مُر بحقلها أيها السحابُ ، انثرْ حفنةً من قمحكَ
وغرفةً من ذااااكَ الحنانِ ........
الجوعُ يقهقهُ بأقاليمها، يعلنُ انتصارهُ ، يحتلُّ غابَ المساكين و الفقراءِ ، يعلًّقُ ثيابَهُ المهترئةَ على مشجبِ الخذلان
ثلاثةُ أطفالٍ كالنسيمِ رقةً وكالثلجِ نقاءً ومعاملُ ضياعٍ ، شقاءٌ عتيدٌ يمتصُّ رحيقهم كما يمتصُّ النَّحلُ رحيقَ الوردِ في الرَّبيعِ
وأمٌّ باكرها المرضُ تتكئُ بعدَ انتهاءِ رحلةِ النهار على أريكةٍ أدرى بأسرارِ الوردِ حين تسحقهُ الأقدامُ ، تشكو همومها الثقيلةَ إلى حائطٍ أصمِّ أرفقَ بها من قلوبٍ كالصوانِ قسوةً .
انزل على ذلك الغابِ في المنحنى، هناكَ وردةٌ قميصُ أغصانها بالٍ ، اكتنفها الذُّبولُ في عيدِ الحبِّ ، وسرى بأعطافها اليأسُ سريانَ السُّمِ في جسدِ الأفعى ، انحنى طويلا على جبينٍ من كبرياءٍ وقامةٍ من نخيلٍ ، مقبِّلاً الخصبَ في يديها المشقَّقتين ، والطهرَ في مهجةٍ تتسامى على عرائشِ حقدٍ تسوِّرها حدَّ النًّجومِ
لا تخدعنّكَ ضحكةٌ من نرجسٍ وابتسامةٌ من زمردٍ حين ترنو إليها عيناكَ إنَّها أحسنت تنظيفهما من أوحالِ الآلامِ و تكلُّسِ الشَّجنِ . الزمن معلمٌ قاسٍ ، علَّمها كيف تتقنُ فنَّ الخداعِ حين تفاجئها أسرابُ الخيبةِ متدثراتٍ بالغبطةِ ، فكم مرةٍ رأيتُ ضحكاتٍ كقوسِ قزحٍ تقفزُ من جيوبِ أضلاعها ترتِّقُ مزقَ أيامٍ شاحبةٍ كالليلِ مرةٍ كالحنظلِ ، كالأرانبِ حين يهاجمها جقلٌ أو ثعبانٌ تقفزُ مهرولةً إلى وكرِ الأمانِ !!
أيها السَّحابُ الطريقُ إلى السَّعادة من دروبِ العطاءِ أقربُ وأكملُ ، جراركً الملآى بالتِّبرِ تلهثُ وراءَ ذياااكَ النجمِ البعيدِ فقيرةً متعبةً
تسرقها مستعمراتُ الجشعِ تبدِّدُ بريقَ الجمالِ هنا أرضُ الأحلامِ جزرٌ عذراءُ تحلمُ بأساورِ الألق وانصبابِ الغيثِ، لتبدأَ حفلةَ الفرحِ
تدفقْ كالنبعِ عذوبةً وكالنهرِ رشاقةً و الرياضِ شذاً .
ماأطيبَ كأسَ الحبورِ من شفةِ النهرِ ، وما أحلى أنغامَ النََبعِ تنشدُ الحبَّ .... ماأحلى فساتين الروضِ مؤتلقةً بالبريقِ !
ياأميري البعيدَ قطعُ السعادةِ الشَّهيةُ كالجليدِ لاتذوبُ في القلبِ إلاَّ بتوهجِ الدِّفءِ وانثيالِ المطرِ
وأبوابُ الهناءِحديديةٌ لاتفتحُ إلاَّ بلمسةِ وريدٍ وخفقةِ نبضٍ
إنَّها كالأرضِ العطشى لاتمنحكَ كنوزها إلاَّّ بالرعايةِ والاهتمامِ
وكالزَّهرِ لا يمنحكَ أريجهُ إلاَّ حين تقبِّلهُ حسانُ النَّسيمِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق