أبحث عن موضوع

السبت، 15 أغسطس 2015

أصدقاء .. ًقصة قصيرة....................... بقلم : طالب عزيز جليلي // العراق



كان برفقته زميل من دورتهم ..لم يكن من مجموعة الأصدقاء، ولا حتى المعارف الذين كان يلتقي بهم في الكلية .. قدمه له صديقه محمد معرفا : زميلنا نوري!! أضاف ؛ دكتور نوري ..
- اعرفه .. اهلا وسهلا ..
بعد حديث عن الجو وحرارته والمسافة الطويلة التي قطعوها وبعض الحديث اللزج .. سأل محمد : هل الدكتوره إلهام موجودة ام مجازة ؟! ..احس ان السؤال توجه فورا الى قلبه فوخزه بحدة وكأنه مزرف !! كلاهما من نفس الدين وقد جاء من مدينة بعيدة .. التفت الى نوري الذي اطرق خجلا وقد احس بقسوة السؤال وغرابته ورد فعل حامد !! كان قد كلف اخته المعلمة التي تسكن المدينة بالتقصي عنها .. كانت الشكوك تحوم حول علاقة إلهام بحامد الا ان تلك الشكوك لم تجد ما يؤكدها .. مجرد طبيبات يعملان في مستشفى واحد، تربطهما صداقة وود ، ويقال أيضاً انهما يحملان فكرا واحدا ويمكن ان يكونا منتميين الى حزب محضور !!... قال لصديقه حين تركهم نوري ذاهبا الى إلهام ؛ لا اعتقد ان الدكتوره سوف تقبل بصاحبك .. هناك اختلاف واسع بين الاثنين .. أردف : لقد عرفت نوري جيدا اثناء فترة التدريب العسكري.. انه شخص سطحي وضحل التفكير، اضافة الى انه كان من اعضاء الاتحاد الوطني !! ... أجابه صديقه بشيء من الارتباك ؛ اعذرني يا اخي؛ لقد الح علي إلحاحا غريبا لمعرفته بالعلاقة التي تربطني بك .. أضاف متسائلا بعد تردد مفضوح : حامد..هل تحبها ؟! ..لا ..أجابه حامد متلعثما ..أضاف وقد فاجأه صديقه بذلك السؤال ..انت تعرف ، الهام زميلتنا ، اضافة الى انني اعرف عائلتها وتربطني بهم علاقة حميمة واعتبر نفسي مسؤولا عنها هنا وفي هذه المدينة النائية ..!! نظر اليه محمد نظرة طويلة شابها شيئ من الخبث والعطف وعدم التصديق !! ... بعد ساعة ، شيعهم الى باب المستشفى الخارجي مودعا . حين عاد الى غرفته ، رمى بجسده على الكنبة متهالكا وهو يحس بضعف شديد وكآبة حادة .. شعر وكانه يبكي في اعماقه .. حاول ان يجد لنفسه عذرا لكن قلبه سخر منه ومن جبنه الازلي ... قالت له تعال نرقص .. غرباء في الليل ..كان عزف تلك الاغنية قد أضاف لتلك الأمسية دفئا وشعورا غريبا يتناغم مع ذلك الذي أحس به حامد ... تصور نفسه يحتضن خصرها النحيل برقة وحنان وكفه الاخرى تعانق كفها ويدور يدور ثملا حتى ايقظه صوتها وهي تكرر السؤال هامسة وتشير الى شقيقتها الصغرى التي راحت ترقص على خشبة المسرح بخفة ودلال، ترقص ؟! .أجاب متلعثما ..لا لا .. لا اجيد الرقص .. أضاف بهزله المعتاد.. أنا رجل قروي وأخاف ان أوقعك ونفتضح ...!! ضحكت كثيرا وهي تعلم انه مع كل ما تعرفه عنه من شكيمة ورجولة، يحمل في داخله مشاعر طفل خجول ...!!
نهض بتثاقل واتجه الى غرفتها التي تقع بجوار غرفته وتغلق الممر الطويل .انتبهت اليه وهو يتجه نحوها .. حاولت ان تبدو وكأنها تدون المعلومات في السجل .. كانت خصلات شعرها الحني تتدلى متأرجحة وتغطي جانب وجهها الأيمن .. ألقي تحية قصيرة وجلس على كرسي جانبي ، تفصله عنها طاولة المكتب الذي تجلس خلفها ..
- كيف حالك .؟!
رفعت رأسها بتثاقل ونظرت اليه نظرة طويلة .. اجابت .. بخير
- هل تعرفين دكتور نوري سابقا؟!
- لا .. استدركت قائلة .. لكنني اعرف اخته .. هي مدرسة في المدينة
جاء لكي يتعرف عليك عن قرب وينوي ان يخطبك !! قالها بتجهم وهو بشبح بوجهه نحو باب الغرفة .. اجابت بلغة محايدة لا أبالية. سبق وان كلمتني اخته حول ذلك ..!
إذن الموضوع له اوليات ويبدو انه قد خطى خطوات متقدمة بدون ان اعلم .. قال في داخله ..بلا وعي ولا تحسب وبشيء من الحدة، قال لها:
- الهام .. مهما كان رأيك به لكنني اعرفه اكثر منك .. صحيح انه من دينك لكنه لا يناسبك .. ارجوك فكري جيدا قبل ان تأخذي قرارا بالموافقة ..!! نظرت اليه باستغراب .. لاحت في عينيها علامة ضيق وانزعاج.. قالت بحدة وعناد : هذا ليس من شأنك .. أنا من يقرر ذلك !! أجابها بحزم أثار استغرابه هو قبلها : وأنا ارفض رفضا قاطعا .. قال تلك الكلمات وهو يغادر الغرفة بسرعة قبل ان يسمع ردها ..!!
ولع سيجارة وراح يتطلع عبر الشباك بعيدا بلا هدف .. أيقظه منظرها وهي تحث الخطى نحو دار الطبيبات..كانت تسير وهي تنظر نحو الارض وكأنها تحسب خطواتها وكان ظهرها قد بدى محنيا قليلا ...
في اليوم التالي دخلت غرفته وحرصت على إغلاق الباب بعد ان تأكدت من خلو الممر .. جلست قبالته وشبكت كفيها في حضنها وألقت نظرة طويلة يائسة نحوه .. قالت بحزم :
حامد .. نحن من دينين مختلفين تجمعنا الصداقة ونشترك بصفة واحدة هي الجبن !! اضافت وقد بدت على شفتيها رعشة خفيفة..لا أنا قادرة على تجاوز جبني ولا أنت شجاع وتنتشلني عنوة من ذلك الخوف ..نهضت وهي ترمي كلماتها الأخيرة بحزم وغادرت الغرفة ... !!
التقيا بعد خمس وثلاثين عاما .. احس كلاهما انهما افترقا قبل يوم ! وجدا نفسيهما انهما لا يزالان اصدقاء ...
طالب الجليلي
٣٠ نيسان ٢٠١٤

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق