أبحث عن موضوع

الخميس، 18 فبراير 2016

.الخال يحتمي بالعباءة ( قصة قصيرة )................. بقلم : كاظم مجبل الخطيب // العراق



في ليلةٍ ما خرج ابن الخطيئة لدنياه باكيا ًووجههُ كفلقة قمر بعينين سوداوين واسعتين وكأنهُ أخذ من امّه ِساجدة كل ملامحها لكن اباهُ لم يعترف بشرعيته فتخلّى عنها وهي تخشى اعلان فضيحتها امام الناس .زيّن الوليد وجمّلهُ خالٌ على كتفه الايمن. ضمّتهُ الى صدرها ليرتشف من حليبها طوال تلك الليلة. لكن امها مع حلول الفجر انتزعتهُ من حضنها وقررت رغما على ابنتها التخلص منه او ان تقتل فيما لو علم اخوتها بهذا الامر جزاءً لخطيئتها. مع اشراقة الشمس توجّه الثلاثة والرضيع ملفوفٌ بقماطه الأبيض ليُتركَ قرب احدى الزائرات وسط زحمة المكان المكتظ بالنساء عادة لقدسيته. لم تنتبه السيدة الغريبة الى من يجالسها الّا حين سمعته يبكي فتناولتهُ بيدها وكأن الله بعثه اليها ليعوضها عن ما حرمت منه وهي الان بعمر الأربعين. لم تثر الشكوك حولها حتى حملته الى منزلها الكبير ليصبح الدكتور ماجد بعد ثلاثين عاما وريثها وابنها الوحيد ولكنها قبل وفاتها اخبرتهُ بحقيقة احتضانها له وهو مصدّقٌ لروايتها والان هو من امهر الجراحين في المستشفى .ساجدة لم تترك مراقبة ولدها منذ ان أجبرت على فراقه فهي تعرفت على السيدة وراقبتها من بعيد واهتدت الى منزلها دون ان تظهر في حياتها ولا حياة ولدها وهي ان اتخذت من عمل الخدمة والنظافة في المستشفى وسيلة لعيشها فلأنها تريد البقاء قريبة من ابنها الطبيب بعد وفاة امها وانكار اخوتها لها لتبقى وفية لولدها. أصبحت معروفة بالشيخة ام غايب فهي متعبّدة متهجّدة مستغفره وقدّيسة في محراب صلاتها ليلا وهي الفراشة الخلوقة والمحبوبة التي يحترمها الجميع نهارا حتى ان مدير المستشفى كثيرا ما كرّمها امام المنتسبين لأمانتها واخلاصها.. في صباح ما صار الموظفون من الأطباء والممرضين والفراشين يحيطون بأم غايب التي لم تحتمل الانتظار فراحت تطلب ان يجيئها دكتور ماجد فهو من يستطيع تشخيص مرضها فاستأذنتهم بأغلاق الباب بعد وصول ولدها وها هي تتمكن من النهوض بقدر ما تبقّت لديها من قوة لتحضن ولدها وهي تدعوه ليكشف عن كتفه الأيمن ذي الخال. ظلّ الدكتور معانقا لامه ولم تعد بحاجة للرجوع الى سرير المرض وكأنها شفيت فأسرع ماجد يفتح الباب والاخرون ينتظرون خلفها بما فيهم خطيبته طبيبة العيون الدكتورة هيفاء ..صار يقدّم للناس ام غايب على انها امه التي كان ينتظرها ويترقب مجيئها. بينما الاخرون بدأوا يتهامسون ويتغامزون وبعضهم يستهزئون. احد الأطباء همس بأذن دكتورة هيفاء:
-معقولة هذا الجراح الكبير.!لا اصدق!!
ردّت عليه دكتورة هيفاء:
-لم لا تكملها معقولة دكتور ماجد كان لقيطاً
كان ماجد يرى في عيونهم الانكار والاستهزاء فبادر مسرعاً الى خلع قميص الأطباء الأبيض وهو يحاول اصلاح عباءة امه خارجا من المستشفى دون ان يلوّح بيده لاحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق