اشكالية المعرفة لمراقبة الكلمات والاشكال في نقد الحتمية واللاحتمية التأويلية
(قراءة نقدية في قصيدة\'المرايا\' للشاعر عباس باني المالكي)
أ.د عبدالرحمن شاكر الجبــوري
جامعة اوكسفورد-بريطانيا
المقدمة
تعرض الادب وفنون الثقافة العراقية منذ نهاية السبعينات، الى لجاجة وهزة مروعة لم يرجعه عقود الى الوراء، فحسب، وانما اصبح الخروج من دوامته، في ظل انماط تلك الاوضاع السائدة في التقطيع والتمزيق، أمر فائق الصعوبة والتعقيد وخاصة كيفية جعل القصيدة تعبر عن ذهنية الشاعر لتغدو بالنسبة له حضارته التي اسس عليها شموليته ويتلاحق في تطور بناءها في انظمة فهم انتجها مشروعه الشعري وتطوير بيئة انساقها اللفظية والمرئية بتنظيم قرائن صيغ نموها الفني الابداعي والمعرفي الادبي في ترميز سر نموذجها المتمييز. وفي ضؤ ذلك فأن محاولة التواصل معه ماثلة الى حصر وقياس مواجهة الانهيار من عمليات التحديث الملفق، التي تشكل حافات لهاوية استعارية منهمكة بجاذبيته الاتساق بالتجريد، ليكون خارجا في تداعي تفسير مضامين الافتقاد والقبض بمخاطبة المتسق بين اسس الفلسفة والمنهج، ناهيك عن تقدير مستلزمات الخروج من المأزق والافاق المستقبلية لنظر بنية الكتابة وارتباطها بالسلطة، وتورم الآفات النقدية المستقبلية لها نتيجة تأزم تراكم احداث التقطيع، وانفلات السيطرة على المعرفة الاستعارية في حقيقة شبكاتها المعلوماتية للحقيقة، هي بالتأكيد مهمة شاقة ان تكن مستحيلة في واقع كان محاطا بالتكتم الشديد على المعطيات الابداعية وجذب مؤلفها النقدي الابداعي لواقع التموضع، ذلك دفع المحاصرة بكثير من \'المحرمات\' العقابية في شموليته المجردة، وحصره في فكر سلطة، لغرض رهانها الثقافي، كي يصبح البحث عنها في واقع الادب وفنونه الثقافة الابداعية وكتابة القصيدة نوعا من المغامرة الانضباطية والرقابية كأدوات للسيطرة المعرفية على الابداع، مما أستدعي اليقظة والاحتراس في الكتابة واعادة صياغة تراتبية المدارك الكتابية في الاشكالية المعرفية التاريخية، من اجل الابتعاد عن الانزلاق الى استنتاجات سافرة في الحركات والتمايزات في مساحات الوعي في استباق ممارسة السلطة عليها. وعدم الانخراط في صناعة \'بولّيسة الكتابة\' أو\'بولسّة المثقف\'، ووقائع الاحداث عنها او حولها وفك الارتباط للحراك الفكري عن انتماءها الخطابي على تعدد تقاذف الفصائل التقطيعية في الانخراط الفكري الجمعي، لثقافة تعثر الالية الاجتماعية وتعيين أقترانها في الخلطات الجاهزة، كي تنفصل بانزال العقاب وتنوع مستوياته، تحت ظل انزال السماء من المتصل الى المنفصل في التجريدية النقدية واللاموضوعية الشاملة في تخاطب الاخر، عند مسار الادب ومشارب فنونه الثقافية، ودوره الموازي لطريقة ترويض وثيقة الاحداث، ومجزؤات انقسام الاصول ومحطاتها التطعيمية في الهشاشة للعبة العقل وتطوره الموازي، وايضا زرق استيقاظ سمات الهاجس الاقصائي لتراتبية التركيب في الذاكرة المركزية للحركة المكانية، لفن الكتابة الابداعية ووصف تبعثر تاريخيتها نحو الكينونة. اي خلق رصد مبثوث بلا خرائط، تسير في تحليل وتلاقح أحدث التحول الاجتماعي بلا تفسير، في ضآلة التفكير والتلاعب بمساحة السيطرة عليه بنتائج متناقضة، خلال اعداد معدات وتقنيات ممارسة السلطة، واستقطاب دينامية اجراءاتها، في انزال الجاهزية الواعدة للحركة الاجتماعية في اللامتناهي، لسماء تجردها عن وعيها الحتمي في المحايثة المشتركة. من المرموقات الواعية لساحة نشاطها العقلاني، الذي يساهم في تحطيم اللعبة التجاور، الى ادامة مكررها الوصفي، التي قد تساهم في انتاج المعرفة لتغيرات قد تلفقها تعليلات غيبية، بصيغ نزعات رومانسية ضيقة او لاشباح على عقول ناهضة، لضمان سلامة هذه الكارثية في اطار انعدام التأثير المتبادل بين علاقات وقوى الانتاج للعقل، ومن ثم سحبها الى تعدٍ مغاير في الافكار/القيم، التي تُعد نفسها خليط افكار أجيالتصالبت وتقطعت اوصالها بوعود حصائل المفاهيم الوثنية، وبنيتها الاشكالية في المعرفة كي تغدوان مطرحا لسؤالا فلسفيا، يستوضح تلك العلائق وكينونة تاريخيتهافي ملفوظات نسقها المرئي وملفوظاتها.
اشتغل الشاعر عباس باني المالكي على كتابة القصيدة الشعرية، ليستغني عن تقاليدها، مما مضي جاهدا في الحرص هجرة ادواتها المكررة، والحفاظ على نمو ابداعه الشعري ليس على التاريخية وشواهدها الصنمية، بل اخذ يطور حبائله السريه لتصميم مخاض علة الظواهر وسياقاتها مستوصحا تعاريفها من لدن المعرفة بالاشياء والكلمات والدلالة، كموقف اخلاقي رصين، يضاف الى سلسلة مواقفه البحثية في الريادة والابداع. وايضا رفضه الانضباط تحت ضغط الاستبداد، والتعسف والاقصاء، والعزل. ظل ماسكا \'عزلته\' بالمواجه ضد الخرافات المبتذلة القائلة ان الواحد بالشي يساوي كل الاشياء في الصفات والجوهر، بل تعدى تلك النزعة الفينيقية، وطرح مشكلته في بحث تنقيبي في مقياس الزعم بالتعدد لوعي الكتابة الشعرية وتجريبية مساردها وبناء افقها العقلاني في التعددية والانتشار.
عاش الشاعر –الانسان محايثا لهموم الناس وآلم المثقف بكل احتباساته التفسيرية للتحول، وهو يحمل ذاتا متصارعة عن الحرية في المخيال السوسيولوجي في نقد الوعي الاجتماعي المركب لمكونات اولوياته العضوية في انضاج تشكيلة مرجعياته الوصفية من اوج القيم الى سمة الشاعر وحقيقة ذاته المدافعة عن العدالة والحرية والمساواة بأشد تنوعا عن حرص أسلوب التفكير، ورصانة الكتابة الملتزمة، بقالب ثري ،حقق فيه نموذجا شعريا متماسكا النواحي في الاتجاه والتفرد، دون الخضوع لضغوطات النشر وابتزازات مماحكة ازلام وعاظ الشعراء وحراس الابواق الادبية للنظام العسكري الدكتاتوري المستبد، متأبطين شرعية النظام وسلطته المطلقة في التشويه والتشهير على اي مخالف للوائح شرائعهم. عاش الشاعر عباس باني المالكي كطبيعته هادئا في تركيبته الشخصية الصادقة، شخصية حساسيته الشعرية الخالصة، سعي مرهف لاداء شعري مكتوب ومطبوع في ديوانه الألسني الاول (كوميديا النار 2005) بمحاولة تركيب تصنيفي لتلك الاحداث والتجربة الموغلة بحثا، يتعاشق بها ابداع ملفوظات مضيئة مواجهة الشحنات الدلالية وتميزه، في تزامنية تراكم تجربة الشعر العراقي المسكون بالصراع من نافله الى بلوغه، حيث جعلنا نعيش شحنات تورط الذات معه مباشرة في تمفصل التفكيك الموضعي في الانتهاكات في تناظرها وكيفية انتاجها تمفصلا وصفيا شافيا للواقع وبداهة السلطة في اختراق مواقع الذات، ادرج اختلاف تناول اشكال قواسم ملموسيته ليس ضمن أفق خيال ظاهراتي، بل متعدد بتولد تراكما لمعانٍ خطاب مؤول، في خيارات ابداعية شعرية من اصل المحرّم والمحظور، مما سعى اليها الشاعر منذ عقود لتحمل محاورها، وتوثيق بلورتها ضمن مشروع للتأمل الفكري- ببوتقة شعرية تتجذر في فهم كينونة اللغة في اصل الصراعات والمناظرات للاشياء والكلمات، احالت اليه ان يخاطب فيها تلبسيات ومصادفات عقلانية النص بحتمية التأويل، متجاوزا تجدد وتمدد تقريرية الشبكات الهامشية المتأتية للمكان وحتمية ملفوظاتها البصرية، ليفتح النص مباشرة في اصطلاح –المفهوم- في اللعبة الألسنية، وفضاءات تشقق وتداخل وتوزيع ممارسة عتبات الانتهاك السري والخلط به في علن المعانٍ، في فرز البعد المركزي والهامشي لمساءلتها، والجاهزية والمقولبة لهما بنرجسية الذات ولذائذ تحاذي وصفها برفعها الى المقدس بخفية الناعم المخفي. فخلال تحرر الدلالة التداولية العقلية للنص في تجسيد انزياح التفكيك الخيالي للاقصاء الايديولوجي وطريقة تفكك ملفوظاته الخطابية، اتي تعجز فهم الكينونة للكلمات بنوعها الدلالي، مما تلفظ الجذور بشظايا حواس البصريات بتمفصل موضعي، نحو اقصاء حرية العقل في مراقبة الاشياء والاشكال في الكتابة الابداعية المنفتحة صوب تمتع الاخر المكاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق