أبحث عن موضوع

الجمعة، 25 يناير 2019

سفر العباءة ....................... بقلم : رند الربيعي// العراق






. ابّانَ الإحتلالِ الأمريكي للعراق، كنتُ في

أحدِ شوارعِ بغدادَ... أسيرُ مرتديةً العباءةَ

العراقيةَ، المفروضةَ حينها علينا معشرَ

النساء، بينما صديقتي (ريتا) ترتدي الوشاحَ

على رأسها.

كلُّما دخلتُ زقاقًا أَجدُ عُصبَةَ شَرٍّ تُلاحُقُني؛ اثنانِ Made in u.s.a وَ ثالثهم كَلبُهم المترجم!

تيقّنتُ اني قَصدُهم في متابعتِهم، و ليسَ

شخص آخر بحيث خطواتهم سريعةٌ جدًا،

وَ غزالُ الفلاةِ نافرٌ مِنْ وُحُوشٍ مسعورةٍ تلاحقهُ...

ُ زادَ يقيني اكثر حين نَبحَ عليَّ كلبُهم

وَ قطعوا الطريقَ:-

-- قِفِ! أنتِ متهمةٌ!

قَطَبْتُ حاجِبَيَّ وَ قلتُ:-

-- يا الهي! أيُّ تهمةٍ هذه، وَ أنا ربَّةُ الحبِّ

وَ الجمالِ، وَ واهِبةُ الخيرِ وَ النماءِ!

قالوا:-

-- ما الذي تحملينهُ تحتَ العباءةِ؟

أخرجتُ كِلتا يديّ...

-- لا شيءَ!

اعتقدوا أني أُهَرِّبُ أسلحةً للمقاوَمَةِ البطلةِ.

دارَ بينهم حَديثٌ، عرفتُ حينها ما يدورُ

في رؤوسِهم العفنةِ...

كيف أني امرأةٌ ولا أخافُهم أو أرتعدُ مِن أسلحتِهم. سألتُ مترجمهم:-

-- ما التهمةُ التي أوقفتوموني بسببِها؟

عندها... أخرج أحدهم جهازًا يشبهُ كشّافَ

تيّارِ الكهرباء في الاسلاكِ. طلبوا بِوَقاحةٍ

ابعادَ عباءتي، فرفضتُ...

وَ راحتْ أصواتُ جهازِهم الخبيثِ تَتوالى بمجردِ ما اقتربَ منّي. زَعَقَ أحدُهم بخبثٍ:-

-- Oh! My God!

وَ فهمتُ... بَلْ قَدَّرتُ كَمْ تملكتهم الدهشةُ

وَ أنا أحملُ هذا الأنتماءَ للوطنِ وَ العشقَ

الأصيلَ، لغاباتِ نخيلهِ وَ أهوارِهِ

وَ مشاحيفِها تتهادى في القلبِ!

وَ مِن بُعدٍ يَشمُّونَ رائحةَ خبزِ تنورِ الطينِ...

آهٍ يا حفيدةُ عشتار، آلهةُ الحبِّ وَ العطاءِ،

كم أنتِ ممسوسة بعشقِ الأرضِ وَ تحملينَ

في رحمِك الرّجالَ تِلوَ الرّجالِ!

وَ قَطعًا سنركعُ في يومٍ ما، وَ نَلعَنُ اللحظةَ

التي دخلنا فيها العراقَ!

فَمَنْ يسكنُ مَنْ؟

أَ تاريخُ العراقِ وَ أرضُهُ وَ ناسُهُ،

يا امرأةً..

خَلَّدوكِ في سِفْرٍ لَنْ يُمْحى؟

أمْ أنَّ وُجودَكِ عِنوانٌ لهذا الخلودِ؟!!

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٢‏ شخصان‏، و‏‏أشخاص يبتسمون‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق