قرية أسكنها على ضفاف دجلة الخير، يمتد شريط من الغاب عامرة بأشجارها في ما مضى، واليوم تبدو كالحة على هياكلها الخشبية، الصيف جاء مبكراً بقي طويلاً كفيفاً كوباء خبيث، نهر كان عاتياً أصبح جزراً رملية صغيرة، تزحف على الأطراف والصدر والبطن كمرض الجذام
والماء يتلوى بألم بين هذه الكثبان، يريد التملص والتحرر ليعاود انسيابه الخيّر، النهر يواصل تراجعه ويسري ماؤه ببطء شديد مثل قطرات الماء المغذي لعليل في السرير يحتضر، عويل النساء وبكاء الأطفال امتزج مع صياح الديكة وقرقرة الدجاجات وهديل الحمام الخافت الذابل وتغريد البلابل الخافت، تبحث عن قطرة ماء، الناس «يمشون سكارى وما هم بسكارى» كأن هذا آخر عهدهم بالدنيا، خرج الناس جميعاً إلى فضاء واسعٍ رحبٍ بصوت واحد مجلجل رفعوا أيديهم إلى السماء بالدعاء ومكثوا طويلاً بالدعاء، استجاب القدر لاح البرق وطربت السماء رفعوا وجوههم يريدون تقديم أنفسهم قرابين للسماء ومعطاءها، اختفت الجزر الرملية سارت الموجات ضاحكة مبتسمة كأنها تُلوِّح للنساء للأطفال فرحاً لعطاء السماء، الذي منعه البشر!!
20/10/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق