جمع حقائبه وهي تتابعه بعينيها لا قدرة لها على منعه فهي لا تملك سلطة عليه الآن وهو في هذا السن ،جمع كل مستلزماته من البيت،لم يترك سوى رائحته التي تعبق بها غرفته،لم تكن المسكينة تتوقع أن يكون جادا حين قال لها سوف أسافر إلى خارج الوطن حيث كل الأبواب مشرعة هناك أمام مستقبله المهني ليس مثل وطنه،كانت تحلم بأن يظل معها بنفس البيت أو المدينة أو البلد على الأقل لكنه إختار الرحيل لقد اتخذ قرار الهجرة وصمم عليه سيتركها وراءه وحيدة ،ماهذه القسوة !كانت تقول إبني الوحيد سيملأ علي البيت بأطفاله ويكون أنسي هو وأسرته في ما بقي لي من عمر،بعد وفاة والده لم يعد لها سواه ليسد الفراغ ،بذلت قصارى جهدها لتعليمه عملت بالمصانع،تقشفت مع نفسها لتمنحه أكثر مما يحتاج، تخرج طبيبا، باعت كل إرثها من والدها الذي كانت تدخره لهذه اللحظة، وجهزت له عيادة ،لكنه لم يقنع بنعمته ،قال لها إن بالخارج فرصا أخرى ،وإمكانيات كبيرة لأبحاثه ودراساته لا يريد التوقف عند حدود المهنة،لا يعلم أنه كلما نطق بأفكاره أمامها، يسحب روحها منها وتموت فيها لهفة الحياة ،وأفكار قاتلة تهجم عليها،ربما لن يعود أبدا، ربما تزوج أجنبية وأنجب أطفالا ولم تسمح له بإحضارهم هنا،ربما ساروا على دينها، ثم تتدارك أفكارها لا لا! أعرف إبني جيدا له حصانة دينية لا يمكن أن يسمح بحصول هذا أنا ربيته جيدا ربما أصابته رصاصة عنصرية! أبدا إنه في رعاية الرحمن، ويظل فؤادها يصنع أفكاره فيتوجع أكثر فأكثر، إنه قلب الأم يحاور نفسه ويهلوس ألما ،لم تستيقظ من أفكارها إلا على صوت سيارة صديقه ،الذي كان متفقا معه على أن يوصله إلى المطار، إقترب إبنها منها ليحتضنها مودعا،وهي لا تدري أحقيقة ما يجري أو مناما،حمل حقائبه و تأبط معطفه وتجاوز الباب،لم تشعر إلا وهي تجري إلى النافذة لتطل،وجدته ركب السيارة ،رفع رأسه باتجاهها كأنه قرأ أفكارها، لَوّح لها بيده في آخر لقاء، فردت عليه،تحركت السيارة بسرعة،تطايرت معها أوراق الخريف المودعة،تراجعت عن النافذة بعدما أصابتها رعشة باردة، هل هي بسبب البرد،أم بسبب موقف الفراق،جلست على سريره،نسيت إغلاق النافذة، دلفت رياح قوية إلى الذاخل تطايرت بعض الصور التي تركها على الطاولة إنتشرت على الأرض، لتكتشف أنها تعود إلى طفولته جرت عليها حملتها، قبلتها، حضنتها،ثم تسطحت على سريره،وغفت وهي تحضن الصور،ونامت نومتها الأبدية.
أبحث عن موضوع
الخميس، 29 ديسمبر 2016
يوم خريفي (قصة قصيرة ) .................. بقلم : السعدية خيا / المغرب
جمع حقائبه وهي تتابعه بعينيها لا قدرة لها على منعه فهي لا تملك سلطة عليه الآن وهو في هذا السن ،جمع كل مستلزماته من البيت،لم يترك سوى رائحته التي تعبق بها غرفته،لم تكن المسكينة تتوقع أن يكون جادا حين قال لها سوف أسافر إلى خارج الوطن حيث كل الأبواب مشرعة هناك أمام مستقبله المهني ليس مثل وطنه،كانت تحلم بأن يظل معها بنفس البيت أو المدينة أو البلد على الأقل لكنه إختار الرحيل لقد اتخذ قرار الهجرة وصمم عليه سيتركها وراءه وحيدة ،ماهذه القسوة !كانت تقول إبني الوحيد سيملأ علي البيت بأطفاله ويكون أنسي هو وأسرته في ما بقي لي من عمر،بعد وفاة والده لم يعد لها سواه ليسد الفراغ ،بذلت قصارى جهدها لتعليمه عملت بالمصانع،تقشفت مع نفسها لتمنحه أكثر مما يحتاج، تخرج طبيبا، باعت كل إرثها من والدها الذي كانت تدخره لهذه اللحظة، وجهزت له عيادة ،لكنه لم يقنع بنعمته ،قال لها إن بالخارج فرصا أخرى ،وإمكانيات كبيرة لأبحاثه ودراساته لا يريد التوقف عند حدود المهنة،لا يعلم أنه كلما نطق بأفكاره أمامها، يسحب روحها منها وتموت فيها لهفة الحياة ،وأفكار قاتلة تهجم عليها،ربما لن يعود أبدا، ربما تزوج أجنبية وأنجب أطفالا ولم تسمح له بإحضارهم هنا،ربما ساروا على دينها، ثم تتدارك أفكارها لا لا! أعرف إبني جيدا له حصانة دينية لا يمكن أن يسمح بحصول هذا أنا ربيته جيدا ربما أصابته رصاصة عنصرية! أبدا إنه في رعاية الرحمن، ويظل فؤادها يصنع أفكاره فيتوجع أكثر فأكثر، إنه قلب الأم يحاور نفسه ويهلوس ألما ،لم تستيقظ من أفكارها إلا على صوت سيارة صديقه ،الذي كان متفقا معه على أن يوصله إلى المطار، إقترب إبنها منها ليحتضنها مودعا،وهي لا تدري أحقيقة ما يجري أو مناما،حمل حقائبه و تأبط معطفه وتجاوز الباب،لم تشعر إلا وهي تجري إلى النافذة لتطل،وجدته ركب السيارة ،رفع رأسه باتجاهها كأنه قرأ أفكارها، لَوّح لها بيده في آخر لقاء، فردت عليه،تحركت السيارة بسرعة،تطايرت معها أوراق الخريف المودعة،تراجعت عن النافذة بعدما أصابتها رعشة باردة، هل هي بسبب البرد،أم بسبب موقف الفراق،جلست على سريره،نسيت إغلاق النافذة، دلفت رياح قوية إلى الذاخل تطايرت بعض الصور التي تركها على الطاولة إنتشرت على الأرض، لتكتشف أنها تعود إلى طفولته جرت عليها حملتها، قبلتها، حضنتها،ثم تسطحت على سريره،وغفت وهي تحضن الصور،ونامت نومتها الأبدية.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق