الثّلج يراوغ الشّمس ويسحب فوقه أشّعتّها ،فتحيل كتله الصّغيرة ،إلى قطع ألماس تعانق قوافل القمم التّي لا تتقابل أبدا ،من شرفة زجاجيّة ،في بيت منتصب في أعلى الرّبوة ، تبدو ضبابيّة الزّجاج كثيفة ،تدّل على موقد الحطب المشتعل ،كانت حركتها ،هادئة بين المطبخ وقاعة الجلوس المرتبّة بذائقة متفرّدة ،تنبعث منها روائح بخور عتيق من أرض هذه القرية ،رغم هندسة المكان العصريّة ،إلاّ أنّ العبق قديم فيه ،يحمل هلام جدّيها ،اللّذين قضيا كلّ العمر هنا ،ولازالت روحاهما هنا فهي ترفرف من سفح جبل قريب مقابل البيت ،من مقبرة ٱهلة بمن عمّروا وعبروا ،نشوة الهدوء والسّكينة ،وصوت جهاز التّلفاز الخافت ،أنعشت في أعماقها رغبة التّفكير في إعادة إحياء الأرض البور ،وزراعة البستان الذّي طالما حلمت به في طفولتها ،حول شجرة التّين أين كانت أرجوحة الحبل معلّقة على مدى زمن الطّفولة التّي قضتها برفقة جدّيها ،وطمس العمل والطّموح هذه الرّغبة لمدّة ثلاثين سنة،مهندسة زراعيّة ناجحة ،وصاحبة أفكار جديدة ،هكذا تمّ تتويحها إثر تقاعدها ،تمسك خصلات القطن الحريريّ المتدلّي من صدغها ،وهي تبتسم لأفق شاسع ،وعيناها على فستان من دونتال أبيض موّشّى بخرز أخضر بارز بإحتشام وحياء ،وخيالاتها لمشهد أرض للٱت كيف ستكون أمواجا تتلاطم في ذهنها .
،،،، لم تغب كثيرا في رحلتها بين براري السّحر ،حتّى نابها فزع من صوت المذيع ،الذّي يعلن عن حملة تفتيش عن إرهابيين توّغّلوا في الجبل المجاور ،
تمتمت في سرّها ،متى تذوب ثلوج الرّكود والفزع في بلدي؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق