أبحث عن موضوع

الجمعة، 25 ديسمبر 2015

قصائد الشاعرة سلامة الصالحي / نسيم من نافذة الروح ................ بقلم : جعفر صادق المكصوصي // العراق




تمتاز قصيدة النثر بصوة عامة بوحدة الموضوع و تكون بنيتها اعتباطية أو مجانية، بمعنى أنها تعتمد على فكرة اللازمنية، بحيث لا تتطور نحو هدف، ولا تعرض سلسلة أفعال أو أفكار منتظمة، مهما استخدمت من وسائل سردية أو وصفية.
وتمتاز كذلك بالتركيز والتكثيف، وتتجنب الاستطراد والتفصيلات التفسيرية، لأن قوتها الشعرية لا تتأتى من إيقاع ووزن ولكن من تركيب مضيء مثل قطعة البلور، فالتكثيف أهم خواصها ومنبع شعريتها.
لعل الشاعرة س
...لامة الصالحي استطاعت ان تجسد قصيدة النثر بصورتها الحداثوية وفق تلك الشروط، وقد تناولت نصوصها النثرية ، وأخذت أتصفحها مثل: "جيفارا"، "غزالة "، "جنوب "،"الى لوركا"،"الموت "، "رماد" كي أنتقي منها نماذج تحقق جمالية قصيدة النثر وتنجح في رهانها الشعري. وقد اتسمت معظم تلك النصوص بالرمزية والرمز فقد استعارت صور جميلة كثيرة ،مثل يا زهر اللوز ، في نص الى لوركا ورحم النجمات في جيفارا والوطن غزالة في نص غزالة ، كذلك نرى استخدام الشاعرة وتوظيف الرموز التاريخية والدينية والثورية مثل يسوع ومريم ويوسف وزليخة و وجيفارا ولوركا .
كلما مضيت في القراءة في نصوصها وتنامى إغراء الشعر واحتدم رهانه، حتى تمثل لي عالمها الخاص المطرز بالحزن والدمع والموت وهي القاسم المشترك لنصوصها جنوب حيث تشير أُسرب أحزاني الماضية وأستعد لحزني القادم ،وفي نصها دمع أبق حيث أنت لم يعد فيّ ما تبقى من الدمعِ، وفي نصها غزالة الوطن غزالة أخرسها الخوف.
ومهما كنت مفتونا بالتراث الشعري وأسيرا لأساطيره الإيقاعية فليس بوسعك أن تندم على هجرانها في قصائد سلامة الصالحي، إذ لا ينتابك الشعور بافتقادها وأنت ترى الشعر ينساب بين أصابعك كالماء، وهذا برهان الإبداع الذي يجتاز حاجز حجج النقد.
في نصها فراديس تقول
ايها الحزين مثل يسوع وروحيّ حولك مريمٌ جديدةٌ
والمكان يفيضُ بالخشوعِ
أأذن لفراديسي الموصدة بالولوج أنا التي خبأتك بين الميلاد والموت أيها الأثم الجميل .
هذا النموذج في مزج حركة الزمان والمكان في نظامها المضطرب ! و الذي يجعل التصوير متسقا ومجانيا في الآن ذاته، أي مفهوما وشعريا
نلمس في هذا المقطع درجة عالية من إحكام التعبير، حيث لا يمكن اختزال أي عنصر فيه
لكن تظل هناك خاصية محددة تتبلور فيها شخصية وبصمة الشاعرة لكنها لا تبتعد كثيرا عن نفس ونبض الشعراء العراقيين وفي أنها لا تختلف ـ مهما كانت مفرداتها الظاهرة ـ عن نبض الإنسان العربي وحساسيته و هي تطرح ثورتها من القلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق