أبحث عن موضوع

الأحد، 25 ديسمبر 2016

قراءة اولية في قصيدة ( وبكى الماء ) للشاعر شلال عنوز.............. بقلم : جميل الغالبي // العراق




قصيدة وبكى الماء
ديباجة المحنة في وطن الضياع
000000000000000
النص
الأحد 09:47 م
وبكى الماء
لوحتان من مدوّنات عام 2003

(1)
وانت تغذُّ السيرَ
مهزوماً
يضجُّ بكَ الطريقُ ،
تبتلعُ كلَّ صراخ المواسم
جراحات التسكّع
موائد الوجع
تهرول في الطريق الذي
يشربُ صحوك
أدمنتهُ الخُطى
والعذابات
يُولولُ في فضاءٍ
لا وجودَ للبوحِ فيه
يُريكَ انكساراتِهِ المتوالية
على منضدةِ الرمل
تَشيطَنَ الغدرُ
على أديمِهِ
كُلُّ ذرّة رمل
تريكَ مصرعَ عِشقِها
تنتحبُ باكيةً هذا
الانهيار
الانحدار
هذا المأزق المريعْ
لا أحد يحسُّ
بهذا البركان الذي
يتفجَّرفي أعماقك
يستعرُ زفيراً
مُدُناً من لهب
يتأجّجُ ولا مدىً
لحدودِ حرائقِهِ
الموغلةِ في صمت الغابات
أنت وحدك
تصفعُكَ الخُطى المخذولة
البلهاء
في الطريقِ المفجوعِ
بالحواجزِ
بالموانع
بالعسكرِ الذين لاترى
في وجوههِمْ وطنَك
تُجيلُ النظرَ في
جرّافاتِ الأماني .
فتموتُ الفَ ميتةٍ
تحتَ سُرَفِ دباباتِ
الليلِ الغازي
توغِلُ مسافراً في رُؤاكَ
المُمَزّقة
فينامُ في جُرفِكَ
الهوَسُ المُريب
أنتَ الغريبُ هنا
لا الدرب دربك
لا المسافات
تذرفُ دمعةً يائسة
سُجن فيها الوطن
مَن يبكي معك؟!
أنت ضحيَّة
جنون السلطة
نياشين (الجنرالات)
الهتاف الفارغ
مَن يُواسيك؟!
كُلُّ الاماني تحترق
البلاءُ المدَجَّن
الموتُ السريع
هذا النزيفُ الجماعيُّ الذي
كُلّما نامَ أيقظَتْهُ الفتنة
وهي تُكثرُ القولَ
هل مِن مَزيد؟
القصيدةُ شوّهَتْها
وجوهُ الغرباء
ما عادتْ تُغنّي
صارتْ كائناً ممسوخاً
لا حقيقةَ له
لاترى غير بعضٍ
مِن وطنٍ مطعونٍ أدمَتهُ
سياطُ العُقوق
تآمرَ الأخوةُ ألأعداء
وبعض مِن أثرٍ يقول:
كان هُنا مَن نُسمّيه ) جيشاً)
كلُّ شيءٍ يعبَثُ فيه السّواد
تلكَ اليمامةُ مكسورةُ الجناحِ
تئِنُّ لاعنةً هذي الهزيمةَ النكراء
تَطشُّ بُرازها على التواريخِ المزيَّفة
ترفرفُ ياللعارْ!!
شجرةُ السِّدر
تجرُّ أذيالَ أغصانِها
مُطَأطِئةً
غادرتها الخُضرة
هجرَتْها الطيور
دبّاباتُ نصرِنا المهزوم
مَركومةٌ على ضفافِ الوجع
سلاحُ الأيامِ الصعبةِ
مهانٌ على كُثبانِ الجدب
عتادُ دمي
يتفجّرٌ في روحِ ازمنتي
المُدبِرة
ذَليلاً مُشاعاً للراغبين
أنتَ أمامَ كارثةِ
الهروبِ الجماعي
وبقايا جيشٍ تَبَخّرْ
عشيّةَ يومٍ بكَتْهُ السماء
وحدكَ تبكي
دَماً
وجعاً
صارخاً :
أينَ الوطن ؟!

(2)
آه ياوطني...
خيولك الهاربة في كبد
الصحراء
أخرسها الصهيل
مُستفزَّةً أكلت حوافرها
قلوبها مشرئبة صوب
صومعة من خيال
متعبة
العواصف تغلي
النكوص يزدري السارية
المدائن جراح
ايها الوطن المبتلى
يامَن كان مثابة لألق العنفوان
وزهو الذرى
كيف ابتلع المدى المذبوح
اناشيد قومك ؟
أهازيجهم التي ازدردتها
الافواه الجوعى
لأسراب جراد التأمر
هذه الغربان التي
حفّت بها شرور
أزمنة الضياع
تجوب سماءك مستهزئة
برايتك المنكّسة
لا أحد يواسيك ايها الوطن المدمى
كلّهم رجال من وهم
الاّك ياوطني
أنت صوت الحقيقة الذي
تحمله الريح
ليشرق كتلاً من ضوء
رغم جُدران اليأس
ايها المخذول حدّ الموت
منذُ انتصارٍ مهزوم
وأنت تحلم بالانعتاق
ترشُّ الاماني
على الدروب
التي روّعتها الخُطا
تغني للأبواب الموصدة
مدن الوجع
وأنت تمسك نبضك
تجرجره صوب احلام
تتناسل بلا أفق ولادة
سوى
دخان
تطاحنٍ
موتٍ سريع
نبذتك كلُّ مدن القنوط
حتى انهار حلمك
ذات حقيقة مرّة
فزَّ فيها صحوك
فابتلعه الفضاء
عندما بكى الماء
بملح الرمل
شربته الكثبان
ايها الماء الذي
كلّ شيءٍ منه؟
لماذا نحن بلادٌ
من عطش؟
أنهارٌ بلا ماء؟
ايها الماء الخالد
هل رأيت وطناً بلا بندقية؟
بيادرَ من ذهبٍ
هرب حرّاسها عراة
بأول صافرة
من لصٍّ دخيل؟
ايها الماء
لاتكترث لهذا اللغو
الهمجيّ
فصوتي هو الحقيقة
الآتية من
أعماق بابل
تشظيات كلكامش
وجع عليّ
حرارة دم
الحسين
ايها الماء الخالد
لماذا نحن دون خلق
الله
نصفّقُ للأشباح
ننشدُ للمهزومين؟
نقدّس طغاتنا
نُظفي على القاتلين
العصمة ..والعظمة؟
لماذا نستبيحُ
دماء الاحرار؟
كم دمٍ بريء
نقيّ اريق على ضفافك
ظلماً
بغياً
عطشاً ؟
منذُ وجعٍ
وانت تسافر في
دهاليز العتمة
تلوّح للريح
تستنطق آهك
متى تسريح؟
نيامٌ قومك والغزاة
ساهرون
ينسجون الليل في
مدنك المسوّسة
كلّ خيولك
صادرتها العواصف
دوّنوك في صحيفة
ذوي الاحتياجات الخاصة
آه .....ياعراق
مشلولٌ أنت
باعوك في
اروقة النخاسة
متهمٌ كلّ من فيك
...حتى الهواء وهذأ
الماء الذي
يزدري عطشك
منذُ وجع
وأنت وحدك
في المنفى
لا مِن خلاص
مَن استودعته حلمك
سرقه ليلة
كان القمر
مكبَّلاً بالغيوم
بين نزفك
وصراخي
عمرٌ من خيباتك
المتلاحقة
تلك الوجوه المكفهرّة
تُنكربحور القصيدة
تذبح الغناء
تستبيح المُنى
أجبني ايها الماء الخالد ؟
هل رأيت أمّة
تتوضّأ بالدم؟
تُنشيء مصانعَ
للكراهية؟
تقاوم الحبَّ
بالسلاح لتصادر
الأمل؟
هل رأيت أمة
تذبح البراءة
ليتناسل الاجرام؟
منذ صرختي الاولى
وأنا أمنّي النفس
أن لابدَّ من
تغيير
كل احلامي تتجه
نحو الشروق
تهرول صوب بوصلة
الشمس
هل هي دقيقةٌ بوصلتي
لأتّجه الوجهة الصحيحة؟
اجبني ايها الماء الخالد؟
مازلتُ واقفاً
على الضجيج
أُلوّحُ للأملِ
المُستفزِّ
المغادرِ
أن يعود


مقدمة اولى
0000000000

سبق وان اشرنا بان النص هو الذي يؤسس الى قارئته عبر التفاعل الحميمي الواعي مع الذائقة المثقفة التي تنتج قراءةواعية هذا ويمكن القول ان اغلب المفاهيم والنظريات في الادب هي جاءت عبر القراءة الواعية للنص بعيدا عن بعض المهيمنات النقدية التي يؤسس لها المباني النقدية التي تكون اغلبها من خلال الانحسار القيمي للمعنى والفقر المدقع لفهم المتغيرات في اروربا ولعل السبب الكبير والاهم هو فشل التطبيقات السياسية في اوروبا لهذا اعتمدوا على الطروحات اللغوية التي وضع اركانها ديسوسير
فرجوعا عما اشرنا اليه اعلاه لما قلنا قليل بان النصوص هي التي تؤسس الى قرائتها كاالبحور الة عشر التي وضعها الفراهيدي هي كانت بفعل قرائته للقصائد الشعرية انذاك
وكذالك نظرية المعادل الموضوعي هي كانت صدى لقصيدة الارض اليباب الى ت س اليوت
وكذالك بيانات السوريالية التي كتبها لوتر يامون هي ارهاصات الى القصائد التي كنبها السورياليون
وهلم جرا حتى ان بيانات جماعة الشعر في لبنان وجماعة الشعر 69 جماعة فاضل العزاوي وفوزي كريم الخ هي الناطق الرسمي لهم
فتاسيسا لما قلنا ان قصيدة الشاعر شلال عنوز تشكل فتحا مهما للقراءة لما تحتوي عليه كل اسباب الاسفتزاز الجميل للذائقة التي وضعها على سفرة المتلقي كالرؤية الكونية للاشياء اي اجتماع كل اسباب الكتابة في محور واحد وهذه صدى الى اخر ابتكارات النص
كما اننا نجد جمع الاصوات في صوت واحد اي انه عزف صوت النص العمودي والتفعليلة وقصيدة النثر وهذا يشير الى اتحاد الدال والمدلول
القصيدة كونية وخارجة عن الزمان والمكان بكل ايقاعته عبر التمفصل الواعي في كل تمفصلات النص
لغة صوتا تجسيدا لكل معطيات الاشياء حيث انه لم يبكي وحده بل كان شاهدا واعيا لبكاء كل الاشياء
مقدمة العنوان
00000000000000000
وبكى الماء
نلاحظ هنا اتحاد الدال والمدلول في العنوان بل ان العنوان هو الشفرة المهمة لفك مباني النص
في النحو الواو تعرب حسب ماقبلها
الواو في النص ان بكاء النص جاء بعد انتظار طويل للصمت
فهنا اتحد الدال والمدلول في العنوان
نقول اذا كان الدمع في وقت البكاء يستلف من مصرف الماء في العيون
لكن اذا الماء بكى فمن اين انتي اليه برصيد الماء
وهنا تكمن المحنة
اذن اذا بكى الماء يبكي بكل اشلاء الجسم والروح وهنا يصل الشاعر الى قمة المحنة
وبذالك نحن الان على مشارف فك الشفرة للقصيدة
وهي ان بكاء الماء يشير الى عمق بل والكارثة التي حللت بالشاعر ليس الكارثة الذاتية بل الكارثة المعنوية التي اذاب بل فني فيها الشاعر
مدخل اولي للنص
000000000000
من اسباب تالق النص كما قلنا هي الرؤية الكونية الخارجة عن نطاق الزمان والمكان
ولعل اللغة احد هذه الادوات
الشاعر استخدم تناص او مصالحة وطنية في اللغة عبر جلوس المفردة والتراثية على مائدة النص
استخدم لغة قديمة كانت تستخدم في عصر قبل الاسلام
وهي اغذ السير
كما استخدم لغة معاصرة
وهي جراحات التسكع
موائد الوجع
المشكلة في النص لم تكن ذاتية بل معنوية موضوعية الذات هي من ذابت وفنيت في النص كقوله
تهرول في الطريق
الذي يشرب صحوك
اي انه قشر قشور الصحو كي يصل الى نواة الجنون وهي الصحو الحقيقي
0000000000
ومن الديكورات الاخرى في النص هو التفاعل الحميمي مع معطيات الاشياء
الشاعر هنا كان شاهدا واعيا بل هو الشاهد والمشهود من خلال التفاعل مع الاشياء هو كان يبكي مع الاشياء وبسجل اعترافه الواعي فهي لم تكن محنة ذاتية كما اشرنا
كل ذرة رمل تريك مصرع الشجعان
ولعل المشهد الكبير والعميق والممتع بل هو المؤثث الجميل للنص
حين شهد على بكاء اليمامة اليمام نحه جميل ومؤلم
وكذالك السدر رفيق الاموات
تلك اليمامة مكسورة الجناح
شجرة السدر تجر اذيالها
ويتصاعد منسوب الدراما في النص
من خلال الانقضاض على السدر وملحقاته
السدر هو من يغسل الموتى
اذن بقي امواتنا بلا تغسل وتلك هي الطامة الكبرى
بل هنالك تنوع في المحنة الخيول هي رمز للاصالة
اذا يقتل الفرسان امر طبيعي
لكن اذا تهرب الخيول والمحنة تصادر صوتها هذا امر خارج نطاق اللغة
اه ياوطني
خيولك الهاربة
في كبد الصحراء
اخرسها الصهيل
00000000000000000000000
الرؤية الكونية لم تكن تشمل المكان بل كانت خارجة عن نطاق الزمان حيث ان المحنة تشظت بل كانت محنة الوطن في كل ازمانه فكم كانت هي المحنة كبيرة بحيث لايطيقها حزن زمان واحد
فاشترك بابل وكلكامش وعلي والحسين
اعماق بابل
تشظي كلكامش
وجع علي
حرارة دم الحسين

واخير وبوعي يفسر انا بل نتيجة بكاء الماء كان دمعا على خد الوطن التاريخ ليس هنالك مناديلا قادره على مسحه بل ان الرمل والكثبان هي من مسحت الماء بعد ان كان الماء هو الناطق الرسمي عن محنة الوطن ولذالك الوطن حين سمع الصوت الحضاري المدوي قام بالتفاعل والتخفيف من بكاء الماء عبر احتضانه بالرمل
وهذا يشكل تناصا واعيا مع الموروث الديني للامة باعتبار
الماء اصل الحياة
اذن الحياة هي التي بكت على الحياة
عندما بكى الماء
بملح الرمل
شربته الكثبان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق