خيمة على فوهة الخواء تكدّستْ ، عمادها معوجّ أثقل القهر ظهره فطأطأ ينتظر خلاصا . على عاتق الأيّام كتبتْ رسالة نجدة ، ركضتْ خلف السّاعي تخطب صدقه ، في عنقه علّقتْ أملا محتشما يُداري لوعة دفينة.
هذا الزّمن الشّاهد على جراحات المكدودين تهزّه الأحزان بين الحين والحين فلا يتوانى في جلد السّاعات يستحثّ انقضاءها ، يعقد الضّوء على فوهة غد متلكّئ ، يضربُ الظّلمة بسياط الرّغبة ، يُحاذر عبور الصّراط خشية الوقوع في براكين جديدة . هذا الزّمن يُرهقه ثقل المهمّة ، يلهثُ بغية صيد فرصة ، عِتقٌ من قمقم منحوس لكنّ المواقيت تتسرّب من بين يديه، تركلها غيلان خفيّة فتتمرّد عليه ، خلفها يركضُ فتنقطع أنفاسه . كلّما حاول يشتدّ الحصار وتصمّ الأذنان ، طنين وهذيان حدّ الجنون .إرهاق يكاد يجرفه إلى تسليم مقيت ، وحدها تلك التعويذة القديمة ، حكمة القدر على صدره تنجيه من اللّهب.
من أجل ذاك لملم جهده واستبسل ، كسر حدود العجز ، فتح صندوقا عتيقا فيه تجلّت أسرار ، أحجيات قد لا يصدّقها العقل الغارق في الأسى لكنّ القلب والحدس ينبضان لهفة ، يتوقان لمعجزة فيمدّ أليد ويخطف كمشة من خيوط ملوّنة ، يُلوّح بها للحاضر، في وجهه يرفعها ، ذي ألوانك السّجينة تهفو لصدرك ، لحجرك ، للرّبيع على ضفاف عمرك . ابتسمْ يا هذا ، وعْدٌ منّي أنْ أنصفكَ ،أن أصالحك مع النّور ,أن أقتصّ من الظّلمة الجائرة . تمعّنْ هذه حلّتكَ الجديدة نسجتها من أجلك ، عريسٌ أنت والغد بيننا ميعاد.
ارفعْ رأسكَ ، صوّبْ عماد خيمتكَ، لا تخشَ الثّلج المكدّس فوقها وحولها بل فيه عمّدْ أيّامك التعيسة ، كنْ كالأرض كلّما أثقلتها الثلوج ازدادت خصبا ، اجعل آلامكَ منبع فرج وفرح ، وحدكَ القادر على جعل الخيمة قصرا عامرا ، وحدكَ منْ يُحوّل الشّتاء ربيعا زاهرا ، في مهبّ الحُلم علّقْ أمانيك ،
عانقْ غدكَ وتنفّسْ ..تنفّسْ.
تونس....12 / 1 / 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق