يطوف في اليقظة والمنام ، كالبندول يراقص ذاكرتي على منصة الحضور واللاحضور، متحرراً من قيود المكان والزمان، تاركاً الأبواب مفتوحة ، أقتفي أثره في مرآة الأمل اللاَّمرئي فلا هو يمضي حيث نهايته ولا أنا أستقر على عتبة الحاضر.. أفور بنار متلظية تفحم الأيام وتصبح رمادا، العجائز يتناولن بألسنتهن حياتي ..ألم يكثر فيه اللهب لفحُ النار يبني جسراً بين النسيان والذاكرة محلقاً بجناحي الخطيئة والتوبة . يعود في الليل .. ينهشني في تخاطب وعَتْبٍ. ينذر نفسه وسط الفراغ ،يتغلغل في صورته الكائنة أمامي ،يتجلى شاخصا بكل التفاصيل الدقيقة، لتنبثق حوارية القاضي والمدعي على الطاولة المستديرة ، يجمعان على توجيه ورقة الاتهام لِي بجريرة.. التوحّش الإنسيّ والفجور. لوائح اعتراضي تسقط واحدة تلو الأخرى في جدلية الحوار والاختلاف. يصدر الحكم بحبسي تحت ظل قيده تاركاً له طريقة تنفيذ العقوبة.. انبرى الإدعاء العام يطلب الحكم بوضعي في قعر بئر مظلمة حتى لا يرى الأخرون صورتي البشعة ،واختار هو نوعا آخر من العقوبة. حجزي في غرفة محاطة بالمرايا من كل الجوانب وضوءٍ ساطعٍ حتى أرى كل محطات سفري الفاشلة. ووسط زحمة الأخذ والرد هوس لا يروي غليل الخصم ويشعرني بالغم. تخيلات ذاتية تعوم بالحقيقية الموحية مجهز بقوة سحيقة للخضوع لطقوس الطوفان من حولي. عذاب عبثي يجول بداخلي ، محبوس يصارعني، فحياتي عبارة عن مقاهي استراحة جال وصال فيها الباحثون عن وطن يحتضن انكساراتهم وهزائمهم، جيوش من الباحثين عن المتعة أو الهاربين من مستنقعات الجفاف.. احتضن صدري دموع البكائين وقهقهات الساخرين . فمن له الأحقية في توجيه الإتهام لي ؟ الماضي أم الحاضر؟ ..لجأتُ إلى قاضي القضاة لفك طلاسم التأويلات وإزاحة الجدار الفاصل بينهما وبنبرتي الخفيفة الخاطئة تلوت اعترافاتي ، مسارح طفولتي مليئة بمساحة غير متناهية من الإكراهات.
- الذنب ليس ذنبي، إنما هو ذنب من أوجداني وتركاني خطيئة على قارعة الطريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق