من لديه قطعةُ أرضٍ صغيرةٍ يحاربُ أعتى المحاربينَ ، و لا يذبلُ قلبٌ يدركُ سرَّ الحياةِ ، ويسري في شرايينهِ نبضُ السَّحابِ ) قالت لي شجرةُ صنوبرٍ تسكنُ ضلوعي منذُ الأزلِ حينَ لامستْ روحي ، و قرأتْ فصولَ يأسي الباردةِ ذاتَ خريفٍ .
نعم يا أمي أنا لستُ بلداً مهجوراً أو أرضاً مجدبةً ، جيوبي ملأى بالأملِ ، ودناني مترعةٌ بالإيمانِ ، نفسي تسورها جيوشُ الإرادةِ ، أحاسيسي كرومُ شعرٍ ، إلى مملكةِ النغمِ أنتمي ،تغذيني سواقي الحنين ، ويرشفُ أحزاني نايٌ أودعتهُ في درجٍ مكسورٍ ، فكيفَ تذوى حقولي وفي مقلتيَّ أحلامُ نهرٍ ، وبين يديَّ رعشةُ حياةٍ ، و على ثغري معطرةُ حرفٍ ؟!
فلاحةً صغيرةً أصبحتُ مذْ زرعتُ غرسةَ الجمالِ في صدري ، فأتقنتُ طقوسَ الزراعةِ بين البشرِ ، أحرثُ أيامهم بالشوقِ ، وأسحقُ زؤوان غرورهم بحجرِ التواضعِ و أعتِّقُ حبَّهم ، أصوغُ آلامهم أغاني .
لايغرَّنكَ أيها الجاهلُ تجاعيدَ جبهتي أو أخاديدَ يديَّ ، إنها قشورٌ زائفةٌ كزبدِ البحرِ ،والعمق زاخرٌ باللآلئ والمرجانِ
ولا يخدعنَّكَ منظرُ الخريفِ الشاحبِ في نهاراتي ، فالسماءُ حبلى بالسُّحبِ الواعدةِ ، ستعشبُ سهولي ، وتنعشُ أوراقي الصفراءَ ، و إن مكثَ الشتاءُ طويلاً لن أبالي ، سأستعيرُ من مواسمِ الفرحِ المؤجَّلةِ بصلةً أصيلةً أزرعها في أصيصِ روحي ؛ لتكونَ شجرةً وارفةً تستظلُّ في فيئها أزمنتي المجدبةُ ، وتسيلُ عذوبتها جداولاً تسفحُ حنظلَ الليالي المرةِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق