أبحث عن موضوع

الخميس، 14 يناير 2016

ما وراء اليد (قصة قصيرة) ...................... بقلم : عماد يوسف // العراق

 


نسيت اين وضعت يدي.. لا ادري.. في كومة المفاتيح ام في جيبي
ام في الحديقة... ربما ركبتها بدل مخزن الرصاص حين زيّت البندقية
او ربما اخذها الأطفال في العابهم.. تلمست ذاكرتي فلم اجدها.. فتشت
في أرشيف الذاكرة.. تذكرت اول مرة استعملت فيها يدي في أيام خطوبتي
لكني لم أتذكر هل قطعت يدي بالسكين ام قطعت الكعكة. ربما كنت قطعتها
واهديتا لمن احب.. ظللت غارقاً في بحثي.. وفجأة صفعتني طرقة الباب
.. سرت للباب وانا اردد : هذا الطرق ليس من اخلاق يدي. انقشع الباب
عن وجه جاري، انهال عليَّ بشكواه: البارحة تسللت الى بيتنا يد حقيرة
وكأنها نسخت المفاتيح وسرقت مقتنيات الصندوق: مصروف البيت كله
وذهب المرأة الذي اردت بيعه لعملية ابني حتى نقود السلفة نهبت يا جاري
ذهب كل شيء قلت له انها يد حقيرة .. زفر في وجهي ومضى.. قلت لنفسي
-ربما تكون يدي- عدت الى البيت بدلت ملابسي ووضعت يدي الأخرى في
جيبي.. وبينما انا ماشٍ رأيت رجلاً يضرب فتىً وكأنه يتخم حقيبة بالملابس
ويصيح: ان لم يكن لديك نقود لماذا تأكل السندويش حاولت ان اخلص الفتى
من يديه لكني تذكرت اني بلا يد، اردت ان اعطيه ثمن السندويش لكن جذع
يدي قصر عن جيب صدري.. افرغ الرجل شتائمه وهو ينظر الي. رمقني
باحتقار وعاد الى محله.. جررت جثتي ومشيت مثقلاً علت في وجهي الكثير
من الايدي بالسلام وكأنها تعيرني بفقدان يدي، ليت لدي يد فأرفعها بالسلام
فأرد عارهم، دهمت امنيتي ركضة شبان يحملون بنادقاً.. ركضت معهم
فأحاطوا ببيت.. وقعت عيني على أصابع تتقوس اسفل جسد بندقية احدهم
برقت ذاكرتي وانطفأت.. فتح باب البيت وخرج منه شاب، خرطشت البنادق
كنقار الخشب.. كانت خرائط الدم المتطاير من جسد الشاب تصعق ذاكرتي
فألتفت الى الأصابع الحمراء وأقول لنفسي: لا ادري اين رأيت هذه الأصابع
نظرت الى جذع يدي وقلت له: لا اظنها لك- لكن- لماذا احسست ان جزء مني
يجذبني للركض،ان لم تكن يدي فلماذا ركضت معهم.. ركلت المشهد من ذاكرتي
وعدت ادراجي كنت أرى وجوه الناس في خرائط الدم التي ارتسمت بعيني..
قلبت صفحة الذاكرة وعدت لبيتي.. وفي هدوء الليل سمعت صوتاً في حديقة البيت
تثاقلت من النهوض.. قلت لنفسي ربما تكون يد الريح تصافح جذع الأشجار..
نهضت مبكرا للعمل .. غسلت وجهي بجذع يدي صليت وكبرت بيد واحدة
ودعوت ربي بيد واحدة ان اعثر على يدي.. انقضت ساعات العمل وانا اتحاشى
ان يفطن احد لغياب يدي.. عدت من عملي فسمعت ضجة في البيت، هرعت
ماذا حدث : قالوا لي: ان طفل الجيران الذي كان يلعب مع اطفالك في الحديقة
قد شم الوردة المسمومة ونقل للمستشفى.. قلت لنفسي انها يد البارحة اذن لم تكن
يد الريح كانت يد مسمومة زرعت الوردة في الحديقة.. دخلت الغرفة فوجدت
الأطفال يصفعون بعضهم ويلكمون بعضهم ويتهددون بعضهم
وكأن بينهم ثار مرير ورأيت اليد بين العابهم تكسر لعبة هذا وتصفع هذا
دققت فيها فعرفت انها كانت بيضاء اصطبغت بسمرة الوجوه المصفوعة
قلت في نفسي اين براءة الأطفال.. انها اليد.. لا بد انها يد الفتنة.. أيعقل
ان تكون هذي يدي.. تنفست الصعداء وكأني ازفر برنة الهاتف
نعم.. اهلاً أستاذ
كيف الحال
الحمد لله بيد واحدة
قال: لا تنسى يوم الجمعة اجتماع الحزب
-ان شاء الله حضرة الرئيس
ولا تنسى ان تجلب سلاحك سنخرج في واجب
وقعت في ذهني زلزلة .. صمت قليلاً.. ثم هتفت:
الآن تذكرت .. تذكرت.. اين ضيعت يدي
اين ؟؟
عندما وضعتها بيدك .
........................................................................................
صورة ‏الشاعر عماد يوسف‏.
-- 6/12/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق