أبحث عن موضوع

الخميس، 7 يناير 2016

دفء يتكيء على الباب ( قصة قصيرة ) ................ بقلم : رفاه زاير جونه // العراق



الشمس كانت اكثر جمال وقت الشروق من الغروب ،أوراق الأشجار خارج نافذة غرفتي تبدو رائعة بشكل استثنائي، إنها كغريب تقترب مني، بعد ظلام طويل من الاستغراق في الذات والخوف والخجل من حياتي التي أعيشها. تلك الأشياء جميلة، لأنها لا تعتمد على كوارثنا باستمرار. تحافظ على دقتها العملية. وفرتها الإبداعية التي تحققها دون جهد، هي من سمات خصوصية الطبيعة. الطبيعة هذا الصباح تبدو رائعة جدا، الجو صافي من تلبد الغيوم حيث يمكن تحديده بأنه ذلك الشيء الذي يوجد دون شعور بالإثم، أن كل شيء يتعلق بنا وما حولنا كان جميل ،مع هذا فان ثمة شيء ما يبعدنا عنها، كتيار الماء المندفع للأعلى، الذي يمنعنا من ملامسة القاع الرملي رقراق يضيء بأجزاء هلالية من قشرة المحار الواضحة للعيون . طائر يحط على الغصن خارج نافذتي، يبدو ثابتا للحظات، منطبعا في الفضاء الأبيض فوق المستنقع اني أراه،مانعا نفسي من متابعة سلسلة أفكاري. مددت يدي عبر الزجاج،مسكته.أوراق العنب ذهبية،مصفرة اللون،تأخذ ضوء الشمس دون ان تعكسه،محولة الضوء المحض بجموع أطيافه ومصدره الحياتي إلى لون اصفر. هنا وهناك ثمة ذبول يشع في لون برتقالي متوهج واللون الأخضر للأوراق التي لا زالت طرية،يواصل اخضراره حتى الخريف. اذا تطلعنا محدقين عبر ضوء الشمس فأننا نرى الخضرة الشاحبة للعروق الدقيقة. ظلال هذه الأوراق تسقط على بعضها،انها مضطربة غير منتظمة.الريح ترسل خشخشة كانسة.مسرعة منطوية لإيحاءات متوحشة انها غير شريرة توحي بالإيواء .الانفتاح. الدفء.النسيم. يدعواني إلى الخارج،عينيا ترتادان،إنني محاط بالأوراق،أشجار النخيل مأخوذ بالهدوء والكون متوهجا بالأوراق.ثمة شيء يجرني للخلف عائدا بي إلى عتمتي الداخلية.الأحداث بحاجة إلى إيضاح،تصرفت بعبث،أعترف بأنني أخطأت،النمو الصاخب والغير معتنى به سيشذب. ماذا إذن؟أليس هكذا رجوع زائف؟ام مقدور أرواحنا دخلت ملاذ زمن الفناء . اننا نقف في تقاطع مملكتين.ليس ثمة تقدم او تقهقر،فقط حافة دقت حيث نقف.أتذكر بوضوح حاد سواد ثوب زوجتي عندما غادرت منزلنا لتحصل على الطلاق،كانت تبدو فاتنة،انه شحوبها ينسجم مع هذا الصباح خاصة كانت رائعة،كان وجهها أشهب كليا.متعبا،جسدها ذلك الشيء العائد للطبيعة متجاهلا كارثتنا،ظل مظهرها وإيماءاتها اعتيادية دون تنافر. قبلتني بشكل خفيف غادرت. كنت راضيا مطلقا،دارسا وضع أطفالي بعيني شخص تركهم،فاحصا منزلي كشخص يسترجع لقطات فوتوغرافية لزمن لا يستعاد،صرت كرجل يرتدي سترة واقية يقطع طريقه عبر النار،كنت أتوقع بان زوجتي تبكي الآ انها كانت تبتسم. مذهولة. جريئة،أحسست برعب لم اقدر على إيقافه،العتمة الداخلية مزقت أحشائي وأحاطت بكلانا،أغرقت حبنا.ارتد قلبي للخلف،العالم الطبيعي الذي انوجد فيه حبنا كفّ عن الوجود. مسكت ظهر زوجتي،سحبتها من سواد ثوبها ناحيتي،ثم استعديت للألم. لم يتوقف الهاتف عن الرنين كل يوم،كنت أتوقعه ان يفكّ بعض الاشتباك الجديد للنتائج،جئت للاختفاء في هذا المنزل،لكن ثمة اصوات ترعبني. الريح،غصون الأشجار،حيوانات غير مرئية مشحونة بصمتها الكهربائي،الريح واصلت تحريك ضياء الشمس في السير خارج المنزل،المستنقع يمتد كسجادة،انه مخطط باللون الأخضر الداكن وسط مسحة من اللون البني،في الجانب البعيد.الأرض ترتفع فوق مستوى المياه.تحت نافذتي يبدو المرج أخضر بأعشاب هزيلة.هو يمتزج بالأوراق المتساقطة من شجرة صغيرة،اني أتذكر كيف جئت في المرة الأولى لهذا المنزل،مفكرا بأنني تركت منزلي ورائي،ذهبت للسرير وحيدا.شرعت في القراءة،كشخص يقرأ كتب متفرقة في منزل مستعار،بضع أوراق من طبعة قديمة. نومي متقلبا،لدرجة اني خلال اليقظة شعرت كأنني ما زلت أقرا في الكتاب.ضوء القمر يرتجف عبر الأغصان العارية لشجرة فتية يبدو أنني كنت متفتحا بشكل كلي وضائعا كامرأة مشبوبة العاطفة،حرة واقعة في الحب،دون ظل.كانت يقظة رائعة،لكن في الليلة القادمة عدت إلى منزلي.حيث الظلال المتوحشة الجاثمة على أوراق العنب انتقلت،زاوية الرؤية تبدلت،اني أتخيل الدفء يتكأ على الباب،افتح له الباب لأدعه يدخل،ضياء الشمس بتسطح يسقط على قدميّ كشخص نادم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق