جنوح يقظ ، متاهب لعالم صغير في بحيرة فقاعات سوائل عطنة ، وتتربع عرش جدرانه لوحات بعض المشاهير ، ابن
سينا ، ارخميدس ، ماندلا ، أديسون ، ،ام كلثوم ، داخل حسن ، ويلهث فوق مناضد مبعثرة جيش من الأطباق والأواني والانابيب الز جاجية ، بعضها يقف بثبات ، مستنفرة ،مملوءة حدالشفاه ، وبعضها الأخرتضطجع باهمال ،بانتظار دورها في العوم ،بين أنامل رجل إقتسم معها مملكة ذهبية يؤطرها الق الحب ، السكون ، عصف الحب احيانا ، الألم ،
مالذي طرأ ؟ وماسرهلع أمرأته ؟ كما لوإنها رميت في غياهب النسيان ، في منزل أخلع الحاضر عنها فضاء الطفولة والصبا ، وان ما حولها محض فراغ ،تستحم فيه امال واحلام لا أحد يعلم الى أين تفضي ؟ قدرها ان تجهض عنها كل الفرص المتاحة ، ولم يكن في جعبتها شيئا سوى الأهتمام به وفي أبنائهما الصغار ، كبلت نفسها بقيود شاقة ، فقدظلت تحتسب لهم ،في الصباح تعد لهم الفطور ، ثم تهم في تهيئة ملابسهم وتدس في حقائبهم بعض الأحتياجات إيذانا بذهابهم الى المدارس ، وفي الليل يتحلقون حولها بأيعاز منها بغية أرشادهم ، اين الخطأ من الصواب في وجباتهم المدرسية ، ولم تتركهم حتى خلودهم الى النوم ،أنذاك تكرس معظم وقتها له ، تهرع مسرعة ان شعرت به بحاجة الى شيئ ما ، وفي ظرف دقائق تستجيب ملبية رغباته " يالبأسك من إمرأة ! لاتعبئين لهذا الرضوخ المطبق له ، لايعدو أكثر من رجل قروي ، مازال مغمورا بغبار العشب ، ومنصهرا برفس المسحاة ، كيف امضيت سنين صباك معه ؟، تسرين برفقته من شارع أو زقاق لاخر ، في ليلة وضحاها امسى شخصا اخر لأيرتقي الى نجمه أحد ، اين هو منك الأن ؟ في سمو منزلتك ، سحر جمالك ، أمرأة في مستوى ألقك لاتقتنع غير عرش الأميرات عرشا ومهابة لها ! ألاتعلمين ان نظيراتك اصبحن قاب قوسين من معانقة النجوم ؟ بينما انت تقبعين في منزلك الخانق هذا " حري بك البحث عن متنفس أخر لمستقبلك !ثم مالبث ان تدراكها هاتف ذونبرة حادة " حاذري ان يجرفك الغرور ! ، تذكري فان هذا الرجل هو من رسم اماله فيك انت بين العديد من فتيات الجامعة اللواتي بقين يلهثن وراءه طوال عامين ، يترصدنه حيث مايذهب ويجيئ ، رغبة في صعود نجم كل منهن من خلاله ، لكنه كان مصرا على اختيارك انت ، منذ كنتما انت وهو تلتقيان ، ثم تسيران معا بين اروقة الجامعة وفي ساحتها الفسيحة بذريعة التشاور في شؤون الدرس ، حتى تغير منحى علاقتكما ، واصبحت على ما انت عليه الأن ، زوجة إقتسم أدق تفاصيله احلامه ، رغباته ، وأشياءه
ظلت متمسكة في خلوتها تنظر اليه مترقبة عبر فتحة ضيقة من باب غرفتها ، ويتصاعد هاجس تحركاتها لطالما مستغرقا في تماهيه مع عدة مشغله ، الأنابيب والأواني الزجاجية والنحاسية ، الأوراق ، وان إستجد طاريء ما يحجم تواصله عما هو غارق فيه ، و يقتضي منها التأهب والأصغاء لطلباته ، كما يحدث كل مرة حين تلفظ الأضواء انفاسها ، فلم تتاخر في إعادتها من خلال الاستعانة في مولدة الكهرباء ، فضلا عن تنفيذ إحتياجاته اليومية ، من الشاي او القهوة ،كان حضورها يشكل بأعتقاده جزءا مهما في أي منجزيساوره ،ويروم في تحقيقه ، مذ لحظة نشوءه محض فكرة ، ثم مروره في مرحلة ترعرعه ،حتى الأنتهاء منه ، وتستمر محلقة في سماء تطلعاته كل اليوم
كما لو إنها تأتي من عمق غربتها ، عند حلول الليل تقدمت حاملة بين ذراعيها قمرا الى صحراء ظلمته ،التفت نحوها مستفسرا
أراك حزينة وقلقة!
الصغار.... الأتراهم ؟
.كما ترين حلمي هذا
قاطعته والحزن يغتص قلبها
ثم ماذا ؟
لم يرق له التواصل معها في نقاش ربما يسبب شيئا من الضجر لهما معا ، وهذا مايجعل إنغماسه في عمله مرتبكا ،ففضل العوده الى مختبره ، فيما كانت هي تكرس وقتها لصغارهما ، تهيأ لهم فطور العشاء ، ثم تقتادهم الى اسرتهم ، بعدها تتفرغ له مجددا بأنتظارعما يسفرسهره طوال ليالي الأيام المنصرمة والأيام اللاحقة ، امله في بلوغ ذروة احلامه لم تتراجع لحظة واحدة ، ،فالأمرلايحتاج كما يزعم بين الحين والأخر الى شيئ من الصبر والتان ،بعدها سيحلق به الى اقصى زاوية من العالم ، فيجعل نجمه ونجمها أنذاك يحلقان في سماء من الصعوبة الأرتقاء اليها
عند حلول العصرولجت مختبره و على نحو لم تألفه من قبل ، ارادت الخوض معه في النقاش حول سر أستعداده المبكر هذا اليوم ، وبشكل يختلف عما كان عليه في الأيام المنصرمة ، ثم إستدركت تاركة أياه يتصرف وفقا لما يراه ، وكالعادة اطلقت العنان لعينيها في ترقبه ، وكيفية التجاذب مع أشياءه ، وبين الفينة والاخرى تهرع مسرعة للأستجابة لطلباته وبصمت ، تجنبا لخرق مايتوخى الوصول اليه ، تركته يغوص في مسعاه الغامض هذا
، الساعات تمر سريعة حتى تجاوزت منتصف الليل ، الشيء المثير لأنتباهها طلباته ، بدات متواصلة ثم تضاءلت شيئا فشيئا ، ثم مالبثت ان إطمأنت الى تحذيره من سحبه الى
مواضيع خاوية ،
في لحظة أنغماسها معه وتاملها ان كان في حاجة ما يرغب في توفيرها بعد أن كل شيئ ، في وقت شعر بخيوط الفجر تسللت الى الأفق ،كانت تتابع المنظرهذا بشغف ، تحينت وجودها لوحدها فرصة لمتابعته ، وأثناء تحركاتها غمرتها نشوة لذيذة حين لفت أنتباهها فراشة تحوم في فناء
غرفتها ثم حلقت صوب المختبر ، أنتابها هاجس مفاجيء أزاءه
،وبقيت مستغربة منه ، الصمت المطبق الذي خيم على المكان لدرجة جعلها تتساءل في سرها ، امر غير معتاد ومريب في هذا الرجل ،بقاءه دون ان يلتمس شيئا ، ربما
إنشغاله في مشغله أنساه رغباته " تفاديا لشكوكها ولجت مختبره بخطوات متأنية ، وعند الأقتراب من مقعده عادت الفراشة تحلق مرة أخرى ، وقبل ان تبادر في إيقاظه أثار
نظراتها مرورها في عدستي نظارته ثم قفزت برشاقة حول المكان حتى حطت على هامش عبارة كتبها الرجل" وانا أسجل مسك ختام هذه السطور أكون قد إنتهيت من حلمي الجديد هذا " وريثما أنتهت من قرائتها حرصت على ملاحقة الفراشة حتى لحظة خروجها عبر فتحة النافذة ، وجدت الضرورة تحتم عليها إيقاظه ، بمداعبة رقيقة ربتت على كتفه بهدوء ولمرات عديدة كي لاتثير فزعه ، فوجئت بحجم الصدمة ، عند أدراكها ثمة سيل بارد يزحف الى جسده ، وسكون مطبق أحتل كل جزء فيه ، إختنقت العبرات في حنجرتها وهي تجهش في البكاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق