أبحث عن موضوع

الخميس، 2 أبريل 2015

الشعرية الصامتة في ومضة (حلم شفاه ) للشاعرة كه زال ابراهيم خدر .................. بقلم الناقد : علوان السلمان



الشعرية الصامتة في(حلم شفاه)

علوان السلمان

الشعر مغامرة لاختراق وطأة الوجود بتفاعل معالمه من اجل تشكيل رؤية ابداعية تتنفس داخل روح المنتج..المبدع..الخالق..
و(حلم شفاه)..النص الشعري الذي نسجته انامل منبعثة من بين ثنايا الطبيعة الكردستانية الضاحكة (كه زال ابراهيم خدر) واسهمت في ترجمته روح الابداع الثنائية لغة (بانه سيد مطر)..اذ تعبر فيه الشاعرة عن وجود شعوري وروحي للاشياء من اجل الخروج من عذاباتها والانكسارات النفسية الناتجة من واقع مازوم والتحول صوب الوجود الفاعل الذي يحقق ذاتها الحالمة..
في ليلة ساكنة
احلم بوميض شفتيك
من روح ليلة بيضاء
من قلب صخرة النار
غفوة..تاتي
اهيم..امشي
عبرت الى باحة قلبك
حلمت بيمامة براعم شفتيك
اصبحت لوحة
اصبحت مساءات مدينة
فنان رسمني.. فاصبحت ظل اشجار

فالشاعرة التي تؤنسن الجمادات ابتداء من العنوان(الشفاه تحلم)..تحاول ان تعبر عن حالة شعورية باسلوب درامي من خلال حالات ارتجاعية حالمة بمشاهدها السينارستية التي تتحدث عن خسارات في الحب والحرب بعمق دلالي يتداخل مع سياق مجتمعي يتطلب من الشاعرة التي تعيش روح الحدث فتكون(شاهد على الخراب) على تعبير ت.س.اليوت .. بشقيه الروحي والشيئي..ويصبح معنى النص هو البنية المهيمنة داخل سياقه وخارج اللغة اداة التوصيل والعنصر الجمالي المثير للدهشة..وبذلك يتحول النص الى (معنى) دون ان يفقد عناصره الجمالية من خلال تركيزه على الواقع وتدوين الحياة اليومية لتشكيل الركن المهيمن داخل البناء الشعري الذي يستقي صوره الشعرية من البيئة واستنطاق المعنى لتشكيل الرؤيا الحالمة..
الدم يكتب تاريخنا
يحول الحب الى ياس
يحول الشجرة الى وردة حمراء
يزين جراحي
تتغير ملامح الارض
اذ لا تداعب الشمس
والدم يصبح دفلة مرة
وافق الاشعار يتحول الى عشب اصفر
والياس يصبح انين ناي

فالشاعرة بدفقها الشعري وصورها المتلاحقة تكشف عن تعاطيها دلالات الواقعي والتخييلي للتعبير عن ذاتية نابعة من كينونتها والذات الجمعي الاخر بلغة تعتمد الالفاظ الحسية التي تكشف دلالاتها عن عمق مدلولاتها..
فالنص الشعري عندها منحاز للطبيعة التي جرت الشاعرة الى توظيف الالوان التي شكل حضورها على الامتداد التاريخي دورا فاعلا ابتداء من الكتب السماوية(كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر)..ومرورا بالوجود الطبيعي والكوني(القمر/فضي..الشمس/ذهبي..المريخ /احمر..عطارد بنفسجي..)..والذي انعكس على ذهن الشاعرة للتعبير عما يجيش في وجدانها..لذا كان ارتباطها برمزية اللون بشكل نفسي..فهي تصرح باللون الابيض(من روح ليلة بيضاء)لتكشف عن عالمها الوجداني من جهة وتغسل همومها وتعطير احلامها من جهة اخرى..فضلا عن انها توظف النقيض بشكل رمزي باستعمال اللفظ الدال من خلال الايقاع اللوني الذي يلامس جسد النص(يحول اوطاننا الى دخان)..وهنا تستثمر الشاعرة لفظة (الدخان) كمرادف للون الاسود..اضافة الى كشفها عن تقانات التقابل والتضاد التي توظفها من اجل تفجير طاقات اللغة بما تستحضره الذاكرة..اما توظيفها اللون الاصفر(افق الاشعار تتحول الى عشب اصفر)..فيعني انها تستخدم الترميز به ليكشف عن بؤسها وضياع احلامها..
فالشاعرة باستعمالها الاسلوب اللوني في نصها تجسد البعد الشعوري من خلال انعكاس اللون على عالمها الذاتي بوصفه مرايا عاكسة لما يراودها من احاسيس..فضلا عن كونه ضرورة نفسية منحت الصورة الشعرية قيمة شعورية وفنية واضفت عليها عمقا واتساعا..باعتمادها التدرج اللوني(ابيض/احمر/اصفر..)كونه انعكاس للتدرج النفسي الذي يسبح بين ثنايا النص من خلال محاورة الذات..
وبذلك قدمت الشاعرة نصا يختصر الرؤيا الحالمة للانسان عبر الزمان والمكان بمقاطعه الثلاثة التي تميزت بالتكثيف والتركيز والايجاز مع اكتنازها بالرؤى والمعاني بما يؤكد قول النفري الصوفي(كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة)..فضلا عن اتكائها على الجملة الفعلية الدالة على الحركة والتغيير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق