أبحث عن موضوع

الخميس، 22 أكتوبر 2015

راعية الغنم....بقلم....رائد مهدي...العــــراق




بينما كانت محدّقة نحوه رفّ لها قلبه الطفولي وخفق لها فرحا واستأنس بصورتها البهية فقد اعتاد ان يحب الناس بسهولة وعندما يختلف معهم بسهولة يعود اليهم بسهولة متناسيا كل حقد. وبينما ملئت عيناه بهذا الجمال الصاخب الذي أمامه استجمع لها من البحار مياه تبخرت من حر اشتياقه اليها وتسامت غيوما لتكون في علياء مكانتها التي نالتها صاحبة الصورة لدى عاشقها واستحالت مياه الغيوم الى حروف امطرها على صورتها برفق كي لايغيظ الوانها وكي لا تثقلها تلك الحروف بمعان يشق على الذهن حملها. كانت مطرة في غاية البساطة مثل ندى الصباح حينما يوقظ الورد ويداعب خدودها برقة الماء وبينما ذلك المحب نجح بالوصول وتقافز فرحاً ان الحظ قد حالفه هذه المرة بعد ان اعياه كل حياته فألحروف بلغت مداها واتخذت امكنتها وابتدأت اعمالها الافتراضية لدى حبيبته وكانت اميال الساعة تسير ببطئ غير معهود وصاحبنا ينتظر ماانبت المطر على مروج قلب الحبيبة اغمض عينيه وتخيلها تقبّل الورود في الوادي وتقطف التوت في الغابة تخيلها ممسكة حروفه تشمّها تارة كالورد وتارة اخرى تقبّل جمالها بنظرات اعجاب ودية تخيلها تركض حاملة اسمه راية يراقصها الهواء تخيل عيناها قد استحالت قلوب تطوقها دوائر الفرح مثل القلادة تخيلها على الوسادة وجهاً يبتسم له في منتصف الليل وينتظر الصبح بفارغ الصبر بأنتظار التحية تخيل النبض في قلبها تجتاحه امواج الطرب وترسوا على مرافئه سفن الافتتان يالها من حروف عجيبة لونت المشهد وبدا المنظر خلّابا والناظر اليه ليس امامه سوى الاستسلام امام تلك الحروف الفوّاحة بعطر الحب الصاخب الاثر وبينما اصيب العاشق بألأعياء من شدة وطأة ثقل الانتظار حلّت اللحظة التي طال انتظارها ليجتمعا تحت خيمتها في نقطة من الزمن وعندها سمع صوت الحبيبة التي بللتها حروفه المطرية تماما وهي تنطق كلمة احبك فنبض قلبه بقوة وكاد ان يتوقف قلبه منتظرا تكملة عبارتها بأسمه وكاد ان يغمى عليه قبل ان تنطق بأسمه المضاف لكلمة احبك لكن التكملة كانت خارج حدود توقعاته المتسارعه فقالت أحبك يامطر الحروف لأن الابقار في حقل اجدادي كانت عطشى لقطرات حروف المطر ونسيت ان اسقيها وقد ملئت اواني الملل الفارغة من قطر حروفك ورفعت عن ابقارنا العطش ولن يقل حليب الأمنيات في ضرعها لأنك ارويتها اليوم وغسلت جلدها من حشرات العشب احبك يامطر الحروف لأن ملابس وجداني على حبال الاهمال علقتها متربة واليوم بدت في قمة النظافة والاناقة وماتبقى منك عندنا سأصطحبه معي في اناء احتاج ان انظّف به نفسي بعد قضاء حاجتي. وهنا احتقن قلب صاحبنا وامتلأ غيضا وحنق على حظه العاثر فصرخ من وراء الغيم ماذا عني? اناديك من فضائات المطر بحروفي التي تهطل عليك من آفاق اللطف ماذا عني? وماذا اكون عندك ? فقالت له بصوت مشوّش النبرة شكرا على المطر وقطر الحروف وآن الأوان لأرع اغنامي في مراع اجدادي لا امتلك متّسعا من الوقت فأتأمل ّ هطول المطر وخزاناتي مثقوبة من شدة الصدأ ودورها ممر فلا تحتفظ بماء ولا حرف في بواطن عمقها السحيق الفارغ من كل محتويات العشق وليس به سوى ذرات الهواء الخفيفة التي تجول بها في دورة ارتفاع وانخفاض. ومضى العاشق الى مرآة كبيرة لينظر وجهه وليرمي على خده حجر العتاب وصرخة تأنيب تهز مرآته ايها الوغد هل انقرضت نساء العالم لتحب راعية الغنم. استفاق من حلمه على وخزة من قلمه المتمرد وراح يكتب قصته على ورقة دوّرها بين يديه ليرميها في قمامة ذاكرته المتخمة بالحروف وصوت المطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق