اشكالية المعرفة لمراقبة الكلمات والاشكال في نقد الحتمية واللاحتمية التأويلية
(قراءة نقدية في قصيدة\'المرايا\' للشاعر عباس باني المالكي)
أ.د عبدالرحمن شاكر الجبــوري
جامعة اوكسفورد-بريطانيا
(2).
شذرة البدء نبدأها بدراستنا قراءة نقدية لقصيدة موسومة بـ\'المرايــا\' للشاعر عباس باني المالكي أحدى وليس أخر اجمل قصائده التي اخترناها للقاريء من لدن دواوينه، والتي لم يكن نشرها تأبه بتخوم التعرجات والمنحنيات في الترميز الذهني بالخصوبات الوصفية للملاحظات الادبية في أطر المجال الشعري عند اضموتها مع القصائد الاخرى من الدواوين او القصائد، في احداث التغييرات النوعية الشيقة للمعنى، وفي كشف تشوق انتاج الكلمات برسم شيق وفاتن للصورة الشعرية، مما دفعنا اليها بطبيعة الحال هو مغامرة في إنتولوجيا البرهنة والتحليل في رسمها الادبي، منذ مدخلها لج برسم شظاياها مشعة دامية مغايرة، بصدد إصطدام حيز العقلية الناتجة والمنتجة بقراءة الافكار وترميز ما يخفي وراءها او يتظاهر بظلالها، لما يراه ويعيشه في رحلته مع الانسان، غير أن إنتاجه الفاتن فيها تدفق دون كلل يتموضع تحت شارة السوسيولوجيا لوعي المعنى الشعري، تماما كما وكأنه ينتسب بنقد الوعي العقلاني إلى الفلسفة والإقتصاد والعلوم الإجتماعية، وتحليل اللغة، وجميع المجالات التي دشن فيها أفاق جديدة ومنظورات واعدة في قصيدة تكللت في قصيدة \'المرايــا\'، التي نستعرض نصها، في متناول القراء، وايضا نتناولها في القراءة من وجهة نظرنا المتواضعة، تحت عنوان القصيدة الموسومة بـ\'المرايـا\' نظم الشاعر قصيدته في \'17\' مقطعا، يحدد الشاعر لنفسه في هذا العمل، مهمة غير عادية، مؤكدا بأنها قراءة للاشياء بالمرآة. ولأفتكاك اشكاليتها، يحدد الشاعر افقا خصبا فاتنا في النص والصورة الشعرية، محاولا نبش جهود في الاحداث الماضية ومتابعة احداثها الى ما بعد التأمل ، كما يحاول استشراف رؤيا عبر العديد من المحطات –المقاطع- رسم مشهد متنوع للمآل الذي اتخذته القصيدة في تداعيات الاشياء والاشكال والكلمات، والتي سننطلق بدورنا محاولين الاعتماد بقراءتنا لها في إشكاليات معرفية متعدد تختلط فيها مراقبة الكلمات بالاشياء والاشكال ومنعطف تنميط تاثيرها التحويلي في المعنى، للتأكد من تلك الاشكاليات المعرفية في المراقبة على ان تلك الاشكاليات هل هدر وضياع في التعريف المنهجي للامكانيات بين النقل بالاشياء وظاهرية قراءتها؟ ام ان العقل سيبقى مستمرة منبشا وخازا لها بالكلمات طالما بقيت مظلة الاستبداد بمفهومه الواسع خارج عن المرآة؟ كما سنطرح في دراستنا هذه، ابواب، تأكد الدعوة في المشاركة على اساس تراتبي يحمل ملامح الفرضيات وجغرافية تناسق لزومية الامكانات لها. فأن دراستنا تقوم على ثلاث اطروحات بالعلاقة الاشكالية المعرفية في قراءة القصيدة في تسبيب تلك العلاقة وصورة المرايا الشعرية فيما ارادها الشاعر في تصوره ان تكون منشودة بالكلمات والاشكال والاشياء، ونستقل بتلك الفرضيات على الشكل التالي:
1. المرايا هي لاتعتبر اطار هندسي معزول لتموضع مراقبة التمرد والرفض بكافة حتميات اشكاله، داخل نظام بصري، متراص ومحدد، ترسم عليه تطور الكلمات بكشف خواص تناميه وقابلية تأثيره وتعليل وظائف اداءه الجديدة، وليس كصورة تهميش لاشكال واشياء مصنمة داخل افق مختلف.
2. تبني خيار النقل البصري المرئي الشامل بدوافع وعي نموه وشموله بفضاء تعميم صبغة خواص التحولات واستعراض فرز وتقطيع تماثلها بالتناظر، وبناء ارادة العقل في خطاب الدلالة الشعري كأسلوب في التعامل مع مرتسم الصورة الشعرية بتأكيدها الكلمات-المفهوم للاشياء والاشكال-المكان، لكشف الارتباطات التشريحية في الاشكاليات المعرفية التقليدية بين الملفوظات والمرئيات لتجاور الشكل المتساوي واختلاف الاداء الوظيفي في المعنى .
3. دعوة لأعتماد الصوت الفلسفي-الرشدي (نسبة الى الفيلسوف ابن رشد، \'ان صح التعبير\') مستقل ومعتمد على رؤيا النقل والموجه نحو العقل بين المتوازيات المتقاطعة للاشكال والاشياء في علة التشابه والاختلاف في تعددية التفسير المختلطمما تكرس قرائتنا في القسم الاول منها على المشاركة بمسرد عرض عام للقصيدة ولمحات مصادرها. ايضا ستكون محاولة التمعن بقراءة مكثفة عن تمايع وانتزاع الامكانيات المعرفية عند محايثة فرص الكلمات الضائعة لنظم الاضطرار والتكييف التلقائي في التجانس والتصالب والتقاطع في تتابع حركة المعنى الدلالي بين النقل للاشياء والعقل بالقراءة في مقارنة الفرض الافتراضي لكل منهما من هو مقابل من تاريخيا في تشكيل المعنى للاخر، هل الاشياء والاشكال مقابل الكلمات فرض تاريخي مكانيا ام زمانيا لارتباطهما ببعض في تخالط المعنى لكليهما التكويني؟. كما سنتوقف بمحطة عامة في مسعى للاجابة على اشكاليات عديدة من بينها خمسة اساسية وهي:
أ. ماهي الاشكالية المعرفية التي استخدمت في صياغة الجملة الشعرية بين الاشياء والكلمات. وماهي تلك التي بقيت خارج انتاج المعنى التي تشترط الكلمات ليست جزء من الاشياء بل تشرف وتراقب عليها.؟
ب. هل نجحت جهود الشاعر في تنوع الهيكل الانتاجي للمعنى وتعزيز استقلالية الموضوع من خلال تقليص الاعتماد على الاشياء والاشكال في النقل لصالح انتاج الكلمات في الصياغة التحويلية للدلالة؟
ت. هل ساهم مخزون المعرفة وجهود تجربة الشاعر في تحسب القدرات الانتاجية للاشكال والاشياء المنقولة في اعادة قراءة المعنى الموازي، أم أن المنظورين واجها تراكمات متصاعدا من العجز او القطيعة في الاتصال المعرفي بين التراتبية والمحتوى؟
ث. هل ساهم مخزون المعرفة وجهود خبرة الشاعر في تحسن القدرات لانتاج المعنى في قراءة \'المرايـا\' او العقل. أم أن الموضعيات العلاجية في الاشكال والاشياء اتجهت نحو مزيدا من الاعتماد على القطيعة والاقصاء في خطاب المعنى للصورة الشعرية؟
ج. واخيرا ماهي حصيلة جهود الشاعر ليس فقط في تحقيق خبرات اضافية محددة في داخل بناء القصيدة. بل الاكثر أهمية في تعزيز استقرار الاشكال والاشياء في الكلمات بقوى انتاج المعنى، وعلاقات انتاج الملفوظات ومستوى احياءها مع الاخر؟
اما القسم الثاني يتضمن التحليل التشخيصي في تفصيل النص متعلق بكل مقطع شعري، مع المد به لقرائن تحليلية في الاشكال المعرفي.
للاجابة على هذه الاسئلة وغيرها، تقوم الدراسة ببحث وتحليل وتقويم تطور البنية الشعرية في القصيدة، مرتكزة بدرجة واضحة على اسلوب امكانية نقل الاشياء والاشكال الى العقل/كلمات. لارتباط ذلك بالفرضية الاساسية التي تحاول ان تقيم علاقة بين الاشكاليات من نقل الاشكال والاشياء والكلمات في التنامي المعرفي في الكتابة الشعرية لازاحتنا في التموقع الصحيح لتطلع قصيدته الموسومة بـ\'المرايا\' وبالتالي تأسيس إطار منهجي لبنيتها في مكوناتها الجوهرية حول شبكية علائقها التوصيفية في الصورة وكينونة بناء علاقتها بين نمو وتطور الكتابة واتساع الخبرات الشعرية في نظم مساردها. وفي هذا القسم، على كثافته، نقدم العرض المثير بفتنة القراءة للقصيدة وعندها نتوقف في عائدها المعرفي، التي تبين وجه الشاعر منها للاغراض المنشودة الختصة والعامة منها، بالاضافة الى الاسلوب الاستعاري الخارجي في دعم التدفق الحسي التي يتسلمها اللاوعي كنظام خلال مخاضات التشكيل للنص.
وبعد عرض هذه اللمحة الملتبسة سريعا، نطرح الاسئلة التقليدية لمدخل ما بعد عرض وقراءة القصيدة، هي: اين يريد ان يذهب بنا الشاعر بكل ذلك؟ وكيف استنتج بقراءته انها حصيلة جمع معرفي في اشكالية التنوع الهيكلي للاشياء والاشكال عند النقل منها، ونبضت وتحققت فعلا في زيادة اهمية الكلمات عنده على حساب الاشكال والاشياء التحويلية في المرآة؟
من حسن الطالع ان تقفز مثل هذه الاسئلة التي تحضى اجابات بأعظم فرصها للانفتاح، في القسم الثالث: هو طرح معوقات الاشكالية المعرفية في القصيدة، التي سنركز جهودنا على فرز اربع من هذه الاشكاليات المتنوعة، إذ نعتقد انها الأكثر تأثيرا على القصيدة، وساهمت في تطور مسارها الى اكثر تحقياقا في حيثياتها المستقلة. من ضمن هذه الاشكاليات هي
1. أزمة النقل والعقل للاشكال والاشياء، والكلمات
2. دلالة التضادات في الكلمات عند النقل
3. الاغتراب والاستلاب بين الاشياء والاشكال في تقاطع العقل/الكلمات
4. علاقات الاشكال والاشياء المتصارعة وتراجع الكلمات في المعنى الدلالي بالمراقبة
أما القسم الرابع: سنتطرق الى شروط تنمية المراقبة للاشياء والاشكال ومتطلباتها في القصيدة، حين يمثل محاولة ضرورية للنهوض بالنص الشعري من كبوته المرتهنة. وكذلك عن الاطروحات الاساسية المتمثلة في \'الاشياء والاشكال المستقلة في النقل\' وطريقة أنضاج أشكاليتها التي تنطلق من بنائها النظري عبر تدقيق المفاهيم او الكلمات. وسنكرس حيزا هاما لتدقيق مفهوماتها الاساسية وشروطها في \'الاشكال والاشياء المستقلة في النقل\' و\' الكلمات المستقلة في حتمية التأويل في الخطاب\'. كما نبحث في هذا القسم كيفية معالجة معوقات الاشكاليات الاساسية ببناء سياق شعري يرتبط بعناصر القصيدة ونمذجتها في مشاركة الشكليين المتناظرين.
أما القسم الخامس: خيارات ايجاد مراقبة بديلة للاشياء والاشكال، ليمثل بلورة لتصورات البديل المنشود، فيتناغم بمبادرات او أحتمالات ربما تؤدي الى تغير انتاج المعنى القائم. رغم أن التغيير لا يعني بالضرورة خلق الاشكال والاشياء المنشودة في البديل عند النقل، نظرا لتباين هذه الخيارات في الكلمات عند نظم القصيدة من حيث اطرافها وأهدافها وآلياتها ونتائجها في المعنى المركب او المستقل، ثم نناقش مجموعة خيارات مرشحة لأحداث التغيير في المعنى المطروح وكيفية ايجاد البديل في الحتمية التأويلية للخطاب، مثل:
أ. الحتمية التأويلية للنص بين الكلمات والمرئيات
ب. الحتمية التأويلية في قوى عناصر انتاج المعنى الداخلي في الكلمات
ت. الحتمية التأويلية في قوى عناصر انتاج المعنى الخارجي في الاشكال والاشياء
ث. مرونة الحتمية التأويلية في اختيار قوى عناصر انتاج المعنى التفوضي بين طرفيهما
ج. وأخيرا خيار بناء الصورة الشعرية في ارادة الحركة في سيرورة سياق وحدة النص والتحامها في الضرورة الاستعارية للمراقبة
ان هذه الخيارات في هذا القسم سنتطرق اليه وبالتفصيل لاحقا بحسب السياق العام للدراسة، وتسلسل مراحل اقسامها، ببحث اثار ونتائج كل قسم، وما تفرضة من ثقل، في انسيابية تدفق المعلومة، بخصائص منهجيتها العلمية بالعمل.
وقبل البدأ بالقسم الاول بمزيدا من العرض والوقفات التحليلية، ننتقل اليكم الان وادناه لمسرد عرض \'اصل نص القصيدة-المرايا\' كاستشراف لمدخل القسم الاول قبل الخوض بتفاصيل بحثه، نوضعها بين يدي القاريء للطلاع بحرص.الــمرايـــــــــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق