شعر جمعي من إنتاج مصنع الشعر*
-1-
أكثر الأصوات رعباً
في ظلمة المنفردةْ
صوتُ أحذية تقتربْ:
جلسة تعذيب جديدة.
حذاءً حذاءً
أذكر جلاديّ كلّهم:
البنيّ ذو الأنشوطة،
الأسود اللمّاعُ،
وصفٌّ من جزماتٍ عسكريةٍ متشابهة.
ما أذكره أكثر
آلام ركلاتهم
في الخصيتين والخاصرةْ.
-2-
سبعُ فردات على العتبة:
أحدهم
أُهدي لغماً ذاتَ حرب.
لم تكن طيوراً
تلك التي كانت تطير
أثناء الغارة الجوّية؛
كانت أحذية.
إمعاناً في موته كأنما،
لم تُدفن فردتا حذائه معاً:
فواحدةْ
بقيت تحت الأنقاض مهملةْ،
وواحدةْ
في حضن زوجته مبلّلةْ.
-3-
حينما تكون لمعة الحذاء
جوازاً لاحترام الآخرين لك،
فسلاماً على العقل والمجتمع.
لو أننا نفهمْ
أنّ اختلافنا
كاختلاف الأحذيةْ
لما تطايرتْ
كلّما اختلفنا أحذيةْ.
-4-
كلما تذكرتُ أننا النوع الوحيد
الذي يقتلْ، لا ليأكلْ
بل ليلبس أحذيةْ،
ضاق في قدمي حذائي.
تلك الحية السوداء،
الغزال والنمر المرقّط..
كم هي جميلة
وكم ستصير أحذيةً جميلة!
حذاءً حذاءً
تتناقص الحيوانات في الغابة؛
حذاءً حذاءً
تتزايد جرائم البشرية.
-5-
البارحة مساءً،
عدتُ إلى البيت لأجده
مقلوباً على ظهره وقد فارق الحياة:
توفي حذائي عن عمر يناهز سبعَ ملايين خطوة.
خواطر
منذ أن بدأ الإنسان يلبس حذاء، لم يعد يحسّ بنبض الأرض في قدميه.
لطالما اختلف الإنسان والأرض: أيهما وجه الحذاء؟
أليس البشر النوع الوحيد الذي يختلف وقع خطى أفراده؟ الأحذية أوضح تعبير عن الفردانية!
ربما لاحظتَ كيف أن كل حذاء جديد يفرض عليك إيقاعاً خاصاً في المشي. فإذا تذكرتَ عدد الأشخاص الذين ساهموا في صنعه، أدركت أنك غير حرّ في مشيتك أبداً. أليس هذا ما يدعونه قانون الكون؟
لو صنع أحدهم قبعة على شكل حذاء، ماذا سندعوها: قبعة أم حذاء؟
- وكم قدماً ستكون للذي يلبسها؟
رغم أنّ الحذاء يُلبَس في القدم، إلا أنّ العيون والأدمغة وحدها تهتمّ لما ننتعل.
أعتلي النعل ليعلنني للعلا.
---------------
* ابتُدئت هذه القصيدة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، وأُغلق باب المشاركة في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2007. شارك في كتابة القصيدة خمسة أشخاص على الأقل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق