أبحث عن موضوع

الخميس، 26 فبراير 2015

قراءة نقدية لقصيدة ( لحن الحياة ) للشاعر السوري محمد الدمشقي ............ بقلم شلال عنوز

الشاعر السوري محمد الدمشقي في قصيدته (لحن الحياة) يعزف لحنا زاهيا للحياة في زمن الضجيج والعنف
بقلم: شلال عنوز
الشعر بمعناه السامي والانساني هو رسالة وقضية فهو انعكاس لما يعانيه الشاعر من معاناة ومشاهدات يومية لواقعه الاجتماعي المعاش ولهذا فان الشاعر يشاهد ويرصد ويدوّن كما انه يتوجع ويتألم ويصرخ متأثرا بالحالات الشاذة والدخيلة على المجتمع وحالة التشظي والعنف والفساد والقهر ,اذن الشاعر هو صوت المواجهة ضد الانحراف هو الذات الصارخة بوجه القهر وهو الذي يسلط الضوء على الزيف والسلوك الخاطيء ويشير اليه,هو الصوت المتمرد على الأغلال في كل الازمنة كما يقول الشاعر الايطالي( سيزار بافيزي):الشعر هو الرد الوحيد على اهانات الحياة,لهذا فان الشعر رسالة وقضية وماعداهما هو ترف ثقافي غير مؤثر,لابد ان يكون للشعر رسالة موجهة شكلاً ومضموناً والشكل هو الذي يجتهد ليجسد المضمون,وهنا تأتي قدرة الشاعر وامكانياته اللغوية والاسلوبية والفكرية في تجسيد ذلك,...
وتقول سوزان برنارفي كتابها(قصيدة النثر من بودلير الى أيامنا):أن قصيدة النثر ليست تجديدا للشكل الشعري حسب,بمقدار ماهي ثورة احتجاج ونضالات فكرية للآنسان ضد من يتحكم بمصيره ..
والشاعر المبدع محمد الدمشقي,يكتب للحب والجمال وللوطن,عاشقا متفردا مثلما يكتب عن عذابات شعبه وامته وانكساراتها وخيباتها المتوالية واعتقد انها هي هذه أهم صفة للشاعر الحقيقي الذي يجب ان يكون....وفي نصه (لحن الحياة) الذي هو اشبه بالمناجاة لفاتنته وحبيبته (دمشق) يبث لواعجه لها بتصاعد درامي رائع ونثار صوري متقن بالحركة والاستشراق باسلوب ساحر مبهر ,يجعلك في حالة هرولة مع انتقالاته الرائعة لتلاحق الصور الجميلةالتي اتقن
تصويرها وتذوب مع عزف اوتاره لتشربك القصيدة وتشربها,هو يوعد حبيته (دمشق) وعدا ليس ككل الوعود وعدا بان يجعل من الليل الحالك رغم سواده وعتمته وصمته المريب وظلامه الذي يصارع الضوء قصيدة شعر تغني للحياة وتزخر بالامل وفي هذه اشارة للواقع المر الذي تتلاقفه الافكار الظلامية وحالة القتل المجاني والقتل على الهوية والطوفان الذي يقوده العنف الطائفي والسياسي الموجّه عبر قنوات شيطانية وهو حالة من الارتداد النفسي نحو صوت العقل والسلام والسمو ,لان الشعر هو اغنية الحياة نحو السمو والرقي والحياة بمعناها البهي,وهو يجتهد ليجعل من دمشق
مثابة ضوء يشتهيها الصباح لان الشعر كما يصفه (الشعر ياحبيبتي أرق) اي انه في حالة يقضة وترقب ينشد للحياة ويصدح بالحنين فلابد للحزن والقهر ان يرحل ليثقب الضوء آذان الظلمة,عند ذلك تستيقظ الامنيات مبهورة بالق الصباح الذي لابد ان يأتي حيث يراه يشرق من بسمات الوجع ومن تنهدات االحسرات وألآه....
سأكتبُ اللّيلَ قصيدةً لعينيكِ
ليشتهيكِ الصّباح
بعدَ أن غنَّتْ لكِ النَّجمات ، و قبَّلكِ القمر
الشِّعرُ يا حبيبتي أرقٌ
إذا ما رقت النَّسَماتْ
الجوى نجوى مساءٍ ساهرٍ
الحنينُ طارقٌ .. يثقبُ آذان الظلمات
وسائدُ الفجرِ أحلامٌ
سريرهُ أزهار
تدثِّرُهُ بدفئِها الكلمات
من دجنةِ الأحزان تستيقظُ المنى
تشرقُ البسماتُ من وجعٍ
تولدُ الأنغامُ من آهاتْ
لا تجزعي دمشق .. فالصبح آتٍ
موغل هو في تجلياته وروعة رؤاه ليرسم لنا صورة زاهية للحياة بعد ان كبل الضجيج نهار ازهاره وتجهمت زنابقه الطاهرة البيضاء حيث غاب الامان , في دفقه الشعري يعطينا بين الفينة والاخرى فسحاً من أمان ونهارات من جمال وابتسامات من ألق ,مدمن هو في زراعة بساتين الأمل لايتوانى لحظة من زقّ جرعات الحب والتسامح والوطنية الحقة,هو شاعر حقّاً يلتحف أنين الناس ويصرخ لصراخهم يبث تباشير صلاة الفجر فيتلاشى البكاء دخاناً وتزهو اغاني العاشقين على نسائم الخضرة وشدو الاناشيد ليطل الكبرياء من قاسيون ويفيض بردى خيرا ومحبة وعطاءا على ربى الشام...الدمشقي يراهن على صداح العاشقين لتنهض الحياة من عروق الموت ولا يصنع الحياة الاّ من عشق الحياة...
هذي الزُّهورُ كبَّلَها ضجيجُ نهار
سرقَ الضياءُ رحيقَها
عافَتها القبلْ
تجهمتْ زنابقُ الأحلامْ
الياسمينُ عزيزُ قومٍ لن يذلّ
من قاسيون يطلُّ الكبرياءْ
و ينبعُ العشقُ من بردى
سيبتسمُ الندى يا شام
سترحل الدموع و الدماء و الآلام
غابتْ بسمةُ الريحانِ و لم يغبْ
خلعَ الانينُ على الرُّبا قتامتَهُ
فاغرورقتْ بدموعِهِ مقل الأمان
وحدهُ السِّنديانُ أبى تساقطَ الأوراقْ
و روحكِ الخضراءْ
لن يأتيَ العيدُ ضريراً
سيمنحُهُ الشعورُ شذاهْ
تباشيرُهُ صلواتُ فجرٍ
الحبُ يسطعُ في علاه
هذا البكاءُ ... دخانٌ سوفَ يتلاشى
تلكَ أغنيةُ القدوم
لو كمَّموا فمَ النَّشيدْ
سيفرِضُ صوتُ العاشقين كلمتَهُ ..
سيستعيدُ صداه
و يضخُّ في عروقِ الموتِ لحنَ حياة
نجح الشاعر محمد الدمشقي من ايصال رسالته المحملة بالحب والتسامح والكبرياء والرافضة للتسلط والقهر والجبروت .العاشقة للسلام والامن والامان والساخطة على الحروب والدم والقتل على الهوية,استطاع ان يوصل رسالته باسلوب شعري مميّز وحرف ساحر مبهر يزدهي بالق الابداع زاخر بالدهشة لايشوبه الترهل يسبح بالعذوبة والبهاء..وصدق الشاعر حين قال:
الشعر نبضٌ واحساسٌ وعاطفةٌ........ماأروعَ الشعر ان أملاهُ وِجدانُ
النص:
لحن الحياة : بقلم محمد الدمشقي
سأكتبُ اللّيلَ قصيدةً لعينيكِ
ليشتهيكِ الصّباح
بعدَ أن غنَّتْ لكِ النَّجمات ، و قبَّلكِ القمر
الشِّعرُ يا حبيبتي أرقٌ
إذا ما رقت النَّسَماتْ
الجوى نجوى مساءٍ ساهرٍ
الحنينُ طارقٌ .. يثقبُ آذان الظلمات
وسائدُ الفجرِ أحلامٌ
سريرهُ أزهار
تدثِّرُهُ بدفئِها الكلمات
من دجنةِ الأحزان تستيقظُ المنى
تشرقُ البسماتُ من وجعٍ
تولدُ الأنغامُ من آهاتْ
لا تجزعي دمشق .. فالصبح آتٍ آت
........................................
هذي الزُّهورُ كبَّلَها ضجيجُ نهار
سرقَ الضياءُ رحيقَها
عافَتها القبلْ
تجهمتْ زنابقُ الأحلامْ
الياسمينُ عزيزُ قومٍ لن يذلّ
من قاسيون يطلُّ الكبرياءْ
و ينبعُ العشقُ من بردى
سيبتسمُ الندى يا شام
سترحل الدموع و الدماء و الآلام
غابتْ بسمةُ الريحانِ و لم يغبْ
خلعَ الانينُ على الرُّبا قتامتَهُ
فاغرورقتْ بدموعِهِ مقل الأمان
وحدهُ السِّنديانُ أبى تساقطَ الأوراقْ
و روحكِ الخضراءْ
لن يأتيَ العيدُ ضريراً
سيمنحُهُ الشعورُ شذاهْ
تباشيرُهُ صلواتُ فجرٍ
الحبُ يسطعُ في علاه
هذا البكاءُ ... دخانٌ سوفَ يتلاشى
تلكَ أغنيةُ القدوم
لو كمَّموا فمَ النَّشيدْ
سيفرِضُ صوتُ العاشقين كلمتَهُ ..
سيستعيدُ صداه
و يضخُّ في عروقِ الموتِ لحنَ حياة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق