ركبنا أول نهار الماء على عَبْارة حيث انتعلنا أمواج الماء إلى حنين الزمن الواقف هنا ... لنرمي شاخص الجرف بأخر عناقيد الرغبة بالحلم والسفر في تاريخ البحر حين تكون الشواطئ محلقة على ضفة الزمن العائد إلى قباب أبواب الملوك وتاريخهم الزاخر بالترف ... هنا نقعد متقاربين ننحت من الهواء بيننا كأغنية التحديق إلى عشقنا الواصل بين ذاكرتنا والحلم الممتد بحدية المسافة وكانت أقرب من فيض الروح إلى تقاويم الجسد الرابض على مدراك الأحاسيس حيث كان هاجس الفراق عزلة المكان فكل الحواس كانت تسافر بأبجدية الأحلام ... لكن كان البعد يرمي الروح بخسارات النوم على وسادة الأرق فيزداد الوله ناقلا حواس الجسد كشوارع غادرت ألفتها ، فتدحرج بأقدامها كذوبان الشمع على طاولة الوجد والشوق ، فلا يبقى سوى صهيل الفراغ يعاند الذاكرة بالحلم ، كانت بجانبي تحمل مسك الفردوس وسماواته المعطرة بغيم أنفاس السماء ...نرمي المدى المائي برغبة الطيران والانبعاث من تاريخ البحر الغافي بجذور الماضي لنغسل كل أوجاع الفراق.
أخذت لها صورا فتزيح كل الصور العالقة بخزانة الذاكرة و تتحول كعلامة ضوء بالغوص إلى عمق الحاضر والأتي كأيقونات في كل معابد الذكرى ....
طيور النوارس تبحث عن صورتها الغارقة على سطح الماء .
أني أراها كأنها خزنت عمق المدى وغاباته المطهرة بالمطر كأميرة خرجت من تاريخ الانتظار في الحضور .... يمتلئ الفراغ الذي بيننا بذرات ماء كمحج الندى وشوق الفراشات أول الصباح ..
تغرقنا السماء في زرقتها والعبارة تفتح بوابات الماء المنتشي برحلة التاريخ على جرفه حين تعطش الأشجار لرؤية نفسها وهي تراقص أحلامها بانعكاس السماء على ظلها
كي تتعلم لغة المرايا في انتظار مرور الفصول على جنين أوراقها بعيدا عن أقمطة البرد والوحشة ...
تمتلئ روحينا بالبياض المزجج بضحكات استراحة الروح على كرسي الحلم القادم بامتزاج ذاكرتنا إلى غد الموعود بالأبد...
تسكنني كتوتر الهواء على جنح العصافير في مجيء مساء التوبة حيث أسافر من مطار إلى مطار ولا أحد ينتظرني بالمطار الأخير المشبع بهواء الوجع المستديم فوق علامات مواعيد المسافرين الذين لن يأتوا أبدا ...
حقائبهم مازالت تبحث عن أيديهم عند دروب المنتهى ....
فقد أدمنوا الوجع والبكاء السري على أحبة ظلوا مستيقظين فيهم حتى انتحار النجوم بدولة الشموع ...
أنتزعها من ذاكرتي وأنتمي إلى دولة الشموع ...
لأنها نجمة قحط ضوئها في دروب الروح ....
أرميها بالغبار وأسلك طريق العودة إلى دورة الحياة في بيتي الصحيح ...
كي أعود إلي .. وأعود إلى فرشات كفي كي أستريح .... كي أستريح
من هذا الوجع الخرافي ...دون مبرر الانتظار لقطار لا يأتي إلا بالخيبة والانكسار
وسككه سرقتها رغبات خارج الانتماء ...
وها أنا في حدائقي أشم رائحة البحر في المطر المتساقط في كفي ...
وأنام على وسادة تخزن أسرار الغابات بالمواسم القادمة من جسد الربيع ..
وأنام دون قلق .... دون قلق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق