لم تكن قدراته تتوقف عند حافة معينة ، كان لابد له ان يعبر ذلك الحاجز، ثمة شيء مذهل جعله يرسل بصره عِبرَ شباك يطل على باحة مقفرة ، وهمٌ داهمه جعله ينهض من غيبوبة غير ارادية ، ثمة عطر انثوي تسارع الى مخيلته ، صوتٌ اقرب الى الأنوثة داهم وحدته ، كم بكى ؟. يدرك لحظتها انه امام امتحان عسير ، ثمة غبار يطوف حوله ، دار حول نفسه وحول المكان ، وكان يرغب بشيء جعله يتحول ببصره في لوحات كان يواجهها في كل يوم . ثمة حزن بل سوداوية مطبقة غلّفت عالمه الذي عاشه ، النساء ، الأطفال ، الشيوخ ، جلس معتصراً نفسه وقال مدمدماً:
-ان الأيام تتغير مع تغير لون الأحلام .
هكذا صادفك انك طعنت في العمر، هل هناك ثمة وهم ؟. كان في خياله ما يشده الى طيور راحلة او حقول مغبرة لا يدخلها غير اشباح عابرين ، هو في توحده عالم من القلق ، كان في اول امره لا يدرك انه ينام في فراشه ، وفي وحشة جسده كان يطوف في عوالم متغايرة ، تصوّرَ ثمة أصوات لطبل او صوت طفل بعيد كانت تشده . يتذكر الماضي البعيد ، كأنها أشياء ولدت في نعش اللحظة . هكذا حاول ان يدرك عالمه الغائم ، ان يطوي تلك المسافة العائمة . في كل مدركاته يحتاج الى امرأة ، الى كيان يحتويه في ارتعاشه جسده وفي حركة قدمه المرتبكة ،هل كان عليه ان يحزن ويتغافل ليل الفراغ ؟.
هل ادرك ما أصابه من العطب ؟.
في تلك اللحظة والخلوة ، كان يبحث عن نفسه ، عن سنواته ، عن كل صغائر الأشياء التي مرّت به ، أستفاق في لحظة حيرة دامغة .. وقف امام الشباك ،ولكنه ظل في كل ما احاطه لا يفهم شيئاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق