كوني ! فأعجز كنهُها التأويلا
والربُّ عطر ثغرها تقبيلا
لما رآها في الهيولى اختارها
سبحانه في عرشه إكليلا
هي لوحه المحفوظ فيها أودع الـ
القرآن والتوراة والإنجيلا
قد أهدرت نفسي دمي فعذرتها
فرط الهيام ولم ألمْ قابيلا
عجبا إذا ما جئتها ورأيتها
سرَّ الإله ولم أجدْ جبريلا
كانت فكانت أول امرأة بلا
أبوين لا بل أنزلت تنزيلا
لم يخلق الرحمن أنثى غيرها
بهرت عيون الناس جيلا جيلا
تتلو المساجد والكنائس إسمها
ويتمتمون حروفه ترتيلا
هبطت على أحلى الجنائن في الثرى
فزها العراق سواقيا ونخيلا
فكأنما المشكاة فيها أودعت
وتلألأت قسماتها قنديلا
لو أن إبرهة ً رآها مرة ً
لدعا إليها جنده والفيلا
فيها عصا موسى إذا ما ألقيت
وبها الذي فعل الهوى أو قيلا
وبثغرها وردٌ إذا استنشقته
غمر الفراتَ رحيقـُه والنيلا
ندنو بلهفة عاشقين تضرَّما
ونذوب في ما بيننا تبجيلا
ما بين قلبينا تهجُّدُ عاشق ٍ
جعل التبتل ديدنا وخليلا
قد حار ربُّ الفن في تجسيدها
فجثا وحطم دونها الإزميلا
لبس الحريرُ بهاءَها وقوامَها
والشهد لامس ثغرها ليسيلا
وتوضأ الماء الطهور بوجهها
ليردد التكبير والتهليلا
بدوية العينين إن تطأ الثرى
عبق القرنفل بكرة وأصيلا
والشَعر موسيقى إذا داعبته
رقص الوجود وأدمن التطبيلا
وإذا ترنم صوتها أصغت له
روحي وقلبي هاديا ودليلا
أنسى الوجود بما به بوجودها
وأرى الهداية دونها تضليلا
ما سال من عينيَّ دمع بل لظى
صهر الجفون وأحرق المنديلا
فيها أرى كل النساء ولم أجد
صنوا سواها في الورى وبديلا
إن ذاق من فمها فمي عسل الهوى
لم أخشَ صعقة صور إسرافيلا
شتان ما بين الحسان وبينها
وبدوتُ فيها قاتلا وقتيلا
وقميصُ يوسفَ قد غدا أعجوبة
وقميصُ صاحبنا دما مطلولا
16 / 6 / 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق