، التي كنا نفتقدها كثيراً في المجتمع الجزائري، الذي وجد نفسه يتقن لغة المستعمر، ربما أفضل منه.. في سن الخامسة عشر، شرعت في قراءة الثلاثية للروائي نجيب محفوظ، تلك الشخصيات المصرية التي أخذتنا إلى شوارع القاهرة، بجمالها وأصالتها العريقة.. وكنت اقرأ أي كتاب يقع في يدي، كان هناك مكتبة أمام بيتنا استلف منها كل ما يعجبني من عناوين الكتب، شرط إن اثبت لصاحبها، أنني قرأتها فعلاً.. قرأت للفيلسوف الفرنسي أندري جيد، التي كانت لغته صعبة جداً.. وأجاثا كريستي.. والقاص يوسف إدريس وغسان كنفاني، وحنا مينا، والأديب العالمي غارسيا ماركيز، الذي أذهلني بطرحه الجميل، للرواية اللاتينية..قرأت للروائي الأمريكي ارنست هيمينجواي..والروسي تولستوي، وجماليات قصة الريف الروسي ..في إبداعات المرأة العربية، وقفت ذاهلة أمام كتابات الأديبة المتميزة غادة السمان، التي أخرجت من عمقي ما يسمى قوة الأنثي، أخرجته للنور، وتعلمت معها كيف أواجه خضوع المرأة للعالم ألذكوري المهيمن، على حرية المرأة، ومعتقداتها الاجتماعية والبيولوجية !؟ إبداعات غادة السمان، تركتني أطير بلا أجنحة، وأسبح في بحيرة الشيطان، بلا أقنعة الشمع.. وأرفض كوابيس بيروت إن تتكرر في العواصم العربية.. وأقاوم عكس الريح، وعكس الاتجاهات النمطية.. وأعلنت حبي للإنسان والوطن والفكر.. ثم هناك أشعار نزار قباني ومحمود درويش، وطبعاً، هناك الأدب الجزائري الذي يمثله الطاهر وطار، وبو جدرة وبن هدوقة.. وطبعاً الروائيات زهور ونيسي وأحلام مستغانمي، والمبدعة المتميزة فضيلة الفاروق..واعترف هنا طبعاً بفضل الروائي المتميز عبد العزيز غرمول في وضع خطواتي على الطريق الصحيح، والقراءة الصحيحة لتاريخ الإبداع العربي والعالمي.
طبعت اول قصة للأطفال، وفزت بالجائزة الأولى في القصة للشباب، وأنا في مقتبل العمر… بعد ثلاثة سنوات، فزت بجائزة القصة القصيرة لجريدة الجمهورية، وأسست اول مجلة للأطفال في تاريخ أدب الطفل في الجزائر.. شاركت بقصص في برنامج للأطفال في الإذاعة الوطنية..ثم اضطرتني ظروف عائلية للابتعاد عن الوسط الثقافي، للاهتمام بتربية أبنائي، كانت بالنسبة لي، أنبل مهمة وأصعبها، وهي تربية أولادي تربية حسنة، والحمد لله، نجحت في إيصالهم إلى بر ألامان، وفي كل ذلك ظللت مرتبطة بما يكتب وينشر ولكن عن بعد.
منذ العام 2012م، عند عودتي إلى الإبداع، بفضل الله عز وجل، حققت من نجاح ما لم أحققه من قبل، حيث طبعت ديوانين في عام 2013م (رماد الروح)، وفي عام 2014م (نبض من وتر الذاكرة)، وشاركت في أنطولوجيا الأدب العربي (تحت ظل … النبض) في الأردن، تحت إشراف أكاديمية الفينيق، للأستاذ الشاعر زياد السعودي، والتي أنا عضو فيها، وقد شاركت بخمسة نصوص. بين الشعر والقصة مع نخبة من الأدباء العرب.. كما شاركت في موسوعة الأدب العربي (أعجبني) تضم كبار الأدباء العرب، تحت إشراف مؤسسة المسيلة للنشر، بالجزائر ستصدر قريبا… ولي ديوان. ومجموعة من قصص الأطفال تحت الطبع. فزت بما يقارب بستة جوائز على مستوى العالم العربي بين القصة وقصيدة النثر، وعدد من التكريمات. والحوارات. التي نشرت في كبريات الجرائد والمجلات الورقية، في كل من العراق والخليج وتونس.. وأساهم في إثراء صفحة أدبية في جريدة الشعب الجزائرية العريقة.
@-كيف تتمخض كتابة القصيدة الشعرية لديك؟؟ وهل هي من خيالك؟؟ أم أنها تعبر عن حدث خاص مررت به، او مر به بعض معارفك مثلا؟؟؟ وكم تأخذ كتايتها معك من الوقت ؟؟؟
القصيدة هي الأقرب لواقع المبدع، حيث تعبر عن عمق الذات، وعنفوان الروح، وانتفاضة العقل ضد كل ما يفتقد للشاعرية والجمال، هي لحظة انصهار الوجدان، في الواقع الأليم، فتتمخض القصيدة كلحظة منفردة بذاتها.. لحظة حب متسامية، ومكثفة، ..القصيدة تكتبني في أوج عنفوان حبي لوطني الجزائر، وكثيراً ما يرتبط هذا الحب، بذكريات طفولتي، فاكتب عن جمال الحياة التي عشتها، او جمال الطبيعة في قريتي ،
حالات الإبداع ليس لها موعد. ولا زمان ولا مكان، يأتيني الإلهام في لحظة طائشة ولا ادري كيف أسافر إلى ذالك العالم، الذي يأخذني بعيداً، وأجدني بعد كل قصيدة مستسلمة لحلم جميل يؤرجحني على أجنحة الكلمات.
@-ما هو رايك بالمرأة الجزائرية؟؟ ثقافياً واجتماعياً وسياسياً بشكل عام، مقارنة بالمرأة العربية، وهل وصلت إلى طموحاتها وأحلامها التي تسعى لتحقيقها، وما هي المعوقات أمامها التي تقف حائلاً وتحول دون تحقيق أهدافها وطموحاتها في الحياة؟؟؟؟
المرأة الجزائرية تحاول أن تتجاوز كل الصعاب والعراقيل والتخلف منذ الاستقلال، كما قلت لك هي سلالة المرأة الثورية، التي وقفت في وجه الاحتلال الفرنسي جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل ..وكانت لها فرص كبيرة للتعليم والنجاح. وتقلدت عدة مناصب سياسية واقتصادية وثقافية.. وتعتبر المرأة الأولى التي قادت الطائرة في العالم العربي في بداية الثمانينيات، وترشحت للرئاسة، ولدينا نساء في المنظمات الدولية…كل ذلك يعبر عما وصلت إليه المرأة الجزائرية في نضالها، من اجل حريتها الفردية والاجتماعية. لكننا نتأسف لما وصلت إليه المرأة في العالم العربي ككل، من تراجع في التطور، والسبب يعود إلى التطرف الديني والإرهاب، وما عانته المرأة الجزائرية في العشرية السوداء من اغتصاب لحريتها، وشرعيتها التي كانت تتمتع بها، فأصبحت عرضة لعنف الرجل والمجتمع ككل، رغم أنها تملك كل الحرية، والصلاحيات لإدارة المؤسسات العمومية كالتعليم والصحة، واقتحمت مجالات صعبة جداً، وأثبتت جدارتها بكل استحقاق، وهي تعتبر متطورة، ولها حقوق أفضل بكثير من نساء أخريات في بقية الدول العربية.
@-ما هو تقييمك الشخصي لكتابات الأديبتان الجزائريتان، أحلام مستغانمي القصصية، وفضيلة الفاروق، وهل تؤيدي كتاباتهن، وتخطي حاجز ما يعرف بالتابو (المحرمات)، أم أنت تتحفظي على كتاباتهن بشكل عام، لأن بها ما يخدش الحياء كما يقوله؟؟؟؟
لست في الحقيقة في موقع يسمح لي بتقييم كاتبتين كبيرتين مثلهما، ولكن وجهة نظري، ان الروائية الكبيرة أحلام مستغانمي، تحدت كل الصعاب، واستطاعت أن تتربع على عرش الرواية العربية بامتياز، ونجحت بشكل كبير في خوض تحدي القلم، واختراق قلوب القراء، وهذا النجاح، اعتبره تحدي آخر لنضال المرأة الجزائرية التي اعتز بإنجازها الإبداعي والفكري..أنا أؤيد ما تكتبه الأديبة الكبيرة أحلام، لأنها تعبر عن واقع المرأة العربية بكل حرية، وهذا ما يجب ان يحدث وليس العكس، لن تكون أعمال أحلام أكثر جرأة من الأديبة الكبيرة غادة السمان. أما في ما يخص كتابات الأديبة الكبيرة والصديقة العزيزة فضيلة الفاروق، فهي تجاوزت كل العراقيل، وشقت طريقاً صعباً في خرائب عالمنا العربي، وحاربت رضوخ المرأة لمجتمع مستبد ومتخلف، وحاربت التعصب الديني، وكل أنواع الإرهاب الفكري، وأيضاً وقفت جنب المرأة التي تعاني من تهميش في حقوقها المشروعة، كالصحة والتعليم والعمل، والمساواة، واعتقد أنهن استطعن المرور على الخط الأحمر، الذي كان ممنوعاً في الإبداع، حتى على الرجل.. وأنا أهنئهن على هذه الجرأة التي تحطم كل القيود، من اجل حياة أفضل للمرأة العربية.. واعتقد. أن النقد. في العالم العربي مازال تقليدياً، ويخضع لمقاييس. قديمة، فكيف تفسر هجومهم على أعمال الأديبة الجزائرية فضيلة الفاروق، على أنها تجاوزت محرمات المجتمع، وهو مجتمع يغتصب حقوقها باسم التقاليد والدين، وما إلى ذلك…ما يحلله فقهاء الظلام والتزييف، من تجاوزات في حق المرأة، يستدعي منا جميعاً نضالاً طويلاً، من اجل حقوق الإنسان العربي، وكلتا الروائيتين، قامتا من جهتهما بما يجب على الكاتب أن يقوم به .
@ -هل تعتقدي سيدتي أن هناك ما يعرف بالأدب الأنثوي والأدب الذكوري؟؟؟ أم أن مثل هذه التسميات غير موجودة على ارض الواقع؟؟؟
الأدب القوي يفرض نفسه، سواء كان أنثوي او ذكوري، ولا فرق بين الجنسين، إلا في إتقان العمل. وبالتالي لا أرى ما يراه بعض نقاد لباس البنطلون او الفستان..أين نضع كتابات نازك الملائكة، او فدوى طوقان، او نوال السعداوي، او آسيا جبار وأحلام وفضيلة الفاروق، هل تحت تسمية أدب فساتين وضفائر طويلة؟. اعتقد ان كتابات نزار قباني أكثر أنوثة من كتابات ميسون صقر، او سعاد الصباح على سبيل المثال، وبالتالي هذه مجرد تسميات، بالنسبة لي لملء فراغ النقاد.
@-ما هي أحلامك وطموحاتك التي تتمني تحقيقها وتسعي لتحقيقها ولم تحققيها بعد؟؟؟؟
هناك طموحات ليس لها حدود..أصارع أحلامي كي أساهم في بناء مجتمع صالح، في تربية النشا ككل، لأنني فعلاً أتألم عندما أرى أن هناك تراجعاً في جوهر الأمة، وهو التعليم والتربية..القوة الحقيقية تكمن في الفكر والعلم والتربية والمعرفة والثقافة… هذا بشكل عام…احلم أن أرى نجاح أولادي في حياتهم الدراسية والعائلية، لأنهم هم جوهر حياتي…طموحي لا يتوقف، لأنه لو توقف، تتوقف الحياة معه… لذلك انهض كل صباح بأمل في عمل جديد، في خطوة جديدة في حياتي. لقد تعلمت من زوجي أن اليأس مهنة الضعفاء، وأن الانسان، دون برنامج حياة، مجرد بهيمة أنعام، لذلك وطنت نفسي على تجديد حياتي باستمرار، وفي الحقيقة نجحت، في تحقيق الكثير من أحلامي الأدبية والمادية..غير أنني لا أزال أطمح للكتابة بشكل أفضل، وتحقيق ذاتي بشكل إبداعي يثير اهتمام القراء.
@-ما هو تقييمك للشبكة العنكبوتية؟؟؟ وهل صحيح أن مضارها على البشرية أكثر من منافعها ولماذا؟؟؟؟
كل ما اخترعه الإنسان فيه منفعة وضرر، لكن خيارات الإنسان، هي التي تحدد ما ينتفع به، او العكس. لذلك اعتقد أن فوائد اي شئ مخترع، يتحدد في المفهوم الحقيقي والصائب للإنسان، فعقل الإنسان، يجب ان يختار أين الصح والخطأ !؟ الشبكة العنكبوتية او شبكات التواصل الاجتماعي، هي بمثابة ثورة الكترونية، فتحت مجالاً واسعاً لتواصل الناس فيما بينهم، وفيها أيضاً مضارها الأخرى، وعلينا أن نعرف كيف نستفيد من ايجابياتها فقط...كمل تعرفون، تأسست الإنترنيت في البداية من طرف باحثين، في قوات الدفاع الأمريكي، لأغراض عسكرية وحربية وتجسسية، ثم تبلورت في العالم المدني، لأغراض علمية، مما أتاح للبشرية فرص كبيرة جداً، للتواصل الاجتماعي السريع والفعال، وها نحن نستفيد منها لنشر أعمالنا الإبداعية والصحفية، وجعلت لنا العالم قرية صغيرة بالفعل. ، بالنسبة لي خدمتني كثيراً للعودة للإبداع والنشر والتواصل مع أصدقاء شعراء ومبدعين في العالم، لو استعملها الإنسان بالشكل الصحيح، لا ضرر فيها، بالعكس، فهي منفعة كبيرة لكل شرائح المجتمع .
@-ما هو رأيك بوضع الطفل العربي بشكل عام، والجزائري بشكل خاص، من النواحي الصحية والاجتماعية والتعليمية والترفيهية، وهل الطفل الجزائري والعربي بعامة يلقى العناية اللازمة من أنظمة الحكم العربية والمؤسسات الخاصة؟؟؟ وهل أنت راضية عن تشغيل الأطفال في إعمال تدر عليهم دخلاً مالياً؟؟؟؟
حقوق الطفل العربي على العموم مهضومة. وما آلت إليه بعض الدول العربية من حروب أهلية ،وتراجع كبير جداً في ما يخص حقوق الإنسان العربي ككل، مما ترك آثاراً سلبية في تنمية حياة الطفل، تنمية صحيحة، فهو الآن، يعاني مشكلات التخلف المعروفة، تخلف في الصحة، والحياة الكريمة، والتعليم والتلاحم الأسري في غياب الأبوين. وكذلك ما خلفته الحروب من تشرذم، وتشرد وتشتت...وكلما يكبر الطفل، تكبر معه كل الأمراض والأزمات، وبالتالي سيكون رجل المستقبل ناقص من كل المقاييس الإنسانية، لخدمة مجتمع صالح، أما الطفل الجزائري، وما أتاحت له من قوانين، وفرص للحياة الكريمة، والتعليم المجاني، والإجباري منذ الاستقلال، والرعاية الصحية المجانية، يعتبر أكثر حظاً من الكثير من الأطفال العرب، حيث تتكفل الدولة بالرعاية الصحية، والتربوية، وحقوق الحفاظ على حياته، كطفل يتمتع بالحماية من استخدامه، وعقوبة كل من يشغل طفل قاصر الخ.
@-هل تعتقدي بان هناك تقصير في الكتابات المتعلقة بالطفل العربي والموجهة له شخصياً، من قبل الكتاب العرب، وما هي الأسباب التي تحول دون اهتمام الكتاب العرب بشكل عام بالكتابة للطفل العربي؟؟؟
ربما التقصير، هو من طرف الدول والمؤسسات في التشجيع والنشر، لكن في الآونة الأخيرة، ومن خلال شبكة التواصل الاجتماعي، اكتشفت هناك أدباء يهتمون بأدب الطفل.. هناك نقص كبير مقارنة بالغرب، الذي يهتم منذ القديم بأدب الطفل، وخاصة من حيث الرسوم المتحركة التي أراها الأسهل والأقرب لتعليم الطفل، خاصة في المرحلة الأولى لنشأته، وهذا هو الغائب في مناهج التربية في العالم العربي، وهناك تراجع كبير في توظيف المطالعة في المناهج التربوية في المدارس، كما لاحظت في الجزائر غياب تام لتشجيع المطالعة، وهي المحفز الأول للاهتمام بالكتابة للأطفال. وساهم تحرير سوق الكتاب، في تراجع مستوى الكتابة للأطفال، فقد أتاح فرص للمستثمرين في إنتاج الكتاب التجاري، الذي لا يحترم المقاييس البيداغوجية. مما جعل المستوى تطغى عليه الرداءة، مقارنة بالثمانينيات، عندما انتهجت الدولة سياسة الإشراف على النشر للأطفال. فكانت هناك لجان من أساتذة تربويين، ونفسانيين يراجعون ما يكتب للطفل قبل الطبع..وقد أتيح لي في تلك الفترة، فرصة طبع مجموعة من قصص الأطفال، وهي من المبادرات الأولى في الجزائر، ورأيت حرص المشرفين على كل كلمة وصورة موجهة للأطفال .واعتقد حان الأوان، ان نهتم بهذا الجانب الحساس. والمهم جداً لتربية الطفل العربي، تربية سليمة من خلال تشجيع الكتابة للأطفال، وترسيخ فكرة المطالعة للطفل، والاهتمام بقصص التراث العربي والشعبي، وتوظيفها في الأدب التربوي للطفل.
@-من هو الشاعر الحقيقي في رأيك الشخصي؟؟ وهل كل من كتب بيتين من الشعر يمكن ان نقول عنه شاعرا؟؟؟؟؟
الشاعر الحقيقي نادراً ما نجده في هذا الزخم التكنولوجي الحديث. حيث فتحت فرص كثيرة، لكل أنواع الكتابات، وتعبير الناس عن مشاعرهم وخواطرهم، هذا جيد على العموم، ولكن الشاعر الحقيقي، يتميز عن الآخرين، بقدرته على إثارة اهتمام القارئ، والتعبير بدوره عما يجيش في قلبه..الشاعر الحقيقي هو من يملك عقول وقلوب القراء، بما يبدع، وفي رأيي إن ذلك لا يتاح إلا لشاعر حقيقي غير مزيف .
@-ما هي نصائحك للمبتدئات بكتابة القصيدة الشعرية ويردن الوصول بسرعة حتى يصبحن شاعرات مشهورات؟؟؟
نصيحتي الأولى هي المطالعة، من اجل تنمية الموهبة على أساس صحيح، لان الموهبة، هي الأساس، غير ان الثقافة تصقلها. ومن لا يملك موهبة وثقافة كافيتين، لا يمكنه أن يحقق ذاته في الكتابة بشكل صحيح..وأيضاً المثابرة والتواضع مهمان جداً للمبدع الحقيقي، فكلما قال الشاعر وصلت، ظهرت في افقه قمة أخرى، عليه صعودها.
@-ما هو رأيك بقصيدة النثر، وكيف تختلف، عن القصيدة في عصرنا الراهن، سواء القصيدة العمودية او الحديثة؟؟؟
قصيدة النثر هي فن من فنون الأدب، لها قواعدها وأسلوبها المتفتح. على اللغة والتعبير المطلق على أحاسيس المبدع، بكل حرية لذالك. انا أميل إلى قصيدة النثر لأنها تتركني اعبر بكل حرية، وبدون تقيد ببحور وقوافي الشعر الموزون.. اختلافها واضح كما ذكرت، لا تتقيد بأي قيود الوزن في الشعر .
@-ما هي أوجه الاختلاف والشبه بين القصة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا، ومميزات كل منهم عن الأخرى، وهل تؤيدي كتابة القصة القصيرة جدا؟؟؟؟؟؟
القصة القصيرة جداً او القصة الومضة، ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي في أوربا، من احل أن تواكب الجيل على التكنولوجيات الحديثة، التي تتطلب السرعة والاختصار.. .وتميز بكثافة الحدث، أكثر من السرد القصصي المعروف في القصة الكلاسيكية. وتصور كل الأحداث في اختزال الجملة، بمعرفة الحدث من خلال ذكاء القارئ.. أنا خضت تجربة القصة الومضة والقصيرة جداً مؤخراً، وفزت بعدة جوائز على المستوى العربي .. لكنني. وجدت نفسي اختنق. في حصر قصة في كلمات لا تترك القارئ يسافر في البعد الحقيقي للقصة، ولا أأيد هذا. النوع من الأدب، حيث تختصر القصة في جملتين فقط .. وأخشى أن تندثر القصة الكلاسيكية، ولا يصبح لها وجود .. وأنا مع القصة الكلاسيكية التي تتركنا نبحر في عمق الحدث، وجماليات السرد الإبداعي.
@-ما هو تعليقك على الثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية والتي تقول: ان المرأة ناقصة عقل ودين، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، وان ثلثي أهل النار من النساء، وان المرأة والشيطان رضعا من ثدي واحد، وما ولَّوا قوماً أمرهم امرأة إلا وقد ذلوا، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة وحتى اسمها عورة؟؟؟؟
هذه الثقافة هي نتاج لتراكمات أفكار خلفتها للأسف، مجموعة من شيوخ يدعون إنهم أهل الفقه والسنة، نصبوا أنفسهم أوصياء على الله في الأرض، فكانت نتيجة فتاواهم وأمراضهم النفسية، هذه العقلية التي توارثتها أجيال، لم تمحص هذه المقولات، ولم تعقلنها، بل انغلقت فيها بدورها، وجيلاً بعد جيل، أصبحت تلك ثقافة وتقاليد وأعراف أمة، كانت خير أمة فأصبحت أعرُّ امة، لأنها همَّشت نصفها الحيوي، الذي يربي المستقبل، ويسهر على بناء الأمة من الداخل...وها هي النتيجة ماثلة أمامكم... التطرف، والعنف، والجريمة، والمخدرات، والكسل، وكل ذلك، تسهر المرأة في بيتها على تقويمه وتصويبه في أبنائها، قبل خروجهم للمجتمع، لكن للأسف، ثقافة فقهاء الظلام، سلطت عليها الجهل، والثقافة الحديثة وضعتها بين خيارين، أحلاهما مر، بين العودة لثقافة القطيع، او الاغتراب في ثقافة الغرب.
@-ما هو رأيك بظاهرة زواج بعض الرجال في المجتمعات العربية من فتيات قاصرات، على أساس قولهم أن الرسول الكريم، تزوج من عائشة في عمر تسع سنوات؟؟
هذا تخلف وتعسف وجريمة في حق الفتاة المراهقة، التي أنا اعتبرها طفلة لا تعي مسؤولية الزواج، وهذا راجع للتطرف الديني. وتفسير للدين الإسلامي الحنيف، إلا ما يليق بأفكارهم الوسخة..الم يقل الرسول الكريم (ص) اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد. وعلموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل، وكان يقصد هنا كل من الذكر والأنثى .. نحن في عصر العلم والتطور لذالك. لا مقارنة بعهد الرسول الكريم ( ص). وأيضا هناك اختراق للقوانين، نحن في الجزائر، القانون منع زواج القاصرات، حتى سن الرشد، لكنهم يزوجونهم باسم الدين، ويكون العقد بالفاتحة، حتى تبلغ سن الرشد، والمصيبة عندما يولد لهما طفل، لا يحصل الطفل على حقه في التسجيل في الأحوال المدنية، لأن والديه تزوجا خلافا للقانون، الذي يمنع زواج القاصر!؟ وهذا ما يترتب عليه مشاكل، يجنيها الأولاد، وأيضاً يحدث الطلاق المبكر، والزوجة، لا يحق لها ان تطالب بالقانون. ولا تعتبر مطلقة قانونياً.
@-ماذا تعلمت صديقتي من خلال تجربتك المعيشية؟؟؟
علمتني الحياة، ان لا أرضخ أبداً، للتخلف والظلم، وان لا انظر إلى الوراء في اتخاذ قراراتي، أنا متأكدة إنها صائبة، لأنها نابعة من فكر ورؤية...علمتني الحياة أن أسابق الزمن، ولا يمر على يوم إلا وأبدع او أساهم في خدمة وتوعية الآخرين، من اجل حياة أفضل..علمتني الحياة أن الحب عطاء وتضحية، ولن ننتظر المقابل حتى نتقن توازن نجاح الحياة الزوجية او العائلية عموما..وعلمتني. أن الألم لا يولد من العدم، هناك يد في إيذاء الآخرين، وبالتالي يجب القضاء على الظلم في هذه الحياة .. وذلك بالمساهمة في نشر الحب والرحمة في قلوب البشر .!؟
@-ماذا يمثل الحب في حياتك، وماذا تقولي عندما يموت الحب بين البشر؟ وهل أنت مع ظاهرة الصداقة، والحب، والزواج، عبر صفحات التواصل الاجتماعي؟؟؟
الحب هو شريان الحياة النابض، وبدون حب تنعدم الحياة...عندما يموت الحب بين البشر، نصبح أشياء متحركة..غير أنني اعتقد أن الحب لا يموت أبداً في قلب الإنسان، لأنه المودة والرحمة التي وضعها الله فيه، مثلما وضع الحياة في الجسم، وبدون ذلك، تفقد حياة الإنسان معناها، ويفقد الشراكة والتضامن اللتان بفضلهما تمدن وتثقف وكتب الشعر وسما بحياته على المخلوقات الأخرى...وفي كل ذلك، لا يهم أن يكون هذا الحب، بدايته من شرفة جوليات وروميو او عبر صفحات التواصل بأشكال أخرى.
انتهى موضوع لقاء وحوار ثقافي واجتماعي
مع الكاتبة والشاعرة الجزائرية سليمة مليزي

شهر نسيان افريل2015




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق