أبحث عن موضوع

الجمعة، 4 ديسمبر 2015

الجزاء الأوفى .......................... بقلم : جواد الحجاج // العـــراق



كان يقرأ في عيني ولده تساؤلا خجولا حين يختلس النظر اليه وهو يقوم في الهزع الأخير من الليل كي يتوضأ ويصلي النافلة ثم يذهب الى المسجد في جو شتائي قارص .. كان الأبن وهو يتحسس دفء الفراش يتساءل عن الدافع الذي يحرك الأب يتساءل عن سر ذلك الحماس الذي لا يفهمه ولا يجرؤ على اظهاره تأدبا ..الأب كان يقرأ ذلك التساؤل المشروع في عيني ولده واراد ان يجيبه عمليا ...
لذا وفي احد الصباحات وفيما يتناولان الفطور يقول الأب بهدوئه المعهود موجها حديثة لولده :
هل تريد إجابة لما د
...ار في خلدك ؟
لم يمهله حتى يجيب : حسنا ما رأيك ان ترافقني فجر اليوم ..؟
أجاب الولد : كي نصلي الفجر معا ..
بابتسامة اجابه الأب : هذا القرار يعود لك انا اريدك ان ترافقني الى مفترق الطريق القريب من دارنا فحسب...
تملكت الابن دهشة لم يستطع اخفاءها هز رأسه بأدب ..ولم ينم تلك الليلة حتى جاء موعد الفجر ..نهض بسرعة لم يعهدها ..
ورافق الأب الى حيث أراد لكنه لم ير شيئا لافتا غير ذلك الرجل الذي يجلس القرفصاء قرب إشارة المرور ..
قال الأب لاحظ بدقة يا بني ما يجري مع ذلك الرجل المتسول بعد دقائق من الآن ..
هل هو مجنون أيتسول في مثل هذا الوقت ؟ تساءل مع نفسه ..
مرت بضعة دقائق حتى توقفت سيارة فخمة ترجل منها رجل عليه امارات الوقار والهيبة مرتديا بدلة انيقة وما ان وصل الى الرجل المتسول حتى اخرج ورقة نقدية تبدو من الفئات الكبيرة ودسها في يد المتسول و اكمل طريقة و غادر المتسول المكان .
بلغت الدهشة مبلغها لدى الأبن لقد زاد المشهد تعقيدا !!
ابتسم الأب بهدوء ومسح على رأس ولده قائلا : ارجع الآن للبيت ان شئت وفي وقت لاحق أحكي لك كل شيء .
وفيما هما يتناولان الشاي .. قال الأب هذا الذي رأيت يا ولدي متسولا اعتاد ان يجلس بذات المكان والوقت منتظرا مرور هذا السيد الذي تبدو عليه امارات الاحترام والثراء ليأخذ منه مبلغا يكتفي به حتى اليوم التالي ..و مثلما كان المتسول يحسن الظن بهذا الرجل الثري كان الأخير لا يخذله ..
الا يليق بنا نحن المتسولين رحمة رب كريم لا يخذل وجواد لا يبخل أن يكون رجاءنا وحسن ظننا بمثل رجاء هذا المتسول ..الا يجدر بنا ان نكون اكثر ثقة ورجاء من هذا المتسول الذي وثق بكرم انسان مثله ..
كانت كلمات الأب انطلاقة روحية للابن الذي صار فيما بعد من العارفين السالكين مدارج النور ...
...............................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق