أبحث عن موضوع

الأربعاء، 17 يونيو 2015

قتل الافعى ( قصة قصيرة ) ..................... بقلم : ابتهال الخياط /// العراق


صالح يهيم بعمله المرهق حيث حجره الصامد منذ امد بعيد منتقلا اليه من ابيه عن أجداده يشحذ ويشحذ بالحديد فيسنه. يبقى هو تحت اسم حجر الشحذ بلا مقام يذكره الفارس او يُشار اليه في حدة المعارك.
دخل احدهم حاملا خنجره وهو يقول؛ اريد هذا صارما كالسيف فلي به حاجة شديدة.
أجابه صالح: ان احببت اجلس ريثما أٌنهي ما بيدي فأقضي حاجتك.
قال الرجل: نعم سأجلس فلي رغبة اليوم بالتحدث الى الكل.
صالح: ولم لا. أنا صامت كالحجر على الدوام فلابأس اليوم ان أُغير هويتي واتحدث.
الرجل: كلمة غريبة "الهوية" وهل صنعتك هي هويتك؟
صالح: أجل.
الرجل: لو رغبت في تغييرها. أنا قررت تغيير صنعتي او كما تقول هويتي.. وفي طريقي الان الى مورد عذب عند احد الجبال يُقال ان فيه ذهبا وفيرا.
صالح: يا رجل.. المورد العذب كثير الزحام.. ولكن ما مهنتك؟
الرجل: أنا أنفخ في الرماد.
صالح: ماذا؟
الرجل: أنا اعمل القهوة في مجلس الشيخ الكبير حيث لا أدع النار تبرد فأنفخ.
صالح ضاحكا: اعذرني ان ضحكت.. ليس سخرية منك بل من نفسي. فأنا ومع عملي بشحذ الحديد أنفخ ايضا.
الرجل: قررت الرحيل هناك حيث المورد العذب كما يسمونه.
صالح: ومن ذكره لك؟
الرجل: في المجلس عند الشيخ.
صالح: ومن اين لك هذا الخنجر وما تفعل به؟
الرجل مرتبكا: لا عليك انه لي منذ زمن والحديد يفلح في كل مكان وأوان وحدث.
صالح: هل تعرف انني بحاجة الى سفر ما. لقد نفعت الناس طويلا وأضررت بنفسي وكلما رأيت احدهم مسرورا بحاجته زاد همي وألمي وشعرت بتعب ذراعي وجسدي وقلة الأجر.
الرجل ضاحكا: تعال معي سنكون صحبة جيدة.
صالح: متى تنطلق؟
الرجل: بعد يومين فقط سأجمع بعض الزاد للطريق فكن معي لعلنا نجد كبوة لجواد النفخ خاصتنا.
صالح: اتفقنا سأكون هنا بانتظارك وليكن الامر كما تقول.
بعد يومين كان صالح يقف مع بعض متاعه وقد بدت عليه علامات الفرح والتأهب للسفر يتلفت يمينا ويسارا بانتظار صاحبه, وها هو قد أتى محملا بمتاعه وهو ينادي صالح من بعيد. "مرحى لنا موردنا العذب", كان الطريق قد بدأ يتنفس بالمارة فالوقت فجر.
وانطلق الاثنان غريبان على طريق بعيد وفي قلب احدهما طرق الحديد وفي الاخر ينفث الرماد.
وكانت الغابة الكثيفة ممرهما الوحيد ومن بعدها تأتي الجبال, سارا بسرعة وقوة والامل يحثهما وينصب لهما تلة من ذهب.
قال الرجل: هل نستريح هنا رائحة الاشجار جميلة.
صالح: لابأس لنبقى ساعة فقط نأكل وبعدها نسير.
وبين جلوسهما ومطعمهما حدثت حركة ما, قفز الرجل خائفا وقال: ما هذا الصوت؟
صالح: لنتوخى الحذر قد تكون أفعى فالغابة كثيفة.
وهنا انتصبت امامهما افعى ضخمة تنظر بحدة وبلا حركة وكأنها متأهبة للانقضاض.
استل الرجل خنجره وشهره عاليا وكأنه سيف, فانقضت الافعى باتجاهه, حمل صالح صخرة يردها عنه فهجمت عليه قفز الرجل يضربها فقطع ذنبها.. فهربت.
صرخ صالح: يجب قتلها من الراس هيا بسرعة يا رجل.
الرجل: لا دعها ترحل.
صالح: لا يمكن ان نتركها مازالت قريبة هيا كُن شهما واعلم انها ستلاحقنا.
الرجل: لنتحرك للهرب بسرعة.
صالح: لابد من الحذر فهي ستبقى قريبة منا.
اخذ الاثنان بالركض وبخوف كبير و انتهت الغابة مع لهاثهما.
وكان النهر يجري بماء عذب فأنساهما التعب والخوف. دخلا النهر يسبحان فيه ومع جريانه نسيا انهما يريدان اتجاه مورده لا مصبه, فأنتبه صالح وقال: هيا يا صاحبي لنخرج ونتجه نحو مورده في الجبل حيث الذهب.
الرجل: نعم لقد أنستنا الافعى كل شيء هل تظنها مازالت تتبعنا؟
صالح: لنكن على حذر.
وسار الاثنان حيث مورد النهر عند الجبل وكانت هناك المفاجأة.
كان المكان مكتظ بالشيخ واصحابه لقد سبقهما, وها هو القدر يفوت عليهما غرضهما نظرا من بعيد والغصة تتكلم بدلهما .لقد أخفقا وعليهما الرجوع. ولكن اي طريق امامهما غير الغابة والافعى الفاقدة للذنب, فقررا الالتفاف مع النهر واجتناب عبورها.
قال صالح: لنبقى قليلا ونرى ما يفعلون ربما لنا بقية مما يتركون.
الرجل: هل تظنهم سيتركون شيئا. ولكن لننتظر وما سنخسر بانتظارنا.
وانقضت ساعات النهار انه اليوم الثاني والزاد قد لا يكفي للعودة وتلك الجماعة صخبها عالي من ضحكات وشواء.
والنافخان ينفخان همًا على هَمْ وسط الظلمة والخذلان.
وفجأة حلَّ الصراخ وعمت الفوضى وتراكض الجميع, وسط رعب صالح والرجل وهما يراقبان ما يحدث, انها الافعى هجمت على مجلس الشيخ تاركة ضحاياها يرمون بانفسهم في النهر ليجرفهم حيث ما يكون هروبه. استل صالح الخنجر وقال: لابد من انهاء القتل لا يمكن ان تقطع ذنب الافعى وتترك رأسها.
صاح الرجل: ويحك فلتأكلهم جميعا.
نظر صالح اليه وقال: انا لا انفخ في الرماد.
ركض صالح حاملا الخنجر وبدا فارسا رائعا مهيبا لم يردعه خوف من موت ووجد نفسه ممسكا بها ليطعنها في الراس وسط ذهول الباقين. وماتت الافعى وهدأ المكان وتراكض الجميع باحثين عن اصحابهم. هنا نظر الشيخ الى صالح وبيده الخنجر وقال: لابد انك من الصالحين فهذا خنجري بيدك وجئت به لتقتل الافعى! ان الله راض عني اذ ارسلك الي.
وعاد الجميع وتحدث صالح بالحديث كله و صاحب الرماد صامت.
فقال الشيخ: اذن ايها النافخ في الرماد لا تجيد غير عملك وسرقتي. وهذا الصالح صاحب الحجر هو ذاته يشحذ الحديد منذ سنين ولا يقطعه, فقط لأنه قوي وليس من ضعف سبيل عليه. اليك هديتي يا صالح نصيبك من الذهب ومن قطرات شجاعتك يمتلئ الغدير. فهل ستترك هويتك؟
قال صالح ضاحكا: حجري هناك وهويتي النفخ في النار والضرب في الحديد.
............
ابتهال الخياط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق