أبحث عن موضوع

الخميس، 29 يناير 2015

من مجموعة خواطر " صباح الخير " الصباح الثالث............ بقلم الشاعر : محمد مثقال الخضور /// الاردن




اليوم . . ماتَ جارُنا "أبو أحمد"
بـيـني وبـيـنـه ثلاثونَ عامًا .. ورصيفٌ ..
وخرافةٌ لم يـنـتَـهِ بعدُ من سردِها
لكي يُكملَ انتقامَهُ من الحقيقةِ التي أَوجعـتْـهُ ..
حينَ كانَ قادرًا على قولها !

وبيننا أَيضًا غَصَّتان أَخفيتُهُما عنه وعنِّي
خوفًا على الروايةِ من قسوةِ الفصلِ الأَخير

فغصَّةٌ رفعتُها بعينيَّ على عمودِ نورٍ قربَ بيتهِ
حين قال لولدهِ : إِنَّـهُ ليسَ موجوعًا

وغصَّةٌ تركتُها أَمام قبرهِ ..
حين أَلقى عليَّ نظرتَهُ الأَخيرةَ
ووعدتُهُ أَن أَعودَ إِلى بيتي
وأَن لا أُنفقَ الليلَ كُلَّهُ مُتسكِّعًـا
بين أَسئلتي الجريئةِ والزوابعِ الحائرة
تلك الأَرياح الطريدة التي تُغيظُها فكرةُ الوطن !
تُـهَجِّـرُ الغبارَ الآمنَ . .
تُـعيدُ توزيعَ القمامةِ على طريقِ المساء
فَـيَـتـوهُ أَهلُ الحارةِ عن بيوتهم !
وتحملُ أَيضًا – لو أُتيحَ لها – بعضَ أَوراقِ الشجرِ
لكي تُسمِّدَ غُربتها .. وتصنعَ لها في دهاليزِ الفضاءِ ظِلًّا

لا أَدري أَيَّــةُ زوبعةٍ تَـعهَّدتْ بِلملمةِ حكاياتِ الرجل
التي نسيها في ذاكرةِ الصغارِ . .
وتهجيرها إلى فراغاتٍ بعيدةٍ عن ذلك الضجيج
الذي تفتعلُهُ الشمسُ لكي تُـثبتَ اختلافَها عن بقـيَّـةِ النجوم . .
بالقيظِ . . وفضحِ التفاصيل !

ولا أَدري إِن كانَ قد أَخذَ معه نظاراتِهِ وحبوبَ الضغطِ والعُكَّاز
لكي يستمتعَ برؤيةِ الأَرضِ من هناك . .

ربَّما يقتنعُ أَنَّ فيها أُناسا لا يُـقـتَـلون إِلا مرَّةً واحدةً
فيعتذرُ عن شتائِمِهِ التي كان يَكيلُها لي . .
كلما أَحسَّ بأَنَّـني لا أَتَّـفـق معه على أَسبابِ الهزيمة !
وربَّما . . يبعثُ إِليَّ بنصيحةٍ وإِكليل
يُسهِّلانِ مُهمَّتي مع الزوبعةِ القادمة !

عليَّ الآنَ أَن أَخترعَ طريقةً جديدةً لفهمِ خيباتِ الأَملِ
وأَن أَعثرَ على سببٍ آخرَ للدهشةِ .. والبكاء
لكي أَحفظَ التوازنَ بين الغبارِ وما بَـقيَ في رصيدي من الهواء !

لستُ مُضطرًّا للجلوسِ على ذاتِ الكرسيِّ
لكي أَرى العالمَ كيفَ يَـفـتُـكُ بالجالسينَ عليهِ
كما أَنَّ الزوابعَ ليستْ مُضطرَّةً لتغييرِ طريقِها
ولا للانتظارِ ثلاثينَ سنةً أُخرى ..
لكي تجمعَني ثانيةً بأَبي أَحمدَ
فيُكملُ - على مسامعي - سردَ خُرافَـتِـهِ الأَخيرة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق