هذا المساءُ...أنا أتصفّحُ ألقنوات ِالعاملةِ ليلَ ونهارَ ...دهشت حين شاهدتُ مرآةً معلقة منذ دهرٍ على جانبِ الغرفةِ... المضاءُ وسطها فقط ... لم اهتمَّ بها من قبلُ ..لا تعنيني كثيرا ... لا اعرف منْ وضعها هنا ... بالتحديدِ هنا .... كان فضولي كبيراً ... لم استطعْ السيطرةَ عليه .. أنْ اقفَ أمامها ... وأرى ما بها ... هي ليست كباقي المرايا ... وقفتُ امامها ... لم ارَ شيئاً سوى ......أنا .....أنا فقط ...
ليست صورتي ... أنا كما انا ... انا الحقيقةُ الناصعةُ .... شاهدْتُ موجات ِالهذيان المتلاطمةِ ...اكوام الحنين ... زوارق النجاةِ المركونةِ بجانب ٍمستترٍ ... قناطر من الحنين ...مجموعة أقنعةٍ سابقةٍ .... احدها طريٌّ جدا .... حقولٌ من الاماني الخائفةِ من وجلِ الحذاقةِ... واشياء اخرى ......وجدتُ الخوفَ كم هو عتيقا .... وواسعُ الاطرافِ ... حتى أنّي لم اعثرْ على كمّه أو ياقته المبتلةِ بالدمع ....وهناك ثمة صناديق مملوءة بالدهشةِ الساذجة ... ياه كم ْ انا ساذجٌ ... ساذجٌ باحترامٍ مبالغ به ... حدَّ الشفقةِ...وجدتُ عناوين َ مرتبةً بزحاف واضح ... ربما هي للأغاني ... او للحكايات ... لم استبن الامرَ جيدا ... لشدةِ الضوءِ .... رتّبتُها كما هي
ـ حبلٌ اسمرُ
ـ ضحكةُ فمٍ دونِ لسانٍ
ـ خارطةُ وطنٍ مشدودةٍ بخيوط عنكبوت
ـ سراديبُ ملونةٌ يطغى عليها اللونُ الاحمر ُ
ـ تاريخ ..خيول ... كنانة ... سيوف ... ترابٌ ...قهوةٌ مرة جدا .. هكذا توقعتُ..
ـ بطاقة ميلادي العتيقة ... ميلادي انا لوحدي ... وهذا ما يهمني انا ... مذيلةٌ بهامشٍ لرجلٍ يبدو اعورَ... نقشها بحروفٍ مسماريةٍ ( انه يوم ٌجميلٌ ان تولدَ وسطَ غاباتِ الخراب المستقبليةِ ...اتمنى لك عمراً مديدا بالسخفِ البطيء )
غطيتُ المرآةَ بجريدةٍ في وسطها صورةٌ كبيرةٌ .... وعدْتُ الى لائحة القنواتِ... وجدتُ ضالتي ... كانت نشرةُ الاخبار ... تنبئ بثورةٍ للجياع في بلدٍ متخمٍ بالخبزِ .... لم يعتق ْبعدُ من ليلِ الكهوف ... واشارَ المذيع لضوءٍ متأتٍّ منِ المياة الهادئةِ ....اطلتُ الصمتَ وتمنيتُ ان امسكَ الحبلَ الاسمرَ ليرفعَني معهم .... واغادرَ كهفي ... الرازح َ بي .... انا .... انا لوحدي .... واهشّمَ تلك المرآةَ لأنّها قالتْ لي .... من .... انا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق