حين يصبح الصمت حكمةٌ
للكاتبة نسرين بن لكحل
{ الصمت حكاية لم تبدأ بعد ..تلك الثرثارات تفند أكذوبة الحياة بجوفِ خالٍ من الصدى ، إنها أمانينا النائمة مهما وفرنا لها السكينة ، فإن صخب الحياة يوقظها . }
استوقفتني هذه العبارة التي تعبر عن قمة معنى الصمت في الذات الإنسانية ولتي لا يعبر عن وهج هذا الصمت إلا المفكر والأديب ..الصمت هو قراءة وجدانية بين الذات والروح والعقل . بين الوعي واللاوعي .. بين الخبث والطيبة في كينونة هذا الانسان الذي يملك شخصية في عمق التفكير الشر والخير وهذه حقيقة تترجمها فلسفة كمينة في عمق تفكير الانسان بين نفسه وبين الظاهر للغير .. لذا الصمت يجعلنا نقرا أعماقنا وتفكيرنا ونصحح صراخنا الصاخب الذي في بعض الأحيان لا يجدي نفعا ألا حين نعود لصمتنا لنقرأ هذا العمق من التفكير ونسير في طريق الصواب ...
هكذا وجدت نفسي أفسر كلمات الصمت في تعبير الأديبة الموهوبة نسرين بن لكحل في كتابها { عروس الملح } الذي صدر عن دار الروائع للنشر – سطيف – لسنة 2015 ..
الكتاب يحتوي على 102 خاطرة كتبت بحبكة سردية في غاية الجمال والعمق للكلمة المعبرة ، تناجي فيها بروح من التحدي والنضال أحيانا وتتمرد على كل الطقوس وفي أحيانا أخرى وتصرخ بملأ صمتها مناجية سمائها التي هي سجينتها ببروجها من اجل ان تفرش الأرصفة بالورود والياسمين للحبيب الآتي .. وأحيانا لم تعد ترغب في الكتابة لولا انها تخفف عن القلب أوزاره وخشيتها من ضياع الفكرة وتحب الحياة لتمارس هدوئها ..
كتبت عن الحزن والحزن أيضا عن شهداء الوطن بجرح عميق في عيدهم الذي أصبح عيد خضبت أفراحه بدماء شهداء الوطن دفاعا عن أمننا وحرية هذا الوطن ..
وهناك حيث التمرد تكتب عن الحب وتنسى أنها تحبه حيث تعبر بروح الحب وتقول : {أحبك ... لا أحبك ..بل أحبك حد التيه ومقدرتي على نسيانك .. أحبك بعق محارٍ غاص في اليّم بلا قرار، لحجم التحدي لدى زهرة برية نمت بين الصخور ،وأريجها فاق النسيم عبقا ، أجبكً إذْ لا أحب عذابي فيك انفصالي عنك بوخزتين من سمّ عناب بلا معنى }...
وحين تتمرد وتقول عن الحب.. الحب ان حياة اما موت لا خيار بينهما .. وتسافر في حكايات شهرزاد التي كانت في جعبتها اساطير تحوك له من جدائل الليل ثوبا يرتديه لتصبح اسطورة الحب عبر الأزمنة وتجول بفكرة في ربوع الدهشة وسماء الخرافات بحثاً عن ال ولا تزال هي الوجه الحكمة واللغز للمرآة القوية التي استطاعت ان تغرق شهريار في حكايات الف ليلة وليلة ..
كلما انتهيت من خاطرة وحلم جديد الا وتجذبني خاطرة اخرى في غاية الحمال والعمق سافرت بين ابجديات الحكمة والحلم .. ولغة عميقة تترك القارئ ينساب بين سطورها ويهيه في عمق اسلوبها المشوق الى درجة الهذيان ..
الكتاب يحتاج الى دراسة عميقة تفسر معنى هذا العق في أسلوب الكاتبة الشابة التي انفجرت بملأ جوارحها وكأنها قرأت الكون بعيون امرأة تريد الانتقام من وجعٍ ما الم بها او ذائقة التعبير عن صمتها الذي تعتبره صمتٌ يأتي من القوة ..
أرى ان الأديبة نسرين بن لحكل كاتبة لها مستقبل زاهر في الابداع خاصة لو وظفت جمال لغتها وبعد خيالها في السرد القصصي وتمكنت من الولوج الى عالم الرواية ، لأنها تملك الأهداف السخية التي تؤهلها أن تصبح روائية بامتياز ..
من هنا تبدأ نقطة التحول .. أو الانطلاق لكاتبة تملأ بصمتها أفكار الآخرين فتجسدها في عالم من الابداع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق