كنت أكابر مع نفسي أن لا أغرق في هم المسافة إليك مهما قصرت أو بعدت مع الأيام مع أني أدرك أن الزمن هو ليس تاريخ الروح بل تاريخ الجسد حين يشظيه المكان بغربة نواميس الأرض ...
كيف أكون الآن وأنت تجلسين أمامي كأني لم أت للدينا إلا من أجل أن أولد في كل لحظة من عينيك وكأن لا مكان لي في الحياة إلا بين كفيك ...كي أستطيب أنفاسك وأغزل منها مساحات أحلامي التي ما عرفت غير الهجرة إليك ...
كيف أكون الآن وأنت ترتشفين فنجان قهوتك كأنك القمر الذي يرتشف غبش الصباح كي لا يعاند الليل سواد عينيك وهما بكل هذه النجوم التي لن تخمد من ضوئها حتى لو جاء بدر الليل وهو يودع طفولة وجهك الذي ما عرف إلا شرفة الصباح والنهار الأبدي في كف السماء ...
كيف أكون الآن وأنا أرتجف كأن لا أرض تحتي أستند إليها وأنا مذهول بعينيك التي لم أر أعمق منها في كل عصور النساء ...
كيف أكون الآن وأنا لا تاريخ لي أسجله بثبات عمري الذي ما كان لو خلى منك يا سيدة أفلاكي التي لا تدور إلا بأمتداد كفيك التي رقدت هناك بثوب الحكايات التي لم تعد لي غير رؤيا تنتهي عند جدران البيت القديم ....
كيف أحسب عمري الذي ضاع بين أنتظارك والقلق المسمر على عتبات فكري الذي ظل يخترق الدروب لكي يحظى بكلمة تهمسينها لطيفي الذي لم يفارقك رغم أقتراب المجد لغيره ...
كنت أخاف أن أحلم بغيرك وينقطع طيفي عن الهجرة إليك في الغرف التي صمتت بعيدا عن أيامي الخابيات من دونك ...
أني أراك الآن تأخذين كل هذا الزمن من طفولته لكي لا يمر على مراياك وأنت تنظرين الى صورة أنتظارك لعل الزمن يأتي بأخبار البعيد وهو منقطع عن التعبد في حضورك ..
أني أراك الآن وكأنك أخر مملكة حضنتها السماء وبقت عيناها تغتسل بصباح الملائكة عند بحيرات لم يدرك سحرها الإنسان بعد ...
ما كل هذا وأنا أنظر لعينيك كأنها مزجت كل هذا الليل مع سنوات الضوء القادمة من وجه السماء حين تستوحش الدروب علي الأرض..
أني أراك ولا أراك وكأنك كل ذاكرتي التي أتعبها أنتظاري لك منذ عشرات السنين , كيف أجمع كل هذا الزمن الرتيب بالوقوف على أبواب عينيك وأوحدهما مع ضياع عمري دون تاريخ ضحكتك ...
كم كان الطريق موحشا إليك ... وكم رسمت وجهك عند كل صباح لكي لا أفزز روحي من أنتظارها لك
أنت الآن هنا قاب قوسين أو أدنى من أنفاسي وأنا لا أشارة لي بالوصول إليك إلا النظر إليك من ثقب الهواء الذي يجمعني معك في تاريخ الضوء الموحد في عمرنا ...
ذابت شموع الأنتظار وجاء قمرك يحاور يتمي وانكفأت أصابع الخيال الذي ظل راقدا هناك لا حياة له في روحك ...ها أنت هنا وقد فتحت مغاليق أحزان الضوء الذي ظل يسكن المرايا وحيدا من دون ملامحك ... لا تبتعدي أنا فيك موجود حتى نهايات الأرض ..
سأهشم كل الدروب لكي تبقي أمامي أبدا ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق