أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 2 فبراير 2016

صخَبُ المدينـَــة................. بقلم : منير صويدي // تونس





صخبٌ هذي المدينـةُ..
والأوجاعُ كثيـــرة.
صخبٌ هذي المدينـة..
والأحلام مُثيــرة.
صخبٌ هذي المدينـة..
والآمالُ أسِـيــرة.
صَخَـبٌ.. صَخَـبٌ.. صَخَـب..
والحياةُ عسِـيـــرَة..
* * *
زحْمَـةٌ هذي الشـوارعُ..
والقلبُ منّـي.. تـائــهٌ يَبْـكِينـــي..
طـفْـلٌ بـكَـى..
كَـهْـلٌ شـكَـا..
حَـمْـلٌ ثَـغَــا..
ذئْـبٌ عَــوَى..
زمَــنٌ مضَــى..
صَـرْحٌ هَــوَى..
والجسمُ منِّـي.. مَيِّـتٌ يَـرْثِـيـنِـي...
* * *
صَخَبُ المدينةِ .. في الضّحى يأسِـرُني..
زحْمَةٌ كلّ المقاهي..
بالمُفلسينَ والمُعْوزينَ..
والعاملينَ والعاطلينَ..
والصّادقينَ والكاذِبينَ..
والخاطفينَ والهاربينَ..
...
زحْمَةٌ كلّ السّجونِ..
بالقاتلين والمجرمين..
بالظالمين والمظلومينَ..
بمنْ تعَنّتَ.. و أبَـى..
أن يركعَ للظلمِ.. أو يتّبِعَ الهَوى..
بمن قال: لاَ..
في وجـهِ سلطانٍ طغَـى..
بمن قالَ للجَبابرة:" كلاّ..
كلُّنَـا نَـفْــدي الحِمـى"..
...
زحْمَةٌ.. و زحْمَةٌ.. بكلّ هـــؤلاء..
والذهنُ منّـي.. شَــاردٌ يَسْـألُـنــي..
مَـنْ أنْـتَ؟ ... يا صَـخْـرَةً صَـمّـاء.
مَـنْ أنْـتَ؟ ... يا ضحْكَـةً صفـــراء.
مَـنْ أنْـتَ؟ ... يا تِـيـهًـا.. يا شـقــاء.
مَـنْ أنْـتَ؟ ... لِـمَ جِـئْـتَ؟..
لِـمَ رَضِيـتَ بِـوَأْدِكَ..
في غـرْفَــةٍ ظـلْـمَـــاء..
في بـلْــدةٍ خَـرْسَــــاء..
في أمَّـةٍ.. تاريـخُـها المـجـدُ..
وحاضِــرُهـا التّـبَـاكـي.. والبُـكَـــاء؟..
* * *
صَخَبُ المدينةِ .. كلّ غـروبٍ.. يُـمِـيـتُـنِــي..
لا القلبُ يَسْمَعُـنـي،
لا الزّمَـنُ يـرْحَمُـنـي،
لا الأمَـلُ يَـدفَـعُنـي،
ولا الأسْقَـامُ.. تُحْييـنـي..
...
هذي النّـوارس تفزَعُ مَذْعُـورةً.. وتخْـتَـفِـي..
وتلك الـمـآذنُ.. تُشـرِق أنـوارها..وتَنْـطفـي.
وذي أرصِفةُ الشَّـوَارِع.. تَنْبِـضُ بالحيـَاة..
ثمّ تخفتُ الأصـوَاتُ.. وتنتَهـي..
.. وأنــا.. بـوِحـدتـي..
آبِـقٌ عـن هـذا الـوجُـودِ..
وبالظّلْمَـةِ... أحْـتـفِـي.
* * *
ليْـلُ المدينـةِ.. بِـوحْشتِـهِ ..
يُـؤْرِقُـنـي ويُـضْنيـنـي..
ليـلُ شـوقٍ.. يُـؤْرِق المشتَـاق.
ليْـلُ تَـوْقٍ ..يُـرْهِـقُ التّـوّاق.
ليْـلُ حُبٍّ.. يُـطـوِّقُـهُ الإخْفـاق.
ليْـلُ أنّـةٍ.. ودمعـةٍ..
يَلُفّهـا الحـزنُ.. و تنثُـرُها الأشـواق..
* * *
ليْـلُ المَدينـةِ.. يجْثُمُ علـيَّ.. ويستهْـوينـي..
يُـوقظُ الـرّوح من سُـبَـاتِ السّنيــن..
يَبْعَـثُ في القلـبِ.. حَسْـرَة.
يرسمُ في الجفـنِ .. عَبْــرَة.
يغْـرِزُ في الجسـم.. إبْــرَة.
يَـقْتُـلُـنـي.. ألفَ مرّةٍ ..ومـرَّة.
* * *
نَـثَـر الدُّجى على الرُّبَـى أوْزاره.
وتبسَّـمَ الفَجْـرُ مُشْـرِقـةً أنْـواره.
فارتَعَشَ الغـريبُ.. ولَمْلَـمَ عِظَـامـه
دوّى صَـوتُ الحقّ.. فـردّدَ كـلامـه:
حَـيّ علـى الصّـلاَة..
حَـيَّ عـلَـى الحـيـَاة..
..
انتفض القلب.. ململِما جراحه..
تطهّر من غيّه.. كمَن يُلبّي النّداء..
ارتعش نبض الرّوح.. في غسق الدُّجى..
دمدَم صوتٌ رهيب.. زَانَهُ رجع الصّدى:
"حيّ على البناء..
حيّ على الحياة.."
*******
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق