أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

(التوازن البؤري في تكوين الصورة السريالية ) مجموعة (خطوة إلى الوهم) للشاعر عباس رحيمة.............. بقلم عباس باني المالكي // العراق


المقدمة
أن القراءات الذهنية التي يسعى الشاعر أن يكونها من خلال الأستعارة المترادفة مع الفكرة التي يريد أن يحققها من خلال الأستعارة في النص ، من أجل أن يحقق التقارب الحسي الذاتي ما بين الفكرة والواقع الذي يراه كحالة بصرية في المعنى الخاص بوجودية المرئيات التي حوله ، لكي يتخذها كحالة رمز من أجل أن يعيد أكتشاف هذا الواقع والمرهون بالظروف والتي هي فعل ثابت غير متغير , وهذا بالطبع يؤدي به الى أحداث متغيرات غير خاضعة لهذه الظروف ، لأنه يريد أن يوجد العالم الذي يحلم به أو الذي يتخيله والذي يصنعه وفق طاقة تصوره البصري التخيلي، وطبعا هذا يؤدي الى نقل هذه الأحساسات لهذا الواقع الى عالم الذي يرى فيه كل ما يبحث عنه من معنى وهنا نرى الشاعر عباس رحيمة في مجموعته ( خطوة إلى الوهم ) يحاول أن يصنع العالم الذي يلبي ما يبحث عنه في الحياة وبصورة الدارك لما يريد من المعنى , وهذا ما جعله يتجه الى الخيال العالي التصوري في رؤيوية أفكاره التي يريد أن يجسدها بحلمه ومعناه الشعري , أي ليس هناك تصور يسد النقص الحاصل أو الذي يعبر عن طموحه إلا التصور السريالي لأنه يجد فيه الواقع الذي يلبي كل طموحاته الحياتية بكل مفرداتها ، لهذا يسعى الى تكوين النص الشعري من خلال قصيدة الحكاية الشعرية ( البالاد) في رؤيتها السريالية ....
ص13 نص رصيف
(رسمت وردة,وسرت متألقا في صباح مشرق / لعلي أغدو بقبلة /إنا المتسول في الأرصفة.. /التي زرعت وشم ذاكرتي,حصده منها مرارة الغربة /الطائر الوحيد :الغريب هو صديقي /يجلس متآخيا لقدمي, عيناه ترمقني بعطف /هل؟ / هو جائع مثلي, أم غريب )
الشاعر يعطي أبعاد الغربة وما تمثله له من لحظات التي يراها أنها القريبة الى ذاته , رغم أن وجوده في الصباح وهي لحظات تألق روحي والتجديد لها ولكنه يدرك في باطنية فكرته التاملية التي يرسمها عبر الوردة التي ترمز للدالة في بداية النهار المشرق بالأمل , والشاعر هنا أعطى البعد النفسي مع المرئيات التي حولة , أي أن الذات هنا مشرقة وتشعر بتألقها , ولكنه في نفس الوقت يدرك في بصرية الأشياء أنه يعيش وسط ما يحاول أن يعيد صياغته بشكل يتطابق مع صباحه الجديد ((رسمت وردة,وسرت متألقا في صباح مشرق / لعلي أغدو بقبلة ) فهو من رسم يومه هذا لكي يبعد ذاته عن كل ما يحيطها من أحساسات التي تنعكس عليه من الخارج والتي تحاول أن تؤثر على داخله , أي أن مايعيشه في كل هذه الحالات إلا رصيف يشعره بغربته , لهذا يحاول أن لا يرمي الأسباب لهذه الغربة على ذاته بل يحاول أن يبتعدها كليا , من خلال التأكيد أن كل شيء حوله يعيش مثل ما يعيش هو (إنا المتسول في الأرصفة.. /التي زرعت وشم ذاكرتي,حصده منها مرارة الغربة /الطائر الوحيد :الغريب هو صديقي /يجلس متآخيا لقدمي, عيناه ترمقني بعطف /هل؟ / هو جائع مثلي, أم غريب ) لهذا يحاول أن يرمز الى شيء يمتلك القدرة على تغير المكان أكثر من منه وهو الطائر , لكي لا يشعر بالتصادم مع ذاته من الداخل حول الأسباب التي تسببت له بكل هذه الغربة , و أن السبب ليس تسوله على الأرصفة بوحدته
أو أنه من سبب هذه الغربة لنفسه , بل أن كل شيء في هذا العالم يعيش الغربة والوحدة وحتى الطير , والشاعر هنا أستطاع أن يبني رمزه وفق أنساق الأستعارة الصورية السريالية التي تعيد صنع العالم وفق طاقته بالتخيل الذهني , أي أنه يحاول أن يجد المبررات بكل ما يعيش من الداخل ما هو إلا السبب الظرفي الذي ينتمي إليه , لهذا يحاول أن يؤسس نصه على العالم الذي يتمناه وفق التعبير الأستعاري الذي يؤدي بالدلالة التأويلية الى الرمز الموحي بتلاقي ما بين يحلم به و ما يتمناه , لعدم قدرة الواقع أن يلبي طموعاته يحاول أن يجعل الواقع حالة تأويلية دلالية لما يعيش من الداخل كصورة ذهنية سريالية وفق طاقتها النفسية المنعكسة من الظروف التي حوله ....
ص 19 نص ( لنفترض!!! )
( /لنفترض إن أبانا مات!! /كان عزيزاً علينا /بالأمس كان يجمعنا /على مائدة واحدة.. /يقسم رغيف التعب علينا... /لنفترض انه مات.. /تلتهب بنا الظنون /وتصفعنا عاصفة صفراء!!! /نتقاسم الميراث وما تبقى من أسماله / أكبرنا قال: /نقطع جسده... /وبالذات ساقيه /
أخي الأكبر يعرف سراَ /لقد سره بي أبونا!!! /احتفظ بساقي انك أكبرهم وريثي الشرعي /من سلالة جدنا إبراهيم.. /ففيها ثروة ورثتها من الحروب /إن في ساقي اليمنى معدناً /ربطوا به عظامي في إحدى المشافي في الحرب الأولى... /والساق الثانية فيها ذهب أجرا عملية تنقيب الأخيرة... /إما حشائشي فلا زال بركان يغلي فيها /لن يهدا أبداً /فتشاورنا إن تكون قسمة ضيزى!! /لأخ الأصغر هب فزعا... /كيف نبتر ساقية؟ /بالأمس كنا نجلس عليهما.. /أليس للميت حرمة في شريعة الله؟؟ /قال أخي: /انه أبي وأنا أكبركم /اعرف سرا إلا تعلمونه!!! /إذا قطعنا أوصاله سنصبح أغنيا /ونعيش بسلام... /تأهبنا ولكل منا بيده سكين سنقطع جسده قبل إن /ينفث أخر أنفاسه... )
الذي يميز الشاعر عباس رحيمة أنه يؤسس خاطبه الشعري وفق بنيان الثقافي وحسب التأمل الفكري الباطني مع محاولته أعادة تأويل الدالة وفق ما هو محسوس ومرئي , مع أنه يرى الأشياء ليس حسب توقعها بل حسب تخيلها , وهذا ما يجعله أن يرتقي بهذا التخيل الى مستوى الصورة السيميائية من خلال أسقاطات سايكولوجية من أجل أن يثبت المعنى في كل ما يرى من الحالات النفسية والأجتماعية , وهذا ما يجعل النص لديه هي حالة من التشظي الصوري الأدراكي , أي يكون النص وفق التوتر النفسي الفكري ويجعل المعنى متشظي الصور ,و متماسك البعد في تدرج البؤرة النصية حسب الصورة الذهنية العالية بالتخيل ( السريالي ) . وهنا يفترض اللحظة العادية خارج تصورها الدلالي ليكون الصورة التي يراها تسير وفق طاقتها التخيلية (( /لنفترض إن أبانا مات!! /كان عزيزاً علينا /بالأمس كان يجمعنا /على مائدة واحدة.. /يقسم رغيف التعب علينا... ) وهنا هي اللحظات العادية لوفاة الأب ما يتركه من التأثير الأجتماعي على الأبناء لكن هذا لا يستمر بل تتحول هذه اللحظات العادية الأنعكاسية الى حالة من التخيل عالي الصورة المحلقة في عالم غريب عن الحد العادي في مدركات الواقع المعاش, حيث يتحول موت الأب الى حالة من سيكولوجية في فسيولوجية الجسد والمعنى المترتب عليه من أشارات دلالية توضح ما معنى المتحفز للدالة على وظائف هذا الجسد ضمن الحد التفسيري من أجل الكشف عن البنى اللاوعية في تصور العائلة والأرث المتحقق من هذا الموت وهب حالة سريالية التي نتجت من خلال التفسير الغير حتمي لكل هذا التدراك التصوري للمعنى وفق طاقة الجسد (لنفترض انه مات.. /تلتهب بنا الظنون /وتصفعنا عاصفة صفراء!!! /نتقاسم الميراث وما تبقى من أسماله / أكبرنا قال: /نقطع جسده... /وبالذات ساقيه / أخي الأكبر يعرف سراَ /لقد سره بي أبونا!!! /احتفظ بساقي انك أكبرهم وريثي الشرعي /من سلالة جدنا إبراهيم.. /ففيها ثروة ورثتها من الحروب /إن في ساقي اليمنى معدناً /ربطوا به عظامي في إحدى المشافي في الحرب الأولى... /والساق الثانية فيها ذهب أجرا عملية تنقيب الأخيرة... /إما حشائشي فلا زال بركان يغلي فيها /لن يهدا أبداً /فتشاورنا إن تكون قسمة ضيزى!! /لأخ الأصغر هب فزعا... /كيف نبتر ساقية؟ /بالأمس كنا نجلس عليهما.. /أليس للميت حرمة في شريعة الله؟؟ /قال أخي: /انه أبي وأنا أكبركم /اعرف سرا إلا تعلمونه!!! /إذا قطعنا أوصاله سنصبح أغنيا /ونعيش بسلام... /تأهبنا ولكل منا بيده سكين سنقطع جسده قبل إن /ينفث أخر أنفاسه... ) و يستمر الشاعر من أجل فضح كل حالات التي يفكر بها الإنسان بالأث كحالة حتمة مكتسبة من الوالدين , وأستخدم الشاعر هنا الكوميديا السوداء من أجل أن يعكس المعنى المبطن داخل مفهوم الأرث ضمن العائلة التي لا تمتلك أصلا أرث و وهذا كلها تجليات مختلفة على الذات الأجتماعية والتي تمثل ذات العائلة الواحدة , فهم لم يجدوا ما يبحثون عنه من أرث إلا جسد والدهم , والشاعر هنا أستطاع أن يعطي الأبعاد السودوائية في التفكير الأجتماعي الذي لا يفكر إلأ بالأرث , وهو بهذا أرتقى بالحالة الى مستوى الصورة التخيلية التي تحاكي باطنية الفكرة ضمن أسرارها النفسية , فالأولاد لم يجدوا أي شيء يتقاسموا إلا جسد والدهم , وضمن حوارية دالة على المعنى الذي يؤشرة أنهزام القيم الحقيقة داخل المجتمع و الأسقاطات التي أشرتها القيم الفوضية في أبتعاد المجتمع عن قيمة الإنسانة التي يجب أن ينتمي إليها , والشاعر يعيد أكتشاف القيم وموضعتها ضمن أطرها السكيولوجي بالأنتماء الفردي والأجتماعي ,هو بهذا ثبت البعد الرمزي والدلالي في القيم التعبيرية عن الطريق زوايا الرؤيا لكن بطريقة الفاجعة لمصير الأنسان الذي لا يدرك مفهومه الإنساني وقيمته ضمن البحث عن الشيئية في ظواهر الحياة وقيمها المنفله عن طبيعتها الحقيقية في الأنسان ..


ص 37 نص ( الحنين)
(مهرة جامحة... /الروح تصهل بداخلي. /الأيام(خواء)تتساقط من أغصان العمر /يشدني الحنين إليك فأتعلق بقشة وهم /باسطا يدي لريح لعلي احلق بسمائك /أنام بعيون مفتوحتين لأرى لمعان النجوم تبتسم لي /أوهام عشتها.. /في صراع مع ذاتي /أسافر بقميص مثقوب /بشظايا الحرب / إلى غربتي.... )
يستمر الشاعر بتحقيق الدلالات التي تؤشرها غربة الإنسان التي ما هي غربة الإنسان عن قيمة لأنه لم يعد منتمي إليها وغيرملتزم بها , ونجد الشاعر قد تدرج في المعنى بين الفرد وغربته والمجنمع وأبتعاده عن القيم التي ينتمي إليها , ليرجع هنا ينقاش الحالة الباطنية فكرة الغربة وما تسببه من الداخل بالخواء وأوهام لا توصله الى الحقيقة التي ينتمي إليها , وقد أستخدم الشاعر التباعد الدلالي وغير العادي وقد أستعمله بمعنى أستعاري مجازي كوحدات متصله تعطي المعنى الواحد وهو ( الغربة ) بكل أبعادها الأجتماعية والفردية والنفسية , والشاعر هنا يحدد الغربة كحالة تكونها الأحساسات بالحنين الذي يريد بواسطته الخروج من أزمته التي يعيشها حوله محاولا التعلق بأي شيء ليخرج من هذه الأزمة ويعيد التصالح مع نفسه ولكن لا يجد نفسة إلا متعلق بالوهم (مهرة جامحة... /الروح تصهل بداخلي. /الأيام(خواء)تتساقط من أغصان العمر /يشدني الحنين إليك فأتعلق بقشة وهم ) لأن أزمة الغربة أصبحت كل ما يشعر به وسط كل الأماكن والأزمان وما محاولاته بالخروج منها إلا حالة من الوهم , لهذا يحاول أن يبقى مستيقضا لكي ليعيد قناعاته الداخلية لكي يصل الى لحظة الأمان مع ذاته ولكنه لا يجد نفسة إلا حالة من الصراع مع ذاته وما زاده هذا الصراع إلا الوهم والنكوص أتجاه ترميم ذاته من الداخل من هذه الغربة (باسطا يدي لريح لعلي احلق بسمائك /أنام بعيون مفتوحتين لأرى لمعان النجوم تبتسم لي /أوهام عشتها.. /في صراع مع ذاتي /أسافر بقميص مثقوب /بشظايا الحرب / إلى غربتي.... ) حيث هو يحاول أن يجري التغير بكل شيء حوله حيث يبسط يده للريح وما الريح إلا محاولة التغير من أجل الخروج من كل ما يعيش في الداخل ولكنه لا يجد نفسه إلا هو وسط الأوهام بقميص مثقوب بشظايا الحرب نتيجة هذا الصراح الدائم مع ذاته من أجل أخرجها من كل ما تعيش ولكنه لا يجد نفسه إلا هو يسير الى الغربه وكل محاولاته ما هي إلا أوهام لا تؤدي به إلا زيادة الغربة والتشظي ...

ص 120 نص ( الهاجس )
(في المدينة التي لاتتسع رئتي /أجد الصمت وسيلة سهلة في التخاطب.. /أغلق النافذة... /واصطحب ذاكرتي /إلى المنضدة... /أعيد ترتيب الأشياء،، /أخاطب كلبي... نام منذ زمن بعيد /انه من أهل الكهف... /نام ألف عام في معطفي!! /وعندما استيقظ أصاب بجليد الوحدة.. /افزع من نظراتي إلى المرآة.. /وأتخاطب مع ظلي /على انه خصم لدود لي... )
ويحاول الشاعر هنا الخروج من كل ما يبعده عن ذاته ليعيد ترتيب الأشياء , حيث يجد عدم الجودى من كل شيء لهذا لا يسلك إلا طريق الصمت لأن المكان ( المدينة) لا يشعره إلا بالأختناق فهي لم تعد تتسع لرئته , وهذا ما يشعره كأنه لا يعيش إلا الموت الدائم مثل أهل الكهف ((في المدينة التي لاتتسع رئتي /أجد الصمت وسيلة سهلة في التخاطب.. /أغلق النافذة... /واصطحب ذاكرتي /إلى المنضدة... /أعيد ترتيب الأشياء،، /أخاطب كلبي... نام منذ زمن بعيد /انه من أهل الكهف... ) فهو يشعر أن الزمن يمر عليه دون حدوث أي تغير حوله , لأنه لا يشعر إلا بالوحدة مع أن الزمن يمر عليه , وحتى ظله أصبح لا يوحي إليه إلا الغربة والوحدة التي لا يستفيق منها حتى أمام المرآة , لأنه لا يجد شيء حوله شيء يتكلم معه سوى ظله , وحتى هذا الظل أصبح الخصم لدود له (نام ألف عام في معطفي!! /وعندما استيقظ أصاب بجليد الوحدة.. /افزع من نظراتي إلى المرآة.. /وأتخاطب مع ظلي /على انه خصم لدود لي... ) أي أنه لا يجد من يخرجه من كل هذا التشظي والأحساس بالغربة , لهذا يقتنع بها فهي تنام حتى في معطفه , لهذا يستكين لها , لأنها أصبحت مثل حالة أهل الكهف ....
والشاعر أستطاع أن يحفظ على البؤرة النصية وفق الربط والتجاور الدلالي الموحي الى الغربه ، مستخدما المقاطع المتخلفة التي توحي بدالة الثابته والتي تتغير وفق تغير نواميس حركة الحياة حوله من الزمان والمكان بسيميائية موحة بكل هذا التواجد الذاتي في إنسانية الأنتماء لهذا الذات , كما أستطاع أن يستخدم لغة أستطاعت أن تعبر بشكل كبير عن تصوره وبأيقاع أزال الرتابة من تراكم المعاني التي تقربة الى حسه الباطني أتجاه ما يشعر من غربة وتشظي مستمر أتجاه الحياة التي يعيش , وقد حافظ على التوازن البؤري في جميع نصوص المجموعة , لهذا أستطاع أن يصل الى الزويا الأكثر عمقا في ذاتية الإنسان وغربته وسط هذا العالم وفق نسق الصورة السريالية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق