المقهى معبق بدخان السجائر كأن احدهم القى فيه قنبلة وانصرف ، بالكاد كنت ترى الجالسين على الطاولات المبعثرة
من الراديو العتيق المتربع على منضة في زاوية المقهى كان ينساب صوت فيروز .. سنرجع يوما ...
الجرسون النحيل يتحرك بخفة فراشة ، شاي قهوة زعتر حلبة يانسون شيشة
اصوات متداخلة ، نقاشات ، شتائم ، الفاظ بذيئة
معظم مرتادي المقهى كانوا يلعبون الورق وبعضهم كان صامتا لا يفعل شيئا سوى تدخين الشيشة والبحلقة في الفراغ
في ابعد زاوية من المقهي قبع عجوز برزت عظام وجهه كانه خارج من القبر ، كان يسعل باستمرار ويبصق في منديل قذر وضعه على الطاولة
يا اخي غيرِّ هذه الاغنية .. سنرجع يوما ! سترجعون الى الوراء
ضحك الجميع حتى بانت اسنانهم الصفراء التي نخر فيها السوس ولونتها السجائر
لن نغيِّر الاغنية
كما تريدون ايها المهزومون لن ترجعوا
انت مهزوم وبائس
دلف الى المقهى ماسح الاحذية العجوز ، تفحص بعينين هرمتين ما استطاع رؤيته من احذية الحاضرين ثم انصرف متمتما
وجوهكم تقطع الرزق فما بال احذيتكم
قهقه الجميع وشتموا الرجل ، الى الجحيم ايها العجوز
يا اخي ليس من العدل ان ابلغ الاربعين ولا استطيع الزواج ، اريد ان اتزوج
اما ان تغيروا هذه الاغنية او اغادر
من الافضل ان تغادر انت شخص ممل وتغش في اللعب
هيا انصرف لن نغير الاغنية
وقف بالباب شخص اعتمر قبعة كبيرة
اريد عمالا ، من يرغب بالعمل لمدة يوم واحد
لم يسأل احد عن الاجرة ، هب خمسة اشخاص وتبعوا الرجل
فجأة !
عبر امام المقهى اطفال فزعون يولولون ويصيحون
اليهود هجموا على المخيم ، قتلوا ابو سامي والحج ياسين واولاده ، قتلوا الاستاذ عبد الرحمن والكثير من طلاب المدرسة
كل من كان في المقهى كان في حالة من الهياج
القوا باوراق اللعب على ارضية المقهى وانطلقوا كالبرق الى اطراف المخيم بحثا عن المهاجمين
انهم هناك لقد رأيتهم
كان المهاجمون كالقطعان الهائجة ينحرون كل من يقابلهم
اشتبك شباب المخيم معهم بالايدي والعصي والحجارة ، كانوا يكبرون ويطلبون النصر من رب العالمين
فجأة انهمرت من السماء حجارة كثيرة سقطت على رؤوس المهاجمين كالمطر
لاذ المهاجمون بالفرار وهم ينزفون
لم يصدق شباب القرية ما حدث ، نظروا الى السماء
يا الهي !
كانت مغطاة بطيور كثيرة حجبت ضوء الشمس
كبر الشباب وصلوا صلاة طويلة
- انتهت -
( عدلي شما ) 31-5-2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق