في رحاب قصة خليل الرحمن
ويستمر نبي الله ابراهيم ( عليه السلام) بالمضي في دعوته التوحيدية .. مما يجعل خطره حقيقيا على عقيدة الدولة وأمنها القومي .. فيصدر القصر قرارا بالقبض على إبراهيم الذي أصبح وحيدا .. بلا سند عائلي أو عشائري يوفر له غطاءا ..كما أعتقدوا بغباء ..
وكعادة الطغاة و الجبابرة فإنه يريد طريقة لإعدامه تتحدث بها الأجيال ويعبر من خلالها على عظيم غضبه على هذا النبي الذي أحرجه أمام شعبه وجعله يشعر بالخزي أمامهم في مناظرته معه .. يريد الطاغية أن يحتفل على طريقته الساديّة ويفكر ومعه بطانة السوء بهذا الأمر طويلا ..
ويعينهم الشيطان الذي يرشدهم الى طريقة غاية في القسوة والخبث لم يعرف لها البشر نظيرا ..قرروا إحراق ابراهيم حيا .. أليس هو من يهددنا بنار الآخرة وسعيرها سيتذوقها في الدنيا .. هكذا صورت لهم أحلامهم المريضة وسذاجتهم ..
ويعلنون النفير العام وتسّخر الدولة كل امكاناتها من أجل ذلك .. فيأمر رأس النظام بأن تنظم حملة وطنية لجمع الحطب بحيث يملأ واديا عظيما .. لقد أراده الطاغية انتقاما مميزا يليق بجبروته ..
ولعدة أيام يستمر القطيع البشري الأعمى بجمع الحطب من كل مكان .. بحيث لا تبقى شجرة قائمة عل أصولها ..
وقفة هامة :
هنا لابد ان نقف عند غرابة أطوار الطغاة وحمقهم وكيف إن سكر غرورهم يفقدهم القدرة على التفكير السليم .. فهم يعدون مسرح خيبتهم بأيديهم ويهيؤواجوا مجلجلا لهزيمتهم .. فإذا كان قصد النمرود التخلص من ابراهيم .. لماذا لم يأمر بقتله بطريقة عادية وينتهي الأمر ؟ لماذا هذه الطريقة المروعة وهذا المشهد العظيم وبحضور شعبي حاشد .. انه جنون السلطان الغاشم.. بل إرادة الله تعالى حيث يستدرجهم من حيث لا يشعرون ..
جواد الحجاج / من كتابي : تأملات في أحسن القصص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق