أتمسك بالحنين كبشارة الإنسان الأول إلى الوجود وقد صعدنا تجرنا خيول تآلفت مع الطرق المؤدية إلى قمتها وجعلنا من أعيننا دفاتر البكر في أوراق الأشجار وهي تكتبنا بين أغصانها كالعصافير وسط كيانها ...
لأننا قد نمتلك اللحظة الآنية بالتفتيش في جيوب التاريخ عن ما حدث هنا وما مر من هنا ، لهذا تعلمنا لحظة التأمل في سحر جوانح هذه الأشجار التي أصبحت دليلنا إلى قمة الجزيرة لكي نبقى نراقب البيوت التي نمر عليها وهي تسجد بخشوع على سجادة الحاضر ، فقد سكنتها روح الماضي ولا تطل على الحاضر إلا من خلال النوافذ التي تحمل زخرفة القادم من
الماضي ..
وقت اختناق الهواء في قصور السلاطين ..فيذبل الزمن ذروته على طبول تناشد الصبح أن يأتي خلسة ً من نوافذ تعرت من السهر ...
شعرنا بأريج وتموجات النسيم هو يهطل من تلك النوافذ كأنها المنفذ إلى رقاص الوقت المتوقف عند أبوابها وقت مرور الأميرات من هنا ...
صادقنا أشجارها و أخذنا معها الصور لعلها تكشف لنا ما حدث هنا ...
لكنها ظلت تحمل الحلم المتأمل خارج اللحظة التي تسكننا بقربها ..
أخذنا نراقب الخيول وقد أتعبها الصعود المتكرر ..
حتى صارت هذه القمم لهجتها فملت تهجي حروف الطرق المؤدية أليها ..
أغمضت عيونها لعلها تحلم بمصائر النزول قبل أن ينشد اللجام بينها وبين الحوذي وتسلطه على تعبها ...
زاحمنا هذه الخيول وأخذنا صورها لنجعلها تذكرة أرتحار إلى الغابات الحارسة لبوابات البحار وأرخبيلاتها..
وعندما نعود يوما ما...
نذكرها أننا أصدقائها قبل اللحظة التي نوجد قربها لعلها تبوح لنا بما مر بها من الأحداث التي تسكن المجهول حولها ...
كانت الأميرة تسافر معها بحلمها الأخضر إلى حد الندى وقت غبش المسافات في تباريح انبعاث الصبح في مسيرة الحمام...
عدنا إلى محطة انطلاقنا نحمل ذكريات الأشجار والعصافير التي ترد وحشتها حين يصفر السكون في تقاويم صمت المساء..
جالسنا المقهى نراقب النوارس وقد أتعبها البحث عن جوعها في ضفاف الجزيرة و موجها ...
نجلس لنعيد اندهاشنا ببعضنا حد الجنون ...
ونعد طرقنا القادمة على تلويحية الأقدار ...
نمد أيدينا إلى الماء ..
نعطش إلى أيامنا القادمة دون انتظار ..دون انتظار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق