كان العراق ومازال على مر زمانه منبعاً للابداع والمبدعين, أنجب الرموز التاريخية العظيمة , التي حفرت في ذاكرته الحية للاجيال القادمة , كانت المرأة الى جانب الرجل في صنع الحضارة العراقية الاصيلة والعريقة , أبدعت,وتسيدت,واعتلت كرسي العرش,وعلى مر زمانه وفي اصعب الظروف واقهرها ,كانت المرأة العراقية , هي الام والاخت والزوجة ,المجاهدة والمناظلة ,المكافحة والعاملة,العالمة والمتعلمة,والمضحية من اجل القضايا المصيرية واستمرارية الحياة ,من النساء العراقيات الباسلات التي رسمت تاريخاً حافلاً بالتضحية , فكانت دمائها القرطاس الذي كتب قصة كفاح امرأة عراقية تمضخت ايديها بالدماء بدلاً من حناء العرس ,وأرتدت فستان الشهادة بدلاًمن فستان الزفاف ,انها الشهيدة اطوار بهجت ونحن نستذكر يومها ,ولدت بهجت لاب سني, وام شيعية(يعني من ابوين عراقيين مئة بالمئة),من دماء عراقية اصيلة المنبع,ولدت عام 1976م, في سامراء الحضارة , توفي والدها وهي في السادسة عشر من العمر في سامراء ,وتكفلت بمعيشة امها واختها الوحيدة أيثار.هي خريجة قسم اللغة العربية , كلية الاداب ,جامعة بغداد, تخرجت عام 1998م,لتمارس بعد ذلك عملها كتابة الشعر,وكانت متفتحة على الحياة الثقافية ,وذلك بترددها على مبنى اتحاد الادباء في بغداد كل اربعاء,حيث الامسية الثابتة,وفي مابعد عملت في مجلة الف باء وجريدة الجمهورية في الصفحة الثقافية تحديداً,وفي مابعد عملت في الصحف اليومية والاسبوعية ,وانتقلت للعمل في قناة العراق الفضائية كمذيعة ومقدمة برامج ثقافية, وبعد عملية غزو العراق عام 2003م من قبل قوات التحالف واسقاط النظام العراقي ,عملت بهجت لعدة قنوات فضائية حتى استقرت في قناة الجزيرة الفضائية حتى استقالت منها احتجاجا على الإساءة للمرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني في برنامج الاتجاه المعاكس, وانتقلت للعمل في قناة العربية الفضائية , تعرضت بهجت لعدة مضايقات وتهديدات كادت ان تودي بحياتها , لكنها كانت تحمل العراق وهمومه , فلم تقف تلك التهديدات عقبة في طريقها لتكمل رسالتها في نقل الحقيقة المؤلمة في العراق وهو يغلي كالمرجل بين مطرقة الاحتلال الانكلوا-امريكي وسندان تنظيم القاعدة الارهابي والقتال الطائفي , الحقيقة ذاتها لاغيرها وذهبت ضحية تلك الحقيقة .كلفت اطوار بأصعب المهام ومنها اعداد تقرير لبرنامج (مهمة خاصة) عن الاوضاع في كركوك لقناة العربية الفضائية ,وقد استشهد اثنان من الكادر الذي يعمل معها في شركة الوسن للخدمات الاعلامية وفرار الثالث في حادث غامض . كما انها احتجزت من قبل القوات الامريكية الغازية لتواجدها عند جسر الغزالية حيث انفجرت عبوة ناسفة أسفرت عن مقتل جندي امريكي , واحتجزتها مع المصور في سجن يقع في مطار بغداد حتى افرجت عنها في وقت لاحق .وفي صباح يوم الاربعاء الاسود23/محرم/1427هـ- 22/2/2006م سمع الجميع خبر تفجير قبة مرقد الامامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام)في سامراء , فكلف المسؤولون على قناة العربية في الامارات لحث مكتب بغداد على الذهاب الى هناك لتغطية الحدث وحيث تمكن المراسلون الذكور من التملص من المسؤلية فكلفت اطوار بتلك المهمة , لانها المرأة الباسلة واللبوة العراقية التي لاتهمها المخاطر , حيث اتجهت الى سامراء وحاولت الدخول الى المدينة المغلقة من قبل القوات الامنية العراقية فلم تفلح فأرسلت تقريرها الاخير على الهواء مباشرة من المدخل الشمالي للمدينة ...بعد لحظات تم التبليغ عن اختطافها وزميليها وهروب الرابع انمار عاشور .تم خطف اطوار بهجت تكريماً لنقلها الخبر من مدينتها سامراءوزميليهيا هما المصور عدنان عبد الله ومهندس الصوت خالد محسن ,وشكل خبر صاعقة للصحافة والاعلام, بعد ان بثت على الهواء تقريرها الاخير قبل غروب الشمس اختتمته بعبارة: (رسالة يبدو العراقيون أحوج ما يكونون الى تذكرها , سنياً كنت او شيعياً, عربياً او كردياً لافرق بين عراقي وعراقي الا بالخوف على هذا البلد, من على مشارف مدينة سامراء العراقية اطوار بهجت , قناة العربية ).عثر على الثلاثة مقتولين على احد الطرق الخارجية القريبة من سامراء بعد الساعة الواحدة ليلاً,كانت كثيراً ماتقول انها ستموت شهيدة من اجل الوطن وقد تحققت امنيتها .مشاهد ذبح اطوار بهجت بأيدي الجناة ,حصلت عليه جريدة صنداي تايمز اللندنية التقط بكاميرا هاتف نقال لاحدى فرق الموت التي نفذت حفل القتل والتمثيل بجثتها حيث انتشرت ثقوب على يدها اليمنى واليسرى وعينها وسرّتها وارجلها , وانتشر هذا المقطع الفيديوي على مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلته الصحف العربية, وهذا الخبر نفته قناة العربية واستغرب عدد من الصحفيين في العراق للقول بأن أطوار هي التي تظهر في الفلم , وقال احدهم ان جميع وسائل الاعلام كانت حاضرة اثناء تشيع جثمانها وقبل ذلك كنا قد استلمنا الجثة واخذناها للطب العدلي في تكريت ثم الى مستشفى سامراء ,حيث اكد لنا أحد الاطباء ان وفاتها كانت تعرضها لاطلاق رصاص.وقال :نحن نعرف انها تعرضت للتعذيب .ولكن يظهر ان حكم الاعدام كان عبر اطلاق الرصاص الذي نفذ بها بسرعة ,حتى تشيعها تأجل أكثر من مرة لدواعي ٍ أمنية وفرض حظر التجول, حيث شيعت يوم 52/2/2006م الى مثواها الاخير, وقد تعرض موكب التشييع الى اطلاق نار من قبل الارهاب ومصادمات مع الاجهزة الامنية المرافقة للتشيع.....وبعد ثلاثة سنوات من استشهادها اعلنت القوات الامنية العراقية انها القت القبض على منفذي الجريمة النكراء بحق الشهيدة اطوار وزميليهيا ,هكذا اراد الارهاب الحاقد أسكات صوت الحقيقة ,لكنهم توهموا بفعلتهم الشنيعة ان يخفوا هذا الصوت الذي تحول بعد الاستشهاد الى عنواناً كبيراً ورمزاً للحقيقة والاعلام الحر.تغمد ألله شهيدة الحقيقة والوطن وزميليهيا بواسع رحمته.
أعمالها الادبية:
• ديوان شعري بعنوان (غوايات البنفسج)
• رواية (عزاء ابيض)
من اقوالها:
• أتمنى أن يبقى ألعراق عراقاً و وأحتاج عراقاً لكي أبكي على صدره والاهم ان يعرف الجميع أن العراق هوالعراق وفي كل الظروف.
الصحفي
أسعد شهاب اللامي
24 /2/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق