أبحث عن موضوع

الأربعاء، 19 سبتمبر 2018

الانسان والمكان والنزوح في بُكاءات اغُسطس للشاعر العراقي / ميزر كمال ........................... بقلم : استبرق رافع غركان // العـــراق





تُعد بُكاءات اغُسطس هي المجموعة الشعرية الاولى للشاعر العراقي الشاب, ميزر كمال, المولود في الرمادي, والذي يعيش حاليا كنازح في تركيا. نُشرت بكاءات اغسطس في عام 2016. ما يميز هذهِ المجموعة الشعرية هو أنَّها تتضمن العديد من القصائد التي توثق ردة فعل الشاعر الشاب تجاه تجربة شخصية بطريقة حازت على إهتمام وإعجاب القارئ من الناحية التركيبية, تتضمن بكاءات اغسطس قصائد قصاراً وطوالاً. على اية حال, تُعنى اغلب هذه القصائد بالندبات الجسدية والروحية التي تركها النزوح على نفسية الشاعر واهله.

نجح كمال من خلالِ عدساتهِ الشعرية في اقتناص حياة الناس في ظل الحرب ضد داعش وبعد النزوح بطريقة أظهرت صدق وعمق مشاعره ومباشرة تعابيره علاوة على ذلك إحساسه بالالتصاق الروحي بالمدينة التي عشقها والمكان الذي اُجبر على تركه. لذا فإن أغلب قصائد هذه المجموعة تسلط الضوء على علاقة الانسان بالمكان في ظل النزوح . بالنسبة لشاعر شاب مثل كمال, وكما هو حال الناس في الانبار والعراق, يحتل المكان والمنزل والوطن موقعاً جوهرياً ومركزياً متفرداً في حياتهم. تتجلى هذة الأهمية الجوهرية للمكان في اهداء بكاءات اغسطس والتي كتب فيها كمال قائلا :

صلعاءُ كلُ مدينة,

ومدينتي هي وحدها

ضُفرت جدائلها من الدخان

ثم يُهدي هذة المجموعة الشعرية ((الى المدينة التي علمتني الحزن)), كما يقول.

من هنا تتضح طبيعة العلاقة بين الانسان والمكان والعوامل المؤثرة في تشكيل فهم الشاعر لهذه العلاقة كالحرب والنزوح وما تبعها من نتائج على الكيان الجسدي والروحي للشاعر.

فنجد أن كمالا يركز على الاثر النفسي للحرب والنزوح عليه وعلى علاقته بمدينته الرمادي. ثم التعبير عن هذا الاثر النفسي وما ولده في نفس الشاعر من إحساس عارم بالحنين والانتماء للأرض والوطن في قصيدة (أعلمُ يا امي). قدّم كمال في هذ القصيدةِ الثنائيات المتضادة للظاهر ضد الحقيقة والبعد الجسدي ضد القربِ الروحي. حيث إن الشاعر في القصيدة المذكورة هو مبعدٌ جسديا عن عائلته, لأنهم لا زالوا يعيشون في الرمادي التي قطعت أوصالها الحرب, بينما يعيش هو بعيد عنها. يستهل الشاعر قصيدة (أعلمُ يا أمي ) ب:

اعلمُ يا امي أنكِ لست بخير, وإنْ قلت لي:<< احنا بخير يا روحي>>

و اعلم أن أشرطة <<CORDARONE>> نفدت من صيدلية بيتنا الصغيرة

وأن ابي لا يستطيع الخروج لشرائها..

فالشوارع مفخخةٌ بالموت يا أمي

إلى أن يقول

......................................

وأعلم أن الرمادي حزينةٌ جدا على أهلها الذين رحلوا سربا فسربا (ص31)




في الاقتباس اعلاه يركز كمال على موضوعة الظاهر ضد الحقيقة من خلال تقديمهِ لشخصية قام بتوظيفها بنجاح كقناع له ليقدم لنا من خلاله تجربَته الشخصية للنزوح التي اُلبسها لباس الصدق والشوق العميق . فعلى الرغم من كونه مبعد جسديا عن عائلته التي ترزح تحت حكم الحرب العديمة الرحمة, و بالرغم من محاولة أمه تطمينه بسلامتهم, ألَا إنه استطاع أن يعرف كم هي تعيسة حياتهم تحت ظل الحرب. هنا يتضح للقارئ أن الذي اشعر الشاعر بالخطر المحدق باهله, رغم بعده عنهم, لم يكن فعل الرؤية بالعين المجردة أو ما سمعه في نشرة الاخبار, ولم تقف المسافة المكانية التي تفصل الشاعر عن أهله عائقا أمام شعوره بما يعانون و لم تفلح عبارات التطمين التي اختلقتها أمه في إخفاء حقيقة حياتهم ومعانتهم. ذلك كله متربط برغبة الشاعر في أن يستشعر القارئ قبح الحرب وخطورتها. فكأنما يقول الشاعر لأهله كيف لكم ان تكونوا بخير والحرب قد اشتعل أُوارها وهذا هو مؤشر كاف بحد ذاته على أنهم ليسوا بخير وإن قالوا عكس ذلك. في هذه القصيدة نجد أن الشاعر يسلط الضوء على الثنائية المتضادة للفراق الجسدي والقرب الروحي. فبالرغم من البعد الجسدي الذي يفصل كمال عن أهله, ألا إنه كان روحياً قريباً منهم, يشعر بما يشعرون ويعاني مما يعانون. لقد تم التعبير عن هذا الالتصاق الروحي والاحساس بالانتماء في السطر الاخير من الاقتباس أعلاه حيث يقدم كمال استعارة مهمة ليقارن من خلالها النازحين بالطيور التي اُجبرت على ترك اعشاشها.

من الجدير بالذكر أن قصيدة (اعلم يا امي) قد كُتبت من وجهة نظر متفرج كونها كُتبت بينما الشاعر يعيش في تركيا, المكان الذي هو في تناقض تام مع مسقط رأس الشاعر. فتركيا بلدٌ جميلٌ وبعيدٌ عن قوى الحرب التدميرية التي عاثت بالرمادي دمارا وخرابا. فبطريقة حاذقة عميقة وغير مباشرة, اقتنص الشاعر الاثر النفسي للحرب عليه. فبالرغم من كونه يعيش في دولة كتركيا اشتهرت بجمال طبيعتها واستقرارها الاجتماعي ورفاهها الاقتصادي, ألا إنه لا يزال يشعر بآثار الحزن والألم التي لا تمحى, لأنه يحمل حبه لعائلته وبيته ومدينته عميقا في وجدانه.

عبّر الشاعر عن هذا الحضور الروحي للعائلة والبيت والمدينة والذكريات الماضية للحرب في قصيدته ( لكني الغريب). يقول الشاعر في هذه القصيدة التي نُسجت بذكاء لا يُضاهى:




بوسعي أن اقترف الفرح, وأغني, وأمشي في البلاد الجميلة, كما يمشي نورسٌ جنوبي

على ضفافِ الشمال الشاسعة

وبوسعي أن آكل الروبيان على سواحل القرن الذهبي, كسائح جاء يكتشف

البلاد على طريقته, والتقط الصور




ولكني الغريب..

جئتُ منفيا الى هذي البلاد.

جئتُ مكسور الجناحِ, مصابا بداء الحرب واصواتِ الرصاص. (ص 13(



يعبر هذا الاقتباس عن حقيقة صادمة , محسوسة بعمق ومرتبطة بالأثر النفسي لصدمة الحرب على الشاعر. أوضح المتحدث أن ما منعه من التمتع بالحياة في تركيا والشعور بالسعادة والغناء والتمشي في هذه البلاد الجميلة كالنورس وأكل الروبيان لم يكن بسبب فقده للمقدرة الجسدية. بل كان الاحساس المستمر بالألم والاثر النفسي والصدمة التي خلفتها الحرب وذكرياتها الماضية التي لا تزال تطارد الشاعر أينما حل, سالبة إياه طعم مباهج الحياة. إستخدم كمال في البيت الاول فعلا غير مألوف ((اقترف)) وربطه مع السعادة. هذا إن دل على شيء فإنما يدل على اعتقاد الشاعر أنه من الجرم أن يشعر الغريب النازح بالسعادة بينما يعيش على ارضٍ غريبة. طبقا للشاعر, فإن إدراكه لغربتهِ الروحية عن وطنه هو ما افقده القدرة الروحية على الاحساس بالسعادة الحقيقة من خلال ممارسة فعاليات جسدية كالغناء والمشي والاكل. بالنسبة للشاعر, انه لجرم أن تشعر بالسعادة وأنت قد اُجبرت على فراق بلدك. إنه لمن الجرم أن تعيش مغمورا بالسعادة بينما أهلك ومدينتك يغرقون في الدماء والدمار. إن لمن الجرم أن تشعر بالسعادة بينما من احببت يشعرون بالاسى والألم والخوف من الموت. إنه لجرم أن تشعر بالسعادة ومدينتك التي عشقتَها تُدمر.

في ما تبقى من القصيدة والذي يستحق ان يُقتبس بشكل كامل, يستمر كمال بنقاشه الذكي لموضوعة الأثر النفسي للحرب وصدمتها عليه كإنسان وشاعر. حيث يقول:

اصُغي لعازفةِ الكمان في شارع الاستقلال العظيم, فيشق مسامعي صوت طفلة

على جسر بزيبز, وهي تبحث خائفة عن أُمها بين الحشود الهاربة من الموت الى

الموت..

اجلس في المقهى, فيطردني ابٌ يفترش ارصفة بغداد منذ ان سلب الغزاةُ بيته

ومدينته..

التقط صورة لسور القسطنطينية, فتحجب السور عني بوابة الرمادي التي

شوهت ملامحَها آثارُ الرصاص ولمّا تكتمل..

أقف على جسر البوسفور, فأكاد اسقط من الاعلى لشدةِ الانفجار الذي ضرب

جسر الورار فقطع اوصاله..

أدخل جامع السلطان أحمد, فيُشعل دمي صوت المؤذن في جامع الشيخ عبد

الجليل.. (ص 13-14)




في الاقتباس أعلاه, يعمد الشاعر بشكل كبير الى تقريب أماكن وأحداث معينة بين تركيا والرمادي. حيث يربط الشاعر بين مشهد المرأة التي تعزف الكمان في شارع الاستقلال الكبير ومشهد الطفلة التي تصرخ بحثا عن أمها على جسر بزيبز الذي ارتبط بكل ما هو مؤلم لكل نازح. ايضا يتخيل الشاعر نفسه مطرودا من مقهى ارتاده في تركيا من قبل اب نازح يفترش أرصفة بغداد بعد أن سلب الغزاة بيته ومدينته. حتى التقاط الصور لسور القسطنطينية أصبح يُشعر الشاعر بسقوطه من أعلى جسر الورار الذي كان قد قُصف. بالنسبة للشاعر فإن دخوله جامع السلطان احمد ارجعه الى ذكريات سماعه لصوت المؤذن في جامع الشيخ عبد الجليل في الرمادي. هذا يعني ان كل شيء جميل صادفه الشاعر في منفاه القسري في تركيا وكل عمل قام به كان يذكره بإدراكه المؤلم للمعاناة التي لاقاها كلُ فرد وكلُ شيئٍ في الرمادي وخارجها بسبب الحرب والنزوح. لذا فإن جميع التعابير الايجابية ظاهريا والمرتبطة بحياة الشاعر في ارض غريبة قد فقدت مقترنتاها الايجابية نتيجة لدمجها بتعابير سلبية مرتبطة بحياته كنازح غريب.

تكررت موضوعة فقدان المقترنات الايجابية لأشياء وفعاليات معينة في بكاءات اغسطس. فهي الموضوعة الرئيسة لقصيدة (أنا اكره المطر) والتي هي قصيرة جدا لكنها مؤثرة ومعبرة. تحتوي هذة القصيدة سطرين فقط اظهرا قدرة الشاعر على قول الكثير في ما قل من المفردات. حيث يقول فيها :

يقول الذي بيته خيمه:

أنا اكرهُ المطر



في هذه القصيدة يتجلى لنا التعبير المباشر للمتحدث عن كرههِ للمطر ذلك لأنه اُجبر على ترك بيته والعيش في خيمة. فبالنسبة لساكني الخيام, فإن هطول المطر يعني غرق خيامهم وكلِ من يعيش تحت سقفها. فالمطر سوف يحول خيمتهم الى مستنقع طيني حيث يتعسر على النازح فيه أن يتحرك أو ينام. إن المطر في حياة نازح في خيمة مرتبطٌ ايضا بالمرض الذي يُصيب أولادَه وعائلته جراء الاصابة بنزلات البرد وامراض اخرى. هنا يتضح سبب كره النازح للمطر الذي ارتبط بمعاناته الجسدية. الاهم من هذا كله هو أن ما يجعل النازح يشعر بالكره للمطر هو أن الاخير يذكره ببيته الذي كان فيما مضى يحتمى تحت سقفه. بهذه الطريقة فقد المطر مقترناتهِ المعنوية الايجابية مصدر الحياة وجالبة النمو. اصبح المطر عامل إزعاج ومصدرا للمعاناة والتعاسة والقنوط لأنه يُذكر النازح ببيته المستلب البعيد. هذا يعني أن حياة النازحين في الخيام لم تعد تلك الحياة الطبيعية التي كانوا يزاولونها تحت سقوف بيوتهم.

اُعيد ذكر فكرة الخيمة بيتا بديلا للنازح لا يشعر بالانتماء له في قصيدة اخرى مميزة تحمل عنوان(الطفلة التي تجلس أمامَ خيمتها الآن ). كتب كمال في هذه القصيدة قائلا :

الطفلة التي تجلس أمام خيمتها الآن

وغبار المخيم يترك قسوته على خدها الندي

لا تريد منكم فراشا, ولا غذاءً..

فهي تعلم أنها ضيفة الله التي لا يليق بها أن تمد يدها لغيره

وأنه معها في المخيم ليؤنس وحشتها

ويمسح دموع حزنها الحارة..

لا تريد منكم أن تجلسوا بمحاذاتها وتلتقطوا الصور التي تُظهر كل معاني الافتراس

في ملامحكم المواربة.. (34)




تعتبر هذه القصيدة فريدة بشكل خاص لأسباب معينة. يكمن تفردها في حقيقة أنها احدى اهم القصائد في بكاءات اغسطس التي يُقدم من خلال كمال الامل للنازحين. ذلك لهيمنة الموت والدمار والأسى والفارق الجسدي والحنين والغربة الروحية على العديد من قصائده . فهذه القصيدة تُقدم المواساة الروحية للأطفال الذين فقدوا براءتهم وطفولتهم نتيجة للحرب. هنا تم تقديم الطفلة في القصيدة على أنه ضحية الحرب لأن ((غبار المخيم يترك قسوته على خدها الندي)). بالرغم من ذلك, هذه الطفلة لا زالت قوية لأنها تشعر بقرب الله منها. طبقا للشاعر, هي ليست بحاجة لأي شيء من السياسيين الذين تسببوا بمصابها لأنها تؤمن بأن الله معها. إذا فهذه الطفلة لم تكن ضحية الحرب فقط, بل كانت ضحية السياسيين الذين اوقدوا نارا للحرب لينتفعوا منها. فنجد أن كمالا يصفهم كأنهم وحوش ضارية لم يزوروها في المخيم لمد يد العون لها او لتخفف الالم عنها بل جاءوا ليلتقط الصور لأغراض دعائية وليفترسوها.

في العديد من قصائده, بضمنها من تم ذكره أنفا, نجد أن كمالا يُقدم موضوعة اثر النزوح وفكرة المنزل وعلاقة الانسان به من خلال اختياره لمفردات شعرية ذات دلالات ملموسة. فهو يُشير الى الجسور والبيوت والشوارع واشجار النخيل والزيتون والفرات والطين والسمك والبساتين والمزارعين... الخ. إلا أن لغته الشعرية تزاوج من بين ماهو جسدي وروحي ودنيوي وديني ومحسوس وغير محسوس. تتجلى هذه المزاوجة في قصيدة (( لا زلت احملك زوادة وقصيدة)). في هذه القصيدة يُخاطب الشاعر مدينته المعشوقة من منفاه قائلا:

دروبكِ الضيقة تتسع فيّ

ايتها الرمادي البعيدة.. البعيدة

وتمتد حتى آخر الشتات

وانا ولد قليل الصبر

وكثير الحزن والحنين

انا ابنك ايتها الرمادي البعيدة.. البعيدة

ابنك الذي اتعبته المسافة

وضيعته الحرب (ص 63)




في هذه القصيدة, تم الاشارة الى مدينة الرمادي على أنها ام الشاعر ذلك لأنه خاطبها بـ (( أنا ابنك)). بعد ذلك راح يصفها بصفة ((البعيدة)). استُخدمت هذه الصفة في قصائد مثل (أيها الفرات البعيد) و (يا نجمتي البعيدة) , وهذا يكشف عن إدراك الشاعر للمسافة التي تفصله عن مدينته. لقد كرر الشاعر هذه الصفة ليشدد على بُعد المسافة التي تفصل الابن عن الأُم وما ترتب على هذا البعد من ألم حزن و حنين واحساس بالحرمان والغربة والضياع. لذا أصبح الابن فاقدا للصبر من فرط شوقه الى حضن أمه. بالرغم من اتساع المسافة التي تفصله عن مدينته إلا أنه لا زال يحملها زوادة وقصيدة. وهذا يأخذنا الى قصيدته الجميلة التي تحمل عنوان (لا زلت احملك زوادة وقصيدة) إذا يخاطب كمال الرمادي قائلا: ((لازلت احملك زوادة وقصيدة/ واحلم بالوصول)). في هذين السطرين , يؤكد الشاعر أنه مهما كان بعيدا جسديا عن مدينته إلا أنه لم ولن يفترق عنها فهو يحملها قصيدة, أي أنها تعيش في قصائده وأنها مصدر الإلهام الشعري بالنسبة له. كما أنها الزوادة التي يشرب الجندي منها الماء. إذن فالمدينة مهمة للشاعر قدر ما هي الزوادة مهمة بالنسبة للجندي. هنا تتضح لنا صورة الشاعر المقاتل الذي يحارب في معترك الحياة متسلحا بحبه لمدينته. فالشاعر ينظر الى مدينته على أنها مصدر الحياة كم هو حال الماء في زوادة الجندي. ايضا نجد أن الشاعر لا زال يحلم بالوصول الى الرمادي. حلم الوصول هذا نجده منتشرا في طيات هذه المجموعة الشعرية. ففي قصيدة (اخي, احمد) يُضفيّ الشاعر على المدينة معنى روحي ويعبر عن حلمه بالرجوع إليها. اذ يقول مخاطبا اخاهُ:

فانتم حجيج الوجع يا صغيري, والرمادي كعبته

تطوفون حولها وتطوفون

.............................

ما زلت اكتب القصائد يا صغيري

وما زلت احتفظ لك بلحظة القائها اول مرة, حتى اعود.. ان عدت!.. (ص 41)




في هذه القصيدة عمد الشاعر الى استخدام استعارة ذات مدلول ديني حين وصف الرمادي بأنها كعبة الحزن التي يطوف حولها أهلها ممن بقى داخلها. كأنما أراد الشاعر أن يقول إن بقاء من بقيّ في الرمادي يعود سببه الى تمسكه الروحي بها. يمكننا القول إن وصف الشاعر للرمادي بأنها كعبة اُريد منه ان يُشبه حنين الشاعر لمدينته بحنين كل مسلم للكعبة وحلمه بالطواف حولها. لكن يبدوا بالنسبة للشاعر أن الرجوع الى احضان الام بعد فراق امرٌ مشكوكٌ فيه.

نستنتج مما تقدم إن للمكان في شعر كمال حضورا فعّالا وجوهريا خصوصا إذا ما اقترن بالنزوح.




الاسم: استبرق رافع غركان

مكان العمل: جامعة الانبار/ كلية الآداب/ قسم اللغة الانكليزية

الايميل: istabraqrafea@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق