كنا نبحث عن لحظة الأمان مع الذات حين تشرخ هواجسنا المترفة بأرق النهار على حافة الأرصفة حين يصبح الظل ميعاد المساء في نهار لم يكتمل دورته في شرايين جسد المدن التي لم تجد في انجذاب الضوء إلا رحلة باتجاه الشموع التي تقتات على مساءات أحلام فقدتها الذاكرة في حضور أسماء تغربت من أسماء الوجود ...
تصبح الأحلام كطائر السراب في عطش الدروب إلى الحنين المقتبس من تجور الضلوع في باحة تشرد الرؤيا عند نشور الأحلام لأجداث الشجر التي فقد أثمارها في ظلال السطوح الملونة بالجوع إلى ألوان السماء ...
أحببتها حتى أحرقت دمي بلون حدائق الوحشة التي خلفتها أشجارها في تنفس الضوء المتأخر في ممالك المساء البعيد ...
قلت لها تعالي أسكني مدني...
قالتﹾ كيف أسكن وإذا مرت الغيوم دون هجرة البحر إلى سفن نوافذي ..
قلتُ وهل من يعشق بلون دمه يبحر في سؤال الغيب إذا مرت الأيام دونه ..
كنت أصنع لها مساحات الخضر من أكفي لتزدهر أنفاسها بخضرة الربيع
وكانت تبني جدران الفولاذ في دروب الغربة والبرد إلى تنفسي ....
كنت أصعدها قبل كل شيء على أجنحتي الناعمة لتتنفس الحياة من روحي
كنت أناشد الطيور البيضاء أن تمر بسمائها كي تشكل لها بياضا من الفرح المطرز بالنهار...
وكانت تخبئ الخيول السود خلف متاريس أنفاسها لتصهل بالفراغ القادم لكي تلغي تاريخ الروح من معابدنا ...
كانت تلون المسافات بالسواد حتى تبهت صورنا في شوارع المدن التي مررنا بها ..
كانت ترافقني بحضوري كأني أنا ...
وكانت أرافقها بحضورها كأنها هي ..
كنت أرسمها بحجم شراييني في مقلتي ...
كانت ترسمني خارج أصابعها على ثوب المساء دون فرحة العصافير..
وكانت المسافة بين عيني وقلبي تشبه القارات وقد أدمنتها الروح إلى حد أصبح دمي بلون اعتراف السنونو حين نست المدن التي مرت بها فتعلقت بالتيه كعلامة لوطن يبعدها عن تصدع ريش الحنين على أجنحتها في أسماء المجهول الذي يغادر ولا يعود إلى مهد ذاكرته ...
يتخثر الدم في شراييني كانقطاع العالم عن وريدي المؤدي إلى سماء فقدت زرقتها في دروب عاصمة القلب ...
فقد اخترت مدن لا تشبه ولادتي فسقطت بعيدا عن مسقط رأس القلب ...
لكني عدت لأرمي غربتي إلى أجنحة الفراشات كي أفتش عن لون الحدائق المقيمة في تنفسي قبل أن تصاب الأزهار بالعطل الأخير من وجع الفصول ...
عدت إلى نخلة تظل نوافذي حتى في زمن الغياب ...
عدت لملأ روحي بتواريخ القلب قبل الدروب الأخيرة من عطش الهواء ...
وأغلقت نوافذي لأستريح ...لأستريح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق