أبحث عن موضوع

السبت، 3 فبراير 2018

خسارة قمار _ قصة قصيرة .................. بقلم : نعيمة ابو محمد / الجزائر


نزلت من حافلة نقل المسافرين ، بعد ليلٍ عاصفٍ بالحكايات ، تضاربت أجزاؤها بين أبٍ شرس الطباع منعها من المكوث في بيتها ، و زوجة أب ٍ تنفخ نار غضبه لتزداد اشتعالا ، فتلتهم أطراف نفسها الضعيفة البالية . كانت ساعة القلب تشير إلى هلع شديد من المكان الذي وصلت إليه و هي التي لم تخرج من بلدتها إلا مرات معدودات مع والدتها المرحومة و لم تتخط حدود عيونها قرية الطوب الصفراء التي تقطنها عائلة أمها ، يداها ترتعشان ، و رجلاها لا تقويان على حملها ، تضم بيمناها خمارها البالي بشدة حتى تقطع لفح الريح الباردة على أذنيها ، و بيسارها تحمل رواية (الذروة) للكاتبة الجزائرية (ربيعة جلطي) هدية صديقتها و الذكرى الوحيدة التي رحلت معها من بيت طفولتها ، كانت تعصر ذلك الكتاب عصرا بيدها التي تعرقت رغم برد الفجر الحالك . تأكدت أخيرا أنها في أحد مخيمات اللاجئين من هموم الحياة و شقائها ، هنا وجدوا الأمان المزعوم ، هنا وجدوا ملء البطون ، هنا وجدوا الثراء . أرخت يدها المثقلة قليلا لتضع الكتاب و تتخذ منه بساطا تجلس عليه و تريح قدميها المتعبتين ، علقت أصابعها الوسطى و السبابة و الإبهام بأنامل أحد الصفحات ، شخصت بصرها في المكتوب هناك :
- ( واش؟ ألم تصدقوا أن الغلبة للأقحاب أقعدوا أنتم أيها الشرفاء وراء الأبواب ) !.
-هكذا سأكون ، سأعبث بحياتي و لا يهمني .هتفت لنفسها من أجل الانتقام و الخلود .
انساقت بين شهوات النفس لساعات ، أيام ،شهور ، فعامان كاملين ، حتى طرق والدها باب قصر، كسبت تفاصيله الساحرة كهدية لعلاقاتها المتكررة .
الأصدقاء الخمسة يقهقهون ، الصديقتان تشربان خمر النصر ، و جسدها يتدلى منه سكينا يقطر دما ، كانت رهان قمار خسرته تلك الساعة ، فزج بها إلى قبرها احتفالا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق