أبحث عن موضوع

الجمعة، 5 يونيو 2015

قراءة في المجموعة الشعرية (سوف يأتي من الأمس) للشاعر عباس باني المالكي............... بقلم : الشاعر والناقد أحمد مجيد حمادي /// العراق



قراءة في المجموعة الشعرية (سوف يأتي من الأمس) للشاعر عباس باني المالكي

يفاجئنا الشاعر ( عباس باني المالكي) بمجموعته الشعرية (سيأتي من الأمس)وكأننا أمام لوحات أشترت قلوبنا قبل أبصارنا في أنشداد تام نحو صور شعرية فائقة التعبير والتأثير...وهي بالتأكيد لم تأت من الفراغ إنما جاءت من البحث الدءوب غير المنقطع عن المفردة المضيئة...المتوهجة واقتناص اللحظات الشعرية لإماطة اللثام عن وجه هذا العالم الغارق في المادة وإيقاعها في تشكيل القصائد والتي وشت به طيات سطور شاعريته
كثيرا ما يموت الشعراء
منفردين...
لذا قررت
أن أشارك في تشييع
جنازتي
ص5
وفي التحديد القائل : الشعر ناطق ،والرسم شعر صامت..نجد أن( المالكي) استفاد من لوحات ورموز الطبيعة ودلالاتها ..وتعامل معها على أنها حياة تمنحه نبض وروح وثيقة وتعكس رؤيته للعالم على وفق شعري ناطق من تشكلي صامت..أي تحويل كل ما هو بصري إلى حروفي ملفوظ..
قالت : سأتيك بالبحر
قلت يكفيني جدول صغير
كي لا تتشرد أحلامي
في مسامات الرمل
ص13
وهو بهذا ينظر إلى الطبيعة بنحو رومانسي ( هذا أذا ما علمنا أن قليل من الشعراء ينحون منحاة وهم بأصبع اليد) .. في ديمومتها وسر جمالها وسحرها المهدد بالدمار من الحرب ، باعتبارها مستهدفة كالوعي والثقافة والحضارة ..ولنا في البحر مثالا ..وكأنه أراد إن يشد انتباهنا إلى الطبيعة وجماليتها وأنها مخصبة للحياة ..من خلال توظيفها أثناء اكتشافه وبحثه عن أسرار الجمال ..ويمكننا أن نطلق على مجموعته كرنفال تفاؤل مستمد من تفاعل الشاعر مع الطبيعة برغم الهم الإنساني، والذي لم ينسى حصته في قصائده ...
قرى الفقراء
معابد منفية من التراب
ليصنعوا أخر
تماثيل قياصرة الآلهة
ينتظرون عند أبواب الكون
مرور تموز
على قراهم يوما ما
ص49
هنا تكون نظرته مفعمة بالتفاؤل ليحول الهم إلى انتظار تعبد وابتهال لما هو أسمى ، أي أن هناك علاقة تربط مشاعر الإنسانية بما يحيطها ..فيتولد الانتظار بدل الدمار الذي تحدثه القسوة البشرية ، لنجد أننا في النهاية نتفق معه ولا نختلف .. إذ أننا أمام شاعر يعرف قيمة الكلمة التي هي في النهاية احتدام لعقل المخاطب (القارئ) وذائقته الجمالية ،لاكتشاف هذا العالم ومفاهيمه وإنعاش ذاكرته بعد أن طرأ عليها زمن لا تحسد عليه وهي لم تنتعش فهكذا شعرية، انقسمت بين همين..الأول هو (الذات) تؤثر في نفسه وعقله وثقافته ، الهم الآخر هو (إيصال) أو درجة الاقتراب من المتلقي ،ما بين طريقة الوصول إلى فنية الأداء ، وقابلية للاستيعاب..
سأخرج من رأسي
لأبني بيتا
خارج الأرض
ص55
نجده يبث كلماته الساخنة المفعمة بالحيوية بثقة عالية بما لديه من خزين معرفي وثقافي يحسد عليه ، الممتلئ بالمعنى والدلالة والصور الشعرية المتوهجة والتي تطهر بأن هناك ثمة علاقة روحية وثيقة بين الشاعر وبين الكلمة أو بالمعنى الأدق (الحرف) ليتعامل معه ،وفق رؤية شعرية سليمة وصيغة جنوبية أمتاز بها الجنوب منذ فترة ليست بالقريبة


الشاعر والناقد
أحمد مجيد حمادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق