جثة على قارعة الطريق
مرمية منذ سنين.
لم يلتفت اليها احد
ولم يسأل عنها سائل
حتى اكون المجيب !
ذهبتُ مرات ومرات..
كي اراها من قريب
ولم أفهم لِمَ لم يصبها ما يصيب الموتى !
هو رجل قد شاب شعره من قريب
من هو ؟
ضاعت ملامحه ..
او بالاحرى اخاف ان احركه
من بعيد او من قريب.
هل طُعن او ..جاع ..ام رمته السنين.
كنت ارجو المارين ان يلتفتوا
ولكنهم كانوا يهزئون.
كيف ..يموت الانسان هكذا ؟
تدافعت مع نفسي
وقررت ان احركه وارى ما سِرّه ,وعندها رايت العجب؟
رايت المحجرين فارغين ..حيث لا "عيون"
وفمه مفتوحا وكانه رأى شيئا غريب.
قررت ابلاغ المسؤول ..الساكن في القصر الكبير
حيث الحكم بيده .. وهو ولي امر المؤمنين وغير المؤمنين
قلت مولاي ..تلك الجثة على قارعة الطريق ..
هي هناك منذ سنين ..وفقدتُ طعم العيش منذ رأيتها
أَلا من حَلٍ لحالها .. والوصول الى دليل!
قال : إليَّ بها ..كيف يمكن هذا ..أمام الناس تُرمى!
أَليس عندنا تراب ..بل سأذهب بنفسي وأرى!
ذهب الحراس يركضون منتشرين
وها هو الحاكم.. الآمر يقف قرب بيتي ..
ناظرا الى الجثة من بعيد
فسأل: هل نعرفه؟
قالوا : سيدي انه الوزير.
فسأل : أي وزير ؟
قالوا: وزيرك الكبير ..أمرتنا بقتله الا تذكر .
فسأل: ومتى كان ذلك ؟ أمنذ أَمد بعيد ؟
قالوا: بلى مولاي .
فسأل: وماذا يفعل هنا ؟
قالوا: مولاي دفناه مئات المرات ..ولكنه يعود هنا من جديد
فسأل:وما سِرَهُ ؟
قالوا: لا نعلم مولاي !
قال :من يعطينا السّر سنعطيه قدر وزنه ذهبا لو تعلمون.
"احتشد الناس متحيرين بالسّر ,متلهفين لوزنهم ..وان كان يسير"
لم يعرف احدا بالسِرّ ..وبقي الجميع حيرى ينتظرون..
لابد للجثة من تراب يلمها ..وتستريح .
عندها مرت امرأة عجوز ..فقالت :
انا اعلمكم بالسّر يا بني آدم ..
انما حفنة من تراب ضعوها في محجري عينيه و دعوه في قبره ..
هو الانسان الطامع لا تسكن روحه الا بحفنة من تراب
قال الحاكم : كلام عجيب غريب !
نفذوا ما تقول ولنرى ..بعدها من الامر ما يصيب .
دفنوه ..بعد ان وضعوا حفنتي التراب في محجريه ..وتركوه .
"لم يخرج بعدها وسكن وارتاح بعد استلام حقه من التراب".
فارسل الحاكم وهو يرتجف .
يسأل عن المراة العجوز وكم هو وزنها ؟
لابد ان يفي بالوعد للموعود .
جاءته العجوز مبتسمه .
وقالت له :مولاي الحاكم ,
هي الحكمة عندي خير وابقى مما لديك ..
أوَ تخاف عليه بعد ما رأيت؟
اني في غنىً عنك وعنه ..وما أوتيتم من العلم الا القليل,
خذ حذرك ..انما هي حفنة من تراب !
..........
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق