وسط جدرانه الحديدية التي لا يستطيع التخلص منها ، وهي تلك الجدران التي آلبسها الزمن الغابر على روحه وجسده المعبأ بالحب وبالسعادة والحالمة بالوطن المعافى ، إلا أنه ظل يغني في مغتربه من خلال أنشطته التي كان يمارسها في كل مجالات الفنون والآداب ، البصرية والسردية ، محاولاً بذلك زعزعة هذه الجدران متمسكاً بإلابداع ساحباً كل خيوط لعبته منتشياً بالخمرة والشعر ، مردداً دائماً أبياته الشعرية ومن خلال قصائد الذين سبقوه ، أليس هو عاشقاً للشعر ! منطلقاً من مفاهيم دراسته وهو يتجول بالشعراء وقصائدهم ، وهو الحاصل على شهادة ليسانس في الأدب العربي من جامعة بيروت العربية ، وهو عضو رابطة شعراء العرب
يا طيورَ الرًوض ِ غنًي
حلًقي فوق بلادي
وانشدي في الحبً لحناً
في حنان ِ الأمً نادي
والبسيها التاج َ دُرًاً
واسكنيها في فؤادي
واجعلي منها ملاكاً
في سَما الأفلاك حادي ص12
هذا الديوان الذي كتبت مقدمته الشاعرة والناقدة السورية المعروفة في أوساطنا الأدبية لمنجزها الشعري " إباء اسماعيل " والتي على ما يبدو تمعنت في قصائد الشاعر بروح الناقدة الحاذقة ، مما أعطت تصويراً دقيقاً لكل ما كتبه من شعر في هذا الديوان ، وهو من القطع المتوسط ، ويقع في 127 صفحة ، وعن دار نشر دائرة المكتبة الوطنية ، وهي على صلة بالشاعر من خلال متابعة أعماله ، حينما كان يعيش في الولايات المتحدة الامركية ، وعمل معها محرراً ومديرا للعلاقات العامة لمجلة صفحات الصادرة عن رابطة القلم العربية الأمريكية ، تقول عنه " القصائد التي بين أيدينا تحمل صدق العاطفة ، تحمل إحساس الشاعر الذي يكتب من صلب تجربته الحياتية اليومية بأفراحها وأحزانها ووجعها ، وأحيانا ً تحملنا موسيقى القصيدة بجمالياتها لنشعر معها أن شاعرنا تشّرب من نبع الشعر العربي الأصيل ، وهو كما عرفناه ، تجري على لسانه الأبيات الشعرية للشعراء القدامى في كل مناسبة تتطلب ذلك ، فهو يحمل في داخله مخزوناً شعرياً جيداً ، ص11
أجوب ُ مدائن َ الدنيا وخَيلي
تهًزُ الريحَ ما فقدت ركابا
وتعدو في فضاءاتي بحزم ٍ
تجوبُ الأرض َ بيداءً وغابا
فلم تكبو بظلمات ِ الليالي
ولا أخذت َ من الشكوى نصابا ص15 كش
وهي بالتالي تعطيه ُ قوة من خلال هذا الديوان ، وتصف قصائده التي إنجزها الشاعر عبر رحلته الطويلة ، ذات طابع وطني أو اجتماعي ، حاول من خلالها أن يكشف زيف المجتمع والساسة ، ووضع يده على جرح الشعوب المقهورة ، ومن المعروف ومن خلال قراءتنا للعديد من النقاد الذين يكتبون عن الشعر العمودي ، نجد إلى أن العرب احتفظوا بنظام القافية ، منذ أبتكروه وعدوه من مقومات شعرهم الأساسية ، وعلى الرغم من ذلك أحسوا بوطأة القافية القاسية عليهم ، ويبدو ومن خلال تأثرهُ بالشعر العربي القديم والحديث ظل يكتب قصيدته العمودية ، وهكذا طبع شعره أيضأ بهذا التأثر في بعض مواضعه ففي قصيدته " متى تعودين " تشابه في المعنى والقافية لنونية " ابن زيدون " " أضحى التنائي " مع إختلاف البحر ، وردت قصيدته " متى تعودين على بحر الهزج ، بينما وردت قصيدة " إبن زيدون " على بحر البسيط " وظل الشعر العربي متسيداً الساحة بشكله الخليلي المألوف ، وكان يلبي الحاجة الفعلية لتفاعل ذات الشاعر الآخر ، وهنا أجد في هذا الديوان العديد من الثيم التي تناسب عصرنا الحالي ، من الذات المكهربة بعدة عوامل إلى الإستلاب الروحي والجسدي بحكم السيطرة بسميات عديدة ومنها " العولمة " وهي يجد ذاته في بحور الشعر وتفعيلاته المحكمة ، ويستأنس مع اللغة والنحو والتراكيب والصورية ويتفاعل معها كي يدخلنا بإيقاعه الشعري الآخاذ ،
يكفيك َ يا قلب ُ هذا السًهدُ والسًهر ُ
هذا القضاءُ وهذا الحُكمُ والقدر ُ
إن المقولة َ قد حقت دلالتها
فالخل للخل عند العُسر يفتقر ُ
كم كُنت َ تهوى بأن يبقى الهوى زمناً
لكن ً ركبك َ أضحى اليوم َ ينتشرُ ص121
بقي أن أذكر تعرفت على الشاعر والفنان المسرحي في ديترويت ، عبر مشاهدتي للعروض المسرحية ، فكان ممثلاً من الطراز الأول ، ويجيد لعبة التمثيل والغناء والشعر ، وحينما أسندت لي مهمة إخراج العمل المسرحي ( ناس فوق وناس تحت ) أسندت ُ له أحد الادوار لإيماني الكبير بموهبته الفنية المسرحية يذكر أن المسرحية المذكورة كانت قد عُرضت على خشبة مسرح ( كروفس هاي سكول ) وخشبة مسرح
( فوردسون ) في مدينة ديربورن .
قاسم ماضي – ديترويت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق