صباحات قريتي تحل باكرا، فتتعانق رائحة قهوتي وزقزقة عصفور أحمر الحلق، يشد وثاق حلمي عند تلة منسية،
هناك يصدح الجوع تحت أقدام أطفال حفاة، ويواصل الحلزون مسيرته نحو حقل القطن، عله يحيك معطف سراب تتدثر به خيول عارية، امتطت صهوة الريح، يلفحني البرد فأنزع عني الحلم، وأختبئ خلف زجاج نافذتي، ألون أظافر الجوع بألوان شمس آذار، وأشد خصلات البرد المتدلية من الأشجار، الخانقة للحيطان، بسنابل خضراء، لا يزال العصفور أحمر الحلق يصيح، وعربة جارنا الخشبية، تمسح عن الشارع آثار الذكريات، بتؤدة تتبع أشعة الشمس، عبر ذلك المسلك الضيق، ليقطف باقة فرح لأطفاله، ربما يدفع حياته عربون سد رمقهم، ففي قريتي أيضا تعرت مفاتن السلام، وأغرت الغرابيب لنهش لحمها الطري، أي غربة تعبث بي؟ حتى فنجان قهوتي غدا بطعم الخوف، بين رشفة ورشفة، تتمخض غابة الصنوبر، تتساقط أوراقها في بركة الوحل،
تغيرت صباحات قريتي، وجرتها قاطرة الحضارة العاهرة، عاقدة قرانها على لعنة الحروب..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق