أبحث عن موضوع

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

صباح القتل _ قصة .................................. بقلم : مصطفى الحاج حسين / ســـوريـــة






يغلق الباب خلفه ، يدلف إلى الشّارع المعتم ،


تصفعهُ حبّات المطر ، تخترقُ صدره سهام الرّياح ،


يزرّ سترتهِ ، لا وقتَ لديهِ ليحضر المظلّة ، تتضاعفُ


نقمته على امرأتهِ، يسارعُ الخطا محاولاً الاحتماءَ


بالشّرفاتِ ، الشّارعُ طويلٌ ، وعليهِ أن يسرعَ ،


يهرولَ ، يغوصَ في المستنقعاتِ ... لا يعبأ بالوحّل .


- (( لن أسامحك يا يا "فاطمة " ... لا تهتمينَ


بإيقاظي رغم وجود المنبّه )) .


لهاثهُ وانفعاله يحدّانِ من قسوةِ البردِ ، لكنّ المطرَ


الشّرسَ منهمكٌ بإغراقهِ :


- (( سيذبحني الجّوع .. ولم تحضّر لي الزّوادة )) .


تتغلغل حبّات المطر إلى يباسِ عمرهِ ، تنسابُ


كأفعى تلدغهُ بوحشيّةٍ :


- (( مطمئنة ... تعودينَ إلى نومكِ ، حيثُ لاأضايقكِ


برغبتي الّتي تتذمّرينَ منها )) .


يجتازُ الأبنية ، لهاثهُ يشتدّ ، بضراوةٍ يدقّ قلبه ،


يباغتهُ السّعال ، يبصقُ ، ينمو بداخلهِ حقدٍ على


السّائقِ الذي يأبى دخول الشّارع .


في مكانهِ المعهود يتوقّف ، بانتظارِ الحافلةِ ،


نفسه تطمئن ، لا بأس ، بإمكانه التقاط أنفاسه ،


يداهمه السّعال :


- (( تعرفينَ نذالةَ السّائق .. لا ينتظر العمّال دقيقة


واحدة )) .


يتلفّتُ ، مثانتهُ تنذر بالإنفجارِ ، والطّريق إلى


المشروعِ وعرٌ وطويلٌ :

٧

- (( لمَ تتمنّعينَ يا"فاطمة" ماحيلتي ؟! .)) .


ينظر في ساعته ، تأخر السّائق ، لاأحديحاسبه ،


شكاوى عديدة قدّمت بحقه، والمدير يقبل أعذاره ..


هكذا حال المسنود :


- (( أنا مثلكِ تألّمت يا " فاطمة " .. الحرمان دفع


أبننا إلى سرقةِ البرتقالة )) .


الشّمس ترفل بقيودها خلفَ الغيوم الدّاكنة ،


يتناهى إلى أذنيهِ المتجمّدتينِ هدير سيّارة ، يشقُّ


أجفان الصّباح ، يحملقُ بقوّةٍ ، الأضواء تمنع عنه


الرؤية ، تتّجه نحو ارتعاشهِ بجنونٍ ورعونةٍ ..


يتراجعُ ، تقفزُ خلاياه ، صرخاتُ الذّعر تتفجّرُ في


حدقتيهِ ، تهاجمُ السّيارة المتوحّشة الرّصيف


بشراسةٍ ، تصعد نحوه بحقدٍ ، تطالهُ بصدمةٍ مميتة ،


لا تسمحَ له بالانتفاض .


يترجّل الفتى ، يرمقُ الجّثة بحنقٍ ، يبصقُ عليها


باحتقارٍ ، يركلها بحذائهِ اللامع ، ثمّ يطلقُ لساقيهِ


عنان الإبتعاد ، محتمياً بمكانةِ أبيهِ السّاطعة أكثر


من سطوعِ شمس هذا الصّباح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق